المثقف المخنث أمام حقائق الإرهاب

بدء بواسطة صائب خليل, نوفمبر 08, 2011, 10:00:01 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل


قبل أيام مرت الذكرى الأولى على جريمة كنيسة سيدة النجاة، وألقيت نظرات عابرة على المقالات التي دبجت في تلك المناسبة، فكانت خيبة أمل كبيرة. خيبة أمل كبيرة ، لأن الكتاب اكتفوا بالولولة على الضحايا وعلى لعن العدو المفضل: الإرهاب الإسلامي، وأهملوا تماماً ما كشفته تلك الجريمة من حقائق. حقائق لا تناسب تلك الولولة ولا ذلك اللعن.

المثقف المسيحي أهمل تلك الحقائق بجبن متميز، واكتفى بالبكاء واللعن...لعن "المذنب المفضل".
ما هي تلك الحقائق؟ معكم حق، فما دام لا أحد يشير إليها، فمن الذي سيذكرها؟
الحقائق هي: أن المجرمين لم يكونوا يريدون قتل الضحايا بقدر ترويعهم ودفعهم إلى نشر الرعب لتأمين قرار سياسي مناسب لهم،
الحقائق هي أن المجرمين تظاهروا بالقتل أكثر مما قتلوا لأنهم بقوا يطلقون الأسلحة ليلة كاملة وكان بإمكانهم قتل الجميع في خمسة دقائق....
الحقائق هي أن المجرمين كانوا كاذبين حينما تظاهروا بأنهم مسلمون يريدون إطلاق سراح السجناء الأقباط في مصر، فهم لم يتصرفوا كمن يريد ذلك..
الحقائق هي أن المجرمين "انتحروا" بعيدا عن الضحايا!! ...ولم يثر ذلك تساؤل أحد!!
الحقائق هي أن الأمن العراقي لم يتدخل وهو يسمع إطلاق النار لساعات طويلة، والمعروف أن يهجم الأمن فور سماع الطلقة الأولى أو الثانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الضحايا....لكن الأمن العراقي الذي كان يعمل بإشراف القوات الأمريكية من الطائرات، بقي يستمع إلى إيقاعات القنابل حتى الصباح....
الحقائق هي أن أحدا لم يحقق في هوية الذين خرجوا ولم يتأكد أحد من وجود الإرهابيين معهم...
الحقائق هي أن صحفياً، فراس الغضبان، ألف قصة كاذبة مناسبة لتركيز الإرهاب، ولم يسأله 'عنها أحد حتى سؤالا بسيطاً.. والحقائق أنه مازال حرا يكتب في أخلاقية العمل الصحفي ويرشح لإنتخابات نقيب الصحفيين!
المثقف المسيحي قرر التغاضي عن كل تلك الحقائق، وقبول تلك المسرحية الفاشلة، والعودة إلى ما قسمه الله من البكاء وشتم الإسلاميين "المتطرفين" وأحقادهم على المسيحيين ووحشيتهم..

البارحة كتب أحد أفراد فريق شطرنج عراقي على الإنترنت، وكان مسيحياً، يذكر رفاقه المسلمين في الفريق، بأنهم من أصول من القتلة، وتحدث عن تاريخهم الدموي وكيف أحتلت قريش العراق ، وذكرهم بكنيسة سيدة النجاة...
ثار المسلمون من الفريق...بعضهم رد بذكر وحشية المسيحيين في التاريخ وبعضهم شتمه وبعضهم طالب بطرده من الفريق.
الرجل كما يبدو أصيب بالدهشة، وكان يؤكد أنه لم يذكر سوى حقائق! حقائق الحاضر والتاريخ عن التوحش الإسلامي، كما هي في الإعلام فلماذا كل هذا الغضب؟ قال أنه كان يتوقع من رفاقه أن يتصرفوا بطريقة أكثر تفهماً، وعدم نكران الحقائق....!

الحقائق بالنسبة له هي ان المسلمين متوحشين وهو مندهش لغضبهم من ذكره لحقيقتهم، وكان يتكلم بصدق بما يعتقده.

كانت هناك حقائق أخرى بالطبع، في قضية كنيسة النجاة وفي التاريخ أيضاً، لكن الخطأ لم يكن خطأه. المثقف المسلم أهمل تلك الحقائق بجبن متميز واكتفى في كل مرة بالولولة على الضحايا ومشاركة الآخرين شتم "متطرفيه" لكي لا يقال عنه أنه منهم.
الحقائق الأخرى هي أن الثورة الشعبية في مصر كشفت أن عملاء إسرائيل ، بضمنهم وزير الداخلية المصري السابق، كان متورطاً في جريمة كنيسة قبطية في مصر، أتهم بها أيضاً مسلمين متطرفين...
الحقائق الأخرى هي أنه كشف أيضاً أنهم كانوا ينسقون الأعمال الإرهابية في العراق ايضاً...

أنا أعرف أن الناس يغالطون أحياناً من أجل الدفاع عن انفسهم، فأي نوع من البشر من يهمل الحقائق التي تدافع عنه ويشترك مع الآخرين في قتلها والإساءة إلى نفسه ومعتقده الذي يتبختر مفاخراً به؟
تريدون روابط إلى تلك الحقائق لتعيدوا قراءتها؟ لن أقدم روابط هذه المرة، إحتجاجاً على إهمال كل الحقائق السابقة التي جاءت مع روابط. من كانت تهمه الحقيقة فليذهب للبحث عنها بنفسه، فيبدو أن ما يقدم مجاناً، تتم معاملته على أنه بلا قيمة.

كانت فرصة للمثقف المسيحي أن ينتقم لضحاياه بالإصرار على كشف الحقائق التي تكشف قتلتهم، وكانت فرصة للمثقف المسلم أن يدافع بتلك الحقائق عن دينه وتعاليمه، لكن المسيحي جبن عن الوقوف بجانب ضحاياه، والمسلم جبن عن الوقوف بجانب دينه، وترك الناس تعتقد بما اعتقد به صاحبنا لاعب الشطرنج، وهو ليس ملام، فأن احداً لم يحاول أن يرد على تلك الأقوال التي سمعها.

هكذا ذهبت الحقائق، حقائق كنيسة سيدة النجاة، الحقائق التي كلفت العراقيين دماءاً ودموعاً وقهرا ، ذهبت هدراً، فالمثقفون المسيحيون والمسلمون على السواء كانوا اجبن من مواجهتها والمطالبة بكشفها ومتابعتها. الأول يبكي ضحاياه، والثاني ينكس رأسه خجلاً كلما عيّر بهمجية متطرفيه. كان المثقفون من الجانبين مخنثون في مواجهة تلك الحقائق. وفي كل عام سيكرر النحيب والتنكيس ثم ينصرف كل إلى عمله تاركين الساحة للإعلام الإرهابي يقرر ما هي الحقائق.

لو أنهم ناقشوا تلك الحقائق ورفضوها لفهمنا، لكن حين تهمل حقائق كل منها أكبر من الجبال، فأي مثقفون خانعون هؤلاء؟ مثقفون يسمحون أن تحول ضحاياهم إلى سلعة لجلد الآخر ولشق المواطنة في بلادهم التي يقولون أنهم سكانها الأصلاء، ومثقفون يبتلعون الإهانة وأمامهم تسير الحقيقة التي يستطيعون الرد بها فلا يأبهون بها.
يقف واحدهم عند الحقيقة... يقرأها ...يهمهم قليلاً...ثم يضعها جانباً ليتيح لذاكرته الوقت لكي تنساها...ويعود لهوايته المفضلة، للعويل وشتم المسلمين المتطرفين، وأحقادهم العجيبة على بقية الأديان والأطياف.
أي حقد على بقية الأديان؟ سمعت سنة يتكلمون ضد شيعة وبالعكس، لكني لم أسمع حتى اليوم شخصاً واحداً قال كلمة سوء عن مسيحيين، فمن اين جاء هذا الحقد؟ ومن اين تربى هذا "التطرف" الأهوج؟ ألا يحتاج أي فكر حتى التطرف، إلى قاعدة ما تهيء له أن يتطرف؟ أساس فكرة تكون قريبة من تطرفه بعض الشيء؟ فكيف خرج هذا التطرف الأقصى المستعد للإنتحار من أجل أن يقتل الآخر، من اللاشيء؟ ألا يجب أن تكون هناك قاعدة واسعة من "حقد معتدل"، لينتج دائرة أضيق من "حقد ملحوظ" ثم لتنتج هذه دائرة ضيقة من "حقد متطرف"؟ أما أن يوجد "الحقد المتطرف" وحده دون أحقاد أدنى، فلا أجدها إلا قصة من قصص الف موساد وموساد!

وهذا المتطرف العجيب، ألا يحتاج تعليماً "يتطرف" في تنفيذه؟ كيف يكون متطرفاً في تنفيذ تعاليم دين يدعوه إلى عكس ما يتطرف إليه تماماً؟ وكيف يخرج من مجتمع يدعوه كله بلا استثناء إلى عكس ما ذهب إليه تماماً؟ أين في الإسلام ما يدعوا لقتل المسيحيين، دع عنك الإنتحار بهم؟ ربما دعى الدين إلى مقاتلة من يقاتل المسلمين، وربما استطيع أن أتخيل مجانين يقتلون من يبيع الخمر، لكن أن يفعلوا ذلك مع من كان يصلي في الكنيسة، فهو خارج كل تعاليم وكل عقل وكل منطق. 

هاكم سؤالاً آخر لأمعن في إزعاجكم: لماذا لم يكن لهذا الحقد من أثر يمكن أن يرى بالعين المجردة قبل أن يضع الأمريكان والإسرائيليون أقدامهم هنا؟
وهاكم حقيقة أخرى لأمعن في إزعاج "تحليلاتكم المتوازنة":
جنديان بريطانيان أمسك بهما متلبسين بالقيام بعملية إرهابية في البصرة عام 2006 فقتلوا شرطيين حاولا الإمساك بهما، فمن منكم كتب عن ذلك؟ من منكم أصر على أن هذه الحقيقة هي مفتاح قصة الإرهاب في العراق وربما في كل مكان آخر، ودليل فاضح يكشف كل شيء ولا يبقي مجال لشك في شيء؟ هل كان هذا خيالاً؟ هلوسات رجال شربوا الحشيشة؟ أم أنها حقائق أمينة موثقة وأن صورهم نشرت ومازالت على الإنترنت، وأنهما كانا يحملان أجهزة أرهاب وتفجير عن بعد، وأن الدبابات البريطانية حطمت السجن على عجل واخرجتهم بالقوة، خشية ان يتم استجوابهما؟ كيف يمكن لشخص يحترم نفسه أن يكتب عن الإرهاب في العراق ويتجاوز مثل هذه الحقيقة لينغمر في تحليل تاريخ وأصول التطرف الإسلامي والعنف الموروث لدى الشعب العراقي وكل النظريات "المناسبة" التي لا أساس لها، والتي يجهد للبحث عن آثار لها في التاريخ بتحيز لا يمارسه أعداء أمته انفسهم؟ كيف يسمى مثل هذا مثقفاً ومحللاً ومؤرخاً و "عميقاً"، ولا يؤخذ بجدية من يصر على ذكر الحقائق والتذكير بها أولاً؟

لم يعد هناك ما يستحق المداراة والمجاملة، فردوا علي.. أني اتهمكم واحداً واحداً، اخبروني ما هو موقفكم من الحقائق التي ذكرتها هنا؟ هل هي أكاذيب؟ هل هي "نظرية مؤامرة"؟ هل هي غير مهمة؟ هل هي غير موثقة؟ لم تسمعوا بها؟ كيف إذن تبررون أهمالكم المتعمد لها ولا تخجلون من الكتابة عن الموضوع وكأنها لم توجد أبداً؟ كيف تفسرون ذلك لأنفسكم؟ كيف تشرحون ذلك لأولادكم حين يسألوكم لماذا سمحتم لكذبة ان تمزق شعبكم وكنتم تعرفون تلك الحقائق؟ هنيئاً لهذا الإرهاب فقد حقق النجاح في ما يريد، وليس عليه أن يخشى الأخطاء والفضائح مادام المثقفون قد تعهدوا بإغماض عيونهم عن أية دلائل أو مؤشرات أو براهين، لا تناسب ثقافة العويل وجلد الذات.

ما أشد المشاهد بشاعة؟ "رجل يرتعد خوفاً"...وما أشد من ذلك بشاعة؟ .. رجل يرتعد خوفاً... هكذا تكلم رسول حمزتوف.

قرأت أنه سيقام نصب للطفل الشهيد آدم... وأن كلمة "كافي" ستكتب فيه بشكل بارز... المنافقون يريدون القول: "كافي حقد" ليخدعوا الأجيال أن ذلك "الحقد" موجود، وأنه كان هنا لزمن طويل، وهو لم يكن إلا في رؤوسهم المرعوبة. لكني سأقرأها كما أتخيل آدم بطفولته الصادقة البعيدة عن الزيف والخوف يقولها بوضوح بوجه الجميع: "كافي جبن"  "كافي هرب من الحقائق!" ، كونوا أبناءاً للشجاع أبونا فرج رحو وآباءاً لآدم ولا تنتسبوا لقطيع المخنثين... قولوا الحقيقة  بشجاعة...قولوا قبل فوات الأوان!





ماهر سعيد متي

#1
المثقف المسيحي أهمل تلك الحقائق بجبن متميز، واكتفى بالبكاء واللعن...ولا تنتسبوا لقطيع المخنثين...

هي عبارات قاسية بعض الشيء ... فالحقيقة كما تتصورها استاذي العزيز نسبية قد يصيب بعضا منها وتخطيء الأخرى .. وان صحت فلا ننسى وجود العديد من المؤثرات التي تضغط سلبا على عملية صنع القرار والأعلان عنها ... كنا نسمع انه في الحروب كان يستشهد الشجاع والجبان ، الشجاع لشدة اندفاعه .. والجبان لحرصه الشديد القاتل وينجو من يوازن الأمور بالشكل الأصوب المتعقل.

شكرا لك على المقال المعبر الذي يدل بحق على حرصك الوافر في تحليل أحداث مجزرة كنيسة سيدة النجاة  بالشكل المنطقي ...
تحياتي 
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

amo falahe

#2

الأخ صائب خليل المحترم
بعد الأطلاع على موضوعك  المثقف المخنث أمام حقائق الإرهاب أحب ان اوضح لك ولغيرك بعض الحقائق التي اعتبرها نقاط يهم الجميع النظر لها بعين الأعتبار اهمها:
1ـ أن أتهامك لجميع المثقفين بكونهم مخنثين امر مرفوض تماما لأنك واحد من هؤلاء المثقفين  ومحسوب عليهم.
2ـأما بالنسبة للمثقف المسيحي في العراق كان الله  في عونه فهو امام نار الديمقراطية المسلفنة بالأرهاب والمادة 4 أرهاب تلاحقه  عندما يذكر اية حقيقة من النقاط التي ذكرتها في موضوعك أعلاه أو الأتهام الجاهز بكونه بعثي او قاعدي او ارهابي متعاون مع جهات اجنبية
3ـيبدو لي ومن خلال متابعتي لكثير من مقالاتك الجميلة(رغم ان لدي تحفظ على بعض من الأفكار الواردة فيها  )أنك كاتب جيد بل وبتقييمي الشخصي اكثر من جيد ولكن ايضا اتضح لي ( واسمح لي هنا بالنقد الذاتي البنّاء ) بانك لست قارئ جيد لأنك لم تقرا لكل الكتّاب المسيحيين الذين كتبوا حول كنيسةسيدة النجاة وأشاروا بالفعل الى مواضع  مختلفة من مواطن الخلل وتكلموا بجراة فائقة ونقد الدولة والأحزاب والميليشيات العميلة للأجنبي بالتخطيط والتنفيذ وبأشراف جهات معلومة في الدولة ومن ضمنها موضوع كنت قد كتبته في حينها( الدلائل والدروس في أقتحام كنيسة سيدة النجاة ) ونشر حينها في اكثر من    50 موقع الكتروني داخل وخارج العراق  ومن ضمنها موقعنا العزيز برطلي نت وايضاأعقبته بموضوع (أسباب التفجيرات في العراق ومن هم المفجرون ولمصلحة من؟؟؟)
4ـوببعض هذه الحقائق المذكورة اعلاه اؤيدك فقط بوجود بعض الأخوة المشرفين في المواقع سخرت اقلامهم وأشرافهم  ليحذفوا  فقط كتابات  كل وطني حر و من يكتب عن الحقيقة كما هي ودون تحيز وهذه ميزة الأعلام في عراقنا الجديدالتابع للأحزاب الكارتونية  والميليشيات التي جائت مع الأحتلال  ,لأن الحقيقة دائما مرعبة للكثيرين   وفق المقولة الشهيرة ( واكثرهم للحق كارهون)

5ـ ليس هذا هو حال المثقف المسيحي بل هو حال معظم المثقفين والكتاب الذين يذكرون الحقائق ثم تراهم ماوراء الشمس أو تحت التراب  في  عراقنا الدم قراطي او تعرضهم للماكنة الأعلامية الكبيرة التي تسحق المثقف وعائلته ان تطلب الأمر ذلك  وتدعم الفساد وارشوة والسرقات المنظمة لثروات الوطن المسلوب .
6ـ بعد ذكر النقاط أعلاه ترى ماذا يكون دور المثقف العراقي  ياترى في الأعتداء على المواطن العراقي عموما بأهدار دمه امام المحتل  وسحق كرامته  ومن ضمن العراقيين  شهداء مسلمين و مسيحيين ومن جميع الطوائف ومن ثم نقول ماهو دور المثقف المسيحي ؟  بل السؤال نعكسه عليك ياترى ماهو دور المثقف الأسلامي  من تفجير الحسينيات والجوامع  وماذا كان دور المثقفين من تفجيرات سامراء وكربلاء  وهي كلها وكما تعرف عراقية وليست مسيحية؟

شكرا لموضوعك الجميل رغم قساوة المطروح في نقاطه الكثيرة التي تستحق الدراسة والتمحيص  والمراجعة للأجابة بدقة أكثر
ولي عودة اخرى لأضع بعض النقاط على الحروف ..

وتقبل تحياتي


فلاح شابه ابراهيموك
ابوميلاد
السويد

صائب خليل

الأستاذ العزيز ماهر سعيد متي المحترم،
أخي الغالي، نعم العبارات قاسية ، ولكن الدم أقسى ولم يعد هناك وقت لمجاملة الخطأ يا أخي العزيز...
بالنسبة لي أرى البلد ينهار، والمثقفون يجترون القصص الفارغة والتحليلات التاريخية، ويهملون الحقائق التي أمامهم إهمالاً مخيفاً.

تخيل أن لديك مجموعة متهمين بقضية قتل، وأحدهم يحمل مسدساً مازال الدخان يخرج منه، والمحقق يرفض حتى ان ينظر إليه ويحقق معه، ويصر على أن "تاريخ" الآخر يمكن أن يسبب اندفاعه للقتل أكثر من صاحب المسدس. وتخيل أن القتيل هو إبن هذا المحقق ومع ذلك يبعد نظره عن القاتل ويبحث عن وهم أو شخص ضعيف ليسبه ويشتمه، اليس هذا جبن داخلي قديم حتى لم يعد صاحبه يشعر به؟

يا أخي ، يقولون الحقد على المسيحيين، أي حقد أخي العزيز؟ أنا لم أسمع في حياتي شخصاً قال كلمة سيئة عن المسيحيين، إلا اللهم ما يقال بين الجميع، وحصة المسيحيون من هذا الإعتيادي هو القليل القليل، فالمسلمون يتكلمون عن مساؤئ المسلمين أكثر بكثير. المسيحيين في العراق معروفين بالنظافة والأصول والترتيب والثقافة ولم تجر في العراق أية أحداث تستوجب الحقد على المسيحيين فمن أين جاءت هذه الرواية التي يريدون تثبيتها بالقوة؟ ولماذا يتم إهمال الحقائق التي تثبت العكس؟

أعلم يا صديقي أن عباراتي قاسية، وصدقني ترددت كثيراً، وغيرت الموضوع عدة مرات حتى ازدادت أخطاؤه بسبب القص واللصق، لكني وجدت أن اي تخفيف له سيلغيه تماماً. المسألة ليست مسألة ذكر حقائق، الحقائق يعرفها الجميع وليس لدي حقائق جديدة لأقولها بهدوء. ليس لدي سوى ان أصرخ: إهتموا بالحقائق التي تعرفونها، وهذه لا يناسبها الهمس.

ملاحظة صغيرة أخي العزيز، انا قلت نفس العبارة عن المثقف المسلم كما المسيحي، لكنك ربما لم تلاحظ سوى تلك الخاصة بالمسيحي؟ تحياتي لك وآسف للقسوة، وبالتأكيد لا يستحقها الجميع. ربما يغفر لي ان دافعي وراء ذلك هو القهر على كل الأبرياء ضحايا الإرهاب وبشكل خاص ضحايا كنيسة سيدة النجاة، وكذلك حرصي أن لا يتكون شق بين المسيحيين والمسلمين ، وهذا ما اغضبني كثيراً. شكرا لك وتحياتي

صائب خليل

#4
الأستاذ فلاح شابه ابراهيموك المحترم،

قبل كل شيء قرأت مقالتيك الصادقتين، وإن كنت أختلف في تفاصيل قليلة فيها لكني اتفق مع خطها العام. ما أختلف معك به هو في تقديري حشر إيران في الموضوع. قبل كل شيء اخبرك إني لست إسلامي الإتجاه، ولا ديني، كما اني من طائفة السنة، فلا أدافع عن إيران عن دين أو مذهب. لكن الصدفة جعلتني أزور إيران وأرى ما فيها وكمية التشويه الذي نستلمه عنها. في إيران ليس فقط أحياء مسيحية بل أحياء يهودية يعيش فيها إيرانيون يهود سعداء وقانعين بحياتهم، لا يضايقهم فيها أحد. مرة في شارع رئيس قرأت قطعة على مطعم: لدينا طعام للأقليات الدينية. على اية حال، فقط أردت الإشارة إلى ذلك، وهناك الكثير مما لا يتسع المجال لذكره.

نعود غلى مقالتي. اخي العزيز بالتأكيد أنا لا أقصد الجميع بالمعنى الحرفي، لكن الأكثرية الساحقة تتحدث بهذه الطريقة، وأنا لا أتحدث عن المقالات السيئة ، وإنما المعتدلة ايضاً، والتي يكرر أصحابها ما يقال لهم، ويسيرون ضمن الإطار الإعلامي لمن هو متهم ومن هو بعيد عن الشبهات. وحسبما فهمت من مقالتك، فأنت تتفق معي في تقديري الخط العام لمجريات الأمور، فأفترض أنك ستفرح لمقالتي أكثر مما تغضب منها. فمن نوجه الإنتباه إلى تورطه في الجرائم هو واحد، ويقابلنا إعلام كثيف وخبيث.
بالتأكيد لا أقصد الجيمع يا اخي العزيز، فأنا أشرت أيضاً إلى البطل الشهيد فرج رحو الذي نجا من الموت أول مرة باعجوبة ورغم ذلك أصر على أن يقول الحقيقة التي يعتقدها، وهو يؤكد أنه لا توجد مشكلة بين المسيحيين والمسلمين وأن الأمريكان هم وراء المشكلة وهم من يريد التهجير، والتي ادت في تقديري إلى نهيايته البطولية.

تقول يا سيدي أني لست قارئ جيد، لكن لو تعلم كم من يومي أقضيه في القراءة لما لمتني. الأحداث كثيرة ومتوالية، ولا نلحق ان نتابعها إلا بحدود. هذا ما لدي، وأرجو أن لا تبقى غاضباً من عباراتي، فلم يخرجها إلا الألم من اجل هذا الشعب بمسيحييه ومسلميه. شكرا لك وساتابع ملاحظاتك إن أضفت شيئا ً آخر.

ماهر سعيد متي

ياسيدي انا اجدك حريصا على دماء العراقيين .. بارك الله بقلمك .. وشكرا على جوابك المنمق ... تحياتي



مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

صائب خليل

شكرا لك أخي الكريم استاذ ماهر على ردك وعلى "شهادة التقدير" الجميلة ودمت لخدمة وطن وشعب بحاجة ماسة لجهودك ووقتك..

الأستاذ شابا، نسيت أن اشير إلى أني أتفق معك في أن المثقف ، مسيحياً كان أو مسلم، يعاني الأمرين في الداخل وهو معذور أن لا يكتب من الحقيقة إلا ما يتيحه له الظرف الأمني السيء، وهنا القي العتب علينا نحن مثقفي الخارج أن لا نعوض ذلك بأن نقول الحقيقة بكل قوتها، فليس لدينا حجة لكي لا نفعل.
مع تقديري لكم - صائب