أمسية استذكارية بمناسبة الذكرى المئوية

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, مايو 16, 2011, 07:50:55 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

اعزائي القراء
نقلت هذا الموضوع لاهميته وخاصة مواصفات الدكتور عبدالجبار عبدالله و الزعيم عبد الكريم قاسم (باللون الاحمر) و مقارنتها مع حكومتنا الحالية.
لمشاهدة الصور افتحوا الرابط في اسفل الموضوع

مع تحيات

عبدالاحد

أمسية استذكارية بمناسبة الذكرى المئوية

للعالم العراقي المندائي عبد الجبار عبد الله

برعاية اتحاد الجمعيات العراقية في السويد وضمن مجالات التعاون والتنسيق المشترك بين الجمعيات الاتحادية في عموم السويد أقام نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي في مدينة ستوكهولم أمسية استذكارية بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد العالم العراقي الراحل عبد الجبار عبد الله. بدأت الأمسية بحضور جمهور كبير من أبناء الجالية العراقية رحب بهم وبالضيوف المشاركين في الفعالية سكرتير النادي الأستاذ حكمت حسين شاكرا حضورهم الأمسية الاستذكارية مشيدا بمنهجية وعلم وقدرات الراحل.

بعدها قدم الأستاذ فرات المحسن كلمة النادي بهذه المناسبة قائلا: اليوم ونحن نجتمع لنحيي مناسبة مرور 100 عام على ولادة العلامة العراقي عبد الجبار عبد الله الذي يعتبر أحد أبرز الشخصيات العراقية من النخب العلمية التي أنجبها العراق في تأريخه المعاصر، واحتفاؤنا اليوم هو تمجيد لكل العراق ورجاله العظام من العلماء والباحثين والأكاديميين والأدباء والفنانين ولجميع من ساهم في رفع شأن العراق وأراد لشعبه الحياة الحرة الكريمة. من واجبنا بل من واجب أبناء الشعب العراقي ومؤسسات الدولة العراقية أن تحيي وتحتفي بذكرى هؤلاء العظام. وعلى المؤسسات العلمية والثقافية ليس فقط الاحتفاء بذكراهم وإنما توثيق وطبع ونشر أثارهم ونصوصهم البحثية والعلمية والأدبية لتتعرف عليها الأجيال التي لم تعاصرهم. ولتعرف مدى الإجحاف الذي أصابهم على يد حثالات الناس ومنهم مرتزقة حزب البعث المقبور الذين عمل الكثير منهم على طمس كل ما يتعلق بهؤلاء العظام كمحاولة لاستلاب الذاكرة العراقية وتجهيل المواطن.
لقد كان الراحل باحثا علميا من الطراز الأول في مجالات متعددة منها الفيزياء وديناميكية حركة الكتل الهوائية وكان أيضا أحد أهم المثقفين المتنورين الشغوفين بالتراث والأدب العربي والفلسفة وأيضا تدريسيا من الطراز الأول حين عمل مدرسا في سلك التعليم كأستاذ لمادة الرياضيات واللغة الإنكليزية. وكان هذا الرجل مضربا للمثل العليا في علمه وعمله وسلوكه وأخلاقه بما يوازي مكانة القديسين. والراحل المندائي لم يكن طائفيا في معتقده الديني رغم كونه أبن المؤسسة الدينية المندائية، بل كان عراقي الانتماء ووطنيا فوق كل المسميات قدم للعراق وبسخاء ما استطاع من علم وخبره وجاد بروحه من أجل رفع اسمه عاليا رغم عدم الوفاء الذي قوبل به من قبل مرتزقة حزب البعث الفاشي المقبور وأشباههم. بعد ذلك قدم الأستاذ فرات المحسن الشكر للشاعر المبدع فالح حسون الدراجي لتلبيته دعوة النادي والمشاركة في أحياء هذه الأمسية، وشكر أيضا الأخ خيون التميمي من الاتحاد الديمقراطي العراقي في أمريكا لحضوره ومشاركتنا أمسيتنا هذه.
 



بعد ذلك قدم الأستاذ جاسم ولائي مداخلته بهذه المناسبة والمعنونة محنة العلماء تحت سطوة الدكتاتورية والفاشية، ومما جاء فيها: الشعوب المتحضرة تحتاج إلى أنظمة حكم متحضرة. هذه هي خلاصة القول حين نتحدّث في أيّ شأن من شؤوننا أو أيّ رمز من رموزنا في شتى المجالات الأدبية منها أو العلمية أو غيرها من شؤون الحياة. إن الحديث سيدفعنا إلى مفارقات شاذة وغريبة تضطرنا قسرًا إلى مقارنات طويلة نخجل من إيرادها. وفي حال الحديث عن شخصية علمية واجتماعية مرموقة كعالمنا الجليل الراحل د. عبد الجبار عبد الله، لابد لنا أن نشير إلى العديد من المفارقات، يتجرأ فيها الجاهل على العالم ويتسلط فيها الشقي على الشريف، ومن هذه المفارقات الشاذة أن تعتقل زمرة فاشلة من قطاع الطرق والأشقياء عالمًا جليلاً مثل عبد الجبار عبد الله وتقيده بالأغلال وتعتقله وتسومه عذابًا لا يستحقه حتى اللصوص والقتلة.
في الذكرى المئوية لولادة عالم الفيزياء د. عبد الجبار عبد الله لعائلة مندائية أصيلة وشريفة في بلدة قلعة صالح التابعة لمحافظة ميسان نملك الكثير لنقوله ونكتب عنه وعن حياته القصيرة نسبيًا، الزاخرة علمًا وعطاء، التي امتدت ثمانية وخمسين عامًا، منذ أن سار بثيابه البسيطة وربما الرثة في تلك الشوارع الترابية حتى عاد إلى بلده واحدًا من أبرز عشرة علماء مرموقين في العالم، وعن دراسته في قلعة صالح والعمارة وبغداد وبيروت والولايات المتحدة. وعن تفوقه وبحوثه وشهادات التقدير التي نالها، ولنا أن نتحدث عن فترة رئاسته القصيرة والمهمة لجامعة بغداد التي كانت ميزة وشرفًا لثورة 14 تموز وزعيمها عبد الكريم قاسم قبل أن تكون ميزة لصاحبها. ويمكننا الحديث أيضًا عن حياته الأسرية وأقاربه، عن طلابه وزملائه، أصدقائه وجيرانه الذين يشهدون على تواضعه الذي بلغ من الرفعة ليصبح تاريخًا ومثلا للآخرين.                                                                                                                     
لكن كل ذلك يعرفه الكثيرون وقاله وكتب عنه الكثير من الأوفياء، ويبدو في تكراره ترفًا قياسًا بما ناله هذا الرجل من معاناة تسببت في مرضه بعد فترة قصيرة من اعتقاله والذي انتهت به حياته. كذلك نكتشف ونحن نخوض في سيرة د. عبد الجبار عبد الله، أن هذه السيرة هي جزء حيوي من سيرة البعثيين الذين حكموا العراق في أحلك فتراته وأشدها عنفًا ودموية باعتبار الراحل واحدًا من ضحاياهم الكثيرين.
ولو افترضنا حسبة بسيطة في استثمار تلك القدرة العلمية والتربوية لدى الدكتور عبد الجبار عبد الله، الذي كان تربويًا فذًّا ومحبًا للأدب وحافظًا له وقارئًا متميزًا لكتب الأدب والفلسفة والتاريخ، ومتحدثًا فيها، إضافة إلى كونه عالمًا فيزيائيًا متخصصًا بالأرصاد الجوية. ما الذي كنا سنكسبه من مشاريعه التي اقترحها بعد ثورة 14 تموز عام 1958، تلك المشاريع المتعلقة بتطوير دور الجامعة في المجتمع وبناء الأجيال الجديدة، وتنمية القدرات الذاتية لتحقيق التقدم الاجتماعي. ما الذي كنا سنكسبه من تنفيذ مقترحه بتشكيل المجلس الأعلى للبحوث العلمية والتقنية، وإصراره على امتلاك العراق لمصادر الطاقة الذرية المستخدمة للأغراض السلمية، وما الذي كان سيتحقق لو تم ذلك بصورة طبيعية وفي وقت مبكر؟ ما لم تهدر تلك الطاقة العلمية عند بوادرها الأولى على تلك الصورة المخجلة.
في حياته إذن، لم يدوّن د. عبد الجبار عبد الله بتفوقه وعلمه وتواضعه فقط جزءًا من السيرة الناصعة لشخصية مرموقة من شخصيات العراق ورمزًا من رموزه الكبار، وهي سيرة مضيئة للعراق أيضًا، بل دوّن وفضح أيضًا تفاصيل من السيرة المخجلة لمجرمين تسلطوا على العراق في فترات معينة أوغلوا في دمائه وأهانوه وعصبوا عينيه. وكتب الراحل بعذابه وسجنه ومعاناته جزءًا مهمًا من تاريخهم الأسود.             

بعدها قدم الدكتور عقيل الناصري مداخلته بهذه المناسبة وكانت بعنوان هو والزعيم أي العالم الجليل الراحل عبد الجبار عبد الله والراحل الشهيد عبد الكريم قاسم. أستهل الدكتور مداخلته في تعقب بعض المراحل من تاريخ العراق السياسي وحراك المجتمع وعلاقة الراحل بتلك التجمعات والشخصيات السياسية التي مثلت النخب المثقفة التنويرية والقوى السياسية الفاعلة والمؤثرة في كل ذلك المشهد وما تمخض عنه من صيرورات لاحقة، تأسيساً على ذلك، بين إن في تاريخ العراق المعاصر هنالك شخصيات فكرية وسياسية، قد أثرت في مجرى التطور الاجتماعي وفي تحديث التاريخ العام للمجتمع المرتبط بالتغيير المادي والمعنوي. إن الكتابة عن هذه الشخصيات وتحليل مضامين أدوارها بروح نقدية يستكمل ذاته المعرفية من خلال الربط الجدلي. لقد مارست هذه الشخصيات أدوار متباينة، من حيث درجة المساهمة في إحداث وتهيأت تربة التغيير الغائي، كل حسب ممكنه التاريخي من جهة وحسب عمق التأثير من جهة ثانية والمنطلق الفلسفي لمفهوم التغيير من جهة ثالثة. وهكذا سنجد الراحل أحد هذه الشخصيات التي لعبت دورا بارزاً حسب الممكن التاريخي لموقعها، في إعداد تربة التغيير أو في المساهمة في فعل التغيير. ومن هذا المنطلق، يمكننا تفسير بروز علماء ومثقفين انطلقوا من واقع التخلف ليحلقوا في سماء المعرفة والتغيير، لا بل أن بعضهم أمسوا من (المثقفين العضويين)، اخذوا بعلمهم ونشاطهم، الفكري والعملي، يساهمون في صيرورة التغيير ذاتها.. رغم الظروف القاسية التي أحاطت بهم. علماً بأن أغلبهم عاش في المرحلة الملكية ودرس فيها، إلا أن أدوارهم الرئيسية قد تبلورت بعد ثورة 14 تموز. لقد ترعرع العالم الراحل عبد الجبار عبد الله في مثل هذه الأجواء العامة وذلك الحراك الاجتماسياسي الذي ساد المجتمع العراقي منذ تأسيس الدولة المركزية. كان العالم الراحل من المساهمين في هذا الحراك العام باعتباره من صفوة العاملين في الحقل المعرفي. هذه القيم المعيارية التي تحلى بها وأعماله المتعددة أهلته أن يجتاز حدود الوطن إلى أهم المؤسسات العلمية في العالم الغربي آنذاك، سواءً من خلال المشاركة في المؤتمرات العلمية أو من خلال العروض التي عرضت عليه العديد من المناصب في دول عديدة. ثم قال:
قبيل الدخول في قراءة أوجه التشابه بينه والزعيم، لابد من القول: إن الشخصيات الفذة لا تظهر في أي مجتمع كان بصورة اعتباطية، بل بحكم الضرورة التاريخية. إذ أينما ومتى ما تظهر إليها حاجة المجتمع والتاريخ. وعليه فظهور الزعماء مرهون بالضرورة التاريخية، وليس هذا حسب، بل بقدرة هذه الشخصية على فهم ومعرفة هذه الضرورات التاريخية. وهذا ينطبق على كلا الزعيمين الأول في ميدانه العلمي والثاني في إدارته للصراع والبناء الاجتماعيين.
ومن خلال الوقوف على السيرة الحياتية لكليهما، نجد أن هناك تشابها في ظروف وفلسفة حياتهما :
- كان كل منهم ذو نزعة بنائية ذات بُعد إنساني كما كان كلاهما يستهدف الإصلاح؛
- من كونهم متحرران من الالتزام بالتقاليد البالية والتفسيرات المتخلفة للظواهر الاجتماعية والطبيعية؛
-  ينطلقان من الهوية العراقية إلى بعدها الأرحب الإنساني وينتميان اليها وليس للولاءات الصغيرة من رابطة الدم (العائلية أو العشائرية أو القبلية) أو الدين أو الطائفة، إذ مثل العراق الهاجس المركزي لهم؛
- خضعا لتأثيرات بيئية اجتماعية وسياسية متقاربة من حيث توجهاتها الفكرية واتجاهها العام؛
- كانا يكرهان العنف لذات العنف كغاندي، في سلوكهم وممارستهم للحياة؛
- تأثرا بالحركة السياسية الوطنية العامة وخاصةً الحزب الوطني الديمقراطي دون انتماء؛
- يريان في الحرية ضرورة اجتماعية بالغة الأهمية، لذا كرها التعصب بكل أشكاله. كما تحليا بالشجاعة في طرح الآراء ولا يساومان على جواهر الظواهر الوطنية العامة.
- أنصبت آراءهم على ضرورة النظر إلى المستقبل باعتبار لا يكتب لأي عمل النجاح إذا لم تكن فيه حصة للأجيال المقبلة.
- لعب كل منهم في ممكن مجاله ، الدور الحيوي الوسيط بين القوى الاجتماعية لقاسم، والصراع الحزبي في الجامعة لعبد الجبار عبد الله.
- كونهم من الأشخاص العضويين، إذ كلاهما هيأ لتربة التغيير.
- لقد تجلى هذا النجاح بالنسبة لهما بعد التغيير الجذري في 14 تموز، وما لعبته من دور لدى شرائح واسعة من الفئات الاجتماعية في الريف والمدينة، ومن فئات الطبقة الوسطى.

وتطرق الدكتور الناصري إلى الحياة المهنية العلمية للعالم العراقي الراحل وبعض من علاقاته وسيرته الشخصية في الحياة اليومية والوظيفة. ثم ختم حديثة بالإشارة إلى واقعة مهمة تحدد الأسباب الحقيقية لرفضه العودة إلى العراق عام 1968 أي فترة القدوم الثاني لحزب البعث إلى السلطة قائلا: إن عبد الجبار عبد الله كان معروفا بنباهته ورؤيته العلميتين وبصيرته الشفافة لذا أدرك وقرر إن  لا يعود لوطنه وهو مازال يحتفظ على جسده وفي أعماق ذاكرته وروحه جراح معتقلاتهم وآثار تعذيبهم.. كما هي رسالة تنبيه من العالم الخالد عبد الجبار عبد الله للعلماء الآخرين.. بأن لا يقتربوا من خدمة سلطة غاشمة تعتبر الحرب ضد الرموز والكفاءات العلمية واحدة من أبرز مهماتها الكبرى.. وأثبت التأريخ الدموي لهذه السلطة.. صحة ودقة فرضية العالم الراحل عبد الجبار عبد الله كما أثبت التأريخ فروض وصحة نظرياته العلمية الفيزيائية.

   

في النصف الأخيرة من الحفل وبعد استراحة قصيرة ارتقى الشاعر الكبير فالح حسون الدراجي المسرح وألقى مجموعة من قصائده المتميزة التي لاقت ترحيبًا وإعجابًا من الحاضرين. وقد خصّ العلامة د. عبد الجبار عبد الله بالقصيدة الأولى وهي قصيدة أجمع الحاضرون أنها من بين أروع القصائد التي ألقيت في السويد منذ سنوات طويلة. بعدها قدم الشاعر الدراجي قصائد متنوعة أخرى قوبلت بفرح وإعجاب من قبل الحاضرين. وجاء في أحداها:
انه وياك وصفنتي واخر الليل
انتحاسب عالسهر والهم والاذنوب
ومثل اخر جكاره بأخر الليل
نفس .. نفسين روحي وبيدك اتذوب
احشمن عليك باخر الليل
من يبجي الشمس لوطاح الاغروب
افزز من عليك بوحشت الليل
اذا من غير فــزه .. الكون مرعوب
اشو عنتر زماني يصير ياليل
عليا والشديد ايصير شيــــبوب
يركضني الزمان بمركض الخيل
وبعد ما طيح يســـأل خــو مامتعوب
أذا غالب .. يردني بأاخر الخــــيل
واذا مغلوب شحجي وانه مغلوب
يجويني الزمان ابماشت الليل
ويناشدني ابصلافه اتوب .. ماتوب
انه اسويت حته انتوب ياليل
غير املك .. ملاحه وطبع مرغوب
جاراتي خواتي وحامي الادخيل
وماوسخت نفسي وشلت مذبوب
وهذني اجفوف اديا اشهود ياليل
ما جسمن جسم غالب لمغلوب
حلاتك بالرجل جاكوج ياليل
ولا يكضي العمر سندان مضروب
انه العود الرقيق البلهوى يميل
واذا اسمع قصيده ارويحتي اذوب
انه السان العفيف منكع بهيل
وانه الطيره التنام بفي الحبوب
انه البيت الاطبه جامع يصير
لان اصل الوفاء بكصتي مكتوب
ثكل همي القصايد يهدم الحيل
وعساهه بقلق شاعر حاسد يلوب
اذا ذنب السهر معذور ياليل
لان بس الدجاج ينام الغروب

وفي ختام الأمسية تم شكر الجميع وتكريم المشاركين بباقات من الزهور من قبل النادي، على أمل اللقاء في فعاليات قادمة. 

اعداد: اللجنة الثقافية  في نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي
تصوير: بهجت هندي

   [/size]
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير