مشاكســـــة وطـــــن بالمـــــزاد العلنـــــي/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 31, 2015, 11:48:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســـــة
وطـــــن بالمـــــزاد العلنـــــي



برطلي . نت / بريد الموقع

  مال اللــــــه فـرج
Malalah_faraj@yahoo.com
.....................................

اعصار الازمة المالية الذي انفجر صاخبا مدويا وهو يمسك بتلابيب المرتكزات الاقتصادية بقوة ويهزها ذات اليمين وذات الشمال بعنف مسقطا هياكلها المهترئة، ارغم حكومتنا الوطنية ومسؤولينا وبرلمانيينا وسياسيينا الاشاوس الاعتراف بمنتهى التواضع (بنجاحهـــــم) التاريخي المثير ومنقطع النظير في ايصال البلاد الى واحدة من اخطر حالات فقدان التوازن بسبب الفقر المدقع والبطالة والميزانية خالية الوفاض، بعد ان اضطرت معظم محافظاتنا وفي مقدمتها عاصمة الف ليلة وليلة إلى اشهار افلاسها بعد ان كانت درة الزمان وجوهرة المكان، وقبلة الزائرين ومحط اهتمامات الملايين وهي توشك ان تلفظ انفاسها، حيث تخنقها النفايات ويحكم الاهمال قبضته على عنقها ، ويحاصرها من كل جانب الفساد والمفخخات والانهيارات الامنية وانفلات المليشيات وفوضى الاغتيالات والاستهدافات والاختطافات.
وقد ارغمت هذه الازمة الحكومة على تتويج (نجاحاتها) الثورية التاريخية المتفردة باللجوء لاتخاذ قرارها المتأخر بتخفيض رواتب   الرئاسات الثلاث ونوابهم بنسبة 50% مع تخفيض مخصصات الوزراء ومن هم بدرجتهم ومن يتقاضى راتبهم بنسبة 45%، ومخصصات وكلاء الوزراء والمستشارين واصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامون ومن هم بدرجتهم ومن يتقاضى راتبهم بنسبة 40%، ومخصصات الموظفين بكافة عناوينهم الوظيفية في الرئاسات الثلاث والهيئات والمديريات المرتبطة بها بنسبة 30%، وذلك اعتبارا من الاول من آب.
وربما كان هذا القرار (الثــــوري الناقــــــص) أروع لو انه تضمن ابرز مكملاته التي يبدو انها سقطت (ســـهوا) من بين اصابع المشرعين، الا وهي توثيق مبالغ رواتب ومخصصات من شملتهم هذه (المكرمـــــة) التاريخية ليقف المواطنون على حقائق الرواتب (المتواضعـــــة) والمخصصات (الاشـــــد تواضعـــــا) التي يتقاضاها مسؤولوه وممثلوه البرلمانيون الذين اوصلوا البلاد والعباد، وهم يواصلون عطاءهم وسهرهم وعرقهم وتعبهم وتضحياتهم وسفراتهم وايفاداتهم ومباحثاتهم ليل نهار، الى (جنــــة الافـــــلاس) هذا في وقت تحسدنا فيه شعوب العالم وحكامه على غزارة ثروتنا النفطية التي وضعتنا عبر ارقامنا التصديرية في المرتبة الثانية بعد السعودية، دون ان تفلح مواردنا هذه التي تجاوزت حاجز الثلاثة ملايين برميل يوميا وبفضل (نزاهــــــة) بعض مسؤولينا في رمي حبل الانقاذ لبلادنا وانتشالها من السقوط في هوة الظلام كمثال، جراء الكهرباء الكسيحة التي بات سرطان الفساد يلتهمها من الداخل بعد ان التهم قرابة الاربعين مليار دولار خصصت لمعافاتها والنهوض بها بعد ان وعدنا مسؤولون امناء اوفياء نزهاء باننا سنكتفي منها وسنصدر الباقي الى دول الجوار عام 20015، واذا بنا بدل ان نكتفي ننكفئ ونغرق في الظلمات في ايام الصيف اللاهبات، كما لم تفلح كل هذه الثروة النفطية والجهود الثورية العبقرية في معالجة الواقع المتدني وابعادنا عن شبح الافلاس العلني.
وبعيدا عن اعمال السحر والشعوذة وقراءة الفنجان والاستعانة بالارواح الخفية والجان، سبق للمركز العالمي للدراسات التنموية في لندن ان حذر في تقرير له العام الماضي من إفلاس العراق خلال 3 أعوام بسبب عجز الميزانية والفساد المالي والاداري، وتزايد الإنفاق على العمليات العسكرية ضد الارهابيين، حيث قدر كلفة هذه العمليات في محافظة الأنبار وحدها ما يعادل 7 ملايين دولار أميركي يومياً، مؤكدا ومحذرا في الوقت نفسه من ان تجاوز العجز مبلغ 50 مليار دولار، سيجعل العراق إن وصل اليه، سيكون عرضة لخطر الإفلاس في عام 2017 وسيعجز عن دفع رواتب موظفيه. ويبدو أن مؤشرات الإفلاس باتت تلوح في الأفق، وقد تمثلت ابرز مؤشراتها باشهار المحافظات إفلاسها وتوقف المشاريع وتراجع الخدمات وخفض الرواتب.
الى ذلك تعددت الآراء والاجتهادات والتحليلات والاتهامات والتفسيرات والادعاءات ووجهات النظر حول اسباب هذا الانهيار الاقتصادي الذي فجر فضيحة مدوية ضد واحدة من اغنى الدول الشرق اوسطية وهي تمتلك اضخم الاحتياطيات النفطية واكبر المستويات التصديرية.
منهم من عزا ذلك الى ااستشراء الفساد، ومنهم من عزاه الى (الجــــــوع المزمـــــن) لبعض المسؤولين العظام الى المال العام، (وشـــراهتهم) في التهامهم ، ومنهم من عزاه الى الصفقات الفاسدة كاجهزة كشف المتفجرات وسواها، ومنهم من عزاه الى سوء التخطيط، ومنهم من عزاه الى رقة مشاعر البعض الانسانية وتكفله بانعاش اقتصاديات دول اقليمية على حساب الحاجات الوطنية عملا بالمثل المصلاوي القائل (الجــــــار الزيـــن يســـتيهل مــــاي العيــــن)، ومنهم من عزاه (متنــــدرا) الى توقف صادرات عرق بعشيقة الى الدول الشقيقة والصديقة، بيد ان الجميع كما يبدو اخفقوا في التوصل الى الحقيقة برغم تحليلاتهم الذكية ومبرراتهم الموضوعية.
ان سبب الافلاس ايها الناس، هو كرم الحكومة وانسانيتها المفرطة في رعاية وتكريم ودعم ومساعدة ومساندة وانعاش هذا الشعب وزيادة رفاهيته واجتثاث معاناته من خلال حرصها المستمر على زيادة اعداد وانواع المواد الخرافية في البطاقة التموينية، مما ادى إلى افلاس الخزينة المركزية.
فقد تفتق ذهن الحكومة بعد تفكير مجهد طويل والاستعانة بالخبراء والعلماء والمتخصصين والمحللين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين حول افضل هدية يمكن ان تقدمها لشعبها الوفي الامين لتدخل الى قلبه البهجة والسرور وتملأ كل القلوب بالافراح والحبور لمناسبة اطلالة العيد السعيد، عيد الفطر المجيد، وقد اسعفها فكرها الستراتيجي بهدية تاريخية لن تنسى من الذاكرة البشرية نظرا لقيمتها الانسانية، وهكذا منحت كل عائلة (خمســـة كيلـــــوغرامــــات) ليس من الفضة او من الذهب الخالص وانما من ما هو ارقى واعظم واثمن لانه دليل محبة وأحد رموز الحياة، فكانت الهدية باختصار خمسة كيلوغرامات من (الطحيـــن الابيــــض) الذي ادى الى الكثير من الاصابات بامراض مختلفة لدى غالبية من اضطر لتناول الخبز او المعجنات المصنوعة منه، ليس لسوء نوعيته، وانما لعدم تعود معدات (جمـــع معــــدة) العراقيين على تناول هذه المواد (الدخيلـــة) بعد ان عودتهم حكوماتهم (الرشــــيدة) لاكثر من عشر سنوات على تناول الطحين الاسمر حفاظا على صحتهم ورشاقتهم.
وهكذا ادت صفقة الطحين الابيض هذه الى زلزلة الاقتصاد وانفجار الازمة المالية واشهار المحافظات افلاسها وتخفيض الرواتب.
اخيرا، لنحمد الله على ان حكومتنا الرشيدة فكرت بمنحنا خمسة كيلوغرامات من الطحين الابيض مما ادى الى هذه الازمة المالية، ولم تفكر باهدائنا بدلا عنها خمسة كيلو غرامات من (الكافيــــــار) الذي يزين يوميا موائد المسؤولين الكبار، عندها ربما كنا سنضطر لبيعك يا وطني بالمزاد العلني.