تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

يسوع يولد في خيمة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 28, 2015, 09:37:44 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

يسوع يولد في خيمة




بهنام شابا شَمَنّي
behnam_shamanny@yahoo.com


لا غرابة في ذلك ان يولد يسوع في خيمة . أوليس هو الذي ولد قبل أكثر من ألفي سنة في مغارة بسيطة وفي مذود للحيوانات ، لا يحيط به غير عائلته الصغيرة ومجموعة من الماشية . هذا المولود العجائبي لم يستقبل في وقتها أحد قدومه غير أولئك الرعاة الذين كانوا يحرسون رعيتهم في تلك الليلة الباردة . بل ان ولادته لم تُثر انتباه أحد غير ملائكة السماء وهم أثاروا انتباه الرعاة الذين كانوا مجتمعين حول شعلة نار تقيهم برودة الليل القارص . أما المجوس الذين قدموا من بلاد الفرس فقد علموا بموعد ولادته من كتبهم .

هذا كان قبل أكثر من ألفي سنة وفي ظروف حياتية بسيطة موافقة لمجريات احداث الولادة ، وفكر انساني محدود ليس له معرفة الا بما يحيط به فقط غير ما ندَر ، ولا وسائل اتصال وتواصل اجتماعي واعلام فضائي وشبكة عنكبوتية تبث في كل لحظة ملايين الاحداث عبر العالم تستقبلها وانت جالس في مكانك . وقصور وفلل وناطحات سحاب وفنادق من ذوات الخمسة نجوم لا يخلو منها بلد ، وامم متحدة ومجلس الامن واليونيسيف وشرعة وحقوق الانسان ومحكمة العدل الدولية واسلحة نووية وصواريخ عابرة للقارات وبارجات وحاملات طائرات ووووو . كما هي في وقتنا الحاضر ، ومع ذلك تُنتهك حقوق الانسان ، وتُضطهد شُعوب ، وانسان يقتل أخيه الانسان ، وتُهجر أمم وشعوب  ومسيح يولد في خيمة .

هنا الغرابة !. بعد أكثر من ألفي سنة يعود المسيح ليولد في خيمة ، وفي زمن لم تعد تستخدم الخيمة للسكن ، الا للفقراء والمعوزين وفي البلدان التي تشهد حروبا ونزاعات وتهجيرا قسري ، أو للتنزه لدى المترفين في هذا العالم .
ولكن يبدو ان المسيح يسوع هذا هو قدره في العراق الذي تمزقه الحروب وتنتهك سيادته عصابات ودول ، قدره أن يولد في خيمة ، بعد أن هُجِّرَ اتباعه ولم يعد لهم مكانا أو منزلا يهيئون فيه موضعا لولادته . فكانت الخيمة التي من المفترض ان تكون سكنا لهم ولكن أفرغوها لمريم وخطيبها يوسف حتى تضع مولودها البكر فيها .
اتباع المسيح في العراق لا زالوا يتذكرون موعد ولادته رغم كل المآسي التي تحيط بهم . اتباع المسيح في العراق لا زالوا يهيئون انفسهم لاستقبال ولادة طفل المغارة في خيمة متجمعين حول مدفأة بسيطة اعطيت لهم كمساعدات انسانية لانهم مهجرون لتقيهم برد الشتاء .

اتباع المسيح في العراق لا زالوا يبتهجون بقدوم الميلاد رغم ما يحملونه من أحزان ورغم التهجير والعنف الذي مورس ضدهم ، ورغم الخطف والابتزاز والقتل وقطع الرؤوس ودفع الجزية الذي خضعوا له لانهم يحملون أسمه . كل ذلك حصل لهم ولكنهم لا زالوا يتذكرون موعد ولادته ويحتفلون به ، ولا زالوا يرددون المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرّة .
لم يبقى لاتباع المسيح في العراق موضع يولد فيه سيدهم بعد ان فقدوا كل شيء . تركوا دورهم وأموالهم ووظائفهم وأعمالهم . تركوا كل شيء هناك لأجلك وحملوك في قلوبهم وساروا في هجرة يبدو ان نهايتها بعيدة ، وها هم يستقبلون ميلادك في خيمة وللسنة الثانية على التوالي بعيدين عن ديارهم .

لا زال هناك في العراق الى الان من يتذكرون ميلاد المسيح ، ولكن خوفي من ان لا يبقى من يتذكر ميلاده بعد سنوات بسبب هجرة اتباعه مرغمين وكل المعطيات تشير الى ذلك  . 
كان اتباع المسيح منتشرون في كل العراق الى وقت قريب ، وحاضرون في كل مفاصل الحياة فيه ولهم بصمات واضحة في تاريخه . ولكن في السنوات الاخيرة ضُيّق الخناق عليهم في عمل ممنهج بعد ان تم استهدافهم في المدن الكبرى مما اضطروا الى الهجرة الى خارج البلاد بحثا عن الامان ومنهم الى المناطق الاكثر أمنا في سهل نينوى . ولكن هذه لم تطُل ايامهم فيها فهُجِّروا مع اهلها في جريمة لم يشهد لها التاريخ الا في ايام البرابرة وغزو هولاكو وتيمورلنك ونادر شاه ، بعد ان احتلت مناطقهم من قبل ما يسمى بدولة الخلافة الاسلامية في 6 آب 2014 وسبق ذلك بشهر من الزمان طردهم من مدينة الموصل في تموز 2014 . وبالتالي تكون هذه المناطق قد خليت من سكانها الاصليين بعد ان كانت مهدا للمسيحية وما قبلها للحضارة الانسانية . هذه الظروف جعلت من نزيف هجرة المسيحيين الى خارج البلاد تتصاعد بوتيرة متزايدة وباعداد باتت تهدد وجودهم .
وهنا السؤال هل سنصل في العراق الى اليوم الذي نرى فيه حتى الخيمة تخلو من مشهد الميلاد ؟