تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

التهديد بكشف الفساد – فساد

بدء بواسطة صائب خليل, يوليو 03, 2012, 09:13:11 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

عندما يحذر النائب كمال الساعدي بعض الأطراف "بكشف كافة ملفات الفساد اذا اضطر ائتلاف دولة القانون لذلك" فأن الوجه الآخر المنطقي لكلامه هو : "إن لم تضطرونا لذلك فسوف نخفي تلك الملفات"، وهذا بحد ذاته فساد علني ومحاولة رشوة صريحة تقول: إذا فعلتم ما نريد فليس لدينا مشكلة أن تمضوا في فسادكم!(1)
النائب عن ائتلاف دولة القانون محمود الحسن أشار إلى عزم رئيس الوزراء كشف ملفات لبعض الكتل التي تعطل مسيرة الحكومة في تقديم الخدمات في حال استجوابه داخل قبة البرلمان! والسؤال المباشر المنطقي سيكون: وفي حال عدم استجوابه؟ سيسمح للكتل أن تستمر في تعطيل "مسيرة الحكومة في تقديم الخدمات"؟
في مكان آخر بين الساعدي، انهم في دولة القانون، ليسوا "خائفين من استجواب المالكي". أما السبب فهو ليس لأنه متأكد من قدرة المالكي على رد التهم، وإنما لأن هذا الإستجواب "سيحرج الكثيرين" ولذلك فهو يعتقد "أنهم سيؤخروا عملية مجيئه للبرلمان".!(2)
ومعنى هذه العبارة المنطقي هو نفس معنى سابقاتها: "لا تحرجونا في فسادنا، لكي لا نحرجكم في فسادكم"! أو: "نحن مطمئنون إلى أنهم فاسدين مثلنا، ولذلك لن يجرؤوا على فتح الموضوع".
وعدا التهديد بالإستجواب وكشف الفساد، يكثر اليوم فجأة الحديث عن تفعيل مذكرة قضائية ضد مقتدى الصدر تتعلق بمقتل السيد مجيد الخوئي!(3)  والآن فقط تتذكر دولة القانون أن تسحب من الأدراج ملفات "13 نائبا متورطين بتمويل عمليات مسلحة"!(4) ويتذكر سجناء سياسيون في البصرة، أن يقيموا دعوى قضائية ضد مفوض الامن السابق "حيدر الملا"!(5) وغيرها من الجرائم التي برزت حين ظهرت الحاجة إليها. ولم يفوت الخصوم هذه الفرصة، فقال النائب عن العراقية قيس الشذر ان "ملفات الفساد والارهاب ... لاتظهر الا عند استخدامها كسلاح للتصفية السياسية"!(6)
وتحدى حيدر الملا: "لو كان المالكي حريصاً على مصلحة الشعب لما ابقى هذه الملفات (ان صدق بها) ورقة بيده يستخدمها لحماية نفسه ومصالحه، ولقدمها الى القضاء او الجهات ذات الاختصاص وفق ما يمليه عليه الموقع من مسؤولية".!(7)

لكن حال الجانب الآخر لم يكن أفضل على الإطلاق. فيتذكر عضو مجلس النواب عن كتلة الاحرار جواد الحسناوي "فتح ملفات ضد نوري المالكي ... تتعلق بانتهاكات لحقوق الانسان في البصرة النجف وكربلاء"،  وعزم كتلته فتح "ملفات جنائية" تتعلق بقتل نحو 400 شخص في الزركة في النجف وأخرى، ولكن بعد إقالة المالكي وتوفر الجو المناسب لمتابعتها، بسبب "اصرار دولة القانون على التمسك بنوري المالكي كرئيس للحكومة"!(8) وتهدد رئاسة إقليم كردستان بالكشف عن "ملفات فساد وأخرى حساسة وخطرة" للرد على مواقف رئيس الحكومة "إذا لزم الأمر".!(9)  أي أنها ستبقيها مستورة ، إذا "لم يلزم الأمر" !  وهكذا.....
عندما نتذكر أننا نتحدث عن زعامة إقليم يكاد يكون دولة، وعن برلمانيين يفترض أن مهمتهم المشرفة هي مراقبة السلطة والدفاع عن مصالح الشعب، وعندما نعلم أن البعض مثل كمال الساعدي ليس فقط نائب في البرلمان وإنما أيضاً هو عضو لجنة النزاهة النيابية، نعلم مدى خطورة وعمق ذلك الفساد في هذه البلاد!

