النازحون بين وطن بدل ضائع و وطن بدل تالف

بدء بواسطة philip hadayee, أكتوبر 08, 2016, 06:56:40 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

philip hadayee

                                         النازحون بين وطن بدل ضائع و وطن بدل تالف

توزع النازحون ( المهجرون قسرا) في هذه الايام بين  اكثر من اتجاه  فالأول يئس من الأنتظار ومرارة العيش وحالة الأحباط وفقدان الأمل في العوده الى بلدته التي سلبها منه الاشرار بعد ان  تم التجاوز على حقوقه وممتلكاته نتيجة اختلال المنظومه الأمنيه للبيئه التي كان يعيش فيها فقد تعرض للتهديد او الخطف والأبتزاز ماديا ، وشعر بأن البقاء في الوطن اصبح صعب جدا فلا يستطيع تأمين عيش أمن له ولأبنائه ولمستقبلهم  فقرراتخاذ (القرار الصعب )وهو الهجره الى بلدان الشتات فحزم أمتعته وأختار احدى الدول المجاوره لتكون محطته الأولى للانطلاق نحو دول المهجر فيلجأ اولا للحصول على ورقة (الحمايه ) من مكتب شؤون اللاجئين التابع للامم المتحده تؤيد بموجبه بانه اصبح ( بلا وطن ) او كان له وطن (وفقده )ليكون مؤهلا لمنحه (وطن بديل ) في احدى دول المهجر فهذه الورقه هي بمثابة (شهادة وطن بدل ضائع ) وبموجبها سيقف المهاجر في طوابير امام بوابات السفارات وصالات المغادره والوصول في المطارات وما يترتب على ذلك من أتعاب ومعاناة وطول أنتظار دون ان يكون لهؤلاء المهجرين المهاجرين اي ذنب في الأرباك الحاصل في الوطن واستهدافهم بهذا الشكل البشع من قبل الأرهابين ومصادرة وسرقة  وطنهم ولسان حالهم ما قاله الشاعر معروف الرصافي :
  كان لي وطن ابكي لنكبته             واليوم لاوطن لي ولاسكن
ولا أرى في بلاد كنت أسكنها        الا حثالة ناس قاءها الزمن
وبالرغم من الكم الهائل من صور التشرد والنزوح والتهجير والهجره العالقه في ذاكرة المهاجر ممن تجاوز الأربعين او الخمسين من عمره ، يبقى قلبه و وجدانه متعلقا بالوطن فهو يعيش يوميا ألم الغربه ودوامة الذكريات تحوم به مستعرضة مراحل حياته من زمن الشباب وسنوات الدراسه والعمل وعلاقاته الاجتماعيه مع الاهل والاقارب والاصدقاء والجيران بعكس الشباب واليافعين الذين ستكون عمليه اندماجهم بالمجتمعات الجديده سهله لانهم لم يلتصقوا بالارض ( الوطن) مثل كبار السن.
اما الأتجاه الثاني فما زال صابرا مرابطا ولم تداعب مخيلته فكرة الهجره الى خارج الوطن فهو يوميا ينظر نحو الأفق عند المغيب أملا برؤية بلدته في اليوم التالي فهو بانتظار خبر تحريرها وعودته اليها وممارسة حياته اليوميه كسابق عهدها بالرغم من قناعته بأنه سيواجه الكثير من المعوقات والمشاكل فيمكن ان يجد داره  منهوبه او متهدمه والبنى التحتيه للبلده مدمره فلا ماء ولا كهرباء ولا خدمات ولا مدارس او مراكز صحيه كما ان ادارات الدوله اما مفخخه او محروقه وهذا يتطلب فتره طويله لأعادة الحياة اليها ويحتمل ان تقوم الجهات الرسميه بتقدير الأضرار واعتبار المنطقه منكوبه  ويتم اصدار شهاده بأن الوطن متضرر وتالف  لحين اصلاحه واعماره ليكون وطن جديد بدلا من الوطن المدمر (وطن بدل تالف ) وبالرغم من كل هذه المعاناة والمأسي الا ان هذا النازح مازال ملتصقا بأرضه و وطنه فهو يريد البقاء في أرض الاباء والاجداد ويرفض العيش في اوطان بديله ليس من باب التبجح والادعاء فهو قانع بأن الانتماء الى هذه الارض يعطيه القوه والثبات للانطلاق لممارسة الحياة من جديد واعادة بناء الحضاره والعمل جاهدا على تغيير وتجدد وضعية الوطن نحو الأحسن بدلا من الوطن التالف ويتمتع بالسعاده والامن والامان والأستقرار رغم كل الظروف .
اما الاتجاه الثالث فهو بين هذا وذاك متردد بين الهجره وترك الوطن اوالبقاء فيه  حاليا وانه  قانع بأن العيش في الوطن اصبح صعبا على المدى البعيد وكما يقال بأنه اتخذ قرارالهجره  لكن  مع وقف التنفيذ بأنتظار تحرير بلدته وما سيؤول اليه الحال.
وبين هذه الاتجاهات يبقى السؤال الذي يتفق عليه الجميع من المسبب في تهجيرنا ونكبتنا ولماذا خسرنا كل ما نملك  ولماذا لا يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الأباده والكوارث التي حلت بنا والعمل على استرجاع الحقوق والممتلكات ومعالجة الأثار النفسيه التي رافقت النزوح والتهجير ورد الاعتبارالينا لأننا مواطنون اصلاء ابناء هذا البلد .
وختاما نأمل الموفقيه لمن هاجر ولمن يبقى في أرض الوطن وللمتردد ان يكون اكثر جرأة وان تكون الأيام القادمه أكثر أمنا وأمانا وأستقرارا من كافة النواحي الأجتماعيه والأقتصاديه والروحيه وان يؤمن الجميع متطلبات الحياة والعيش بسلام . 


                                                                                                   فيليب سعيد ابراهيم
                                                                                                     8/10/2016