الدروس المستخلصة من مظاهرات 25 شباط...د . يوسف شيت

بدء بواسطة baretly.net, فبراير 27, 2011, 07:35:36 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

baretly.net

الدروس المستخلصة من مظاهرات 25 شباط

د . يوسف شيت

خلت ساحة التحرير في بغداد وساحات المدن العراقية الأخرى من المتظاهرين مساء 25 شباط . وهذا اليوم دخل تأريخ العراق المعاصر . ولكن ماحققه المتظاهرون ليس بالقليل , وهذا هو الدرس الأوّل لحكّامنا الذي بدأ منذ فترة في جميع أنحاء العراق . أمّا الدرس القادم ,وما يريد المتظاهرون إيصاله الى الحكّام سيحتفظون به مستقبلا , عندما يحين موعد مساءلة الشعب للحكومة على الوعود التي قطعتها وعلى لسان رئيسها السيد المالكي . وهنا لايمكن أن نقول بأنّ مطالبة الناس بحقوقهم المشروعة إنتهت بخلو تجمعات الجماهير لكثرة هذه الهموم التي لاتحصى والتي عكستها هتافات الجماهير وعلى اللافتات المرفوعة ,ولكن الإحتجاجات ستتواصل . ومهما كان فإنّه درس بالغ للحكّام . وعلى خلفية التظاهرات الجماهيرية ستطرح أسئلة , أهمّها :

السؤال الأوّل : هل كانت أعداد المتظاهرين بمستوى التوقعات , وهل كانت المظاهرات مخيبة للآمال ؟ في كلّ المقاييس لم تكن مخيبة للآمال لأنّ الأعداد كانت كبيرة , سواء في بغداد أو المحافظات الأخرى واستطاع المتظاهرون إيصال صوتهم ومطاليبهم الى المسؤولين , كما لم تكن هناك إختراقات لقوى الإرهاب من بعثيين وتكفيريين كما أريد عن طريق الإشاعات , وبعكس ذلك ندد المتظاهرون بالبعث المنهار والقاعدة وبكل قوى الإرهاب التي تكنّ سوءا للشعب العراقي , ولم يرفع المتظاهرون شعارات غير التي عكست همومهم المتمثلة في توفير الخدمات بكلّ أشكالها ووضع حدّ للفساد بكلّ أنواعه ومحاسبة المفسدين بكلّ مستوياتهم وإبعادهم عن المسؤوليات لأنّهم ليسوا أمناء لهذه المسؤوليات وإيجاد فرص عمل للعاطلين التي تزداد أعدادهم , إنهم يطالبون بإصلاح النظام وليس إسقاطه , ولم يقم المتظاهرون بإستفزاز قوّات الشرطة , أو ما يسمّونهم بشرطة مكافحة الشغب . ولكن أعداد المتظاهرين في ساحة التحرير في بغداد لم تكن بمستوى التوقات لأسباب كثيرة , نذكر أهمّها : بث دعايات غير منصفة بكلّ المقاييس من قبل رئيس الوزراء والبطانة الملتفة حوله , وتحركات غير إعتيادية من قبل رجال الدين الإيرانيين والعراقيين المؤيدين لسلطة ولاية الفقيه. وكان المالكي قد دعا في كلمته المتلفزة يوم الخميس الماضي , الشعب العراقي بمختلف أطيافه وفئاته ومكوناته إلى إجهاض تظاهرة الخامس والعشرين من شباط لما لها من أهداف وصفها بانها "تخريبية" وتريد إعادة العراق إلى الوراء، وأكد أن ذلك لا يعني إلغاء حق العراقيين بالتظاهر .
وقال عضو مجلس النواب عن ائتلاف دولة القانون خضير الخزاعي ان المظاهرات امر طبيعي في بلد مثل العراق وهناك نقص في الخدمات يعطي المواطنين الحق في التظاهر من اجلها، لكنه استدرك بالقول ان المشكلة "في التوقيت والذين دعوا الى المظاهرة يوم 25 شباط (فبراير) هم حزب البعث العربي الاشتراكي وازلامه، ولديهم النية في العودة من خلال استغلال المطالب العادلة للشعب " وتابع
"لذلك ربما يرتكبون حماقة للانتقام من الشعب والحكومة وهناك احتمال أن يكونوا هم ذاتهم من سيعتدي على المتظاهرين او يقوم بمهاجمة القوات الامنية او لربما ينسقون مع الجماعات المسلحة لتفجير المتظاهرين وبالتالي خلق فتنة".
وفي حديث لرئيس اللجنة الأمنية عبدالكريم الذرب لوكالة " آكانيوز
أن "الاجهزة الامنية أتخذت جميع التدابير اللازمة لحماية التظاهرة"، مستدركا بالقول "لكن حماية جمع كبير من المتظاهرين وسط مكان مفتوح أمر صعب " . لنتسائل ,أيهما أصعب حماية متظاهرين يطالبون بحقوقهم في بقعة من بغداد أم حماية ملايين الزائرين الى النجف وكربلاء ولمسافة تقدّر بمئات الكيلومترات ؟؟؟ هذه وغيرها من الأقاويل أثبتت تظاهرات 25 شباط خطلها تماما . كما قامت الأجهزة الأمنية بإعتقال عدد من منظمي المظاهرة قبل بدءها سحب وثائق من مئات المواطنين التي لايمكنهم دخول ساحة التحرير بدونها والدعوة الى إستلامها يوم 26 شباط . ولم تتورّع السلطات في تخويف المتظاهرين بطائرات سمتية طارت على رأس المتظاهرين مباشرة .
ومن جانب آخر أكدّ مصدر مسؤول في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "سيارات مدنية تجوب مدينة الصدر شرق بغداد، وتحث المواطنين على عدم المشاركة بالتظاهرات المتوقع إجراؤها يوم غد الجمعة".
وأشار المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "مدينة الشعلة غرب بغداد، تشهد أيضاً انتشار سيارات تنادي عبر مكبرات الصوت المواطنين وتطالبهم بعدم المشاركة بالتظاهرات".
قامت القوّات التي حاصرت ساحة التحرير بمنع آلاف الناس في دخول الساحة والإنظمام الى المتظاهرين . كما إستطاعت عمليات بغداد بتحجيم تواجد الإعلاميين بشكل كبير , وتمّ إعتقال بعضهم ومصادرة أجهزتهم .
أمّا موقف المرجعيات كان بين مؤيد لحق الناس في التظاهر .
حيث أكدّ المرجع الديني محمد تقي المدرسي، أول أمس الثلاثاء، فتوى تحرم التصدي للتظاهرات السلمية التي تخرج في العراق أو غيره من البلدان للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية، كما حرم إلحاق الضرر بالممتلكات العامة أو الخاصة من قبل المتظاهرين .
أمّا المراجع المرتبطة بايران كان موقفها وحسب وكالات الأنباء : مصدر في مكتب المرجع الديني كاظم الحائري ( وهو المرجعية الروحية لمقتدى الصدر في ايران) في النجف أفاد في حديث لـ"السومرية نيوز"، اليوم الخميس، بأن المرجع أفتى بتحريم المشاركة في التظاهرات المليونية المقرر انطلاقها في عموم محافظات العراق يوم غد الجمعة، فيما اعتبر رجل الدين والقيادي السابق في حزب الدعوة الإسلامية محمد مهدي الآصفي، أن المشاركة في التظاهرة تضعف النظام ولا تصلحه . كما اعتبر مرجع ديني بارز آخر هو محمد اليعقوبي في بيان صدر عن مكتبه، اليوم الخميس، أن تظاهرات الجمعة المرتقبة مثيرة للشك والتوجس لعدم معرفة الجهات التي تقف وراءها، مؤكداً عدم تحمله مسؤولية المشاركة فيها .

