صراع خطير بين إسرائيل والشعب المصري على حكم مصر

بدء بواسطة صائب خليل, فبراير 15, 2011, 04:18:01 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

صائب خليل

صراع خطير بين إسرائيل والشعب المصري على حكم مصر


قلق أنا على مستقبل الثورة المصرية. إنها تمر بوقت خطر وحرج للغاية، يبدو لي أن ليس جميع من يقوم بالثورة يعي مداه. أخشى أن الثوار يتجهون نحو الإحتفال المبكر، والإستراحة المبكرة، على العكس من خصومهم، الذين بدأوا ينشطون بوضوح.

لكن من هم "خصومهم" حقاً؟ دعونا لا نضيع وقتنا بالبحث عن تعابير "متوازنة" و"لغة صحافة" وأقول بأنني أعتبر أن حكومة مبارك (مثل بضعة حكومات عربية)، كانت من الناحية العملية، ومن ناحية تأثيرها في المنطقة والعالم، ليست سوى فرع تابع للحكومة الإسرائيلية، أو ربما أدق، للجهاز العسكري الأمني الإسرائيلي. وأكتفي بالإشارة بدور الحكومة المصرية في الحصار على غزة وثم ذبحها، وكذلك المؤامرات السابقة عليها والتي شارك فيها عمر سليمان شخصياً. وكذلك بيع الغاز المصري بثلث سعره الدولي لإسرائيل، في الوقت الذي يموت فيه المصريون جوعاً ويسكنون القبور، وتلك خيانة تتعدى حدود النذالة إلى الوقاحة المتناهية.
ولأن ليس الجميع في إسرائيل سعيد بمذبحة غزة، ولأننا لو أعطينا الغاز منحة لشركة إسرائيلية، فلن تبيعه لإسرائيل بذاك السعر، يمكننا القول بثقة بأن حكومة مبارك، تعتبر من الأجزاء المتطرفة العداء للعرب من المؤسسات الإسرائيلية. ويمكن لمن يرى أن عبارتي مبالغة، أن يتذكر موقف كل من عباس ومبارك أثناء الرصاص المصبوب على غزة، حيث كانا يلحان على الجيش الإسرائيلي بالإستمرار بالضرب بأكثر مما كان يريد الجيش الإسرائيلي نفسه، وهو أمر مشابه لما فعل السينيورة في قصف لبنان.

لا غرابة في ذلك، فغزة وحزب الله كانت تمثل تهديداً لعباس ومبارك والسنيورة أكثر بكثير مما تمثل من تهديد لإسرائيل، وبالتالي كانوا أكثر وحشية منها في التعامل معها، فقد كانوا أكثر إسرائيلية من إسرائيل، وهكذا هي حكومة مبارك.

المعركة في مصر، كما كانت في تونس، هي كالعادة في مثل هذه الحالات، تدار من الداخل من جانب الشعب، ومن الخارج من جانب الخندق المقابل. ولذلك، يجب علينا أن ننظر إلى الخارج أيضاً لفهم تلك المعركة.
لا أريد تكرار الحديث عن الموقف الفرنسي الذي بدأ في تونس بعرض أسلحة لضرب المتظاهرين، ثم تراجع ليبدأ اسطوانة دعم الديمقراطية، ولا الموقف الأمريكي الذي أنتظر ثلاثة أشهر من التظاهرات والرد العنيف قبل أن يتكلم، وكذلك المواقف الأوروبية الأخرى وللغرابة فأن الموقف الروسي واحد من أكثرها سوءاً رغم أن حكومتي هاتين الدولتين لم تكونا محسوبتين عليه!
أصدقاء مبارك الحقيقيين، هما أميركا وإسرائيل. ويمكننا أن نفهم الموقف الحقيقي من التصريحات ذات الطابع الأقل إعلامية.

قالت "إيلينا روس- ليتنين"رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأميركي وهي جمهورية: "الولايات المتحدة يجب أن تستفيد من أخطائها الماضية وتدعم عملية تشمل مرشحين يستوفون الشروط الأساسية لزعماء الدول المسؤولة، ويشجبون الإرهاب، ويلتزمون بحكم القانون، ويعترفون باتفاقية السلام مع إسرائيل". وقال رئيس مجلس النواب الأميركي الأسبق نيويت جينجريش (جمهوري) عن الوضع في مصر: "هناك احتمال كبير لأن تنضم مصر خلال أسابيع للبنان، وغزة، وأن تنضم لكافة الأشياء التي يمكن أن تشكل خطورة استثنائية علينا". ونصح أوباما: "ادرسْ ريجان وكارتر.. ثم افعل ما فعله ريجان وتجنب ما فعله كارتر".(1)
في جملة إيلينا روس، عبارة واحدة محددة، هي "إتفاقية السلام مع اسرائيل" والباقي رتوش تمت إضافتها كيفما اتفق. ذلك لأن الحكومة التي تقبل باتفاقية السلام مع إسرائيل كما هي، ليست "حكومة مسؤولة" ولا تمثل شعبها الذي يرفض المعاهدة ويسعى لتغييرها. أما نصيحة جينجرش، فتعني أن على أوباما أن يتصرف بعدوانية ريجان، صاحب حرب النجوم، وليس كارتر الأعقل.
وجينجرش يخشى بالفعل تنامي منطقة قوية في الشرق الأوسط تتكون، لا من مصر المحررة وغزة ولبنان فقط، وإنما أيضاً بالتنسيق مع تركيا وإيران. كتلة تستطيع أن تدافع عن استقلالها كدول وكمنطقة بشكل لم يكن موجود في الشرق الأوسط. والإستقلال هو ما يخيف أميركا وليس فزاعة "الإسلام المتطرف" أو الأخوان المسلمين، كما يبين نعوم تشومسكي.(2)

أما بالنسبة لإسرائيل فالقضية أكبر، وأكثر مباشرة، ولذلك كان الأسف واضحاً جداً على حكومتها لرحيل الدكتاتور الجلاد للشعب المصري. لكن ما قيمة حكومة مبارك بالنسبة لإسرائيل؟ أستطيع القول بثقة بأنها أهم من الحكومات الإسرائيلية نفسها، لأن زوال حكومة إسرائيلية يمكن تعويضه بحكومة مشابهة، لكن لا يسهل تعويض حكومة مثل حكومة مبارك، تسيطر على بلد من 85 مليون إنسان يشعر بالضغينة والمهانة تجاه إسرائيل، ولا تكتفي بتحييده، بل تحوله إلى جزء من الإحتياطي الأمني والعسكري والإقتصادي الإسرائيلي، يقدم لإسرائيل الغاز بأقل من كلفة الإنتاج والدعم العسكري على الفلسطييين وربما إيران وأية معركة عسكرية أو سياسية أو أمنية قد تحتاج إليها إسرائيل. لقد كان الغاز المخفض الثمن وحده يوفر يوفر 3 مليارات دولار في السنة، من جيوب المصريين، وهو أكثر من ضعف مبلغ "المساعدات" الذي تستلمه حكومة مبارك من الولايات المتحدة، بشكل اسلحة ليست بحاجة لها، ولن يسمح لها باستعمالها إلا لحساب إسرائيل وأميركا أو بموافقتهما. وكانت مصر أيضاً، مركز الإعتقال والتعذيب الآمن لمن يريد الأمريكان والإسرائيليين تعذيبه بحرية غير معتادة. الأمريكان كانوا يهددون حتى سجناء غوانتانامو بنقلهم إلى جحيم مصر، حيث التعذيب لا حدود له، إن لم يعترف أؤلئك السجناء، أما الإسرائيليين فكانوا يجدون في حكومة مبارك جلادين رخيصي الثمن، وكان لفضيحة الفلسطيني الذي توفي تحت التعذيب في سجون مبارك، رد فعل نفسي عنيف داخل الشعب المصري الخجل من دور حكومته. هذا إضافة إلى الفوائد السياسية والعسكرية الهائلة التي قدمتها الحكومة المصرية مجاناً لإسرائيل، وأتاحت لها حرية الإستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية دون أن تجد سبباً للتوقف.

بالنسبة للشعب المصري المعركة هي قضية استعادة حريته وسلطته على بلاده من سلطة دكتاتور، لكنه من وجهة نظر إسرائيل وأميركا، ينازعهما على "فريسة" ثمينة جداً، هي مصر، بلاده، وفي فترة خطيرة الحساسية، وبالتالي فلا يتخيل سوى السذج أنهم على استعداد للتخلي عن فريستهم بسهولة. إن إدراك وجهة النظر هذه ضرورية للشعب المصري ليفهم نوع الخصم الذي ينتظره وطبيعة المعركة المتوقعة معه.

ولأن الإنتفاضة المصرية كانت رائعة في سلميتها وتنظيمها إلى درجة حرمت أعداءها من أي مسكة ضدها، فأنها وضعت هؤلاء الخصوم في حالة يحتم عليهم الإكتفاء بعملائهم داخل مصر لإدارة الصراع من أجل مصر. ومن أهم شخوص إسرائيل في مصر هو لواء الإستخبارات العسكرية عمر سليمان، ولا غرابة أنه كان خيار مبارك ليتنازل له عن سلطاته بعد تعيينه نائباً له. ومما لاشك فيه أن يتعاون هذا الجانب مع جمع من المرتشين والمخترقين، مثل الأزهر، تلك المؤسسة الموسادية بامتياز، والتي لم تغضب إسرائيل يوماً منذ عقود. وهناك أيضاً قيادات بعض الأحزاب المعروفة بتخاذلها، فسارع حزب الوفد بحركة مفضوحة بإبداء التعاون مع مبارك بعد خطابه الأول الذي أثار غضب المتظاهرين، إلا أن هجوم "الهجانة" أضطرهم إلى التراجع. كذلك كرر حزب الأخوان المسلمين حركاته غير المفهومة دائماً، وذهب للتفاوض مع عمر سليمان دون الآخرين، وعاد يؤكد أنه ذهب "للإستطلاع" وكذلك كان من أول المنسحبين من ميدان التحرير بعد إعلان الجيش عن استلامه مقاليد الأمور.

تؤكد القناة الإسرائيلية العاشرة أن سليمان هو "صاحب بيت" في أروقة الحكم في "إسرائيل...انه مسؤول التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل في حربهما الهادئة ضد إيران".
المحلل العسكري الإسرائيلي ران إدلست يقول "أن عمر سليمان هو صديق إسرائيل الأول في مصر والذي يقوم على حراسة المصالح الإستراتيجية للدولتين". ويتابع "علاوة على اعتبارات أيديولوجية تتعلق بتوجهات وأولويات النظام الحاكم توثقت علاقات سليمان بإسرائيل على خلفية وجود عدو مشترك لها يتمثل بالحركة الإسلامية". ويشير إدلست إلى أن لإسرائيل مصلحة إستراتيجية ببقاء النظام الحاكم حتى بعد رحيل مبارك، مشددا على أن عمر سليمان بعيون إسرائيل هو وجه التعاون بينها وبين مصر.
ويقول الصحفي البريطاني ستيفن غراي الحائز على جوائز دولية في الصحافة الاستقصائية "عمر سليمان كان ولم يزل الطرف المصري الأساسي في التعامل مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية، والقناة الأساسية للتواصل بين الإدارة الأميركية ومبارك حتى في قضايا لا علاقة لها بالاستخبارات والأمن".
ويضيف غراي في كتاب له "أن اختيار مصر كمحطة لتعذيب المختطفين لم يأت بمحض المصادفة، فههنا تراث من التعذيب في زنازين أبو زعبل وليمان طرة. وهناك ايضا ضابط دموي جلاد على رأس المخابرات العامة يدعى عمر سليمان يهوى رؤية القتل والتصفيات الجسدية بعينيه ، بل وحتى ممارستها بيديه".(3) لذلك لا عجب أن كتب أحدهم أن "مصر تستبدل دكتاتوراً بجلاد" (4)
عمر سليمان، كان على ما يبدو، رغم كل هذه السمعة الوسخة، يحظى بثقة أطراف بين المعتصمين. لكنه بعد بضعة مواقف وبعض الحديث عن تاريخه، خسر تلك الثقة تدريجياً، وبقي الجيش وحده يتمتع بثقة المتظاهرين.

لقد سبق أن كتبت مقالة بعنوان (أيها المصريون، إنتبهوا من الجيش فقد يكون الفخ الأخطر (5)) على إثر ملاحظتي أن شباب الثورة كانوا يتحدثون عن الجيش المصري برومانسية وثقة واطمئنان لا تناسب حساسية الثوار وانتباههم وحرصهم على ثورتهم، وهو ما أثار قلقي كثيراً، وتساءلت فيها عن مبررات هذه الثقة والإطمئنان. فالجيش المصري قد تمت "تربيته" لعقود عديدة على يد الأمريكان والإسرائيليين، ولا ينتظر أن يترك هؤلاء قائداً عسكرياً كبيراً لا يطمئنون له، ومبارك الذي يجرؤ على إعطاءهم الغاز بأقل من كلفته لن يتردد في فصل أي ضابط يقلقهم.
كما أن الحديث عن ابطال الجيش المصري القديم حديث فارغ، فقد بادر أنور السادات بتصفية عدد كبير منهم خشية أن ينقلبوا عليه لسياسته التي كان يراها هؤلاء خيانة وطنية، فينتقموا منه إخلاصاً لوطنهم، تماماً كما فعل صدام مع ثلث رفاقه الذي كان يخشى منهم أن يجرؤوا على تحديه إخلاصاً لحزبهم. وبعد ذلك تم تدريب عدد كبير من الضباط في أميركا، وتدريب الضباط من الطرق المعروفة لدى الساسة الأمريكان للتغلغل إلى الجيش في أية دولة يريدون تثبيت سلطة تابعة لهم، كفوءة في استعمالها للعنف مع المعترضين على تبعيتها من أبناء شعبها، وخاصة في أميركا الجنوبية والوسطى.

لكن المتظاهرين المصريين لا يبدون متحسبين لهذه العوامل، ويفضلون الثقة بالجيش، حتى بدون مبرر كاف. والمشكلة أن الثوار بدأوا "يطيعون" الجيش ويلتزمون بترتيب تحركاتهم وفق ما يقبله وما يمنعه الجيش، إلا في بعض الأحيان. وكانوا ينتظرون من الجيش الحماية من الأمن، وكان الشباب يمسكون المخربين ويسلمونهم للجيش، بكل ثقة، وكأن الجيش لم يكن جزءاً من المؤسسة الأمنية العسكرية لنظام مبارك! وكأن الدكتاتور لا يحرص أول ما يحرص على تنظيف مؤسساته الأمنية والعسكرية من كل من يشك بإخلاصه له. كان الحديث يقتصر على بطولات الجيش وحروبه مع إسرائيل، وكأن كل من حارب إسرائيل بطل، وكأن مبارك نفسه لم يكن ممن حارب إسرائيل يوماً!


وبالفعل لم تمر سوى أيام حتى كشر الجيش عن أنيابه، مثلاً من خلال القائه القبض على بعض الشباب، وكان أحدهم تحدث عن اعتقاله من قبل الجيش والتحقيق معه، لمجرد أنه كان يحمل أدوية لمستشفى ميدان التحرير الذي اقامه الشباب. وأكثر من ذلك حين تآمر الجيش مع بلطجية مبارك فأفسح الطريق لهم ليمروا ويضربوا المتظاهرين المعتصمين في الميدان في المذبحة التي سقط فيها العديد من القتلى والكثير من الجرحى.
ومما لا شك فيه أن الجيش ليس سوى لاعب في الفريق المضاد للشباب، لكن النظام وجد أن الجيش يتمتع بثقة المقابل فأراد أن يستغلها بأفضل طريقة. هذا هو التفسير الأكثر عقلانية ومنطقاً للأحداث. الجيش لم يكن يريد أن يضرب بنفسه مادام يؤدي خدمة لجم الشباب الذي يثق به، لذلك يكتفي بمهمة حصر المتظاهرين، وأعمال صغيرة متفرقة مثل الإعتقالات المحدودة التي لا تثير الكثير من الإنتباه، وفتح الطريق لمفاجأة الشباب من قبل مجاميع الأمن، واستلام من يعتقله الشباب من عملاء الأمن، ربما لإعادة إطلاق سراحهم.
لقد كلفت مجزرة ميدان التحرير التي أشرف عليها الجيش، كلفت المعتصمين كثيراً، وكادت تمثل خطراً على حركتهم كلها، وتلا ذلك محاصرة المتعتصمين في الميدان من قبل الجيش والبلطجية وفهم المعتصمون أنه سوف يتم القيام بهجوم عليهم وأن عليهم إخلاء النساء، كما تحدثت نوارة نجم بصوت شديد القلق في تلك الليلة. قالت سيقتلوننا كلنا. ولم ينقذ الشباب من تلك المؤامرة القبيحة إلا وجود كامرات تنقل الأخبار إلى العالم، فخشي المتوحشون أن يرتكبوا جريمة لا يستطيع أحداً ان ينقذهم من أثرها حتى من يعملون لحسابه.
ثم بعد ذلك أحبط الشباب محاولة خبيثة أخرى للجيش، حيث بدأت الدبابات بالتقدم نحو الميدان بغرض حصر المعتصمين في مكان ضيق، فسارع الشباب إلى الوقوف والإنبطاح أمام الدبابات وتم إيقافها، وصاروا بعد ذلك ينامون بين عجلات الدبابات لعدم ثقتهم بها، وكما بينت الصور المنقولة من الميدان.
ونشرت الغارديان الخميس تقريرا عن نتائج تحقيق أجراه مراسلها في مصر جاء فيه أن الجيش المصري متورط في اعتقال وتعذيب المئات أو ربما الآلاف من المتظاهرين بشكل سري، وإن نصف المعتقلين منذ بدء حملة الاحتجاجات للمطالبة بتنحي الرئيس حسني مبارك في 25 كانون الثاني، قد تعرّضوا للتعذيب على أيدي عناصر من الجيش.(6)

وهكذا بدأت الثقة تذوب، وهدد مجلس امناء الثورة المصرية بالدعوة لمزيد من التظاهرات اذا تقاعس المجلس العسكري الذي استلم سلطة البلاد، عن تلبية مطالب الشعب.(7) وأصدر المجلس العسكري المصري السبت الماضي بيانه الرابع، أكد فيه الإبقاء على حكومة مبارك لتسيير الاعمال لحين تشکيل حکومة جديدة مع الالتزام بكل الاتفاقات والالتزامات المصرية السابقة، فيما أعلن الثوار رفضهم التعاون مع الحكومة.(8) وحدثت مناوشات بين المعتصمين و "حماتهم" فقال شهود عيان ان طوابير من الجنود المصريين تحرکوا حول المتظاهرين الذين لا زالوا متجمعين في ميدان التحرير بوسط القاهرة الاحد الماضي، واشتبكوا معهم.(9)
كذلك أعلن الجيش عن إمكانية إدخال اللواء عمر سليمان، رغم رفضه من المتظاهرين. وعرضت الجزيرة تصويرا لعمليات اعتقال لمتظاهرين جرت تحت إشراف الجيش.



إضافة إلى الأحداث التي ذكرتها أعلاه، يمكن ملاحظة أن العسكر الذين استلموا السلطة بعد إعلان تنحي مبارك، كانوا يتصرفون دائماً كأنهم في خندق مقابل للثورة، يفاوضونها ويقبلون ما يضطرون له ويرفضون ما يستطيعون رفضه، وفي أحد البيانات عبر الجيش عن احترامه العميق لحسني مبارك و "إنجازاته" في نفس الوقت الذي عبر عن تقديره للأبطال الذين كانوا ضحاياه والذين لم يثوروا إلا لإزالته!
كذلك يثير القلق الإختفاء الغريب لحسني مبارك، فلا أحد يدري أين هو ولماذا لم يترك البلاد إن كان النظام قد رفع الراية البيضاء، وهو المعرض لأشد العقوبات على جرائمه الخسيسة الكثيرة بحق الشعب؟
كذلك يثير إعلان عمر سليمان لتنحي مبارك غير طبيعي، وبالفعل شكك احد المتحدثين في دستورية مخاطبة الشعب بنفسه والقول بأن حسني قرر "تخليه" عن السلطة، ولم يقرأ نصاً يفترض أن يكون الرئيس المخلوع قد كتبه.
ولاحظ الباحث نادر قريط أن خطاب عمر سليمان عن تنحي مبارك (10) يبدو مفخخ  الكلمات، فكتب قريط:
"في 11 فبراير أعلن نائب الرئيس السيد عمر سليمان  في كلمة مقتضبة، أن الرئيس حسني مبارك قد تخلّى عن منصبه في رئاسة الجمهورية (فقط) وليس عن كل مناصبه.. وهذا أمر في غاية الخطورة لأن الرئيس السابق حسني مبارك ومنذ 14 اكتوبر 1981 هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. هذا يعني أنه الرئيس الفعلي للمجلس العسكري الحاكم حاليا.. وعندما يقوم بنقل سلطات رئيس الجمهورية إلى المجلس المذكور، يكون قد نقل الصلاحيات من الرئيس حسني مبارك إلى الفريق الطيار حسني مبارك، وهذا ما أكده بقاء الحكومة السابقة لأحمد شفيق، والبحث عن منصب رفيع لعمر سليمان....ومنه فإن الرئيس السابق حسني مبارك لا يزال يمارس نفس صلاحياته السابقة.."(11)

لماذا لا يفرجون عن الشباب الذين قالوا أنهم أبطال؟ ماذا ينتظرون ليبدأوا بإطلاق سراح المساجين السياسيين الآخرين؟ وماذا يمنعهم من إلغاء حالة الطوارئ؟ أما الذي يؤخر إلغاؤهم للجهاز الأمني الذي يفترض بمن يريد بناء دولة ديمقراطية جديدة، أن يخشاه ويخشى مؤامراته؟ إنها أسئلة تثير القلق والشك، وعددها أكبر مما يحتمل تأجيل القرار، فهناك الكثير من العلامات مما لا يدع مجالاً للشك بأن النظام يتآمر ويعد العدة بنشاط وحماس، وأن الجيش معه وليس مع الثورة، وكل ما قيل قد لا يكون إلا خدعة.
المعركة إذن قائمة وتشتد والصراع على مصر لم يختتم، والثعبان مازال يتحرك تحت الرماد ويعد المفاجآت، فاستعدوا للمفاجآت قبل فوات الآوان ياشباب المحروسة. لا تستهينوا بهم وتفجعوا قلوبنا بكم وبثورتكم، ففخرنا وفرحنا بكم وبها صار جزء منا، وصرتم جزءاً منا، نفكر معكم ونقلق معكم، والناس في مختلف أنحاء العالم يعلقون عليكم الآمال، وينظرون إلى نتيجة ثورتكم!

(1) http://www.alzaytouna.net/arabic/print.php?a=135886
(2) http://www.chomsky.info/articles/20110204.htm
(3) http://www.alalam.ir/node/318484
(4) http://www.alternet.org/rss/breaking_news/460714/egypt%3A_exchanging__a_dictator_for_a_torturer/
(5) http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=43419
(6) http://arabic.rt.com/news_all_news/63212
(7)  http://www.alalam-news.com/node/319298
(8) http://www.alalam-news.com/node/319214
(9) http://www.alalam-news.com/node/319301
(10) سليمان:حسني مبارك يتنحى عن منصبه
(11) http://almubaderealiraqia.com/c21.html