اشكالية تسليح مسيحيي العراق وخيارات تحرير سهل نينوى

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, نوفمبر 28, 2014, 10:30:17 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

اشكالية تسليح مسيحيي العراق وخيارات تحرير سهل نينوى

اسكندر بيقاشا ـ السويد/عينكاوةزكوم
التزم المسيحيون في العراق بمبدأ الحياد في الصراعات المحلية طائفية كانت ام اثنية كاستمرار بمبدأ السلام الذي ينادون به وتجنبا لضربات القوى الكبرى التي قد تبحث عن حجة للفتك بهم. هذه السياسة لم تنجح كليا لكنني انها بالفعل قللت من الخسائر في الاراواح على الاقل.

الوضع تغير كليا بعد سيطرة داعش على اراض وقرى المسيحيين في سهل نينوى الذي يعتبر الملاذ الاخير لهم في العراق حيث لازالت قرى وتجمعات صغيرة نسبيا ومتفرقة في اراضيهم القومية في اقليم كردستان بعدما اجبرهم نظام البعث على النزوح من اراضيهم القريبة من الحدود التركية بعد اتفاقية الجزائر لتوفير حزام امن بين العراق وتركيا لمنع المعارضين الاكراد من التواجد هناك.

المسيحيون اصبحوا امام خيارين , فاما ترك قراهم تحت حكم داعش وبقائهم نازحين في اربيل ودهوك بلا امل ولا مستقبل واما العمل على تحرير اراضيهم في سهل نينوى والعودة اليها وبناء حياتهم من جديد.

حياة النازحين ليست نزهة بل هي مأساة انسانية وعائلية لا يستطيع الكثيرين من تحملها لمدة طويلة. السيناريو المرتقب هو ان يحاول  الناس ان يجدوا حلا لمعضلتهم وفي اغلب الاحيان يكون الهجرة الى الخارج. لذلك فان ابناء شعبنا الذين لا يريدون خسارة قراهم واراضيهم الشخصية والتاريخية يريدون العمل على ان تكون هذه الفترة اقصر ما يمكن.

تحرير اراضينا له اشكاليات عديدة. فمن جهة ليست لنا الامكانيات العسكرية ولا المادية لمجابهة الدولة الاسلامية كما وانه ليdس بمقدور اية جهة مساعدتنا عسكريا دون المرور عبر حكومة اقليم كردستان.

ماذا يريده الكرد؟

لحكومة كردستان اجندة واولويات تريد ان تصل اليها قبل ان ياتي دور مصالح المسيحيين وعودتهم في سهل نينوى. اولى اولوياتهم هي ضم سهل نينوى والمناطق المتنازع عليها الى الاقليم او دولة كردستان ان كان قد حان اوانها بعد التخلص من الدولة الاسلامية. استراتيجية الاقليم يكون في تحرير اراضي سهل نينوى مع اراضي اخرى من داعش وفرض واقع عسكري وسياسي يجعل التخلي عن طموحاتها في السهل امرا صعبا حيث يعتقدون ان هذا يعطي لهم ذلك حقوقا اضافية.

البيشمركة الكردية تبحث عن التسليح لمقاتلة الدولة الاسلامية ودفع خطرها الى الوراء لكنها اعلنت مؤخرا انها ستسلح المسيحيين واليزيديين والشبك لحماية كل لقراه بعد تحريرها اي دور الشرطة وليس القوات المقاتلة حيث ان القوات المقاتلة تشكل حدود الاقليم او الدولة المرتقبة او السيظرة على اراضي جديدة من اجل المساومة.

ما يريده العرب

العرب السنة خصوصا مشغولون الان بمستقبل الدولة الاسلامية المدعومة من بعض القوميين العرب وسيحاولون الاحتفاظ بهذا الكيان قدر المستطاع ولا اراهم حاليا طموحين لتوسيعه نحو الشرق حيث يتعرضون لضغوط كبيرة في جبهات عدة. ان كان هنالك من معارضة سنية فانها حاليا لاتطمح اكثر من  تحرير المدن والقرى العراقية من سيطرة داعش وهي على اكثر الاحتمال ستكون منهكة بعد دحر داعش ولا تطمح اكثر من عودة الامور لماقبل دخول داعش سهل نينوى اي اعادة السهل اداريا الى محافظة نينوى ومن ثم التفاوض عليه مع الاكراد.

لكن ماذا نريد نحن وكيف نريد ان يكون تسليحنا؟

العودة الى اراضينا, الكل يريده شعبا وكنيسة واحزابا. تسليح الذات لحماية انفسنااصبح ايضا مقبولا من معظم ابناء شعبنا والكنيسة والاحزاب ايضا. النقطة الاخرى التي ارى اتفاقا حولها هو ضرورة المشاركة في تحرير اراضينا حيث لا يمكننا من فعل ذلك لوحدنا والتي بدونها تصبح اراضينا وقرانا وارادتنا تحت رحمة "المحررين" من كانت هويتهم.

الاختلاف يظهر في عدة نقاط:

اختلافات على كيفية التسليح هو نتيجة الاختلاف على المستقبل السياسي للمنطقة. يريد البعض في بقاء سهل نينوى خارج اقليم كردستان وتشكيل محافظة خاصة او اقليم مشترك بين اقليات السهل, بينما لا يعترض أخرين على ضم السهل الى اقليم كردستان فيما اذا "حرره" الكرد. الموقف السياسي من هذه النقطة يحدد الموقف من التسليح ايضا. ولا ننسى الذين يريدون العودة الى وضع ما قبل سقوط صدام اي ان يكون السهل جزءا من محافظة نينوى.

الذين يرفضون الانضمام الى اقليم كردستان يتخوفون من "تحرير" سهل نينوى من قبل البيشمركة لانهم كما قلنا يعرفون بان فصل سهل نينوى عن الاقليم سيكون صعبا جدا بعد ذلك. لذلك فهم يريدون التعاون مع الحكومة المركزية ,التي كانت وعدتهم في السابق بدراسة تكوين محافظة في سهل نينوى, او قوات التحالف الدولي من اجل تحرير السهل.

هنالك من لا يمانع في الانضمام للاقليم وهو في الحالة هذه لا يرى مانعا من الانضمام تحت قيادة البيشمركة  لتحرير اراضينا ايضا. لذلك فهنالك قوى شكلت وحدات تحت قيادة البيشمركة يساعدون هذه القوات في السيطرة على القوى بعد تحريرها للمحافظة عليها من النهب والسلب.

هنالك مجموعة ثالثة لا ترى في الحكومة العراقية املا حيث ان الواقع الجغرافي والعسكري في المنطقة يجعل من وصول القوات الحكومية قبل البيشمركة الى سهل نينوى امرا غير واقعي تماما كما انها تريد ان تاخذ دورا فعالا في تحرير اراضيهم وليس دورا في الخطوط الخلفية كي يكون لها دورا في تحديد مستقبل السهل.  وهذه اراها نقطة جوهرية حيث ان وجود مثل هذه المشاركة التي تكون شرفية من ناحية لكنها من جهة اخرى تستطيع انتزاع بعض الحقوق التي قد تصل الى الحكم الذاتي للسهل اذا اجبر على الانضمام الى اقليم كردستان. هذه الفئة تعتقد بان افضل المواقف هو تشكيل قوات عسكرية من المسيحيين(كلدان, اشوريين, سريان) تكون مستقلة تسليحا وقيادة لكنها تنسق مع قوات البيشمرغة في القتال ضد الدولة الاسلامية.
كي تقبل البيشمركة بهكذا حل يجب ان يكون عليها بعض الضغوط من حلفائها الغربيين.

هنالك البعض من ابناء الشعب يطالب اوربا وامريكا في تحرير اراضينا ووضع قوات من اهل المنطقة فيما بعد لحمايتها وبذلك سيخلقون كيان اداري وسياسي يخدم ابناء المنطقة. الاشكالية هي ان الدول المذكورة , حتى وان افترضنا رغبتها, قد اوضحت مرارا انها لن تتدخل عسكريا على الارض. والواضح انه لا يمكن هزيمة داعش بالضربات الجوية فقط فانه يتعين على ابناء شعبنا محاربة داعش لوحدهم او مع اليزيدية والشبك, ان قبلوا بهذا الحل. وهذا يتطلب اولا موافقة حكومة الاقليم ودعما عسكريا ولوجستيا من حكومة اقليم كردستان والتي تستطيع والحالة هذه ان تفرض شروطها على الجهات المتحاربة.
الكلفة البشرية الكبيرة لهذه الحل قد تكون كبيرة خاصة ان لم يتم انهاك داعش وتفكيك قدراته البشرية والعسكرية مسبقا. خطورة خلق صراع قد تنجح داعش  في تصويره على انه صراع مسيحي ـ اسلامي وبالتالي خلق خلافات وعداءات بين سكان السهل نفسه.

ان العامل الحاسم في نجاح او فشل اي تحرك عسكري هو مقدار استعداد مسيحيي العراق للتضحية من اجل بقائهم في ما بين النهرين الذي يعاني من حروب داخلية واقليمية, وبعد ان عانوا كل انواع الظلم والاضطهاد القومي والديني والسياسي منذ عشرات السنين. هذا الاستعداد يقل كلما مر الزمن ونحن نقف ونتفرج على النازحين وهم يتركون العراق زرافات ووحدانا.

لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير