الحكومة والملفات والبرلمان والتصويت السري ونهاية هذا الطريق

بدء بواسطة صائب خليل, أغسطس 03, 2012, 02:35:18 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

تلجأ الحكومة العراقية إلى مراوغة غير منطقية، لكنها مفيدة جداً لإخفاء مسؤوليتها عن الجرائم التي تجري بين الحين والآخر بحق الشعب العراقي وآخرها قانون حوسمة الكهرباء الوطنية، وقبلها فضيحة السيارات المدرعة وقبلها ضعف الأداء في تشريع القوانين وقضايا كثيرة أخرى، وتلقي بها على عاتق البرلمان وحده، لكن الحقيقة التي لا مفر منها أن الحكومة وهذا "البرلمان" (إن صح التعبير) مشتركان في جميع الجرائم!

فالفصل بين مسؤولية البرلمان والحكومة عن القرارات غير دقيق. ولو كان نظامنا رئاسياً، لكنا فهمنا هذا الفصل، وفهمنا أن يكون قرار ما، مسؤولية أحدهما دون الآخر. ففي النظام الرئاسي، كما هو النظام الأمريكي والفرنسي مثلاً، يكون التصويت للحكومة (الرئيس) منفصلاً عن التصويت للبرلمان، وكثرما كسب الديمقراطيون في اميركا الإنتخابات الرئاسية ثم خسروا الكونغرس، أو العكس، فيصبح هناك ما يسمى بالعداء بين البرلمان والحكومة ويقوم الأول بعرقلة أعمال الثانية، وعندها نفهم أن يقوم كل من الحكومة والبرلمان بإلقاء اللوم في الكوارث التي تصيب البلاد على الآخر.

أما في نظام الحكم البرلماني، فالإنتخابات واحدة، والحكومة تنبثق من الفائزين في الإنتخابات البرلمانية، وبالتالي فإن تبادل كرة اللوم بين البرلمان والحكومة قضية غير واردة وغير صحيحة ومشبوهة. بل أن الكتلة الحكومية يجب أن تحصل على أغلبية برلمانية لكي يمكنها أن تحكم، وبالتالي فأن الحكومة تتحكم إلى حد بعيد في قرارات البرلمان. وحين يتهم البرلمان الحكومة فأن "المعارضة" البرلمانية هي التي تتهم الحكومة ومكونها البرلماني معاً، وحين تنزعج الحكومة، فمن الجزء المعارض في البرلمان فقط وليس من "البرلمان" بشكل عام. فالرقابة البرلمانية على الحكومة لا تعني إصدار قرارات مضادة لها في نظام الحكم البرلماني، ولا تعني عرقلة إصدار القوانين التي تريدها الحكومة، لأن الحكومة اعتيادياً تمتلك أكثر من نصف البرلمان، بل تقتصر الرقابة على إثارة المواضيع وفضح الأخطاء والخطايا الحكومية وعرضها على الشعب وإحراج نواب الحكومة وكتلتها في البرلمان بأمل الضغط عليهم ودفعهم إلى التراجع عما تعتبره المعارضة خطاً، بالتهيدي بخسارتهم لشعبيتهم.

والحكومة لا تتناقض ولا ينقض بعض أعضاءها التصويت البرلماني للبعض الآخر، فهم يتفقون قبل طرح القانون على الإستفتاء البرلماني، وما لا ينجحون في الإتفاق عليه بالحد الأدنى، (كما يحدث كثيراً في حكومة المحاصصة) لا يطرح أساساً للبرلمان، وبالتالي لا يمكن إلقاء اللوم عليه بعدم إقراره، ويمثل هذا الخلاف والشلل ضعفاً في تركيبة الحكومة هي وحدها، وخاصة رئيس الحكومة، المسؤول عنه. فإن حدث مثل هذا الخلاف في أمور أساسية وجب على الحكومة أن تستقيل وتعيد تشكيل نفسها ربما من خلال انتخابات مبكرة، إن كانت حريصة على برنامجها الإنتخابي وعلى رؤيتها لمستقبل الوطن وعلى سمعتها أمام ناخبيها. أما الحكومة التي تحرص على الإستمرار رغم إفشال برنامجها فلا يعني ذلك إلا أن ما تحرص عليه هو المناصب التي حصلت عليها والرواتب التي تتقاضاها، وأن برنامجها لم يكن سوى خدعة للناخبين من أجل إيصالها إلى الكرسي فقط.

