مشاكسة رؤسـاء فـي المــزاد العلنـي/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 28, 2012, 07:21:16 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
رؤسـاء
فـي المــزاد العلنـي



مال اللــه فـرج
malalah_faraj@yaho.com



في الوقت الذي انجب  فيه الربيع العربي صيفا سياسيا ملتهبا , اشعل حرائق ما زال لهيبها يتصاعد هنا وهناك , وما زالت الاجواء وافرازات الاحداث تنبؤ بالمزيد منها ' حيث ازدهرت الاسواق بالبضائع (الديمقراطية) وراحت معظم المكونات والاحزاب والتحالفات والمنظمات والهيئات والكيانات , المتطرفة منها والمتفتحة ,اليسارية واليمينية , الدينية والعلمانية , الرجعية والتقدمية , الوطنية والعميلة , تتسابق لحجز امكنة لها في الماراثون الدولي باتجاه الديمقرطية التي قلبت الطاولة على الزعماء والرؤساء والقادة التقليديين , واطاحت بالكثير منهم , وجعلت الاخرين يقفون متأهبين على لائحة الانتظار عبر اعصار المتغيرات الذي سحب كراسي الحكم من تحتهم وهيأها لثوار ومناضلين وقادة ورؤساء من طراز جديد , منتخبين من الشعب مباشرة , اتت بهم صناديق الاقتراع ربما بنزاهة سياسية لم تعرف نتائجها نسب فوز اكثر من 60% في افضل الاحوال , بينما كانت نسب الانتخابات (اليمقراطية) الماضية في معظم هذه الدول الديمقراطية لا تقل عن 95% في اسوأ الاحوال , ومهما كانت الشعوب خلال تلك الانتخابات الديمقراطية , ناقمة او نائمة او غاضبة او عاتبة او جائعة او ضائعة او مترددة او مشردة او متوجسة او متحسسة , وسواء شاركت في الانتخابات او قاطعتها وسواء مارست حقوقها او رفضتها , فان النتيجة (الديمقراطية)  كانت مسبقا معلومة , ونسب الفوز العالية كانت محسومة.
بيد ان في خضم الربيع السياسي هذا ومتغيراته وقيمه الديمقراطية التي انتجت قادة ديمقراطيين وفق ارفع الاساليب الديمقراطية , انبرى عضو الكونكرس الامريكي الجمهوري العريق (فرانك وولف) ليفجر قنبلة مدوية من العيار الثقيل بالتزامن مع الفوز الديمقراطي لجماعة الاخوان المسلمين الرئيس الديمقراطي الدكتور محمود مرسي في الانتخابات المصرية الديمقراطية , مدعيا وجود صفقة ديمقراطية بين الولايات المتحدة والاخوان , تمثلت بدعم مادي بلغ خمسين مليون دولار قدمته واشنطن للحملة الانتخابية الديمقراطية لمرشح الاخوان , مقابل تعهدات الطرف الاخر باحترام المواثيق والمعاهدات الدولية عامة واتفاقيات كامب ديفد على وجه الخصوص , مما اثار ردود افعال مختلفة بالاخص وان بعض المواقع الالكترونية (غير الديمقراطية) سوقت هذا الخبر (غير الديمقراطي) بعناوين غير ديمقراطية , بل ومتطرفة , مدعية ان واشنطن (اشترت) الدكتور مرسي بخمسين مليون دولار.
ربما كان هذا الخبر غير الديمقراطي محرفا او مفبركا او مدسوسا او مختلقا او مزيفا او مقصودا بهدف الاساءة الى الجماعة ومحاولة النيل من حياديتهم ومن استقلاليتهم الوطنية , وربما كان يحمل شيئا من الحقيقة  , لكن الاهم من صحة الخبر او زيفه انه يفتح الابواب واسعة امام عصر سياسي دولي جديد , وامام صناعة جديدة , تلك هي صناعة الرؤساء وفق معايير ومقاسات واتجاهات وشروط ومميزات ورغبات ومواصفات محددة , مما يعد في حقيقته انتصارا للشعوب , ولنهجها الديمقراطي.
وربما يتم مستقبلا الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ومن افرازات التقنيات الخارقة , ومن تجارب الحكومات الالكترونية , في صناعة رؤساء ثوريين تقدميين ديمقرايين اليين , اشبه بالريبورتات الالية , تتم برمجتهم وفق رغبات شعوبهم ووفق قوانين ودساتير بلدانهم وخصوصياتها القومية والدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية , عندها لن ينحاز الرئيس الالي في هذه الدولة او تلك , لا الى حزبه ولا الى قوميته ولا الى طائفته , وسيكون ممثلا حقيقيا عادلا لكل ابناء شعبه , وربما سوف يختفي الفساد والعقود الوهمية والشهادات المزورة والاعتقالات العشوائية والسجون السرية وانتهاكات حقوق الانسان والحريات العامة في هذه الدول , وسوف يكون احتلال الوظائف العامة حسب المؤهلات العلمية والكفاءة الحقيقية وسوف لن يستحوذ ابناء وبنات المسؤولين من انصاف الاميين في هذه الدولة او تلك على الوظائف السيادية والقيادية والدبلوماسية والحساسة التي لا يستحقونها , كما لن يحتاج الرئيس الالي لا الى  فيالق حماية ربما تكلف الخزينة المركزية مئات الملايين من الدولارات سنويا , ولا الى سيارات مصفحة ولا الى مخصصات نقل وطعام وسكن وضيافة ولا الى هدايا ومخصصات وهبات للصديقات والعشيقات وغيرها من الاحتياجات , وستختفي الليالي الحمراء من حياة هؤلاء الرؤساء وتصبح كلها بيضاء.   
والاهم ان الرؤساء الاليين سوف لن يضطروا الى الكذب على شعوبهم ولا الى تبرير اخطائهم وهفواتهم ونزواتهم , ولن يكونوا أغطية للفاسدين او مظلات للفاشلين وسوف تكون محاسبتهم لشعوبهم مثل حد السيف , عندها لن تتلكأ الخدمات ولن تنتهك الحريات ولن تقيد الحقوق ولن تهدر الميزانيات السنوية على الاهواء الشخصية ولن تقوم بعض الاحزاب (الديمقراطية) بالاستحواذ على الثروات الوطنية من خلال تحويل الوزارات والمؤسسات الرسمية الى املاك عائلية .
لكن الطامة الكبرى والفجيعة العظمى لو نجحت احدى الدول الاقليمية في سرقة مفاتيح الرؤساء وبرمجتهم الالية , عندها ربما ستترحم البشرية عامة والشعوب المعنية خاصة على الرؤساء التقليديين , الذين كانوا (يشترون) الرئاسة بخمسين مليونا , ولا يغادرونها الا وفي جيوبهم خمسين مليارا على الاقل . 



برطلي . نت / بريد الموقع