اهتمام دولي متزايد بمعركة الموصل يحولها إلى حرب دولية مصغرة

بدء بواسطة jerjesyousif, يوليو 24, 2016, 10:40:06 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

jerjesyousif

اهتمام دولي متزايد بمعركة الموصل يحولها إلى حرب دولية مصغرة

العرب [نُشر في 23/07/2016، العدد: 10343، ص(3)]


فرصة لترميم معنويات القوات العراقية بعد انهيارها المريع في الموصل

بغداد - مع تزايد المؤشرات على قرب إطلاق معركة الحسم النهائي ضدّ تنظيم داعش في مدينة الموصل آخر معقل كبير له بالعراق، تهاطلت على الأخير عروض المساعدات العسكرية من دول مختلفة، ما جعل ملامح المعركة المرتقبة تلوح شبيهة بحرب عالمية مصغّرة.
ومع أنّ العراق قضى إلى حدّ الآن أكثر من عامين في مقارعة التنظيم المتشدّد، وخاض معارك دامية ضدّه وتلقى خلالهما مساعدات مختلفة من عدّة دول، إلاّ أنّ معركة الموصل تكتسي أهمية خاصّة لدى مختلف القوى الإقليمية والدولية في ظلّ متغيرات كثيرة طرأت على الساحة العالمية، ومع وجود حسابات ومآرب لدى عدّة أطراف لا يخلو بعضها من انتهازية.
وتنظر عدّة دول إلى معركة الموصل باعتبارها مهمّة في رسم خارطة النفوذ داخل العراق في مرحلة ما بعد تنظيم داعش الذي بدا أنّ أيام "خلافته الإسلامية" التي يمتد جزء منها على الأراضي العراقية قد أضحت معدودة.
وتعكس الظاهرة من جهة أخرى سهولة التدخلات الأجنبية في العراق مع اشتداد أزمته على مختلف الصعد، ووجود حكومة ضعيفة على رأسه تقودها الأحزاب الشيعية المتهمة على نطاق واسع بالتفريط في سيادة البلد وإضعاف هيبته وجعله ساحة مشرعة أمام التدخلات الأجنبية ومسرحا للصراعات وتصفية الحسابات.
وساهم اهتمام الولايات المتحدة التي تتولى قيادة التحالف الدولي ضدّ داعش بالمعركة، في جرّ اهتمام مماثل من عدّة دول مثل كندا، وإيطاليا التي تعمل على ضمان تواجد عسكري محدود لها في محافظة نينوى لحماية الطاقم الفنّي المكّلف بمشروع صيانة سدّ الموصل والذي فازت به إحدى الشركات الإيطالية.
وعلى خلاف مختلف المعارك التي دارت ضدّ تنظيم داعش على الأراضي العراقية، أبدت تركيا بشكل مبكر اهتماما بالحرب في الموصل القريبة من حدودها والتي كانت لها مطامع تاريخية فيها.
والأهم من كلّ ذلك أنّها تريد فرض رقابة عن كثب على طموحات الأكراد في تأسيس دولة مستقلة لهم، وقد تمثل مشاركتهم الفاعلة في استعادة الموصل من تنظيم داعش عن طريق قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، فرصة لتوسيع حدود دولتهم المرجوّة.
وكانت تركيا قد أرسلت قوّة عسكرية محدودة إلى معسكر بعشيقة قريبا من الموصل دون موافقة الحكومة العراقية، وترفض إلى اليوم سحبها رغم الاعتراضات العراقية والمطالبات الدولية لأنقرة بسحب قوّتها من العراق.

أمّا أكبر الطامحين إلى دور في معركة الموصل، فهي إيران، التي تريد استكمال سيطرتها على القرار العراقي من خلال سلطتها الكبيرة على أغلب قادة الأحزاب الشيعية الحاكمة، بسيطرة عسكرية ميدانية فعلية من خلال الميليشيات الشيعية والمدنية لطهران في تدريبها وتسليحها وتمويلها.
وساهمت الميليشيات إلى حدّ الآن في معظم المعارك ضدّ داعش بالعراق. وسجلت إيران أيضا حضورها المباشر في تلك المعارك عن طريق خبراء عسكريين على رأسهم قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، غير أنّ ما كان متاحا لإيران في مناطق أخرى من العراق، لا يبدو متيسرا لها في الموصل، فالاعتراضات هناك على حضور ميليشيات الحشد الشعبي تتزايد يوما بعد يوم من قبل العشائر السنية لمحافظة نينوى، فضلا عن أن إرسال قاسم سليماني إلى الموصل سيعني تقديمه إلى الإعدام نظرا لكثرة القوى الناقمة عليه والمتربّصة به هناك.
ولا تنفصل صعوبة اقتحام إيران لمعركة الموصل عن جهود أميركية في إطار التنافس الشرس بين الطرفين على النفوذ في البلد الذي كانا قد تواطآ معا على غزوه واحتلاله سنة 2003، وحلّ جيشه وتغيير نظامه وتسليم مقاليد حكمه للأحزاب الدينية.
ويبدو أن زخم الدعم الدولي المتزايد لمعركة الموصل ناتج بالأساس عن جهد أميركي لنفي حاجة القوات العراقية إلى الدعم الإيراني، وبالتالي قطع الطريق على طهران.
وتمثّل فرنسا أحدث "مقترحي خدماتهم العسكرية" على الحكومة العراقية وذلك من خلال إعلان الرئيس فرانسوا هولاند، الجمعة، أّن بلاده تعتزم تزويد العراق بمدفعية لمساعدته في محاربة تنظيم داعش، مقصيا فرضية إرسال قوات برية للمشاركة في معركة الموصل.
وأضاف هولاند في لقاء صحافي إثر اجتماع لمجلس الدفاع في قصر الاليزيه قوله "قررت في إطار التحالف ضد داعش أن أضع تحت تصرف القوات العراقية قطع مدفعية، وستنشر الشهر المقبل".
وأعطت أوساط مقرّبة من الرئيس توضيحات أكثر بالقول إنّ "بعض بطاريات المدفعية ستوضع في تصرف الجيش العراقي مع مستشارين فرنسيين لتشغيلها".
وتهدف القيادة الفرنسية بهذا القرار إلى إثبات فاعلية الدور الفرنسي في الحرب ضدّ تنظيم داعش في معاقله الأصلية، وهي تخاطب من خلاله، أساسا، رأيها العام الداخلي الفزع من تسرّب التنظيم المتشدّد إلى داخل الساحة الفرنسية وتنفيذه عدّة عمليات دموية أحدثها عملية الدهس بشاحنة ثقيلة والتي أوقعت 84 قتيلا من المدنيين المحتفلين في مدينة نيس بعيد الجمهورية الفرنسية في الرابع عشر من يوليو الجاري.
وما يزيد من حرج حكومة الاشتراكي فرانسوا هولاند أنّ جهات سياسية منافسة لهـا تتهمهـا بالمسؤولية عن الوضع الأمـني في البلاد من خلال ضعـف معالجتهـا للأزمتين السـورية والليبيـة، وافتقـارها للحس الاستباقي والاستشرافي في التعاطي معهما.



منقول من موقع جريدة "العرب" اللندنية. ابو بسام


http://www.alarab.co.uk/?id=85765