ماذا عن حكومة المحاصصة التي يعمل كل طرف فيها ضد الآخر؟ في البدء يجب التأكيد أن جميع أطراف حكومة المحاصصة – الحكومة التي تتفق على توزيع الحصص وليس على برنامج عمل – يتحملون عار المشاركة في مثل تلك الحكومة. ومع ذلك وحتى لو أفترضنا أن بعض المخلصين اضطروا سياسياً لتشكيل مثل تلك الحكومة لنقص في مقاعدهم (وحتى هذا التبرير لا ينطبق على الإئتلاف الوطني) فأن ذلك لا يمنح الحكومة فرصة إلقاء تبعات الفشل على البرلمان. عندما يقول المالكي أن الحكومة قدمت القانون الفلاني، وأن البرلمان هو الملام لأنه لم يصادق عليه، فأنه لا يكون دقيقاً، وقد يكون متعمداً الغموض. فيمكن لرئيس الحكومة أن يقول "أن حكومته قدمت مشروع القانون، لكن المعارضة أفشلته"، أو "تلك الجهة أفشلته"، ولكن ليس "البرلمان" بشكل عام أفشله!

الغموض في هذه الحالة، يتيح لرئيس الحكومة أن يفشل القانون من خلال مساهمة أعضاء كتلته البرلمانية، ثم يلقي اللوم على البرلمان كله. فالغموض يعفي رئيس الحكومة أن يقول بوضوح أن أصوات كتلته الحكومية قد كانت كلها، أو كلها تقريباً، في جانب القانون، وأن الكتلة الأخرى الفلانية المحددة، صوتت بالضد منه. فمثلاً عن تخصيصات الميزانية لبناء المساكن الشعبية والبنية التحتية، ألقت الحكومة اللوم على "مجهولين" في البرلمان أفشلوا التخصيص للفقراء، وقدم السنيد مسرحية مفادها أنه سيقدم استقالته في حالة عدم إقرار ذلك التخصيص.(1)
لكننا لم نعلم حتى الآن من الذي صوت مع القانون ومن الذي صوت ضده. ولو كان السنيد حريصاً فعلاً على حالة الفقراء لكان يكفيه أن يكشف من صوت ضدهم ولا حاجة لإستقالته (التي لم ينفذها طبعاً، بعد أنتهاء المسرحية). لكن يبدو أن كشف التصويت "من أكبر الكبائر" بين الأخوة الأعداء المتوافقين على "خدمة" الشعب!

هل يريد المالكي الخير، لكنه لا يجد الدعم اللازم حتى من كتلته؟ الغموض لا يتيح لنا أن نحكم بالقطع، لكن المؤشرات تبين عكس ذلك. فالأحداث تبرهن أن المالكي قادر على حشد الدعم عندما يريد. فمثلاً لم يعجز المالكي عن توفير المال لإقامة مؤتمر القمة العربي أو مؤتمر 5+1 رغم معارضة معارضيه له، ولا عن شراء الطائرات الحربية الأمريكية. ووجد المالكي دعماً كاملاً و "مغلقاً" لكل نواب كتلته في الإحتجاج والغضب على محاولة "استجوابه" في البرلمان، وهي عملية دستورية بسيطة (ما لم يكن يخشى منها تداعي كشف ملفات خطيرة)، ولا نستطيع أن نفهم كيف يمكن لمن يقف مع المالكي في الدفاع عنه ضد استجوابه، أن لا يقف معه في برامجه الشعبية! فمن المنطقي أن قدرة الرئيس على إقناع النواب بمساندة المشاريع الشعبية أسهل بكثير من دعوتهم لحجب محاولة استجوابه. فلماذا تستسلم الحكومة إذن بسهولة في تلك المشاريع، وتنجح في خوض معركة شرسة ضد استجواب رئيس الوزراء؟ فالمفروض أن الإستجواب سلاح ذو حدين، وان الذي لم يفعل الخطأ، سوف يرحب به كطريقة دعائية لشخصه. لذا لا نستطيع أن نفسر ذلك التناقض، إلا إن كان كل فرد في الحكومة يخشى أن ذلك الإستجواب سوف يفضحه هو أيضاً!

الحكومة تلقي اللوم على البرلمان، لكن لماذا لا يحتج البرلمان على اتهامات الحكومة له؟ ببساطة لأن البرلمان ليس كياناً موحداً ليحتج! ليس هناك من يشعر بأن اصبع الإتهام موجه إليه، مهما وجهت الى البرلمان التهم. فالبرلمان مكون من خصوم، من كتل وجهات لا يهم أي منها أن يوجه اللوم إلى البرلمان. البرلمان ساحة صراع وليس جهة متصارعة، ولا يمكن تحميل ساحة صراع، نتيجة معركة.

وهاهو الشعب يبتلع الطعم و يغضب على "البرلمان"، لكنه لا ولن يعرف ما يجب أن يفعله بغضبه هذا! حين يغضب الشعب على كتلة معينة أو على الحكومة، يكون لهذا الغضب معنى، كأن يمتنع عن انتخاب من غضب عليه، لكن ما الذي على الشعب أن يفعله حين يغضب على "البرلمان"؟ وهكذا يمكن للجميع، وخاصة الحكومة والصحافة، خداع الشعب بإلقاء اللوم والرزايا والجرائم على شبح له إسم وليس له كيان أو مسؤولية محددة يتحملها أحد، هو البرلمان، وتكون سعيدة بذلك!

ولكي تنجح هذه الحيلة كان من الضروري أن يظهر البرلمان على غير ما يفترض منه كساحة صراع، بل يجب أن يبدو للناس ككتلة صماء واحدة، تصدر القرارات وتتحمل مسؤوليتها. ومن أجل تحقيق ذلك توجب إخفاء طبيعة كيان البرلمان وصراعاته الداخلية التي تعبر عن محتواه ومعناه والغرض منه، وإبقاء جلده الخارجي واسمه فقط تحت النظر.  ولأجل إنجاز ذلك سعى المستفيدون إلى محاولة فرض "التصويت السري" منذ عدة سنوات، وقد كتبت عنها كثيراً في ذلك الوقت وانتهت المحاولة حينها بالفشل بامتياز. لكني فوجئت قبل فترة بأن "التصويت السري" قد أقر، وأن العمل به كان قائماً لفترة طويلة، ولم يفضح الأمر سوى اختلاف اللصوص. فهم يريدون التصويت السري المشبوه عندما يصوتون على مصالح الشعب (مقابل مصالحهم ومصالح أميركا عادة)، لكنهم ينزعجون منه عندما يتم التصويت على تقاسم المكاسب، ولا يثق أحد منهم بالآخر في تلك الحالة، وهم يعلمون ان التصويت السري طريقة لتمرير الأكاذيب، ولذلك لا يكون مرغوباً عندما يحتاجون إلى أن يثقوا ببعضهم البعض في تنفيذ ما اتفق عليه، كما بينت في مقالة سابقة بعنوان النواب يعودون للتصويت السري - جهلة جهلة أم سفلة سفلة؟(2)

"التصويت السري" يتيح إمرار كل الفضائح بصمت، سواء خصخصة الكهرباء أو قانون النفط أو السيارات المدرعة أو توزيع أراضي للنواب، ويسمح في نفس الوقت لجميع اللصوص بتلبس لبوس الشرفاء المحتجين على نفس القانون الذي صوتوا عليه، دون أن يمكن للناس أن تعرف من منهم الكذاب ومن منهم الصادق. ولكن عندما يكون الأمر: "مرر لي هذا القانون وسأمرر لك ذاك" فإنهم يبحثون هنا عن طريقة موثوقة للتصويت، تتيح لهم معرفة حقيقة التزام رفاقهم بوعودهم. من الطبيعي ان اللصوص أكثر وعياً من الشعب، وأن الأخير لم يهتم بشفافية عملية الدفاع عن مصالحه والتأكد من التزام نوابه بوعودهم له، وهذا هو الوضع حالياً، ولا ندري إلى متى سيستمر.

إن فضيحة حوسمة الكهرباء الأخيرة (3)  بإصدار قانون مشبوه بـ "إلزام الحكومة بخصخصتها" (وهي بالضبط صيغة أمريكية معروفة في جميع الدول التي تتعرض لضغطها، وتقوم بتنفيذها الجهات المحسوبة عليها عادة، حتى في اوروبا) ليست سوى إحدى ثمار التعتيم وسرية التصويت والتستر المتبادل بين الساسة العراقيين، وتحويل البرلمان إلى مزبلة للفضائح بدلاً من أن يكون ساحة صراع الأفكار االسياسية وكشف الحقائق والمواقف ليتمكن الشعب من اتخاذ مواقفه على أساس من معرفته بمن صوت ولمن.

بصدد الكهرباء نطالع اليوم خبراً ربما يثير أول الأمر بعض الأمل يقول: "نواب التحالف الوطني يطالبون بالغاء قانون خصخصة الكهرباء"(4) لكننا حين نقرأ التفاصيل نجد أن اعتراض هؤلاء النواب كان على جزئية في القانون وليس عليه بشكل عام. فقلة اهتمام الناس وسهولة تمرير الجريمة دفعت بالمدافعين عن القانون إلى الإستهتار إلى الحد الذي جعله قانوناً منفلتاً في لصوصيته حتى عن ضوابط قانون الإستثمار العام، وبشكل حتى غير دستوري، مما دعا هؤلاء النواب لتسجيل موقف اعتراض، ربما لتبرئة بعض الذمة لا أكثر. ولكن الخبر يشير إلى أن القانون تم تمريره بطرق مشبوهة لم نعرف ماهيتها حتى الآن.

ما هي صيغة القانون الذي تم إقراره بشأن خصخصة الكهرباء؟ إني لم أجدها في موقع البرلمان بعد، بل أن البرلمانيين احتجوا لأنها قدمت لهم من قبل عصابة لجنة الطاقة في نفس يوم التصويت (وهذه أيضاً من حيال الإدارات الأمريكية المعروفة في مواجهة الكونكرس والصحافة وتمرير القرارات المشبوهة، خاصة الإتفاقات الإقتصادية الدولية مثل نافتا) فكيف يتمكن الشعب من أن يراها وأن يناقشها بـ "شفافية" كما يتشدق مداحوا الديمقراطية في العراق؟ كيف اتفق الجميع على "انجاز" القانون بدون كشفه للشعب؟ كيف تم تمريره بهذه السرعة؟ لماذا احتج نواب على "تأخيره" حين تأجل لمرة واحدة رغم ان تأجيل القوانين في العراق سمة عامة في البرلمان؟ لماذا تجري مناقشة القوانين عادة بمناقشات الصيغة الأولى والثانية وربما الثالثة، بينما يصوت على قانون الجشع الإستثماري في غفلة سريعة من الزمن؟ لماذا لم يقم المعترضون عليه بكشفه وفضحه وطرح المناقشات التي جرت في البرلمان ليفهم الشعب من هم الذين معه ومن هم أعداءه المتخفين بشكل "خلايا نائمة" في كياناته السياسية؟ كيف تقبل الحكومة وممثليها في البرلمان بصيغة "تلزمها" بالخصخصة إن لم يكن هناك في القضية سر؟ أنا كمواطن، أعتبر من صوت للقانون أما لص أو أبله لا يدري على أية كارثة صوت، ويهمني أن أعرف من الذي صوت ضده لأدعمه وأنتخبه، فلماذا لا أستطيع أن أعرف من يقف مثل موقفي لأعطيه صوتي مستقبلاً؟ ما هو موقف رئيس الحكومة شخصياً من هذا القانون؟ لماذا لم نسمعه حتى الآن؟

ألا تبرهن كل تلك العجلة والتعتيم وكل هذا الحماس لحل هذه المشكلة بهذه الطريقة، بأن أصحاب المشروع كانوا يهدفون إلى تبرير القانون نفسه وليس إلى حل مشكلة الكهرباء؟ بل ألا يشير هذا إلى أن من كان وراء القانون من لجنة النفط والطاقة البرلمانية برئاسة عدنان الجنابي، صاحب السوابق السيئة في قوانين النفط، والأتروشي بمواقفه الكردستانية الشركاتية، وبقية شلة اللجنة، ربما كانوا جزءاً من المؤامرة التي اصرت أن تفشل الكهرباء الوطنية من أجل أن تقدمها للإستثمار لقمة سائغة، كحل وحيد ممكن، رغم أنه لا توجد دولة واحدة في العالم فشلت يوماً في تقديم الكهرباء لبلادها، ومنذ ان اخترعت الكهرباء؟

حينما يؤيد الوزير عفتان قانوناً يلزمه بالخصخصة إلزاماً، والتخلي عن صلاحياته الحكومية للمحافظات وهو يعلم أن الوزارة أكثر كفاءة منها في الموضوع بكثير، كما يستنتج من إجاباته على احتجاجات المحافظات على حصصها وعلى تجاوزاتها، بل حين يذهب إلى أبعد من ذلك ويدعو إلى تسليم الأمر للإستثمار بعد تجهيز المحطات بشكل كامل، ألا يبدو كشخص مرعوب، أخذ العبرة مما جرى للوزير الذي سبقه حين وقف بوجه لصوص الإستثمار، فكان نصيبه الإبعاد عن الوزارة ومحاولات تشويه السمعة إعلامياً قبل ثبوت أي شيء عليه، ورغم عدم ثبوت أي شيء عليه؟ هل هناك مكان آخر غير العراق يجرؤ فيه مسؤول أن يقول مثل ما قاله الوزير عن تسليم الإستثمار المحطات بعد إكمالها من كل شيء، وكررته إحدى النائبات في البرلمان بلا خجل؟ لماذا لم يحلل التقرير البرلماني أسباب فشل الكهرباء ويدعو لمحاسبة المقصرين، وإنما يقفز بدلاً من ذلك مباشرة إلى الحل، الذي هو دائماً "الإستثمار"؟ لماذا لم يخطر ببال هؤلاء حل آخر؟ ولماذا هم واثقون هكذا من أن الإستثمار سيحل المشكلة بشكل أفضل؟ لماذا طالب البرلمانيون وزارتي الداخلية والمالية في تقريرهم ومشروع قانونهم وبحزم، بتوفير كل الدعم لإنجاح الإستثمار، ولم يطالبوهما بتوفيره لوزارة الكهرباء التي بقيت بين عقود الآجل والعجز عن استيفاء قوائم الكهرباء من المستهلكين؟ وكان الإستثمار ونجاح الإستثمار هو الهدف الأسمى الذي انتخب الوزير والبرلماني من أجله؟ إننا لن نعرف الإجابة عن هذه الأسئلة أبداً، فنحن الشعب الذي قبل "التصويت السري" في برلمانه!

ربما يساعدنا في فهم هذه الألغاز، ما جرى في معركة "الملفات" والتهديد بها. يمكنك أن تختلف معي وأن تتعارك معي، لكن دون أن نكشف "ملفاتنا" للشعب! علينا في نهاية الأمر أن "نسوي" الخلاف ونتفق على صيغة ما دون إدخال الشعب في الموضوع. فقد تختلف مصالح اللصوص ويخسر أحدهم ما يربحه الآخر ويصطرعون من أجل فرق المكاسب، لكن الشعب يبقى "ألعدو" الأكبر الذي يهدد عموم اللصوص بخسارة جميع تلك المكاسب مرة واحدة، بل قد يعاقب اللصوص عقاباً صارماً. لهذا كله فالملفات لم تكشف ولن تكشف، فمهما كانت الخسائر والأرباح بين اللصوص، فستبقى أدنى بكثير من خسارتهم إن سقطوا بيد الشعب، وإن ضاقت بهم السبل، فلديهم دائماً "التصويت السري" لتمرير أي حل لها مهما كان قبيحاً، ثم التنصل من القرار وإلقاء اللوم على الكيان الوهمي الذي لا يتحمل أحد مسؤوليته: البرلمان!
هكذا فقدنا الكهرباء، وسنفقد النفط، والقرارات السيادية، والأراضي المتنازع عليها، ونقرأ الفاتحة على العراق.

قد يبدو هذا تشاؤماً متطرفاً، لكن من يربط مسيرة قرارات البرلمان ومشاريع الحكومة والتصويت السري ومعركة الملفات وطريقة تمرير خصخصة الكهرباء وتحديات كردستان وابتلاع الحكومة لإهاناتها والشركات النفطية ووقاحتها والردود الحكومية الهزيلة عليها وعلى أخطار المثلث التركي الكردي والشركات، واستمرارها بمجاملة أميركا رغم علمها بأنها تقف وعلى مدى جميع الملفات في الخندق المعادي لموقف الشعب العراقي، وأنها وراء كل الشرور والأخطار التي تحدق بالعراق، يرى بوضوح أننا سائرون على هذا الطريق!

(1) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=13418
(2) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17862
(3) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=20047   
(4)  http://www.alrafedain.net/index.php?show=news&action=article&id=77484