الحيدري: انتخابات مجالس المحافظات ستُؤّجَل والمفوضية المقبلة مُعرضة للتسقيط

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 02, 2012, 11:18:42 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الحيدري: انتخابات مجالس المحافظات ستُؤّجَل والمفوضية المقبلة مُعرضة للتسقيط

تبدو نبرة التشاؤم واضحة في صوت وحركات رئيس المفوضية العليا للإنتخابات فرج الحيدري وهو يتحدث عن إنتخابات مجالس المحافظات التي من المقرر أن تجري مطلع العام المقبل 2013، وهو يرجع تشاؤمه إلى تأخير البرلمان العراقي تشكيل المفوضية الجديدة وإجراء التعديلات اللازمة على قانون الإنتخابات.

مكتبه المتواضع داخل مفوضية الإنتخابات الملاصقة لمبنى رئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء يزخر بصور المسؤولين الدوليين الذين التقط معهم الحيدري الصور التذكارية ومن بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لكنه يخلو من أية صور مع المسؤولين العراقيين، وربما أراد بذلك إثبات استقلالية المفوضية.

الحيدري الذي أجتمع في حديثه التواضع والحذر في آن واحد تحدث لنقاش عن قضية اعتقاله وعن توقعاته بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات، وعن سلوك الكتل الكبرى في البرلمان أزاء المفوضية وأزاء قانون الإنتخابات.

وفيما يلي نص المقابلة:

نقاش: قبل أسابيع تم إعتقالك مع احد أعضاء مفوضية الإنتخابات بتهم فساد إداري ومالي، فهل إنتهت القضية؟

الحيدري: كلا القضية لم تنته بعد رغم إن القاضي أمر باطلاق سراحي مقابل كفالة مالية تبلغ (12) الف دولار تقريبا وهذه القضية تحمل أبرييبتحمل أأأبعاداً سياسيةً بلا شك، حيث تم نقل الدعوى القضائية إلى محكمة الجنايات وهذا الأمر سيؤثر على صدقية مفوضية الإنتخابات، وما جرى اعتبره محاولة لضرب الديموقراطية في البلاد حيث تم إعتقالي لثلاثة أيام بتهمة غريبة وهي منح مكافآت لموظفين لا تزيد عن مبلغ (125) دولاراً، في الوقت الذي يوجد فيه مسؤولون متهمون بإختلاسات مالية تصل إلى مليارات الدولارات خارج دائرة الحساب.

نقاش: قلت إن هذه القضية ستؤثر على صدقية المفوضية وانها محاولة لضرب الديموقراطية، كيف ذلك؟

الحيدري: عملية توجيه الإتهامات إلى مفوضية الإنتخابات وإعتقال رئيسها تسببت بدون شك في هز الثقة على مستوى الشعب العراقي، لكون ما جرى لم يكن إستهدافا شخصيا لي، وإنما كان استهداف للمفوضية كمؤسسة مهنية ترفض الرضوخ للضغوط السياسية، وبدلاً من أن تقوم الكتل السياسية بدعم نزاهة المفوضية أقدمت بعض القوى السياسية على تقزيم دورها وهذا الأمر سيؤثر على نفسية الناخب، وأقول إن أي مفوضية جديدة ستاتي بعدنا ستكون معرضة لحملات سياسية لتسقيطها.

نقاش: ماهي وجهة نظر المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال هذه الإتهامات؟

الحيدري: المجتمع الدولي يعي جيدا الدور الكبير الذي قُمنا به في الدورات الإنتخابية السابقة التي جرت في البلاد، ويعرف أبعاد الإستهدافات التي طاولتنا.

نقاش: لكن المفوضية تعرضت للأستجواب أكثر من مرة في البرلمان، ألا يعني هذا أن هناك مقدمات للقضية؟

الحيدري: نعم. تم إستجوابنا مرتين الأولى في أعقاب انتخابات مجالس المحافظات التي جرَت عام 2009 وكان الإستجواب موضوعي شرحنا فيه بعض الأمور على النواب واقتنعوا بها، والثانية تمّت بعد الإنتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت عام 2010 وكان الإستجواب غير موضوعي، والبرلمان لم يقتنع بالتهم التي وُجِهت إلينا من بعض الكتل وجدد ثقته بالمفوضية إلا إن هذه الأطراف لا زالت تُصِّر على الإستمرار في حملات ظالمة ضدنا، وما جرى بحقنا محاولة تسقيط لا غير.

نقاش: كيف تنظر إلى فشل البرلمان في إختيار أعضاء مفوضية جُدد بعدما إنتهت صلاحية عملكم الرسمية في نيسان (ابريل) الماضي؟

الحيدري: للأسف الخلافات السياسية الراهنة انعكست على مفاصل الدولة كلها، وبالتالي نَلمَس الجمود في كل شي وكأننا نعود الى الوراء، فإنتخابات مجالس المحافظات في إقليم كردستان تأجلت، أما إنتخابات مجالس المحافظات فيبدو أنها سائرة نحو التأجيل أيضاً لغياب متطلبات إجراء الإنتخابات، فحتى اليوم لم يتمكن البرلمان من اختيار اعضاء مفوضية جدد، فالمفوضية الجديدة هي التي يجب أن تقوم بإجراء الإنتخابات سيما وأن المفوضية الحالية تعمل لمدة محدودة من قبل البرلمان تمتد لثلاثة أشهر وبصلاحيات غير معروفة وهذا الأمر سيوّلد فراغاً دستورياً والموضوع برمته يحمل أبعاداً سياسية أكثر منها فنية.

نقاش: على ذكر إنتخابات مجالس المحافظات في اقليم كردستان لماذا تأجلت بعدما تم تحديد موعدها في أيلول (سبتمبر) المقبل؟

الحيدري: بالنسبة لإنتخابات إقليم كردستان حدثت بعض القضايا التي وقفت عائقا أمام الإلتزام بالوقت المحدد لإجراء الإنتخابات فيها والذي كان مقرراً في ايلول (سبتمبر)، ورغم إن حكومة إقليم كردستان وفرَت الوقت والمال لإنجاز العمل لكن هناك مجموعة قضايا وقفت عائقا أمام التنفيذ من بينها عدم تشكيل المفوضية الجديدة والفترة الممنوحه لنا كمفوضية حالية، فضلاً عن قضية إستجوابي وإعتقالي كلها أثرّت على عملنا.

نقاش: بخصوص انتخابات مجالس المحافظات في عموم البلاد، ألا يبدو أنك تشعر بالقلق حيالها رغم وجود متسع من الوقت لإجراءها؟

الحيدري: في الحقيقة أنا أشعر بالقلق على أية إنتخابات ستجري في المستقبل بما فيها إنتخابات مجالس المحافظات في عموم البلاد المقررة في كانون الثاني (يناير) عام 2013 لأن الوقت المتبقي غير كافٍ، فالمفوضية تحتاج في أقل تقدير إلى ستة شهور قبل الإنتخابات للتحضير والإستعداد لها بشكل جيد، وبذلك نحن نحتاج الى قرار من مجلس الوزراء لرصد الميزانية اللازمة لإجراء الإنتخابات، إضافة الى حاجتنا إلى قانون انتخابي يتم بتطبيقه في العملية الانتخابية، وقبل كل ذلك يتوجب تشكيل المفوضية الجديدة، وجميع هذه الأمور غير متوافرة حاليا للأسف وهذا ما يدفعني الى القلق والتشاؤم.

نقاش: هل اوصلتم مخاوفكم هذه الى البرلمان والحكومة؟

الحيدري: البرلمان والحكومة على دراية بهذه الأمور لكنه ما زال يُخضِع قانون الإنتخابات إلى السجالات السياسية ويحتاج إقرار القانون الى توافقات سياسية وهذه التوافقات تبدو صعبة في ضوء المشهد السياسي الحالي الذي تعصف به الخلافات من كل جانب.

نقاش: لماذا يحتاج العراق في كل عملية إنتخابية قانونا جديدا؟ ألا يمكن سن قانون ثابت مثل باقي الدول الأخرى؟

الحيدري: قانون الإنتخابات يحدد النظام السياسي في اي بلد وليس بالضرورة إن يتم تعميم قانون معين على بلدان اخرى، فنحن في المراحل الجنينية للديموقرطية ولا مشكلة من إجراء التعديلات لكن يجب أن تَجري تلك التعديلات طبقا للمصلحة العامة وليس وفق مصالح الكتل السياسية الكبيرة وهذه الإشكالية لا زالت موجودة، وهناك بنود يضعها البرلمان ضمن قانون الإنتخابات لا يمكن تطبيقها على الأرض لكنها تُفرض على المفوضية.

نقاش: هل تعني ان الكتل السياسية الكبيرة تتحكم في نوع القانون ليلائم مصالحها؟

الحيدري: بكل تاكيد، فالكتل الكبيرة تسعى في بعض الأحيان إلى صياغة القانون بالطريقة التي تخدم بقائها في البرلمان، فمثلا في الإنتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت عام 2010 تم وضع فقرة في القانون منحت الناخبين خارج العراق حق التصويت واحتساب أصواتهم لمحافظاتهم التي كانون يسكنونها في العراق قبل مغادرة البلاد وهذا الإجراء غير صحيح البتة لأن الناخب غير متواجد في مدينته أصلا، إضافة إلى أن هؤلاء الناخبين في الخارج ليس لديهم أوراق رسمية تثبت انتمائهم إلى هذه المدينة أو تلك، وبعضهم حتى لا يملك وثائق تؤكد عراقيته، وهذا سبب لنا مشكلات كبيرة وهي حصيلة للخلافات السياسية.

نقاش: كيف أجرت المفوضية العديد من الإنتخابات دون وجود إحصاء سكاني في البلاد منذ عقدين؟

الحيدري: الإحصاء السكاني هو احد الأعمدة الأساسية لنجاح الإنتخابات ولكن للأسف هذه إحدى العيوب التي تُسجل على العراق وهي مشكلة كبيرة، ونحن كمفوضية نعتمد منذ عام 2004 على إحصاءات وزارة التجارة ونقوم بتحديثها كل ستة أشهر، ورغم ذلك فان هناك خلافات كبيرة حول عدد سكان كل محافظة وهذا الأمر هو الذي يمنع إجراء انتخابات الأقضية والنواحي المحلية لأن القضية معقدة ولا نعرف سكان كل منطقة او حي فضلاً عن وجود أحياء متداخلة كالأعظمية والكاظمية وهناك أحياء تم إستحداثها في السنوات الأخيرة.

نقاش: لكن الحكومة حددت أكثر من مرة موعداٍ لإجراء الإحصاء السكاني في البلاد، برأيكم ما لعائق الذي أدى إلى عدم التنفيذ؟

الحيدري: لا توجد اسباب فنية أمام تنفيذ الإحصاء السكاني، لكن هناك إرادات سياسية تقف عائقاً أمام التطبيق، وقبل أيام سمعت وزير التخطيط يقول ان الإستعدادات الفنية والمالية لإجراء الإحصاء السكاني موجودة لكن مجلس الوزراء لم يُقر حتى اليوم صرف الأموال اللازمة لإجراء، والقضية واضحة ولا تحتاج الى تعليق أكثر.

نقاش: هل ما زالت هناك صعوبات في إجراء الإنتخابات في مدينة كركوك؟

الحيدري: قضية كركوك معقدة جدا، فالمدينة متنازع عليها وهناك خلافات سياسية عميقة حولها وتحتاج الى إحصاء سكاني عاجل لأنها تعرضت أبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين الى تغيير كبير في ديموغرافيتها، وبالتالي هناك حاجة إلى تطبيق المادة الدستورية رقم 140 ومن ثم حل القضايا الأخرى الخاصة بالمدينة تباعاً.

نقاش: انت وباقي أعضاء مجلس مفوضية الإنتخابات تمثلون كتلاً سياسية، كيف يمكن إختيار اعضاء المفوضية من قبل أحزاب سياسية تتنافس في الإنتخابات؟

الحيدري: نحن نمثل المكونات الأساسية للمجتمع العراقي وليس الكتل السياسية رغم أن هذه الكتل والأحزاب هي التي رشحتنا، لكن الجميع يلاحظ وبشهادات الأمم المتحدة وباقي المنظمات الدولية أننا استطعنا ان نرفض الضغوط السياسية وقمنا بعلمنا بحيادية ومهنية، فجميع الكتل السياسية غير راضية عنا وهذا دليل واضح إن عملنا مهني وصحيح وهذه المهنية والحيادية هي التي جلبت لنا البلاء من الإستجوابات المستمرة والتقديم للقضاء وغيرها.

نقاش: تحاول الحكومة اخضاع مفوضية الانتخابات وهيئات أخرى إلى سلطتها كيف واجهتم هذا الأمر؟

الحيدري: الدستور العراقي واضح، وواضعي الدستور يمثلون جميع الكتل السياسية الحالية وهم خصصوا الباب الرابع من الدستور للهيئآت المستقلة، وهذه الهيئآت واضحة من عنوانها حيث يتوجب ان تكون مستقلة. فربط مفوضية الإنتخابات أو البنك المركزي أو هيئة النزاهة وغيرها بمجلس الوزراء سيشل عملها، لأن هذه المؤسسات مهمتها مراقبة أداء الحكومة فكيف لها ان تكون تابعة لها! ونحن في مفوضية الإنتخابات قاومنا وبشراسة هذه الضغوط السياسية وأستطعنا الحفاظ على حياديتنا.

نقاش: هناك ازمات سياسية كبيرة اليوم كيف تقرأ تاثيراتها على الوضع الحالي في البلاد؟

الحيدري: أنا أقول لجميع السياسيين بأن عليهم الإقتناع بأن زمن الدكتاتورية ونظام الحزب الواحد قد إنتهى في العراق، وأن التجارب العالمية أثبتت إن الديموقراطية هي الطريق الصحيح للتعايش المجتمعي والإستقرار السياسي ويتوجب الإستفادة من فرصة الديموقراطية في العراق وان نتقدم خطوات في تعزيزها، وانا أعتبر ان الإنتخابات هي الإنجاز الوحيد الذي تَحقَقت في العراق بعد عام 2003، واننا فشلنا في باقي المجالات، فهناك مخاطر حقيقية من العودة الى زمن الدكتاتورية وهو أمر يرفضه العراقيون على المستوى الشعبي والسياسي.


Read more: http://www.sotaliraq.com/iraq-news.php?id=59133#ixzz1wdMB43W8
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة