الفكر الأشوري و سياسة " كذب العلماء و لو صدقوا "

بدء بواسطة henri bedros kifa, يناير 27, 2011, 09:50:16 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

henri bedros kifa

الفكر الأشوري و سياسة " كذب العلماء و لو صدقوا "

يتعرض المسيحيون المشارقة من أقباط و أرمن و سريان آراميين الى أبشع عمليات الإرهاب : بعض الأصوليين ضحوا في حياتهم لقتل المسيحيين المشارقة و هم يصلون أمينين في كنائسهم . " العروبيون" ينهبون تاريخنا و الأصوليون يحاولون بكل الوسائل إقتلاع البقية من المسيحيين الأصيلين من أوطانهم !

الأكثرية الساحقة من المسلمين العرب هم معتدلون و لهم علاقات طيبة و ودية مع المسيحيين المشارقة . إن بعض الأصوليين (عددهم قليل جدا) يرتكب هذه العمليات ضد المسيحيين المشارقة مما يسيئ الى الحكومات العربية و الشعب العربي الأصيل .

هدفي من هذا المقال هو إظهار الفكر الأشوري الذي يردد ان السريان ينتمون الى الشعب الأشوري و بالتالي من حق احزابهم ان تكون " ممثلة"  لكل السريان الآراميين في الشرق !

اولا - " كذب المنجمون و لو صدقوا "

كان المنجمون و العرافون و السحرة يحتلون مكانة مرموقة في تاريخ الشعوب القديمة. كان اباطرة الرومان في أوج عز الإمبراطورية الرومانية يلجئون الى المنجمين لمعرفة رأي الألهة في الأعمال و الحروب المزمعين على خوضها . رأي الألهة عبر الذبائح المقدمة لن يغير مصير المعركة فالغلبة في أكثر الأحيان هي للجيش الأكثر عدد و الأكثر استعداد للحرب!

قصيدة أبي تمام في فتح عمورية مشهورة جدا لأن المنجمين كانوا قد نصحوا الخليفة المعتصم بإنتظار فصل الصيف و لكن الخليفة لم يسمع لهم و بادر الى مهاجمة البيزنطيين و الإنتصار عليهم .

مطلع القصيدة :

"السيف أصدق أنباء من الكتب  في حده الحد بين الجد واللعب"

إن الديانات السماوية قد حاربت المنجمين و السحرة لأنهم من رموز الديانات الوثنية و لأنهم لا يعرفون إرادة الله الحقيقية . لا تزال المجتمعات في أقصى أسيا تؤمن ان رهبان بوذا يستطيعون معرفة الغيب و يقصدونهم - حتى اليوم - قبل عقد الزواج لمعرفة اذا سيكون موفقا و حتى قبل القيام بالسفر من اجل العمل !

المنجمون لا يعرفون مسبقا نتائج المعارك و هم " كذابون منافقون" حتى و إن صدقت توقعاتهم!

إخوتنا من السريان المشارقة الذين " يؤمنون / يدعون" بهوية أشورية حديثة يحكمون على دراسات العلماء المتخصصين بأنها " كاذبة" بدون التحقق بصحتها !

ثانيا - الفكر الأشوري الحديث 

أ- هو الفكر القومي الذي بدآ ينمو بين السريان المشارقة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي بعد التنقيبات الآثرية في العراق و إنتشار تسمية  ASSYRIOLOGY و إهتمام العلماء بتاريخ الشعب الأشوري القديم . السريان المشارقة حسب مصادرهم التاريخية باللغة السريانية هم احفاد الآراميين و لغتهم الأم هي السريانية الآرامية و لكن الفكر الأشوري يدعي أن السريان ينتمون الى الأشوريين القدامى و يحاول بكل الطرق الملتوية في تأكيد الهوية الأشورية الغريبة عن السريان و هويتهم الحقيقية .

ب - هنالك عوامل عديدة ساعدت في الماضي في إنتشار الفكر الأشوري بين السريان سوف أذكر بعضها:

* الإكتشافات الآثرية في العراق و فك رموز الكتاببة المسمارية و إهتمام الغرب في القرن التاسع عشر في تاريخ و حضارة الأشوريين القدامى قد خلق بين السريان الشرقيين فكرة الإنتماء الأشوري .

  *الصراع السياسي في أوروبا و سياسة الإستعمار قد دفعت هذه الدول الى تشجيع الإرساليات خاصة البروتستنتية في تواجدها في الشرق . لقد شرح العالم جان فيه كيف ان التعبير باللغة الإنكليزية "إرسالية للمسيحيين في ( بلاد) أشور" سيتحول الى" إرسالية للمسيحيين الأشوريين" .

  *سياسة الإنكليز الخداعة : كتب ويغرام كتابا حول السريان النساطرة سنة 1910 و عنوانه "  THE  ASSYRIAN  CHURCH " و لكنه يؤكد في المقدمة أن التسمية الأشورية هنا لا تشير الى هوية تاريخية او حرفيا " there   is   no   historical   authority   for     this   name  "و لكنه سيكتب كتابا أخر بعد عشرين سنة يؤكد فيه - بدون براهين علمية - ان النساطرة يتحدرون من الشعب الأشوري القديم ربما لأن السريان النساطرة كانوا " متحالفين" مع الإنكليز في العراق.

*بعد مأساة سيميل سنة  ١٩٣٣ و هرب عدد كبير من إخوتنا السريان النساطرة الى أميركا و عالم الإغتراب و تأسيسهم لأحزاب و نوادي ثقلفية و مجلات تحت شعار الإسم و الهوية و اللغة الأشورية. نشأت عدة أجيال تؤمن انها تنتمي فعلا الى الآشوريين القدامى و انها تتكلم اللغة الأشورية الأم !

*عبر تاريخها الطويل كانت الكنيسة النسطورية تعرف بالكنيسة الشرقية القديمة او الكنيسة السريانية الشرقية و لكنها سنة ١٩٧٦ بدلت إسمها الى الكنيسة الأشورية و صار رجال الدين في هذه الكنيسة يرددون أنهم ينتمون الى الأشوريين و يتكلمون لغتهم الأم " الأشورية" !

*إنتماء السريان المشارقة الى عشائر كانت تعيش في معزلة في جبال حكاري قبل الحرب العالمية الأولى و محاطة بشعوب هندو اوروبية سوف تساعدهم على الحفاظ على تقاليدهم و لغتهم السريانية الأم  بعكس السريان الذين كانوا يعيشون مختلطين مع العرب مما سمح لهم بالتكلم باللغة العربية .

ج- أشوريون قدامى أم سريان آراميون ؟

   *لا احد ينكر او يستطيع ان ينكر تاريخ الشعب الأشوري القديم و لكن إخوتنا من السريان المشارقة الذين يؤمنون بالتسمية و الهوية الأشورية يرددون ان كل السريان ( المشارقة و المغاربة ) ينتمون الى الشعب الأشوري العظيم .

*بالرغم من أن علماء السريان النساطرة القدامى كانوا يؤكدون في مصادرهم التاريخية على انهم سريان آراميون و بالرغم ان بعض اشهر علماء الكنيسة الكلدانية المعاصرة  يعترفون بهوية آرامية تاريخية موحدة فإننا نرى الفكر الأشوري متمسكا بطروحاته التاريخية الخاطئة. *تجاهل متعمد لتاريخنا و هويتنا السريانية الآرامية : عندما السرياني الشرقي ( المؤمن/ المدعي) بالهوية الأشورية يعرف عن هويته باللغة السريانية يقول " سورايا" اي سرياني و لكن الفكر الأشوري المسيس لا يحترم قواعد اللغة السريانية و بكل جسارة يضعون حرف الألف امام الإسم السرياني و يحولونه الى" أسورايا" و يدعون انه إسمنا التاريخي باللغة السريانية : و يا للعار لأساتذة اللغة السريانية الجبناء الذين - لأسباب مجهولة ؟ - لم يصححوا هذا التزوير الفاضح . كلمة " أسورايا" غير موجودة في اللغة السريانية و التسمية السريانية التي تعني الأشوري هي " أتورايا" اي بحرف التاء !  من يرغب بالإطلاع على تاريخ الآراميين في العراق ارجو ان يطلع على " إنتشار القبائل الآرامية في العراق القديم " على الرابط

http://www.nesrosuryoyo.com/forums/viewtopic.php?f=182&t=2449
*إن أغلب العلماء المتخصصين في تاريخ السريان المشارقة يسمونهم " السريان المشارقة" و يسمون لغتهم اللغة السريانية و ليس اللغة الأشورية كما تروج كنيستهم او بعض المناضلين المتطرفين !

ثالثا - الفكر الأشوري و التاريخ الأكاديمي خطان متوازيان لا يلتقيان.

أ-  لقد  تطور الفكر الأشوري في السنين الأخيرة و قد بدل الكثير من شعاراته و طروحاته . بعض الأحزاب تعترف أن لغتنا الأم هي اللغة السريانية و بعض المواقع المهمة مثل موقع عنكاوا تسمي لغتنا سريانية و لكنها تسمح لبعض المتطرفين ان يسموها " اللغة الأشورية" مما يلقي الريبة و الحذر من موقف الأحزاب التي تعترف علنيا بإسم اللغة السريانية و لكنها لا تهتم في الدفاع عن إسم لغتنا العلمي !

لقد لاحظنا في العقدين الأخيرين تحولا في مفهوم الهوية التاريخية و التسمية : شعار " كلنا أشوريون" تحول الى " كلنا ننتمي الى شعب واحد" ! المشكلة إن اصحاب هذه الشعارات لا تبني طروحاتها على دراسات تاريخية علمية و تعمل الى تفريغ التسمية السريانية من مدلولاتها التاريخية و القومية :

*التسمية  "سورايا" هي مرادفة للأراميين و موحدة لكل مسيحي  الشرق و هي تسمية علمية موجودة في مصادرنا السريانية .

*الفكر الأشوري يقبل بالتسمية " سورايا" شرط ان تفسر عشوائيا " أسورايا " و لكنهم يرفوضونها اذا كانت مرادفة للآراميين .

*رغم تطور الدراسات التاريخية حول السريان الآراميين و لغتهم السريانية الآرامية ، الفكر الأشوري يفضل التسمية المركبة المطاطية و أخر تعبير مطاطي هو " لغة الشعب الكلداني السرياني الأشوري "!

ب - نشر موقع عنكاوا ترجمة لمقال حول تدريس اللغة الآرامية في جامعة أكسفورد . الرابط

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,470857.msg5005775.html#msg5005775
   المقال واضح جدا في تعابيره و هو يتكلم عن اللغة الآرامية و الدكتور دايفيد تايلر عالم مشهور متخصص في تاريخ الشعب السرياني و يجيد اللغة السريانية و لكننا رأينا بعض التعليقات المتهورة التي ترفض إسم لغتنا العلمي لانها تؤمن بهوية أشورية مزيفة لهويتنا التاريخية و لإسم لغتنا العلمي .

ج - الفكر الأشوري يحرف المصادر التاريخية و يزيف هويتنا السريانية : بعض المفكرين الذين يدعون بهوية أشورية يدعون ان اللغة الاشورية قد أثرت على اللغة العربية او ان أطباء الخلفاء العباسيين كانوا من الشعب الأشوري ! علما أن المصادر العربية القديمة كانت تطلق على سريان العراق تسمية " النبط" او " نبيط" و فيما بعد تسمية " السريان"

في مقال سياسي مشوه لهويتنا التاريخية كتب السيد وليم أشعيا  " دراسة حول الأقليات القومية والدينية في الواقع العربي والاسلامي(الآشوريين نموذجاً) " ذكر فيه :

" وكان العلماء الآشوريون قد لعبوا دوراً كبيراً في نقل الثقافة الآشورية واليونانية والفارسية إلى العرب بحكم معرفتهم بلغات تلك الحضارات". كتبت تعليقا حول " هل كان يوجد ثقافة " أشورية " في ألعصر ألعباسي ؟ موجود على الرابط


http://www.nesrosuryoyo.com/forums/viewtopic.php?f=182&t=5696
طالبت فيه السيد وليم أشعيا بأي حق يحرف المصادر العربية التي تذكر " أطباء سريان " و هو يحولهم الى " أطباء أشوريين " ؟

الخاتمة

أ - السريان المشارقة لا ينتمون الى الشعوب القديمة المنقرضة و الغائبة عن مسرح التاريخ  : السريان الشرقيون هم آراميون بهويتهم و لغتهم و حضارتهم !

ب - لقد انحرف الفكر الأشوري بطروحاته التاريخية : اذا كان فعليا يطمح الى توحيد شعبنا عليه ان يعمد الى النقد الذاتي و منع المتطرفيين في الإسائة الى هذا الفكر السباق في العمل من اجل وحدة قومية و الإبتعاد عن الإنتماء الطائفي المقسم .

ج - لقد مارس بعض السريان الغربيين من شخصيات و رجال دين و إعلاميين و مسؤولي مواقع سياسة " النعامة" التي لا ترى الصياد لأنها وضعت رأسها داخل التراب . الفكر الأشوري يزيف تاريخنا و هويتنا و إسم لغتنا ، على هؤلاء السريان ان يدافعوا عن تاريخنا العلمي كي نتوحد . إن سكوتهم يشجع الطروحات المتطرفة : اي سرياني مثقف لا يعرف أن إسمنا في اللغة السريانية لا يكتب بحرف الألف " أسوريويو/ أسورايا " أو اي مطران جليل لا يعرف ان إسم لغتنا هو " السريانية الآرامية " !

د - إذا كان " بعض" السريان لأسباب غير علمية يؤمنون اليوم بأننا جميعا ننتمي الى شعب واحد متحدر من الأشوريين القدامى فقد آن الوقت كي يتأكدوا بأنفسهم بالعودة الى مصادر أمينة و مراجع علمية ! نعم نحن شعب واحد و لكننا سريان آراميون !

ه - بعض طروحات الفكر الأشوري ( أسورايا - اللغة الأشورية - أطباء أشوريون في العصر العباسي .... ) تفضح مواقف " بعض" السريان الذين يضعون رؤوسهم تحت التراب و لكنها توقظ الأكثرية من السريان !

كلمة أخيرة : نحن نعلم جيدا الأخطار التي نتعرض لها في أوطاننا و لكن " إغلاق" موضوع الهوية و التسمية لحجج واهية هو أمر غير مقبول . نحن نؤمن أن الدراسات التاريخية العلمية توحدنا و سياسة" المجاملة" هي التي تبقي الإنقسامات و الطروحات المزيفة عائقا لوحدة تاريخية حقيقية

هنري بدروس كيفا