التشريعات الماسة بحقوق المرأة العراقية

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يوليو 30, 2012, 05:29:00 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

التشريعات الماسة بحقوق المرأة العراقية


مر على العراق والعراقيين عقودا من الأزمان اتسمت بالقهر والعنف والحروب وفترات حصار اقتصادي كانت مسبباتها الأساسية الثروات العراقية التي اضحت وبالا علينا بدلا من ان تكون دافعا نحو الرقي والتقدم وكذلك القيادة التي تفتقر الى ابسط مقومات القيادة الحقيقة ، ولعل المرأة العراقية كانت اكثرنا تأثيرا وتحملا كونها واضعة للركائز الأساسية في لبنات المجتمع ، فهي الزوجة والأم والأخت والبنت التي كانت تنتظر بفارغ الصبر حضور رب العائلة من جبهات القتال لتتحمل الثقل الأكبر في تطمين الحاجات البيتية وكذا الحال في ايام الحصار الاقتصادي حيث مارست حينها ادوارا مختلفة وحفرت في المستحيل لتمشية الأمور وعبور بر الأمان .. وخلال سنوات طوال صبرت في نظرة الى الشمعة التي تزيح الظلام لتأتي الأيام الحاضرة كغيرها .. فبدلا من ان تكافأ لما قدمته عبر السنين العجاف اصبحت القوانين والأنظمة والتقاليد الاجتماعية تضغط عليها جاذبة اياها خطوات الى الوراء .. بذلك انتابها الإحساس بالحنين الى الستينات والسبعينات من القرن المنصرم ...
رغم كونها تمثل ما يزيد عن 60% من المجتمع العراقي  الأ ان حقوقها لا تزال مهضومة ولا تزال القوانين تسلب منها الكثير ، وكان هناك تباعد متعمد مابين الحقوق والمرأة بينما هناك تناسب ايجابي بينها وبين الواجبات وكأن مهمتها انحصرت بالعطاء لا الأخذ .
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 ، وأعتبر هذا الإعلان خطوة مهمة نحو وضع أسس وثيقة دولية لحقوق الإنسان يكون لها قوة قانونية ملزمة ومن هنا جاءت المادة الأولى من هذه الوثيقة مؤكدة على ما يلي :(يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضمير وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء).كما أضافت المادة الثانية بكل وضوح ما يلي :(لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان , دون تمييز , كالتمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او اي رأي أخر , او الاصل الوطني او الاجتماعي او الثروة او الميلاد او اي وضع أخر , دون تفرقة بين الرجال والنساء ....).ثم صدرت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو CEDAW )  لعام 1979 والتي اصبحت نافذة عام 1981 منعت التمييز ضد المرأة لأنه يشكل انتهاكا لمبدأ المساواة في الحقوق واحترام كرامة ألإنسان وأشارت الأتفاقية بالقضاء على جميع اشكال التميز ضد المرأة وتمتع النساء بحقوقهن وضرورة القضاء على مفهوم الدونية للمرأة ونبذ مفهوم التفوق لدى الجنس الاخر لاسيما وإن المبادئ الأساسية للأمم المتحدة تتضمن الإيمان بالحقوق المتساوية للرجال والنساء على حد سواء، اما الاعلان العالمي لحقوق الانسان مبدأه الاساسي هو : " جميعا الناس يولدون احراراُ ومتساويين في الكرامة والحقوق "،وقد انضم العراق إلى العديد من الاتفاقيات الدولية منها العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وقد نصت المادة (130) من الدستور العراقي الجديد على أن ( تبقى التشريعات النافذة معمولا بها ما لم تلغ أو تعدل وفقا لأحكام الدستور) كما قرر في المادة (2-أولا –ج) منه بأنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور , وهذا يعني أن سن أي تشريع يقرر سحب انضمام دولة العراق من المواثيق الدولية سيعد قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية لان الانضمام للاتفاقيات الدولية يعد ضمانة للحقوق والحريات . تنص المادة( 14 ): "العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق... كما نص الدستور بشكل صريح على النوع الاجتماعي في المادة 20، للمواطنين رجالا ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح
منحت القوانين العراقية للمرأة بعض مثل اختيار الزوج وطلب التفريق في حالة الضرر وكذلك حقوق العمل والصحة والتعليم إلا أن الواقع يظهر أن هناك اختلاف ما بين التشريع والواقع.
تشير الأمم المتحدة الى ان شريحة النساء من افقر الفئات في ألعالم وأن ثلثي الأميين هم من ألنساء وهي إحصائية لم تتغير منذ 20 عاما.
أعلنت وزارة التخطيط العراقية عن نتائج مسح أجرتها الوزارة لأوضاع المرأة العراقية مؤخراً، مشيرة الى أن الوزارة أجرت مسحاً شملت عينة من نحو 65 ألف شخص ، وقد بين المسح أن نسبة العوائل التي تعيلها نساء في العراق بلغت 11% وأن نسبة المتزوجات بلغت 62% بينهن 5% تزوجن دون سن الـ15 عاماً و22% تزوجن دون سن الـ18 عاماً".
وأن "أغلب النساء دون سن الـ20 عاماً يفضلن الزواج على مواصلة الدراسة وأن امرأة من بين كل 5 نساء يفضلن الزواج على ألدراسة فيما تفضل 78% من هؤلاء النسوة الإنجاب بشكل متواصل.ويعد العراق من البلدان التي تنتشر فيه حالات ممارسة العنف ضد المرأة، في حين ليس هناك إحصائيات عن الأعداد النسوة اللاتي يتعرضن للعنف والضرب داخل المجتمع العراقي سنوياً.
وسجل العراق العديد من حالات الانتحار لنساء في مقتبل ألعمر ويرجع الكثير من المختصين سبب ذلك إلى العنف الأسري.ويعيب البعض على قانون العقوبات العراقي الذي اعطى في بعض فقراته الحق للرجل للاعتداء على المرأة.
وكمثال على مشاركة المرأة العراقية في المناصب المهمة في الدولة فعدد المدراء العامين في الدولة العراقية من النساء هو 2% من المجموع الكلي للمناصب .
وفي نظرة تفاؤلية لما آلت اليها شؤون المرأة العراقية بعد عام 2003 نجدها تتمتع بربع مقاعد البرلمان حيث خصص لها بحدود 75 مقعدا من مجموع 325 مقاعد وهو مكسب حقيقي خاصة وان هناك دولا متقدمة في مجال حقوق المرأة لم تخصص مثل هكذا عدد للمرأة ، وكذا الحال في انتخابات مجالس المحافظات التي تمت في عام 2009 حيث حصلت المرأة على 110 مقعد من مجموع 410  مقعد لعموم 14 محافظة تمت فيها الانتخابات ، وهذه برمتها تحتسب كمكاسب للمرأة رغم انها مكاسب لا ترتقي لدرجة الحقوق المطلوبة .
وفرت القوانين العراقية للمرأة حقوقا لا بأس بها  مثل اختيار الزوج وطلب التفرق في حالة الضرر وكذلك حقوق العمل والصحة والتعليم إلا أن الواقع يظهر أن هناك فجوة ما بين التشريع والتطبيق الواقعي . بل حتى في التشريع نفسه هناك ثغرات تشكل انتهكا وتمييزا لحقوق المرأة وينعكس سلبا على واقع الأسرة والمجتمع ولعل العادات والتقاليد السائدة في المجتمع لها الأثر  السلبي الأكبر .


المشاور القانوني / ماهر سعيد متي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة