من يريد إسقاط فرنسا/هادي جلو مرعي

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 04, 2018, 09:33:41 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

من يريد إسقاط فرنسا     
   


برطلي . نت / بريد الموقع

هادي جلو مرعي



بين نهاية نوفمبر ومطلع ديسمبر ذهل العالم بحركة أصحاب السترات الصفراء المطالبين بتخفيض الضرائب والزيادات في أسعار المحروقات.. علينا أولا أن نبعد فرضيات ساذجة وتافهة يسوقها جزء من الإعلام العربي كفرضية دور الإخوان المسلمين في إضطرابات فرنسا، أو إن المهاجرين العرب والمسلمين، وأولئك القادمين من مجاهيل أفريقيا وآسيا لعبوا دورا فيها، فهي فرضيات للإستهلاك المحلي لاأكثر تتقبلها فئات من المتلقين السلبيين القابعين في غرفهم، والمتسمرين قبالة شاشات تلفاز يتحدث فيها قرقوزات الحوارات السياسية وبرامج التوك شو.

فرنسا تحدثت عن جيش أوربي، ولم تلق إستجابة، لكن الواضح إن باريس بمعاونة برلين تمكنت من صناعة شكل مختلف لأوربا الحديثة المستقلة والطامحة، وهذا مااغاظ الأمريكيين والصينيين والروس الذين يحتفظون باسباب الدفع بإتجاه إضعافها، لكن لكل طرف أسبابه ورغبته بمستوى إضعاف يتلاقى ومصالحه.فأمريكا تريد إبقاء القارة العجوز ضمن دائرة الهيمنة المطلقة سواء من خلال حلف الناتو، أو التبعية الإقتصادية، وروسيا تريد إستعادة القارة من الهيمنة الأمريكية وإغرائها بمحفزات، في النهاية لامناص من التعاون بين موسكو وعواصم أوربا القريبة من بعض. تدفع الصين بقوى الإشتراكية لإحداث الفوضى.. عموما يرغب كبار العالم بأن تبقى أوربا صانعة للساعات وللعطور وللأجبان، وأن تترك خيار الإستقلالية والتفرد، وهنا تكمن الخطورة التي قد تدفع الى إضطرابات في بلجيكا وإيطاليا المنهارة في الأساس، بينما ستحاول ألمانيا عمل مصدات لحماية نفسها، بعد أن نجحت واشنطن في سحب بريطانيا العظمى من الإتحاد الأوربي، وكشفت ظهره للريح، وليس مستبعدا التصعيد أكثر بزيادة جرعات القومية والشعبوية في شرق أوربا كما هو الحال في بولندا ورومانيا وهنجاريا والتشيك والسلوفاك لدفع هذا القسم من القارة الى التقسيم من جديد.

مامن شك أن فرنسا اصبحت دولة مهاجرين، وهي عبء على أوربا، لكنها دولة تاريخية يمتد فيها نظام الإدارة لألف عام، وهي قادرة على فعل الكثير، والطموح هو وقفها، وليس إلغاءها. فالولايات المتحدة وروسيا والصين يردن أن تستمر هيمنتهن كدول كبرى على العالم، وأن تكون أوربا مستهلكة، أو بصناعة سطحية، ولاتتمكن من الإستقلال الكامل، فهذه الدول لديها من الهموم مايكفي على صعيد السياسة والإقتصاد، وهي تعاني من ركود عالمي وتحديات على حدودها، ولديها نزاعات فيما بينها.

العالم كله في خطر.