هذا عن جانب "أسلحة الهجوم" في اللعبة، فماذا عن "أسلحة الدفاع"؟
النجيفي، بدلاً من أن يتصرف كرئيس ممثلي الشعب ومراقبة أداء الحكومة ويكون سعيداً بكشف كل الخفايا للشعب الذي يمثله، كأي ممثل للشعب في أية دولة ديمقراطية، فهو يطمئن جماعته بأن لديه درعاً يمكن ان يساعدهم في صد الفضائح المقابلة، فيقول: "لا يمكن للمالكي فتح اي ملف اثناء استجوابه غير الإجابة بحدود الاسئلة الموجهة اليه"!(10)
ويذكرني هذا بموقفين للنجيفي: الأول عندما كشفت النائبة الفتلاوي انه أوقف التسجيل التلفزيوني لجلسة فضيحة الهيئة العليا للإنتخابات حين أشير إلى أن الهيئة سلمت صناديق الإقتراع إلى الجيش الأمريكي سراً. أما الثاني فهو حين حاول جاهداً أن يمنع الوزير رعد شلال العاني من الكلام إلا بما يخص الشركتين، لكنه فشل وأضطر لتركه يكمل.

في الخندق الآخر يتكرر مشهد الدفاع نفسه وبنفس الأسلحة. فيتوعد عضو ائتلاف دولة القانون النائب منصور التميمي، بأن استجواب رئيس الوزراء نوري المالكي سيتضمن مفاجئات تفضح ملفات الفساد التي كانت تتستر عليها الاطراف السياسية المطالبة بسحب الثقة!! ( ألا يعني تهديدك بفضحها أنك أنت أيضاً تعلم بها وتتستر عليها؟) و مثل النجيفي، يطمئن التميمي جماعته أن "صواريخ المقابل" لن تصل إليهم وأن الكتل السياسية المطالبة بسحب الثقة عن المالكي لن تحقق مرادها من خلال استجواب المالكي، لأنه وفق الدستور لا يجوز استجواب رئيس الوزراء إلا في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصات اللجان النيابية.(!) يعني السيد النائب يتوعد بحماية الفساد من الكشف من خلال سلطة كتلة الحكومة على "اللجان النيابية" في البرلمان، وان تلك اللجان ستمتنع عن طرح الأسئلة المحرجة، التي تحتكر حق طرحها، كما يقول "ممثل الشعب" هذا! ورغم أنه يضيف بأنه لا يخشى حضور المالكي لمجلس النواب، لكنه يدعو "للستر" ويدعو "للحوار" بدلاً من "مجازفة ربما تنعكس على الشارع العراقي سلباً."!!(11)

ليس هناك في كل هذا الجدل أي أثر لاحترام القانون أو حتى شرف المصداقية في موقف اية كتلة سياسية، وإذا أزحنا جانباً الكلام الشعاراتي الفارغ ، فأن ما ينضح من بين سطور هؤلاء السادة هو الإحتقار الكامل للشعب وتفكيره، ويخرج الأمر أحياناً بشكل مثير للسخرية والألم. خذوا على سبيل المثال تصريح عضو ائتلاف دولة القانون النائب السابق عبد الهادي الحساني حين يقول: "اذا كنا نريد بلد نهضوي استثماري تدخلة الشركات الاجنبية النفطية فالخارج عن القانون لابد ان يحاسب"!!
إنه لا يجد سبباً لمحاسبة الخارج عن القانون في هذا البلد، سوى تشجيع دخول "الشركات الاجنبية النفطية"!!

لا شيء يدل أبداً على أن السياسيين يرون أن الشعب الذي يمثلونه، معني بهذا الصراع، وأن من حقه أن يفهم لأن مصالحه ومستقبل بلاده في الميزان. لقد جمع كل منهم خلال سنوات عمله ما تيسر له من أسلحة ملفات الفساد والإرهاب والفضائح عن الجانب الآخر، وخزنها لـ "اليوم الأسود". وحين جاء وقت لعب البوكر "المستور"، بدأ البلف المتبادل، وكل من اللاعبين يحاول أن يخيف الباقين بما يملك من أوراق في يده يؤكد أنها "قوية جداً" ، ويحاول في نفس الوقت جس نبض الآخر ومدى صدقه في جدية ما لديه من أوراق، متظاهراً في الوقت نفسه بعدم الإهتمام وأنه لا يخشى شيئاً لأن أوراقه أقوى، لكن دون  أن يتهور أي منهم ويكشف أوراقه "القوية"على الطاولة ليكشف الآخرون أوراقهم أيضاً!

إنهم يرونه صراع بينهم فقط، لا علاقة للشعب به، سوى أن يؤدي دوره بالتصفيق لهذا وتهديد ذاك دون أن يتاح له أن يعرف أية حقيقة تساعده على معرفة ما يدور حوله. هم يثيرون الصراع متى ما أرادوا فترتفع أسهم أخلاق "الصراحة" و "الصدق" و "المواقف الحدية"، ويصبح فلان لصاً وعلان قاتلاً أو إرهابياً، وعلى الشعب أن يتظاهر خلفهم تأييداً لهم. وهم يهدئونه إن اتفقوا، فتخفت أصوات الصراحة لتحل محلها عبارات الأخوة والتفاهم والحوار، ويعود فلان شريفاً وعلان شريكا وأخاً، وعلى جماهيرهم أن تنقلب فوراً وترحب بالأخر الذي كان عليها قبل أيام أن تستنكر جرائمه الوحشية وخسة فساده. عليها أن لا تسأل كيف تحول لصوص وقتلة وإرهابيي الأمس إلى شرفاء مسالمين وشركاء، وأين ذهبت أهمية أخلاق الصراحة والصدق والحدية التي تباهى بها ممثلوها في مرحلة الصراع السابقة. هكذا يوقف "الخلاف" ويعود كل لاعب إلى مكانه ويعيد أسلحته سليمة في انتظار لعبة جديدة، فاستعمال أية ورقة في هذه اللعبة يحرقها ويحرم صاحبه من الإستفادة منها في الجولة القادمة.

كيف ستحل الأزمة إذن؟ الكل يريد السلام والإنسحاب، ولكن حتى هذا الإنسحاب يجب أن يكون مدروساً لكي لا يفيد المقابل. وبما أن المهاجمين المباشرين كانوا جماعة خندق العراقية – كردستان، وهم من بدأ بقضية سحب الثقة والدكتاتورية والإستجواب، فأن السلام سيظهرهم بمظهر المهزومين، ويخيب أمل ناخبيهم ويخيب أيضا ًمن يدفع لهم في الخليج.

لذلك ترى المالكي يقول "نقول للشركاء من السياسيين .... ان لا أمل ولا حل ولا انفراج للازمات والمشاكل ولا خدمات الا ان نتماسك على اساس الدستور والتفاهم عبر الحوار ونحن نستغرب رفض البعض للحوار". وأضاف "علينا ان نجلس الى مائدة الحوار التي هي مائدة الوطن"
"أننا متاكدون من ان هذه الازمة التي لا نعدها ازمة بل مشكلة لم تكن موجودة لولا وجود أصبع خارجي فيها ... ستكون سهلة اذا ما تم الاتفاق على حلها عبر الحوار ".
وقال "علينا ان نمد ايدينا للجميع لبناء العراق ونقولها بصراحة لمن يريد اجهاض العملية السياسية بالقتل والارهاب انهم اذا جنحوا للسلم فسنجنح له".!(12)
إنه يصف نفس الذين قال وقالت كتلته أنها تمتلك ملفات فساد وإرهاب عنهم، بـ "الشركاء السياسيين" في بداية خطابه، ويعود ليتهمهم "بالقتل والإرهاب" في نهايته، ليعود ثانية ويدعو الإرهابيين "للجنوح للسلم"! "الجنوح للسلم" وليس الإعتراف والإعتذار ثم العفو عنهم مثلاً، وهو بحد ذاته شيء كثير جداً، بل يكفي أن "يجنحوا للسلم"! نحن إذن في بلد يتوسل فيه رئيس حكومتها بالإرهابيين والقتلة إلى السلم، ويعدهم بمشاركتهم الحكم إن فعلوا!
ومع ذلك فقد بدا هؤلاء غير مهتمين بهذا "السلم" وتمسكوا بأهدافهم في الإستجواب وسحب الثقة. ولعل هذا الموقف الرافض هو الذي دعا المالكي إلى بعض التراجع أحياناً فيقول: "اننا ماضون في طرح الملفات الخطيرة التي اشرنا لها اذ ان الاطراف يتهربون من الحضور للمؤتمر الوطني بسبب مكاشفة هذه الملفات".!(13) وقال طلال  الزوبعي ان "العراقية ورغم ترحيبها بهذه الورقة، لكن لم يعد لنا خيار اخر سوى المضي باستجواب رئيس الوزراء تحت قبة البرلمان".

لكن على مؤيدي العراقية أن لا يفرحوا أيضاً. فهذا الإصرار على "كشف الحقائق" قد يكون شكلياً لتبرير الموقف للشارع، أو يهدف إلى تحقيق المزيد من الأرباح قبل الموافقة على "الحوار". فتكشف النائب عن العراقية الحرة عالية نصيف بصراحة أن : بعض الملفات القضائية الخاصة بالجرائم الجنائية والفساد تم اخضاعها للمجاملات السياسية!(14)
ولكن نفس النائبة تبتكر للملفات طريقاً للإفلات من الكشف فتطالب باستجواب الكابينة الحكومية بكاملها في حال الإصرار على استجواب المالكي، بحجة أن "المسؤولية تضامنية" في مجلس الوزراء، وأن تقصير أي فرد فيه تقصير للجميع.(15)
ولو جعلنا هذا المنطق حجة لعدم استجواب المالكي، فإننا نقف ضد المبدأ الدستوري بـ "حق البرلمان بمحاسبة أي وزير"، وأن أية محاسبة يجب أن يستدعى لها المجلس برمته، وهي مهمة تعجيزية أولاً، تحمي المقصرين باستحالة تنفيذها ، وهي اعتراض على الدستور يجب أن لا يتم إلا من خلال تغيير الدستور، فما الهدف من هذا التصريح سوى حماية الملفات من الكشف؟

ومن جهة أخرى بين المطلك انه ليس بالضرورة ان يكون الهدف من الإستجواب هو سحب الثقة من رئيس الوزراء "خصوصا اذا سارت الاصلاحات بالتوازي مع قضية الاستجواب، وتبين للمستجوب ان اجابة المستجوب لا تؤهل لسحب الثقة".
اما النائب عن كتلة التحالف الكردستاني محمود عثمان فقد اكد وجود امكانية لحلحلة الازمة السياسية الراهنة في حال اعتمدت لجنة الاصلاح في التحالف الوطني أوراق اربيل والنجف في الاصلاح.

أخطر ما في المعركة، أن رئيس الوزراء قد قال في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه مع ابراهيم الجعفري: انه "لا استجواب، ولا قضية سحب ثقة الا حينما نصحّح وضع المؤسسة التشريعية. وعلى من يُريد أن يقوم بمثل هذا العمل ان يصحّح وضعه القانوني التشريعي، وأن يتصدّى للمخالفات الموجودة داخل البرلمان وفي داخل الكتل التي يتشكّل منها البرلمان، حتى يذهب للاستجواب أو طرح قضية أخرى من هذه القضايا".!(16)
وهذا كلام خطير من أكثر من ناحية. فهو أولاً مؤشر على ان رئيس الوزراء يخشى الإستجواب بشكل شديد. ولو كان بريئاً، ولديه ما يكفي من القوة لتأمين دفاع عادل عن نفسه، يجب ان يرحب بالإستجواب مهما كان صعبا، فهو الطريق لحسم المعركة بالنصر، وليس بالتهرب منه أو تحويله إلى "إستضافة" يسهل معها لجم الأسئلة (17)
لذلك فأن قول الناطق باسم التحالف الكردستاني النائب مؤيد الطيب إن"تصريحات المالكي الاخيرة بشأ إن الدعوة لحل البرلمان ماهي الا رد فعل لقضية استجوابه وسحب الثقة منه" (18) تكتسب المصداقية .

أهم من كل ذلك، أن الإستجواب حق دستوري ولا يستطيع رئيس الوزراء في دولة دستورية أن يرفضه أو يقبله، أي أن معنى ذلك أن رئيس الوزراء يهدد بالإنقلاب على الدستور. أما قوله أنه يجب أن يسبق ذلك "إصلاح البرلمان" فهو كلام غريب، يستطيع أن يقوله كل من يريد أن يتهرب من الإستجواب، وإن تمكن بذلك فسيعبد الطريق لكل من يأتي بعده لتكرار هذا السيناريو، ويمتنع على البرلمان أن يحاسب أي رئيس حكومة أو أي شخص لديه القوة اللازمة لدعم مثل هذه الحجة غير المعقولة. وهنا نلاحظ أن الصراع الشديد من أجل عدم كشف الحقائق للشعب، يصل إلى مرحلة تهدد كيان الديمقراطية كله، فما هو حجم تلك الجرائم وتلك الملفات يا ترى؟

ونلاحظ أن ما يهم المتصارعين هو سلامتهم وحسب، وما يسعون إليه هو إيجاد صيغة مقبولة لـ "التستر المتبادل"، أو ما يصفه موسى فرج بـ "توازن الرعب" فيقول: "البرزاني يخاطب المالكي بقوله: سأكشف ملفات الفساد ..! وعلاوي هدد بالأمر ذاته..! فرد عليهم المالكي بقوله: استجوبوني بالله استجوبوني .. وشوفوا اشلون أغرقكم ببحر متلاطم من ملفات الفساد .. ولكن اغلب الظن أنهم سيعتمدون مبدأ الرعب المتوازن فلا يثير بعضهم على بعض إلا الظاهر من جسم باخرة الفساد.. أما الغاطس فإثارته أمر مستبعد ..." !(19)

ويبدو أن سياسة "توازن الرعب" أو "توازن الفساد" قد أتتت أكلها، وهاهو التحالف الوطني يعمل على صياغة خطة لحل للأزمة، وقد اختير لها إسم جميل هو "خطة الإصلاحات"، فما هي هذه الإصلاحات؟
يقول سلام المالكي إن "ورقة الاصلاحات التي سيقدمها التحالف الوطني ستكون ورقة شاملة لكل الجوانب سواء كانت سياسية او خدمية". (لا بد من حشر كلمة "خدمية" ليتصور الناس أن هناك من يهتم بهم) .بعد ذلك تملأ الجملة بالكلام الفارغ التالي: "التحالف الوطني سيتحرك برؤيا وطنية وشاملة لكل الجوانب بعيدا عن المزايدات السياسية او الرغبات الخاصة حيث سنضع نصب اعيننا خدمات المواطن والتوافق وفقا للدستور وحكومة الشراكة كاساس في وضع ورقة الاصلاح".!(20)
إذا كان لهذه الكلمات معنى، فهو إنه يقر، ويريد أن يقنعنا بأن كل الحديث عن ملفات الفساد التي تحدثوا بها عن خصومهم كانت "مزايدات سياسية" و "رغبات خاصة" وأنهم لم يكونوا قبل كتابة هذه الورقة "يضعون نصب أعينهم خدمات المواطن"!

أراهن أنه لن يكون هناك أي شيء في الورقة له علاقة بكلمة "إصلاح" وأن الورقة ستشمل قائمة تنازلات عن حقوق الشعب ومستقبل البلاد، لا أكثر ولا اقل. فالمرء يتعهد بـ الإصلاحات" بعدما يرى ويقر بوجود أخطاء، فهل سمعنا من احد حتى الآن يتحدث عن "أخطاء" قام بها، لكي نفهم لماذا وكيف سيصلحها؟ ألم يلق التحالف (كما فعل الجانب الآخر) كل الخطأ على الجهة المقابلة، وصدقناه؟
إذن لا توجد أخطاء، بل قائمة تنازلات، فعن ماذا ستكون؟ هل سيتنازل عن حق المركز في عقود النفط ويدخل العراق في إشكال جديد أكبر حيث ستطالب كل محافظة بأن توقع عقودها، أم سيقدم التحالف وعداً بالتغاضي عن النفط المهرب، أم سيتم تثبيت النسبة العنصرية الحقيرة حيث تحصل 12.6% من سكان العراق على 17% من الموارد والأصوات بالإبتزاز الصريح، أم لإستمرار السطو على أراضي الموصل، أم استمرار التغاضي عن سرقة موارد الكمارك أم استمرار استقبال كل المتآمرين في المنطقة من سمير جعجع ومتآمري الناتو على سوريا، وحتى القيادات العسكرية والأمنية (إقرأ:الإرهابية) الإسرائيلية، فتكون السياسة الخارجية لدولة كردستان بالضد تماماً من السياسة الخارجية للعراق، والأدهى أن وزير العراق للخارجية أيضاً كردي؟ هل أن إسم "خطة الإصلاح" ليس سوى خدعة لفظية مثل "خطة الإنسحاب" وأن "خطة تنازلات" أو "خطة تستر متبادل" هي الأنسب لعكس الواقع؟

ما يحير الناس هو، لماذا هذا الجبن عن إقامة حكومة اغلبية؟ كل الدول في العالم تفعل ذلك، فلماذا ترتجفون أنتم رعباً منها؟ هل تتصورون أن السنة ستقيم المتاريس إن أخرجتم عليوي أو المطلك من الحكومة؟ ها قد طاردتم الهاشمي فلم يتحرك أحد، إذن ممن تخافون؟ ليس لدي تفسير لخوفكم إلا أثنين: أما الخضوع لضغوط أميركا في الدفاع عن عملائها، أو الخوف من فضائح الفساد، وأختاروا أنتم التفسير الذي يناسبكم!

يقول نعوم جومسكي: "من الأفضل لك أن يمد لصان يدهما في جيبك، من أن يفعل ذلك لص واحد، فربما يختلفان وتحصل على فرصة لإستعادة محفظتك"! لكن لصوص العراق الكثر قادرين، من خلال التصويت السري في البرلمان والإتفاق بسرعة على حل خلافاتهم، على حرماننا الفرصة ولن يتيحوا لنا، لا أن نعرف اللص من القاتل من المتستر، ولا أن نستعيد محفظتنا، أو ما بقي فيها.

لكن الشعب العراقي بدأ يغضب وهو يرى تطبيق حكمة المصريين: "حرامي ما يمسكش حرامي"، ولم يعد الإستقطاب المفتعل يحمي كل كتلة من محاسبة ناخبيها لها، ومطالبتها بالحقائق، كما فعل حتى الآن.
كتب عباس العزاوي مقالة على موقع "عراق القانون" بعنوان "أفضل الحلول المكاشفة"(21) جاء فيها:
"ألقائمة العراقية توعدت عشرات المرات بفضح ملفات تخص ممارسات السيد المالكي وانتهاكاته لحقوق الانسان! ... ولاندري ماذا تنتظر العراقية كي تكشف لنا هذا الرجل " الديكتاتور" على حقيقته...
السيد مسعود البرزاني هدد ايضا بفضح ملفات خطيرة ضد رئيس الوزراء, ... ولانعرف جدوى اطلاق هذه التهديدات, ولا اسباب السكوت عنها بعد ذلك؟
السيد المالكي من جهته قال " نحن ماضون بطرح الملفات الخطيرة " ....ولانعرف هل سيكشفها فعلاً؟ ام ستخضع للزعل السياسي والرضى,او ان الصالح العام ووحدة الوطن تتطلب حفظ دماء الارهابيين ومراعاة لمشاعر احبابهم وأسيادهم! او ربما ستُطمر كغيرها بعد ان تغير الاطراف الاخرى لهجتها ومطالباتها بسحب الثقة او طلب الاستجواب المرتقب".

على مقالة الأستاذ العزاوي جاءت التعليقات أيضاً معبرة بشكل كبير عن موقف الناس. فعلق "راصد" بالقول: "طالما اعترفت الاطراف بوجود وثائق لدى كل منها - اصبح من حق الشعب معرفة الحقيقة - و الا  فان الجميع يشترك في خداع الشعب والشعب اخر من يعلم  - اذن كيف تكون الخيانة".
وعلقت تسواهن : "الكل عليه ملفات من كبيرهم الى صغيرهم وبدرجات متفاوتة ولكن بس يهددون ولكن سوف لايكشفوها لأن الذي يبدأ بالكشف هو اول الناس تُكشف اوراقه وننتظر ونرى من منهم الجريء ؟ . ولو اشك بذلك ان يبدأ اي منهم  ! لأنهم كلهم مشتركون بجريمة كبرى وهي تركوا الشعب يعاني والبلد عاطل وهم ملتهون كيف يتنافسون من اللي يغلب."
وعلق الكاتب عماد العتابي: "لتكن المكاشفه على الهواء وستسمع ما يشيب له رأس الوليد .. لن تسحب الثقه من رئيس الوزراء ولن يتكاشف السياسيين ولن يعقدوا مؤتمرا وطنيا ولن نتخلص من المحاصصه اللعينه ولن نحصل على حكومة أغلبيه .."
وعلق "مبطوط": "كلما حاولنا ان نقنع انفسنا ان في هذه الحكومة من هو افضل من العراقية وممن اصطف معها ... تأتي الاحداث لتهدم قناعتنا وتخيب ظنوننا. فالكل فعلا مشترك فيما حصل اما فعليا او بالتستر على المجرمين واخفاء الملفات التي تدينهم او بمساعدتهم على الفرار من القصاص" مشيراً إلى  "ما نراه من اختفاء خلافاتهم وعودتهم احباب متوادين عندما يحصل تصويت على نهيبة لصالحهم".

الناس لم تعد تصفق فقط، ولم تعد جاهزة لقلب موقفها بإشارة من سياسييها: " الآن هو شريك، رحبوا به! الآن إرهابي فاسد، هاجموه!، الآن هو شريك ثانية، رحبوا به ثانية!" صاروا يطالبون بوضع الملفات على الطاولة وكشف الفساد، وأدركوا أن مجرد التهديد بكشف جريمة، يتضمن جريمة التستر على جريمة، وبنفس الطريقة فأن التهديد بكشف الفساد، فساد!

(1) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18613
(2) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18267
(3) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17378
(4) http://www.yanabeealiraq.com/0412/n16061202.html
(5) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18621#comment136763
(6) http://www.yanabeealiraq.com/0412/n11061205.html
(7) http://www.albadeeliraq.com/article19994.html
(8) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17842
(9) http://eim-iq.com/permalink/26660.html
(10)  http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18237
(11) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17823
(12) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18658
(13) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18551
(14) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=17015
(15) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18637
(16) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18707
(17)  http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18504   
(18) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18521
(19)  http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=65288
(20) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18667
(21) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=18645