منتديات برطلي

منتديات برطلي الثقافية.... => مقالات وكتابات........ => الموضوع حرر بواسطة: صائب خليل في يوليو 10, 2011, 01:27:21 صباحاً

العنوان: صائب خليل النجيفي وإقليم السنة والتشكيك بجريمة التاجي – وكيف نتعامل معها
أرسل بواسطة: صائب خليل في يوليو 10, 2011, 01:27:21 صباحاً
صائب خليل النجيفي وإقليم السنة والتشكيك بجريمة التاجي – وكيف نتعامل معها



لم تكن تصريحات النجيفي الأخيرة حول انفصال "إقليم للسنة" مفاجأة كبيرة لي، فقد استلمت المفاجأة قبلها ببضعة ايام من أحد معارفي الذي كان يؤكد لي أن موضوع "إقليم السنة" أو "الإقليم الغربي" أمر لا مفر منه وأنه لصالح المنطقة. وحين عجزت عن إقناعه من الناحية المبدئية، حاولت أن ابين له أن هذا الإقليم لن يحصل على ما حصل عليه إقليم كردستان الذي بنى ما حصل عليه على القوة بما لديه من جيش، والتنظيم والعلاقات الدولية والمصالح المعقدة التي يستحيل على إقليم السنة أن يحصل عليها، قال أنه يعلم ذلك وأنه يعلم أن الحكومة المركزية سوف لن تعط الإقليم إلا الحد الأدنى، لكن حتى بهذا الحد الأدنى فأن وضع الإقليم سيكون أفضل كثيراً، فهو لا يحصل على شيء يذكر الآن...هذا ما قاله.

هذه المناقشة استمرت ليومين أو ثلاثة، شعرت خلالها بإحباط لم اشعر به منذ توقيع المعاهدة الأمريكية قبل سنوات..فكما يعلم بعض قرائي فإني من أشد المعادين ليس للإنفصال فقط، بل حتى لتكوين الأقاليم، بعد التجربة المرة لإقليم كردستان، ولأني أعتبر أن العراق لن يحتمل ابتزازين من هذا النوع، فقد كنت في الوقت الذي أعارض فيه تكوين أي إقليم جديد، فقد دعوت إلى انفصال الإقليم الوحيد، كردستان، إن كانت تلك الفدرالية، بهذا الشكل المهين والعدائي، هي البديل الوحيد الممكن.

صاحبي كان مقتنعاً، وبقناعة يبدو أنها مبنية على اطلاع، بأن الإقليم هو ما يناسب المنطقة الغربية. ولأني لم أكن على اطلاع مساو لما في الداخل، فقد كانت المناقشة غير متوازنة، فهو يعرف الكثير من الأمثلة، ولم يكن لدي سوى عدد الوزارات التي يشغلها السنة كرد عليه، إضافة إلى حقيقة أن السنة اختاروا مجموعة مشبوهة وخطيرة لتمثيلهم، مما يجعل الثقة بهؤلاء القادة انتحاراً، وهي حجج لم تكن كافية على ما يبدو لدرء فكرة إقليم السنة. 

الشيء الغريب والجديد الذي أود إطلاع القراء عليه هو أن هناك عائق غير متوقع، إضافة للعوائق المعروفة، أمام المشروع الفدرالي – الإنفصالي وهو الإنشقاق الشديد بين مدينة الرمادي وبقية المنطقة الغربية، وأن هناك شعور بالتهميش الشديد لدى تلك المنطقة تجاه الرمادي، لذلك فالدعوة للفدرالية في حقيقتها أكثر من دعوة، فهناك الدعوة لفدرالية أو استقلالية ما، في المدن الغربية لا تشمل الرمادي، والشائع بين أبناء تلك المنطقة هو "أن نكون تحت حكم الشيعة ولا الرمادي". وطبيعي أن مثل هذا الطموح يمكن اعتباره مستحيل عملياً ودستورياً، وبالتالي فأن الدعوة كلها ربما لا تكون أكثر من احتجاج لا يهدف حقا إلى ما يقول.

كان النجيفي قد قال إن العرب السنة في العراق  يشعرون اليوم بالإحباط الشديد وما لم يتم علاج هذا الإحباط سريعا فإنهم سيفكرون بالانفصال في إقليم خاص بهم ..وأنهم يشعرون بأنهم يعاملون كـ "مواطنين من الدرجة الثانية". وفور صدور تلك التصريحات أو بعد أن تبين حجم الإحتجاج والرفض لها، تنصلت "العراقية" منها بعبارات قوية، وأعلن النائب عن تجمع عراقيون عبد الرحمن الويزي الذي يرأسه النجيفي عن انسحابه من الكتلة. رد النجيفي (انا قلت ان الوضع يتجه الى تشكيل اقاليم نتيجة سياسة مركزية حادة وتدخل في شؤون المحافظات وعدم اعطاء المحافظات ما تستحق من اموال ومشاركة)،

جابهت تحذيرات النجيفي حملة رفض شديدة، من ناحيتين، الأولى هي كون تيار العراقية الجانب الأكثر تأكيداً على القومية ووحدة الأراضي العراقية الخ..والثاني هو أن تلك التصريحات انطلقت من مكان غريب للغاية، ومثير للشكوك للغاية وهو "مضيف" بايدن، الرجل الأكثر صهيونية في الإدارة الأمريكية وبتصريحاته الخاصة وليس كتهمة عربية ضده.

فعلى سبيل المثال فقط، وصف عضو قائمة دولة القانون محمد سعدون الصيهود تصريحات النجيفي بالخطيرة ومخيبة للآمال، ملمحا عن وجود صفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية و النجيفي من اجل تمديد بقاء القوات الأمريكية والتي كانت سببا في تصريحاته التي تهدد بانفصال ألسنه. وقال عضو دولة القانون والنائب عن التحالف الوطني جواد البزوني " أن دعوة أميركا للنجيفي كانت بسبب تشجيعه على الدعوة لبقاء القوات الأميركية" (1)

اعتبر النائب عن ائتلاف دولة القانون عزت الشابندر أن تصريحات النجيفي تضعه في خانة الأطراف التي تسعى إلى تقسيم العراق وتخلع عنه شرعية رئاسته، في حين ربط بين تصريحاته ومشروع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الداعي لتقسيم العراق. و أكد زميله علي الشلاه، أن 52 نائباً من كتل مختلفة قدموا طلباً إلى البرلمان لمساءلة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي كما اتهم المرجع الديني الشيعي حسين المؤيد جهات سياسية قال إنها "تحسب نفسها زوراً على السنة" بالتحرك لتقسيم العراق، و أشار إلى أن الدستور العراقي الذي صيغ بإشراف الولايات المتحدة احتوى على عناصر تمزيق المجتمع تحت غطاء فدرالية الأقاليم.(2)

ويمكن القول أن الموضوع كله، بفشله الذريع، كان ذو تأثير إيجابي عام في العراق، فقد أشعر الجميع بالخطر الذي يهدد وطنهم فكان عنصر توحيد، كما كان مشروع بايدن قبل فترة. ويلاحظ الإستنكار الشديد بشكل خاص في الجانب الشيعي، الذي كان منقسماً في موضوع تأييد إقليم الجنوب أو إقليم البصرة، مع أكثرية كبيرة رافضة، مع ملاحظة أن الحديث لم يجر حينها عن الإنفصال.
والنقطة الإيجابية الأخرى هي الوعي ، أو إعادة الوعي بالخطر الأمريكي على وحدة البلاد، فليس صدفة أن يكون النجيفي في واشنطن عندما يصرح بما صرّح به.
وأعادت الأزمة إلى مركز الإنتباه، الإشكالات التي تم غرسها في الدستور العراقي ليكون تمهيداً لتلك المشاريع التقسيمية، فأشار العديد من الكتاب مثل علاء اللامي إلى الدستور العراقي "الذي أشرف على دَسْتَرَتِهِ الخبيران الأمريكيان فيلدمان المعروف بصهيونيته و غالبريث (3) الذي بلغت فضيحة (4) تلقيه رشى ضخمة من الزعامات الكردية العراقية مقابل دسه لعدة مواد دستورية خطيرة " حيث تتيح "المادة 119  لكل محافظة عراقية فما فوق تشكيل إقليم شبه مستقل."

ويتساءل الشاعر سعد الحجي في مشاركة له في استفتاء المثقف أدناه: في الولايات المتحدة مجموعات عرقية وطائفية أكثر مما في العراق وتاريخها، على افتقاده للجذور الضاربة عميقاً في الارض، حافل بالصراعات والحروب بين تلك المجموعات فلماذا تسنّ الولايات المتحدة لنفسها دستوراً ونظاماً سياسياً وحزبياً ينأى بها عن التقسيم العرقي والطائفي بينما تفرض على العراق هذا النظام السياسي البغيض؟

وكتب زياد اللامي "النجيفي من خلال كلامه اراد ان يحصل على امتيازات من امريكيا او يحب بقاء القوات الامريكية داخل العراق".

ويكتب صالح الطائـــي "في عام 2001 ألقى مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق " غيلييب" محاضرة في جامعة الإسكندرية المصرية تحدث فيها عن (9) أقاليم عراقية.! وأن التصريح "بالون اختبار مؤقت بعناية من حيث الزمان والمكان، أما من حيث الزمان فتوافقه مع قرب انسحاب القوات الأمريكية من العراق وتحمس القوائم الشيعية لهذا الانسحاب وسكوت الأطراف الأخرى (...) و اختيار التصريح بموضوع الانفصال السني على الأرض الأمريكية وفي قناة الحرة التي تديرها المخابرات المركزية الأمريكية، ليوصل رسالة إلى الأمريكيين بأن الطرف السني لا علاقة له بموضوع انسحابهم من العراق".(5)

ويمكن اعتبار الفهم العراقي للحدث، ضربة أخرى للجانب المتضائل المؤيد لإبقاء قوات أمريكية في العراق بعد العام الحالي، بربط هذا الحدث مع الموضوع. فنبه اللامي إلى أن تلك التصريحات قد تتعلق بتوجه قوي جداً – يستثنى الطرف الكردي – لرفض التمديد لبقاء القوات الأمريكية في العراق، حيث اتفق على ذلك "التيار الصدري وحزب الدعوة "المالكي" و كتلة حزب الحكيم البرلمانية وانضم إليهم أخيرا حزب "جبهة الحوار" بزعامة صالح المطلك (...) فأعلن موقفا جذريا وقاطعا لم يكتفِ برفض التمديد بل زاد فأشاد بموقف التيار الصدري الرافض له وهو أمر لا سابق له في المشهد السياسي العراقي".(6)
ومن الطبيعي أن بعض هؤلاء مثل الحكيم والمطلك لا يوثق بموقفهم وإنما يفعلون ذلك خشية رد فعل جماهيرهم، وهو ما يؤكد أن الجو العراقي يقف بالضد تماماً من ذلك التمديد وأن أصدقاء اميركا والمستفيدين منها أنفسهم يجدون انفسهم مضطرين للتظاهر بالرفض.

عدا كل ذلك فزيارة النجيفي لأميركا وما أحيط بها من ظروف عدم تنسيق مع البرلمان والحكومة، كلها محل شبهات، وتثير فوراً القلق من زيارته التي سبقت هذه إلى جيكيا، وجيكيا لمن لا يعلم، ليست سوى إسرائيل أوروبية، ومن يريد زيارة إسرائيل ويخشى على سمعته، فما عليه إلا زيارة جيكيا، وستوفر له كل اللقاء مع أية جهة إسرائيلية ترغب في لقائه باطمئنان، وقد كتبت سابقاً عن هذا ولنا عودة لهذا الموضوع إن أتيح لنا. أما الأن فأقول أن الموضوع محاط بالصهيونية ومشاريع إسرائيل وبقاء القوات الأمريكية من كل جانب.

ولكن كل هذه الشبهات لا تمنع أن يكون السنة فعلاً يشعرون بالإحباط والظلم، وأن المشاريع الصهيونية الأمريكية لا تختلق تلك الحجج وإنما تسعى للإستفادة منها، فهل تلك التظلمات حقيقية أم مفتعلة؟ حاول موقع المثقف الإجابة عن هذا السؤال فأجرى استطلاعاً حوله، انقل لكم بعض ما جاء في تعليقات المثقفين الذين اسهموا فيه (7):

أسعد البصري: السني العربي في العراق لا يريد أن يعترف أو يصدق أن الشيعة والأكراد كانوا درجة ثانية و مشكوك بولائهم طيلة الأربعة عقود زمن النظام القومي السابق . بنفس الغباء، الشيعي العربي اليوم لا يريد أن يصدق أن السني العربي هو مواطن درجة ثانية و مشكوك في ولائه اليوم . إدامة الطقوس الدينية الشيعية أمر مفهوم أول سنتين بسبب الشوق والمنع السابق لكن الأمر صار مبالغاً فيه و يجعل السني يشعر ب غربة و عزلة .... . فضائية حكومية مثل العراقية تعرض طقوس شيعية فقط ولا برنامج عن عمر بن الخطاب لماذا ؟ . أليست حكومية ؟ . جريدة حكومية مثل الصباح كلها مقالات شيعية ولا مقال عن أبي بكر الصديق لماذا ؟ السني يشعر بغربة ويتحول إلى خائن مثلما تحول الشيعي من قبل إلى خائن بسبب ظلم النظام السابق .
أنا شيعي مع السنة ، و سني مع الشيعة
ورافضي إذا انتصر السنة و ظلموا
و ناصبي إذا آنتصرت الشيعة و ظلمتْ .

عزيز الحافظ : أجروا إستفتاء في المناطق المسماة سنية حسب الدستور سيرفضون الفدرالية حتى لو جلبت العسل المغلّف بالذهب!

قاسم الخفاجي : لاتوجد دولة في العالم يسافر رئيس برلمانها ليطالب بامتيازات لطائفته

زياد اللامي: كلما اردوا السياسين من القائمة العراقية انجازات غير دستورية يصرحوا ان السنة مهمشين ...

مسلم السرداح : والشيعة من قال انهم غير مهمشين والمثقفين العلمانيين من قال انهم ينعمون بالحرية ؟ النظام الحالي يمثل شريحة من المتطرفين الشيعة وليس الشيعة انفسهم .ان ثوار ساحة التحرير في غالبيتهم من الشيعة .

جبار حمادي : الذي يطالب بحقوقه وفق طائفته فمؤكد عليه ان يطلبها من اهل طائفته الذين يشاركون بالحكم ويشتركون بعملية المحاصصة ..اما من يقول بعراقيته ويطالب بحقوقه كعراقي فمرحبا به.

هزاع الجبوري: نعم نحن نشعر باحباط شديد في العراق واننا لسنا فقط مواطنيين من الدرجه الثانيه بل غرباء عن العراق فما يسمى بالشعائر الحسينيه انما هو مناسبه للطعن برموزنا والحث على الانتقام من اهل السنه فاين المشتكى ...في المدارس في الاسواق اسمع استفزازات الشيعه لرموز اهل السنه والسب العلني من الحسينيات والتحريض فهل فيكم من منصف.

ويكتب علاء اللامي في مقاله سابق الذكر اعلاه :إنّ الاتهامات بالإقصاء والتهميش واقعية وحقيقية وهي أمر متوقع من زعامات طائفية في الجهة المقابلة غير أن تحديها والوقوف ضدها لا يكون بتبني الموقف الطائفي المضاد، والذي لن يؤدي سوى إلى الضمور والانكفاء والهجرة  بل يكون بتبني الموقف الوطني العلماني الفاقع والمنادي بالمساواة بين جميع العراقيين وإعادة كتابة الدستور الاحتلالي من جديد وبشكل شامل.

وكتب صالح الطائي في مقاله آنف الذكر، "من حق العالم كله، ومن حقنا نحن العراقيين قبل غيرنا أن نعرف نوع الإحباط والتهميش المزعوم الذي تتعرض له المحافظات السنية بما يدفعها في هذا الوقت للمطالبة بالانفصال على لسان رئيس مجلس النواب العراقي؟
وهل أن المحافظات الشيعية التي عانت من الحرمان تاريخيا ولا زالت تعاني الأمرين والمرين، مر تجاهل الحكومة لها ومر العمليات الإرهابية الطائفية التي تنفذها القاعدة وفلول البعث، بل إنها تعاني من الحرمان الآن أكثر من قبل لأن المحافظات البيضاء كانت ترفل بعز مكرمات القائد لرضاه عنهم، هل أن المحافظات الشيعية ترفل بالنعيم اليوم وتتمتع (بخيرات) التغيير الأغبر ليشعر الأخوة السنة الآن أنهم مهمشون كما يدعي السيد رئيس المجلس؟ هل أن تشكيل الحكومة الحالية أقتصر على القوائم الشيعية فقط ....هل يتقاضى ابن البصرة والناصرية ومدينة الصدر والشعلة وباقي المدن والمحافظات الشيعية حصة تموينية أو حصة من الكهرباء أو مرتبا شهريا أكثر مما يتقاضاه ابن الرمادي والموصل وديالى ليشعر الأخوة السنة الآن أنهم مهمشون؟

هناك تصور شيعي طاغ بأن ضحايا الإرهاب جميعاً من الشيعة، وهم يخلطون الأمر مع صدام حسين ومقابره الجماعية لتصوير الموضوع على أنه إرهاب طائفي (تماماً كما يريد الأمريكان) والعكس صحيح أيضاً ، فأهل السنة مقتنعون تماماً أن الإرهاب تقوده قوات حكومية وعصابات شيعية طائفية تستهدف أهل السنة، كما أن الإعتقالات موجهة للسنة فقط. كل يقرأ ويتبادل الأخبار عن ضحاياه فقط، وبالتالي فالإرهاب لا بد أن يكون من الطرف الثاني.
كتبت قبل فترة قصيرة : "أستلم باستمرار رسائل الكترونية، يعيد إرسالها، أصدقاء اعلم علم اليقين أنهم أبعد ما يكونوا عن الطائفية، ورغم ذلك فأن محتوى تلك الرسائل طائفي واضح! هي مقالة تنتقد بقسوة، طائفة ما، (هي دائماً غير طائفة المرسل) ، فيها مغالطات واضحة، أو هي عبارة عن خبر يعتمد مصدراً مجهولاً، أو "وثيقة" لا يمكن التأكد من صدقها، أو صوراً لـ "فضائع" يبدو أنها لا تستحق الإهتمام أو أنها مفبركة، مقالات خبرية يختلف معنى عنوانها كلياً عن ما يحتويه متنها، وغير ذلك.
صديق لا يختار من الكتاب على الأغلب إلا كاتباً معيناً وآخر يبدو أنه لا يقرأ إلا موقعاً معيناً، وأحياناً تكون المقالات معقولة، لكنها دائماً تعكس جانباً واحداً من "الحقيقة" الجانب السيء في الطائفة المقابلة! " (8)

فمن قراءة بعض ما جاء على لسان بعض السياسيين والمثقفين نرى أن هناك انفصالاً إعلامياً يجعل من كل من الطائفتين ترى ما لا تراه الأخرى. وهذا الإنفصال الإعلامي يمثل شقاً نفسياً كبيراً يهدد بتقسيم المجتمع أكثر مما هو مقسم ما لم يتم تداركه. هناك جانب يحتج على ما يشعر به من ظلم يقع عليه دون سواه، فيحتج الجانب المقابل على هذا الإحتجاج الذي لا يرى أي أساس له وأن الظلم يخصه أكثر مما يخص المقابل، ويستغرب بذلك من "نفاق" هذا المقابل وقلبه لـ "الحقائق الواضحة". إنها بالطبع "الحقائق" التي يراها هو "بوضوح".

وما دمنا في هذا الأمر، فلا بأس من أن نعرج على مشكلة أخرى مماثلة ظهرت في موضوع مجزرة زفة التاجي. فقد قدم بعض "السنة" اعتراضاً على "المبالغة" في الموضوع ومحاولة تحقيق كسب سياسي من خلاله، بينما أبدى بعض آخر شكوكهم الكلية بوقوع الحادثة، وقدموا ما رأوه مبررات لتلك الشكوك.
الجانب المقابل تعامل بامتعاض شديد لتلك "الشكوك" بالواقعة، وطالب البعض في مجلس النواب بمحاسبة حيدر الملا "لتشكيكه في وقوع جريمة عرس الدجيل" داعيا إلى رفع الحصانة عنه وأن يقدم إعتذارا رسميا لأهالي الدجيل على ما بدر منه من تصريحات متهما الملا بأن له علاقة بمجرمي عرس الدجيل والدليل هو دفاعه عن الإرهابيين والقتلة.(9)

والحقيقة أن كاتب هذه السطور سبق له أن كتب مقالتين عن الموضوع، دحض في الثانية منهاا بعض أدلة المشككين بالحادثة (10) لكن هذا لا يعني أني أجد كل تشكيك "كفر وإلحاد"، فمن حق الإنسان أن يشك في كل شيء ويتأكد منه، خاصة في وضع كمثل وضع العراق. أن الغضب من المشككين بالحادثة والمطالبة بتوجيه العقوبة لهم وأتهامهم بأنهم يدافعون عن القتلة، يذكر المرء بالهولوكوست اليهودي، وطريقة الدفاع عنه أمام الشكوك التي تحيطه.

رفض مناقشة الرأي الآخر وتطمين شكوكه، تزيد من تلك الشكوك وانتشارها، خاصة أن اسئلة مهمة أثيرت وتركت بلا إجابة واضحة حتى الآن، مثل التساؤل عن وجود السرداب في المسجد الذي كان مسرح الجريمة، واختفاء الجثث، ومتى القي القبض على المدانين، ومن هي الجهة المسؤولة عن تنظيم العملية وكيف لم يكن لمثل منفذي تلك الجريمة المهولة سوابق يعترفون بها أو يكشفها التحقيق. كلها أسئلة أجدها وجيهة وتحتاج توضيحاً صبوراً، فليس من المقنع أن تلك التساؤلات تعني أن للسائل علاقة بالجريمة، فمن له علاقة بالجريمة سيفضل أن يصمت ليتم إعدام المجرمين وتختفي مشاركته المفترضة بها. كما أن الشرح الصبور لكل ملابسات الجريمة لا يقلل من بشاعتها ولا يسهم في تحسين صورة مرتكبيها بأي شكل، بل العكس، سيعيد تسليط الأضواء على بشاعة ما ارتكبوه، ويزيد الحقد عليهم. إن ما حدث في كنيسة النجاة من قصص كاذبة لفقها البعض لتهويل الجريمة، وأحداث وقعت فيها لا يفسرها التصور الحكومي للواقعة مثال ممتاز لما قد تنطوي عليه جرائم الإرهاب من شكوك وما تقتضيه من مراجعة تحترم شكوك المشكك وتطمئنه.

وبالعودة لموضوع التهميش والسنة، أذكر مرة حين اشتكى علاوي من ان السنة مهمشين في الجيش، قامت الحكومة بعمل إحصائية بينت من خلالها أن لدى السنة في الجيش أكثر من نسبتهم السكانية ، وبالفعل قامت بتخفيض تلك النسبة في الجيش على ما أذكر، مع اقتناع الناس بما فعلت، ولو أنها واجهت تلك الشكوى بالغضب لما أقنعت احداً..

كتب شاكر حسن: "من ارقى البحوث التي قرأتها  هو بحث صادر من معهد نوبل للسلام  والذي يقع في العاصمة السويدية  أستكهولم والذي جاء  فيه  مايلي : ان اكثر من 70%  من المشاكل والصرعات والحروب التي تقع بين الافراد والمجموعات ترجع اسبابها الرئيسية الى سوء فهم  الطرف الاخر . وهذا بالضبط ما اكده احد ائمة المذهب الجعفري واعتقد انه الامام جعفر الصادق (ع) قبل اكثر من 1000 عام  حيث قال: .. لو تكاشفتم لما تباغضتم  .. .(11)

وأخيراً أنقل ما كتبه الزميل "منير أسد" في "عراق القانون" رداً على أحد المعلقين على مقالة له: "أخي سعد صبراً على أخوة الوطن فلعل الأمر معكوس في نظرهم و هم أيضاً لا يستطيعون العمل في مدينة الصدر و العمارة و غيرها... المهم ندعو الله عز و جل أن يلهمنا الطريق الصحيح لنصنع مستقبل أفضل لنا نحن العراقيين من زاخو لحد الفاو هذه أمانتنا ولك الرأي.."(12)

لقد كان هناك نسبة عالية من الآراء المتفهمة المثيرة للتفاؤل والأمل، ولا أمل بعراق "من زاخو لحد الفاو"، ما لم تردم الهوة الإعلامية التي تقسم العراقيين، بالمكاشفة وفهم الآخر والإعتراف بآلامه وقلقه، والنظر في شكاواه وشكوكه حتى ما نجده منها غير معقول، وتطمينه عليها.... وعلى رأي منير أسد، "هذه أمانتنا" ولك الرأي أيضاً ، عزيزي القارئ الكريم..

(1) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=5337 (http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=5337)
(2) http://www.albadeeliraq.com/article15334.html (http://www.albadeeliraq.com/article15334.html)
(3) http://www.albadeeliraq.com/article9832.html (http://www.albadeeliraq.com/article9832.html)
(4) http://www.albadeeliraq.com/article8916.html (http://www.albadeeliraq.com/article8916.html)
(5) http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=50910 (http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=50910)
(6) http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=50895 (http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=50895)
(7) http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=50776 (http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=50776)
(8) http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?t=4114 (http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?t=4114)
(9) http://www.albadeeliraq.com/article15422.html (http://www.albadeeliraq.com/article15422.html)
(10) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=4867 (http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=4867)
(11) http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=51203 (http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=51203)
(12) http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?p=25719#post25719 (http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?p=25719#post25719)