البطريرك ساكو: مخاطر حرب كردستان – العراق، تعيق عودة المسيحيين

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أكتوبر 19, 2017, 10:20:20 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت


  البطريرك ساكو: مخاطر حرب كردستان – العراق، تعيق عودة المسيحيين   

         
برطلي . نت / متابعة

ترجمة المطران باسيليوس يلدو

في المقابلة الصحفية التي اجراها الصحفي الايطالي (جاني فالينتي Gianni VALENTE ) مع غبطة البطريرك الكلداني مار لويس رفائيل ساكو في روما اطلق غبطته ناقوس الخطر: سهل نينوى هو الآن ضمن "الأراضي المتنازع عليها".

إن جمع التبرعات ودعم الجمعيات الدولية ليس كافياً لضمان استمرارية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط. فالأمر يحتاج أولا وقبل كل شيء إلى "حلول سياسية" لضمان الاستقرار ووقف دوامة الصراعات والعنف التي ما زالت تنتهك حياة مجاميع بشرية بأكملها.

البطريرك الكلداني مار لويس رفائيل ساكو، بعد ترأسه سينودس الكنيسة الكلدانية في روما للفترة من 4-8 أكتوبر 2017 وبعد مشاركته في اجتماع البابا فرنسيس مع رؤساء الكنائس الكاثوليكية الشرقية، يحدد المستقبل المجهول الذي لا يطمئن والذي يؤثر على مستقبل المسيحيين العراقيين، وخصوصا في سهل نينوى الذي فيه صراع عسكري جديد بين بغداد والحكومة الكردية. وفي الوقت نفسه، يكرر رئيس الكنيسة الكلدانية أن بقاء المسيحيين في الشرق الأوسط هي مسألة تعتمد على الإيمان، بدلا من الاستراتيجيات السياسية: "نحن المسيحيين كما يرى البابا أن قوتنا الوحيدة هي ايماننا. وليس لدينا شيء آخر ".

الا يبدو أن هزيمة داعش تضمن السلام في العراق. وهل هذا يؤثر أيضا على حالة المجتمع المسيحي المحلي. أي طريق يجب اتباعه؟
اضاف غبطته "نحن في الشرق الاوسط نحتاج الى حلول سياسية. لا نحتاج فقط إلى المساعدات الاقتصادية والتبرعات الوقتية. الناس تعبوا من حرب إلى أخرى، يريدون الاستقرار، يريدون العيش بأمان وحرية وكرامة. ولكن الغرب لا يهتم بذلك. ولا تعطي شعارات الحرية والديمقراطية شيئا".

أين تكمن الصعوبة في فهم ديناميات الشرق الأوسط في الغرب؟
"هناك نوعان من العقليات. الغرب يعيش الإلحاد العملي كديانة جديدة. انظر إلى الفراغ الروحي، والكثير من المسيحيين هم فاترون. وعلى النقيض من ذلك، فإن الإسلام السياسي، حيث يتم تحديد الدين وتسيسه، يتم استيعابه من قبل السياسة. يجب على المسلمين أن يفهموا أن العالم قد تغير، ان يفهموا أن الإسلام ليس الدين الوحيد في الشرق الأوسط وان السبيل الوحيد لتعزيز التعايش والتقدم هو اعتماد دولة مدنية تقوم على مبدأ المساواة في المواطنة للجميع ".

هناك من يعتقد ان حل الأمور يتم من خلال "تصدير" الديمقراطية مع الحروب.
"الحرية والديمقراطية في السياسة يتم الحصول عليها من خلال تنشئة الناس وتدريبهم وهذا مشروع طويل المدى، ولكن القادة السياسيين في بلداننا غالبا ما يسعون فقط إلى تحقيق مصالحهم الشخصية في السلطة والمال، وهو ما لم يدم طويلا. نحن لا نفهم الى أين نحن ذاهبون، فقط الفقراء والأبرياء هم من يدفعون الثمن. مباشرة بعد التخلص من احتلال الدولة الإسلامية، وعلى الفور فتحت جبهة جديدة من التوتر وعدم اليقين مع كردستان العراق لقيامه بالاستفتاء من اجل الاستقلال.

كيف تضع نفسك أمام المسألة الكردية؟
"في العراق، الأكراد يشكلون 5 ملايين، ولكنهم منقسمون، ومجموعهم في العراق وإيران وسوريا وتركيا، حوالى 40 مليون. من حيث المبدأ يحق لهم الحصول على دولة خاصة بهم، ولكن هذا يحتاج الى إعداد وتفاوض مع الحكومة المحلية ودول الإقليم والمجتمع الدولي يجب أيضا مراعاة السياقات والتوقيتات .

هل دعم المسيحيون الاستفتاء؟
"بعض من هم في كردستان دعم الاستفتاء. انهم يعتقدون ان مستقبلهم هناك، فمن حقهم كونهم كردستانيون. ولكن هناك كثيرون آخرون معارضين ".

ما هي المشاكل والمخاطر؟
"ثمة مشكلة لم تحل هي ما يسمى المناطق المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، وسهل نينوى حيث تعود جذوره التاريخية التقليدية للعديد من الطوائف المسيحية. إنها مشكلة تحتاج إلى حل أولا. ونحن ككنيسة، شجعنا كل الاطراف على اعتماد الحوار والتفاوض".

هل هناك خطر من تدهور الوضع؟ اضاف غبطته "هناك بالفعل توتر كبير جدا".

هل شارك المسيحيون في سهل نينوى حقا في الاستفتاء؟ وكم عددهم؟
"في رأيي، ليس الكثير. أصبح سهل نينوى الآن أرضا مقسمة، حسب من حررها من داعش. فقد تم تحرير الجزء الشمالي من قبل الأكراد البيشمركة، ويخضعون الآن لسيطرتهم بينما تم التحكم في الجزء الجنوبي من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي وهم يديرونها. الوضع حساس، والأرضية هشة ".

قد وعدت لجنة استفتاء كردستان المسيحيين بالسيادة ووعدت باستقلال المسيحيين في سهل نينوى، ووعدت بإعادة الحلم القديم لإنشاء منطقة محمية للمسيحيين هناك. ما رأيك بذلك؟
"لقد اعتدنا على وعود الجميع، سواء من قبل الحكومة المركزية أو من قبل حكومة إقليم كردستان. نحتاج اليوم إلى تعلم الدروس من التاريخ. ليس من الضروري ان نثق بشكل اعمى أو بطريقة عاطفية أولئك الذين يقدمون وعودا غير واقعية، وحتى اذا وعدوا بشيء فانهم يفعلون ذلك ضمن خطتهم السياسية ".

هل هناك صفقات مالية لدعم الاحزاب المسيحية لاستقلال كردستان؟
"معظم الأحزاب المسيحية تتلقى الإعانات، من قبل ناس مؤثرين وهم على اتصال بحكومة إقليم كردستان. لا يزال السيد سركيس أغاجان، مسيحي آشوري، وهو وزير سابق للمالية في منطقة الحكم الذاتي في كردستان، يلعب دورا هاماً، حيثُ قام في الماضي بتمويل العديد من المشاريع وعلى مستوى مؤسسات الكنيسة في العراق ".

حضرتك أيضا تعرضت لهجوم من قبل بعض السياسيين المسيحيين من تلك الأحزاب. وقد اتهمت بالتدخل أكثر من اللازم في المسائل السياسية.
"ليس لدى الكنيسة أي رغبة في التدخل بالسياسة. ولكننا نعيش في حالة فراغ، علينا أن نقول كلمة حق في الشأن العام، وبحكمة فكثير من الناس يأتون إلينا لأنه ليس لديهم أي جهة اخرى يلتجون إليها، ويطلبون منا المساعدة سواء بالحصول على عمل، او للمراجعات أو استعادة أقاربهم الذين اختطفوا...".

هل الأكراد منقسمون أيضاً؟
"هذا يسهم أيضا في عدم الاستقرار. في كردستان هناك قوى سياسية ضد الاستقلال. وأخشى أن تتعمق الهوة بين المؤيدين للاستقلال وغير المؤيدين من جراء الحصار المفروض على كردستان. وقد تم بالفعل إلغاء الرحلات الدولية إلى أربيل. فاذا اصبح الوضع الاقتصادي معقدا، فهل سيجدون المال لدفع الرواتب للعسكريين وموظفي الاقليم؟ "

وعلى الصعيد الدولي، لم يعترف أحد حتى الآن باستقلال كردستان.
"مع ذلك، هناك العديد من "الرسائل المزدوجة" فقد قال الرئيس الفرنسي انه ليس ضده. وأعرب الكنديون عن تأييدهم والولايات المتحدة لديها في كردستان مستشارون. ثم هناك موقف موالي من إسرائيل".

المنظمات الدولية والكثير من القادة والأجهزة السياسية يقولون انهم يريدون مساعدة المسيحيين. ولكن يبدو أن مصير المسيحيين يعتمد فقط على العلاقة بين القوة السياسية والضغوط من الخارج.
"البابا، عندما التقى رؤساء الكنائس الكاثوليكية الشرقية، كرر أن المسيحيين في الشرق الأوسط هم ضحايا "الحرب". وقال كل شخص عليه الصلاة والاعتماد على مبادئ الإنجيل، ولم نطلب من قوى خارجية حماية الوجود المسيحي في أراضينا. ولم يشر إلى أي قوة سياسية. إن استمرار المسيحيين في الشرق الأوسط مسألة تعتمد على الإيمان وروحية الرسالة، بدلا من الاستراتيجيات السياسية. نحن المسيحيون كما يقول البابا قوتنا الوحيدة هي في إيماننا. ليس لدينا أي شيء آخر. فقط بالإيمان يمكن الاعتراف بأن الوجود المسيحي لديه مهمة في الشرق الأوسط وهو مدعو لإظهارها للآخرين وترسيخ العيش مع الاخرين والعمل معهم. كثير من اخوتنا المسلمين يعرفون ان المسيحيين مبدعون في اعمالهم مثل المدارس. أنهم يدركون أن وجودنا يعطي مساهمة إيجابية للمجتمع والتي لا غنى عنها للتعايش في مجتمعاتنا، والتاريخ عبر عن هذا الوجود. لذلك، أولئك الذين يريدون أن يساعدوننا ويتعاطفون مع المسيحيين، يجب أن لا يفصلوا المسيحيين عن اخوانهم المسلمين ومن الديانات الأخرى، لانهم كلهم مواطنو البلد الواحد. فهذا الانفصال يشكل خطرا ايضا ".

في الماضي حضرتك تشكيت من أن بعض الدول الغربية تشجع هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط، وبهذه الطريقة ساعدت في تفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين. ولكن قبل بضعة أيام بعض اللاجئين المسيحيين في لبنان نظموا مظاهرة، متهمين قادة كنائسهم للحد من عدم قبول طلباتهم للسفر إلى الخارج (إلى الغرب) خوفا من فقدان انتمائهم لبلدهم. هل هذه الأمور صحيحة؟
"بالتأكيد لا. لم نطلب أبدا لا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بعدم اعطاء التأشيرات للمسيحيين الذين يرغبون بالهجرة. السفر أو البقاء هو قرار شخصي، ويجب احترام هذا القرار. ولكن بما أن البطريرك مسؤول فلا يستطيع أن يعزز أو يدعم الهجرة الجماعية للمسيحيين من الشرق الاوسط. وعلاوة على ذلك، يجب على الكنيسة أن تفعل المزيد لرعاية المؤمنين الذين هاجروا، حتى لا يفقدوا في وقت قصير الغنى الروحي الذي اكتسبوه من كنيستهم الام. "

في هذا الصدد، قال البابا إن الكنيسة ليست لاتينية أو سلافية أو بيزنطية، ولكن "كاثوليكية". هل الغنى الروحي للكنائس الكاثوليكية الشرقية يقدر ان يكون وسيلة لإدراك معنى الكاثوليكية؟
"نحن جميعا جزء من الكنيسة الكاثوليكية الجامعة، ولكن هذه العضوية لا تعني النمطية، أي التماثل لأشكال وديناميات الكنيسة اللاتينية الغربية. التنوع والوحدة والشركة هو ثراء، ونحن بحاجة الى بعضنا البعض ".

عودة اللاجئين المسيحيين إلى ديارهم في سهل نينوى هل هي باعداد كبيرة حقا، كما يقول البعض، لإظهار أهمية دعم المبادرات، ام هي هامشية، كما يقول مراقبون آخرون؟
"لا يكفي تقديم العون والمساعدات لعودة النازحين، وانما العمل على إعادة بناء وتطوير البنى التحتية المدمرة والمدارس والمستوصفات. كذلك علينا ان ندرك أن عدم اليقين حول مستقبل سهل نينوى وخطر اندلاع نزاع جديد بين الجيش الحكومي وقوات البيشمركة يجعل العديد منهم بانتظار بعض الوقت لرؤية كيف ينتهي الحال.


بالختام اتمنى ان يسود الحوار وليس الفوضى او اللجوء الى السلاح الذي يقتل ويدمر كل شيء.