نرى هناك مفارقات كبيرة بين تصريحات المسؤولين وأفعالهم , فمن جهة يتحدثون عن حق المواطن في التظاهر وفق الدستور , أمّا من جهة أخرى حاولوا بكل الوسائل تحجيم المظاهرات الى أدنى عدد ممكن, إلاّ أنهم لم ينجحوا في ذلك ولم يستطيعوا تشويهها , ولكنهم لم يصبروا على إستمرارها أكثر فقامت شرطة مكافحة الشغب بالإعتداء على المتظاهرين وإجبارهم , بإستخدام القوة , لإخلاء ساحة التحرير , ربمّا ذكّرهم بذلك ساحة الحرية في القاهرة . ولو لم تكن تلك العوائق السلطوية لتجاوز عدد المتظاهرين المليون بكثير .
أمّا السؤال التالي هو : ماذا حققت المظاهرات ؟ لقد حققت الكثير ومنه 1 أصبح للمواطن العراقي خبرة في كيفية المطالبة بحقوقه ومتى ومع من يتعامل , وليقل لأهل ساسة المحاصصة ليس هناك مطاليب شيعية وأخرى سنيّة أو كردية وتركمانية أو مسيحية وصبية وإزدية , بل هناك مطاليب عراقية عمّالية وفلاّحية , طلابية وشبابية , لكسبة أصحاب الدخول القليلة , يشترك الجميع في المطالبة بها ضمن الدستور 2. إستقال عدد من المحافظين ومجالس بلديات تحت ضغط المتظاهرين ويعتقد بأنّ عدد المستقيلين بإزدياد . 3 إضطرّ السيد المالكي الإعتراف بحقوق المطالبين وأعطى وعوده بتنفيذها وأصدر بيانا بذلك .

والملاحظ في المظاهرات ,بأنّ العنصر النسائي كان شبه معدوم ويعود السبب الرئيسي الى التخوّف من أعمال العنف التي روّجت لها السلطة ...

وإلى لقاءات أخرى في ساحة التحرير في بغداد !