الحزن في العهد القديم / الجزء الثاني

بدء بواسطة الشماس سمير كاكوز, نوفمبر 19, 2016, 09:41:03 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

الشماس سمير كاكوز

الحزن في العهد القديم
الجزء الثاني
الشماس سمير كاكوز
الحزن والتعزية بوجه عام هو تقليد اخذناه وورثناهُ نحن الشرقيين من قديم الزمان
سفر التكوين 6 / 6 و 7 فملا قلبه الأسف لانه خلق الانسان وقال الرب أمحو ألأنسان الذي خلقته عن وجه الارض مع سائر الناس والحيوانات والزواحف وطيور السماء لآني حزنت أني خلقته
حزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتاسف في قلبه
هنا الله ليس معناه أنه أخطأ بخلقه الانسان لا أبداً بل حزن لان الانسان الذي خلقه تركه وتبع طريق السير في الخطيئة واختار الموت بدلاً عن ان يكون له علاقة مع الله هكذا الوالدين عندهم نفس الشعور ان كان أبنهم يسير في طريق الخطيئة ويتبع الاشرار
حزن الله الروح القدس بسبب إصرار الناس علي الخطية أمحو عن وجه الأرض كما يمحو كاتب بضع أسطر مكتوبة وجد بها خطأ يشوه الصفحة
الله يحزن على الانسان الناكر الجميل والغير الصادق من نفسه ومع الاخرين
كثير منا عندهم اصدقاء فقط هم في الظاهر اصدقائنا لكن قلوبهم تتكلم على اقرب الناس عليهم هذا الشيء يحزن الله عليه ويتالم كثيراً فلا تكون مثل هؤلاء الناس الذين عندهم وجهين
الحزن هو علامة الخطيئة والانفصال عن الله ، كل أنسان عليه أن يحزن لا على اقربائه واهله بل يحزن ويتالم عن الاعمال الشريرة التي يقرفها ويفعلها ، بكائنا ونحيبنا هو على ما فقدنا من نعم ومغفرة ومصالحة وعطايا مع الله
هوشع يقول لنا ولم يصرخوا ألي في قلوبهم بل يولولون في مضاجعهم من اجل القمح والنبيذ يتخدشون ولكنهم يرتدون عني ( هوشع 7 / 14 )
إن أصابتنا خسارة زمنية مالية او فقدان احد احبائنا فقبل أن نصرخ الى الله نقدم انفسنا الى الله بتوبة حقيقية فكثيرين يصرخون لله ليرفع الألم ولكن الله لا يستجيب حتى يأتي الألم بثماره أي التوبة هذا هو الحزن والبكاء المقبل لدى الله لا البكاء على الاموات
الكثير منا يبكي على امواله التي ضاعت ولم يبكي على حاله هل هو يتبع الله أم لا وهل يسير في وصايا الله أم يعمل ضدها الحزن هو بمثابة الرجوع الى الله لكي يخلصنا من عذابنا واوجاعنا لا ان نحزن أيام طويلة من احبائنا الذين فقدناهم
يقول الرب وهذا ثانياً ما صنعتم غمرتم مذبح الرب بدموع البكاء والنحيب لآنه لم يعد يلتفت الى التقدمة ولا يقبل من ايديكم شيئاً مرضياً ( ملاخي 2 / 13 )
التقدمة او النذر حتى وإن كانت بلا عيب لا يقبل الله من أيديكم حقا هذه الذبائح وهذ النذور ليس بها عيب لكن مقدم الذبيحة قلبه شرير فهو لا يُرضى الله فالله يريد أن يكون أولاده فرحين ومن يحرم أحد أولاده من أن يحيا في فرح يرفضه الله ويرفض تقدماته الله يرى أن الظلم الذي يقع على أي إنسان فيفقده سلامه وفرحه وتسبيحه هو خطية بشعة ولاحظ التشبيه أن الدموع كأنها تغطي المذبح فلا يوجد مكان لتقدمات وذبائح الظالم على المذبح وبالتالي فهو غير مقبول أمام الله وخطاياه تكون بلا مغفرة
الانسان اذا لم يكن صادقاً من نفسه ومن تقدمة الذبائح والنذور لا تقبل منه أي تقدمات ولا دموع والسبب هو الالتزام بالتقاليد الوثنية من حزن واقامة تعازي والزواجات الغير المقدسة وزيادة الطلاقات فيما بيننا ونتسائل لماذا الله لا يقبل نذورنا وتقدماتنا والجواب هو ابتعادنا عن الله والانفصال عنه
الحزن والبكاء معناه تمزيق قلوبنا ونتالم بسبب كبريائنا وتكبرنا على الاخرين لا ان نمزق ثيابنا لكي يشاهدنا الناس
الكثير يضرب على صدره عسى الرب الاله يسمع صراخه لكن بدون جدوى تعرفون لماذا لان قلبه غير سليم
الحزن والبكاء هو في الداخل وليس في الخارج الله يريد منا التوبة الحقيقية من الداخل فلا تفعل افعال لكي يراك الناس بل أولاً ان تكون مستقيم مع الله ( والان يقول الرب ارجعوا ألي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والانتحاب مزقوا قلوبكم لا ثيابكم وأرجعوا الى الرب الهكم فأنه حنون رحيم طويل الأناة كثير الرحمة ونادم على الشر ( يوئيل 2 / 12 و 13 )
الله يطلب أن تكون هذه التوبة من القلب مزقوا قلوبكم والقلب مركز الحياة الأخلاقي ومركز الحياة الروحية والحياة العقلية ، مزقوا قلوبكم الله يطلب توبة وحزن حقيقي على خطايانا وصوم وبكاء لا ثيابكم لا تكن توبتكم مظهرية خارجية فمن كانت توبته في الظاهر إذا ما رُفِعَ الضيق يعود فورًا لشره الأوّل يندم على الشر ليس معناها أن فكر الرب يتغير بل عندما يتغير فكر الخاطئ فإن طريق الله نحوه يتغير
الحزن والبكاء بالرجوع الى الله بالصوم والنذور المقدسة لا ان نقف نشعل الشموع امام تمثال الرب يسوع وامام القديسة مريم العذراء وقلوبنا بعيدة كل البعد على قداسة الله أحبائي لا نخش الله ونخش انفسنا ، الحزن هذا هو البكاء امام مذبح الرب بروح نظيفة وفكر سليم ورفع ايادي طاهرة واقامة الصلوات والتاملات التي تكون مقبولة لدى الله يكفي ان نحزن ونبكي على اشخاص ونترك انفسنا تضيع من يد الله ونسلمها الى الشياطين كلنا نموت ولنا مدة وتنتهي حياتنا اذاً فلماذا الحزن والبكاء
تغير حياتنا تاتي من مراجعة أنفسنا وكيفية اصلاحها من الاخطاء السابقة ونتعلم أن لا نكرر الافعال مرة ثانية ونعمل اعمال ضد الله بعدها نصبح الشخص الي يحبه الله ويرغب به ( أنت يا رب وحدك صنعت السموات وسيماء السموات وكل قواتها وألأرض وكل ما عليها والبحار وكل ما فيها وأنت محيي هذه وقوات السماء تسجد لك ) نحميا 9 / 6
عزرا يقول لنا في الاصحاح 9 / 5 و 6 ولما حانت ذبيحة المساء قمت من معاناتي وركعت على ركبتي وعباءتي الممزقين وبسطت يدي الى الرب إلهي وقلت يا الله إلهي كم أشعر بالخجل والعار حين ارفع اليك وجهي لآن ذنربنا وآثامنا تكاثرت وآرتفعت فوق رؤوسنا حتى بلغت أعالي السماء
الكثير منا يقف امام الله والمذبح ليقدم ذبيحته ويرفع الايادي الى السماء لكن هو في الاساس له أخطاء حتى الشياطين لا تعمل وتفعل مثله ، حتى الذين موجودين على المذبح تجدهم يعملون اعمال لا يقبل بها الله ولا يسوع ويصلي ويرفعون الايادي لكن هم اصلاً في داخلهم لا يتبعون الله كلهم رياء وكبرياء ومظاهر امام الناس والمجتمع
الحزن هو هاذ أن نعتبر الخطيئة أمراً خطيراً على حياتنا ويجب معالجتها بكل الطرق والوسائل والبكاء لا على المرحومين لا أبداً البكاء عن احساسنا بالعار من الخطيئة امام الله وامام الناس نبكي ونحزن ونصرخ ونمزق ثيابنا ليس من اجل المرحومين بل من اجل خطايانا التي اقترفنها ضد الله وضد الاخرين
الله يكره الانسان الذي يفعل ويعمل الخطيئة لكن مع الاسف الناس تفعلها ولا يهمهم اي شيء يذهب الى الكنيسة ويصلي ويرفع يداه الى السماء ويعمل قداس وجناز للمرحومين ويقف امام الكنيسة يوزع النذور ويشعل الشموع وما ان انتهى كل هذا بعدها يخرج من سماع القداس  تجده تغيرت حياته يفعل اعمال لا يمكنك سماعها أبداً فهل الحزن نفعنا
الحزن والبكاء بمثابة أنكسار القلب والرجاء الى الله لكي يخلصه من الموت الابدي وينقله الى الحياة الابدية ، الاعتراف بالخطيئة والرجوع الى الله والتوبة النصوحة معناه الحياة الجديدة مع الله ومع انفسنا ( أحقاً أسر بموت الشرير يقول السيد الرب ؟ اليس برجوعه عن طرقه ألأثمة فيحيا ) حزقيال 18 / 23
الله يفرح برجوع الخاطىء والاشرار ولا يفرح بموتهم جسدياً وروحيا هكذا نحن لا نفرح أن وقع غير المؤمنين بمصائب بل نبذل كل جهدنا من اجل ارجاعهم الى الله هكذا لما نصلي من اجل امواتنا نتذكر انهم الان هم في الملكوت السماوي من خلال الصلوات وحتى ان ماتوا وهم خطاة
حاول الحزن والبكاء والصلاة من اجل الذين هم في ضيق شديد والذين يحتاجون الى معونة روحية وجسدية
يبكي وينوح ويحزن على الاخرين ويفكر انها وصلت الى الله لكن لا احبائي كثير منا يعلم الاخرين الشريعة وهو لا يعلم نفسه ابسط قواعد الشريعة ، يكرزللناس ان لا يسرقوا وهو يسرق اكثر من هؤلاء وتصل الدرجة يسرق طعام الاخرين والذي يوزع للفقراء الذين بحاجة ماسة الى هذا الطعام وهذه المعونات
كثير من العوائل يذهبون الى سفرات ويعمل الحفلات وحالتهم المادية لا باس بها لكنه ياتي ويقف في الطابور في انتظار دوره  لياخذ طعام الفقراء فهل هذا صحيح فاين حزنكم وبكائكم ما الفائدة منه
تفتخر امام الناس بنفسك انك تطبق الشريعة ولكن في الاساس انت تهين الشريعة وتكرهها من بدايتها والى نهايتها اذا ما الفائدة من اقامة تعازيكم كلها هدر في هدر واصبحت فقط مظاهر وان فلان يبكي على اقربائه ويفعل التعازي ويحترم عشيرته لكن هو مملوء كراهية وخبث وحقد على نفسه وعلى الاخرين 
مزمور 126 / 5 الذين بالدموع يزرعون بالتهليل يحصدون . ودعتكم بحزن وبكاء لكن الله سيردكم لي بفرح وآبتهاج للابد
الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج المؤمن يمتلئ قلبه السعادة والفرح السماوي فيشعر كأن السماء قد احتلت قلبه أو ارتفع إلى السماء وتنهار الدموع في أعماقه لتحطم الفرح أو تحجبه بل لترويه وتغذيه تُرى هل تحول القلب إلى سماء متهللة أم نهر دموع يسقي مدينة الله التي في داخل الانسان المؤمن ، لا يمتلى المؤمن الحقيقي بيسوع قلبه كل من يفعل التعازي والاحزان وضرب على الصدور وتمزيق الثياب وسحب الشعر من أجل الاموات ولبس السواد والى اخره من التقاليد الموروثة من اجدادنا
باروك 4 / 23 طوبى للذين يحبونك وطوبى للذين يفرحون بسلامك طوبى لجميع الناس الذين يحزنون عليك لجميع عقوباتك لانهم سيفرحون بك ويشاهدون فرحك كله للابد ( طوبيا 13 / 14 . الحزن والبكاء معناه السلام والمحبة وغفران الله لخطايانا والفرح والسعادة مع الله وابنه يسوع المسيح . الرب يزيل الموت على الدوام ويمسح السيد الرب الدموع عن جميع الوجوه ويرفع عار شعبه عن كل الارض لان الرب قد تكلم ( اشعياء 25 / 8 )
لا تخجل من البكاء والحزن امام الله لان فيها فائدة لغفران خطاياك .
والمجد لله دائما
الشماس سمير كاكوز