مشاكسة ... أغنى دولـــة وأفقــر شـعب / مال اللـــه فــرج

بدء بواسطة matoka, يونيو 26, 2012, 04:17:56 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

مشاكسة
أغنى دولـــة
وأفقــر شـعب







مال اللـــه فـرج
malalah_faraj@yahoo.com




    اصبح حال الحكومة التي ما تزال ترفع شعار (الشراكة الوطنية),  التي حولتها الاحداث وافرازاتها والمصالح ومستلزماتها والخلافات وتقاطعاتها بامتياز الى حكومة (مصارعة سياسية) , لا يسرعدو ولا صديق , بعد ان امست مثل التائه في الصحراء الشاسعة الذي لا يدري الى اين يسير بعد ان اضاع الدليل وفقد بوصلة الاتجاهات وامست كل الطرق امامه غائمة ولا توصل الا الى المجهول في الوقت الذي ما تزال فيه الحكومة تصابر وتكابر محاولة طمأنة نفسها  القلقة وربما خداعها بانها ما تزال تسير في الاتجاه الصحيح , عملا بالمثل القائل (ان كنت لا تدري الى اين تذهب ... فكل الطرق تؤدي الى هناك) لكن مالذي ينتظر الحكومة التائهة والشعب القلق هناك ؟ هذا هو السؤال الاهم للجمهور الاعم.
     لقد جاء تشكيل الحكومة قبل سنتين على قاعدة (الشراكة الوطنية) او هكذا تمنى او اراد بعض الشركاء السياسيين على الاقل , في حين علق الفقراء والمعدمون والذين تحت خط الفقر كانوا يرزحون كل امالهم على حكومة ائتلافية تضامنية تكافلية حقيقية , قادرة على النهوض بابرز واهم الاعباء الوطنية , وفي المقدمة انعاش الاقتصاد وانصاف الفقراء وتوفير الخدمات والغاء الاجراءات الاستثنائية وتوفير الخدمات الاساسية وفرص العمل وتوظيف العائدات النفطية في خدمة القطاعات الشعبية وتهديم خط الفقر كما هدم المصريون من قبل خط بارليف وكما هدم الالمان جدار برلين وكما هدم الصينيون هياكل الاقتصاد التقليدية ليرتقوا ببلادهم من حظيظ الدول المتسولة وليرتفعوا بها الى مصاف الدول المانحة , لكن لان ما كل ما تتمناه االشعوب المغلوبة على امرها تدركه , بالاخص عندما تجري رياح السياسيين بما لا تشتهيه سفن المعدمين ,فقد خابت الامال وتبخرت الاحلام وتراجعنا بدل التقدم الى الامام , عندما تحولت الشراكة السياسية الى مصارعة سياسية اشتعلت فيها حرب الاتهامات والتلويح بسحب الثقات بدل الاحتكام للدستور في حل الخلافات والعمل على الالتزام بالاتفاقات.
      فبدل ان ينشغل المسؤولون سواء في الحكومة او البرلمان او في مختلف التشكيلات السياسية بمتابعة المستلزمات اليومية لسائر القطاعات الشعبية انشغلوا بخلافاتهم السياسية , وبدل ان يبنوا المصانع والمعامل والشركات الانتاجية , انشغلوا بالمعارك الجانبية وبالتصريحات النارية , وبدل العمل على انتشال المعدمين من تحت خط الفقر اللعين ,اصبحوا  بخلافاتهم غارقين , وبدل الاهتمام بخريجي المعاهد والكليات , انشغلوا باصدار البيانات الهجومية والتصريحات , وبدل ان يعمدوا لتوفير الامن والاستقرار لكل العراقين سمحوا لكل عائلة الاحتفاظ بقطعة سلاح ليكون في متناول الاطفال والمراهقين , وبدل ان يهتموا بانعاش الزراعة هاجموا بعضهم بضراوة وفضاعة  , وبدل رعاية الارامل الايتام  ملئوا بضجيج معاركهم وسائل الاعلام , وبدل ان يوفروا الكهرباء والخدمات , راح معظمهم يجري وراء المغانم والامتيازات , وبدل ان يوفروا فرص العمل للفقراء احتفظوا بها للاقارب والاصدقاء , وبدل ان يقفزوا فوق خلافاتهم ويتساموا على تقاطعاتهم ويعمدوا لتغليب مصالح العراقيين على مصالحهم ويعملوا بروحية فريق العمل الواحد من اجل حاضر ناهض ومستقبل واعد , وسعوا من مساحات الخلافات والتباعد , وبدل ان يحتكموا في خلافاتهم للدستور ادار معظمهم له الظهور , وهكذا اصبحنا اضحوكة للعالم مرتين , مرة لاننا حققنا ربما لاول مرة  في التاريخ مفارقة (اغنى دولة .. وافقر شعب ) فبالرغم من اننا نحتل الموقع الدولي الثاني في اكبر الاحتياطات النفطية الا ان ثلث شعبنا يعيش تحت مستوى خط الفقر , ومرة اخرى لاننا حققنا ايضا مفارقة (اخطر دولة ديمقراطية يحاصرها العنف والاعمال الارهابية  تفشل على مدى سنتين  في ملئ الوزارات الامنية بالكفاءات الوطنية ) , فهل عقمت الارحام العراقية ؟ وهل انكفأت الكفاءات الامنية ؟ ام ان المزادات والمزايدات السياسية عقدت وعطلت الخيارات الحكومية ؟ ام ان هنالك ما تزال خشية من عودة زمن الانقلابات العسكرية ؟ ام ان  لهذه القضية الحيوية اراء وامتدادات واجتهادات ومواقف وضغوط وخيارات اقليمية؟
      الى ذلك لا بد من الاعتراف بان حكومة (المصارعة السياسية) حققت انجازات رائعة لامعة بفضل خلافاتها وتقاطعاتها ومعاركها وحروبها الاعلامية ' فقد اصبحنا بفضل نضالها وستراتيجيتها البلد الاول ربما في الشهادات الدراسية المزورة , والبلد الثالث على قائمة الدول الاكثر فسادا , ومن بين الدول الاشد خطورة على حياة الصحفيين , والبلد الديمقراطي الاول الذي يفشل في تسمية الوزراء الامنيين على مدى سنتين , والبلد الاول الذي يعترف فيه البرلمانيون بفشل خمسة من اهم وزاراته الخدمية والانتاجية دون اية مساءلة قانونية , والبلد الاول الذي يدار فيه اكثر من ثلاثة الاف منصب حكومي بدرجة مدير عام بالوكالة , والبلد الاول الذي تحذر فيه اصوات برلمانية من جفاف ابرز رافديه الحيويين بعد اقل من عقدين دون اجراءات عملية  , والبلد الاول الذي لا يخول فيه معظم مسؤولي الدولة وكلاء عنهم للتوقيع على معاملات المواطنين عند غيابهم , والبلد الاول الذي تعاني فيه اغنى المحافظات النفطية من سوء الخدمات اليومية ومن الفقر والبطالة والتلوثات البيئية وانعدام المياه الصحية , والبلد الاول الذي تقبض فيه يد واحدة على جميع المسؤوليات الامنية والحكومية .

      فالف تهنئة لاطراف المصارعة السياسية بهذه الانجازات التأريخية.


Matty AL Mache