بَرطلي.. ستتلاشى احلام الغزاة عند ابوابك

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, أبريل 10, 2011, 05:52:13 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

بَرطلي.. ستتلاشى احلام الغزاة عند ابوابك

بَرطلي , بلدتنا السريانبة المعروفة بكنائسها الكثيرة والقديمة وبابراج نواقيسيها العالية وقريتي الجميلة والمتواضعة جدا والتي اتباهى بها وبالانتساب اليها لا لكونها مسقط رأس اهلي ولاجيال واجيال وحسب انما لكونها حاضرة من حواضر السريان العريقة والنبض الحي المتواجد منذقرون وقرون على ارض الرافدين رغم التخريب والدمار الذي لحقها ولحق رجالها وابنائها وبناتها عبر التأريخ ولمرات عديدة ومتوالية ورغم الآم الحروب والغزوات الا انها بقت وعاشت وكما كانت وعبر العصور كتموز الخصب غنية بفكرها السرياني الاصيل وعطائها المستمر وتأريخها الزاهر في نشر وحماية المسيحية والمسيحيين في سهل نينوى الحضاري اذ كان لموقعها اهمية في ردع واحتواء الغزوات وهجومات النهب الكثيرة والتي كان يشنها الاكراد والفرس والعرب والاتراك والشبك واليزيدين وعلى فترات مختلفة من الزمن حيث تربض على هضبة يمتد النظر منها الى الاطراف البعيدة حيث جبل مقلوب وجبل مار دانيال وباسخرايا وباشبيتا ـ قريتين مسيحيتين يسيطر عليهما الشبك في الوقت الحاضر ـ وقرقوش وكرمليس وقرى مسيحية اخرى  اما عن تسميتها فتختلف الآراء فهناك من يقول انه نبطي ويفسر بمكان الظل او الاشجار واخر من يرى انه آرامي ـ بيت رطولي ـ اي مصنع الاوزان ثم آخر من يقول انه ـ برطليوا ـ اي ابن الطفل ومهما يكن مصدر الاسم اومن اين جاءت التسمية تظل بَرطلي مصدرا مهما وعريقا للمسيحية والثقافة السريانية في المشرق فمنها خرج شعراء كثيرون ولاهوتيون وكتاب ومفكرون سريان وفيها تأسست مدارس للعلوم الدينية والطقوس والالحان والانغام ذلك الخزين والتراث الغني الذي يسهل اكتشافه في اهل بَرطلي حين يجتمعون في مكان ما فتراهم يتسابقون ويمارسون تراثهم الاصيل في اللحن والانغام واذا بكل بَرطليي يعرف العشرات منها ولايتوقف عن الاداء الاّ اذا جاء بَرطليي آخر باحسن منها كما انها كانت وعبرتأريخهاالطويل مقرا ومنزلا ومسكنا آمنا وطيبا لكثير من اعمدة الفكر السرياني فيما ظلت تنجب وتعطي للعالم رجالا افذاذ ومفكرين يشار اليهم بالبنان , بَرطلي هي التأريخ بحد ذاته تلمسه وتتنفسه حين تسير في ازقتها الضيقة وحين تدخل بيوتها وسراديبها وكنائسها القديمة وحين تشتم رائحة البخور المحترقة والحكمة المنبعثة منها وحين تجلس وتسامر اولئك الرجال والنساء الذين يقبلونك بطريقة تحس بطبعة الشفايف على الخدين ولايام طويلة عربونالمحبتهم لك ويحدثونك وباسهاب عن الحوادث والذكريات البعيدة عن قريتنا الطيبة والحلو والمر فيها ولا يتركونك تمضي الاّ وتأكدوا انهم اشبعوك من كرمهم وجودهم ,بَرطلي كتبت تأريخها السرياني المجيد على جدرانها وبيوتها وكنائسها واعلنت وبلا خوف اوتملق لاعدائها وللطامعين بخيراتها انها باقية هنا على ارض سهل نينوى وان ما يفعله اولئك الذين اعمتهم خستهم ونذالتهم ان لايروا بَرطلي كما هي وان لايروا او يقرؤا شيئامن عراقتها انما يؤكدون وبلا حاجة الى البحث والتنقيب اصلهم وفرعهم والجهل الذي هم غارقون فيه ولهذا السبب بالذات لم يفاجئني قرار مجلس الناحية بمصادرة حقوق البرطليون وسوف لايفاجئني اي قرار آخر يصدر منهم لانهم اولا غرباء ولايمتون ببَرطلي او بتأريخها العريق بصلة لا من قريب ولا من بعيد ولانهم ثانيا اثبتوا للقاصي وللداني انهم  ابناء شرعيون لنظام حكم متعجرف واميّ لايعترف بالآخر او بحقوقه ولامكان للمبادئ او للاخلاق والصدق والامانة في دستورهم وحيث الطمع والضغينة والفساد يحركهم ويقودهم في زمن تغلبت فيه قوى الشر على قوى الخير وصار العهر سيدا وولي أمر للقانون .. بَرطلي كما عرفك الله وعرفناك وعرفتك ستظلين مركز النور للسريان في سهل نينوى وفي كل المشرق وستسقط دائما وتتلاشى احلام الساقطين والغزاة عند ابوابك القديمة

                                                                                                                      جميل شمعون
                                                                                                                      تورنتوا  ـ كنـــدا
منقول من موقع عينكاوة
لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير