اعذار واهيه

بدء بواسطة الشماس سعد حنا بيداويد, أغسطس 29, 2012, 12:31:01 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

الشماس سعد حنا بيداويد

أعذار واهية
" 15فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُتَّكِئينَ قَالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزاً فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 16فَقَالَ لَهُ: «إنسان صَنَعَ عَشَاءً عَظِيماً وَدَعَا كَثِيرِينَ 17وَأَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ الْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: تَعَالَوْا لأن كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ. 18فَابْتَدَأَ الْجَمِيعُ بِرَأْيٍ وَاحِدٍ يَسْتَعْفُونَ. قَالَ لَهُ الأول: إني اشْتَرَيْتُ حَقْلاً وَأَنَا مُضْطَرٌّ أن أَخْرُجَ وَأَنْظُرَهُ. أَسْأَلُكَ أن تُعْفِيَنِي. 19وَقَالَ آخَرُ: إني اشْتَرَيْتُ خَمْسَةَ أَزْوَاجِ بَقَرٍ وَأَنَا مَاضٍ لأَمْتَحِنَهَا. أَسْأَلُكَ أن تُعْفِيَنِي. 20وَقَالَ آخَرُ: إني تَزَوَّجْتُ بِامْرَأَةٍ فَلِذَلِكَ لاَ أَقْدِرُ أن أَجِيءَ. 21فَأَتَى ذَلِكَ الْعَبْدُ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ بِذَلِكَ. حِينَئذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجلاً إلى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا وَأَدْخِلْ إلى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ. 22فَقَالَ الْعَبْدُ: يا سَيِّدُ قَدْ صَارَ كَمَا أَمَرْتَ وَيُوجَدُ أيضاً مَكَانٌ. 23فَقَالَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: اخْرُجْ إلى الطُّرُقِ وَالسِّيَاجَاتِ وَأَلْزِمْهُمْ بِالدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِئ بَيْتِي 24لإني أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أولئكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائي» "
الإنجيل حسب لوقا 14: 15-24
هناك معضلات كثيرة تجابهنا في الحياة ولكن ليست هناك معضلة تشابه فهم السبب الذي يحدو بالإنسان لرفض الخلاص العظيم الذي أعده الله والملكوت السماوي المجيد الذي يخسره ذلك الإنسان من جراء موقفه السلبي. وتزداد المعضلة تعقيداً عندما يكون الرافضون للبشارة الخلاصية من الذين عاشوا في بيئة متأثرة بالإنجيل لمدة طويلة. كيف يستطيع الناس أن يقولوا لله نحن لا نريد خلاصك ولا نود معونتك؟
وتتكرر هذه المأساة البشرية في كل عصر ويظهر أن الناس لا يتعلمون من دروس التاريخ ولا يعتبرون من اختبارات الماضي. ولئلا نكون نحن أيضاً من الرافضين لدعوة الله لدخول ملكوته ولكي نفحص قلوبنا كما يجب، أعطانا الرب يسوع المسيح مثلاً يظهر فيه كيف أن الناس يرفضون دعوة الله لدخول ملكوته والأعذار الواهية التي يحتمون وراءها. دعي السيد المسيح مرة إلى وليمة أقيمت في بيت أحد رؤساء الدين (وكان من جماعة تعرف بالفريسيين فقال المسيح للذي دعاه " إذا صنعت غداء أو عشاء فلا تدعو أصدقاءك ولا أخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء لئلا يدعوك هم أيضاً فتكون قد كوفئت. ولكن إذا صنعت وليمة فادع المساكين والعاجزين والعرج والعمي فتكون مطوباً إذ ليس لهم ما يكافئونك به فإنك تكافأ في قيامة الصديقين "
فلما سمع ذلك واحد من المتكئين قال له " طوبى لمن يأكل خبزاً في ملكوت الله". لم يدع السيد المسيح ذلك الرجل بأن يكتفي بتعليقه على نصيحة إرسال الدعوات إلى المعوزين بل استغنم الفرصة للكلام عن الدعوة التي يوجهها الله إلى الناس لدخول ملكوته. لا يكفي مطلقاً الكلام عن ملكوت الله وعن اكتماله في نهاية الزمن وعن الاحتفال العظيم الذي سيتم آنئذ. المهم أن يقبل كل إنسان دعوة الله وأن ينظم إلى الملكوت بدون تردد أو مماطلة. لقد أعد الله كل شيء وبنى الأساس الوحيد لدخول الملكوت وهو عمل يسوع المسيح الكفاري على الصليب. إذ أن الله أرسل ابنه الوحيد إلى عالمنا هذا عالم الشقاء والعذاب، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. وإذ كان الله قد أعد كل شيء من أجل مجيء الناس إلى ملكوته فإنه يرسل عبيده لينادوا بكلمته الخلاصية داعين الناس إلى وليمة الملكوت مرتدين بر يسوع المسيح ومتكلين عليه وحده كمخلص ومنقذ وفادي ومحرر.
ومن المؤسف جداً أن العديدين من الناس لا يقبلون دعوة الله وموقفهم يشبه موقف أولئك الرجال الذين رفضوا المجيء إلى الوليمة. لنفحص بعض الأعذار الواهية التي وردت في المثل ولنسأل أنفسنا فيما إذا كنا نحن أيضاً سائرين في خطوات هؤلاء الرافضين والخاسرين.
قال الأول " إني اشتريت حقلاً ولابد أن أخرج وأنظره. أسألك أن تعذرني ". شراء حقل لأمر جيد ولكن ذلك الرجل كان قد استلم الدعوة إلى العشاء والوليمة منذ مدة كافية وكان باستطاعته أن ينظر حقله في يوم لاحق. كان بالحقيقة مهتماً بأموره الخاصة إلى درجة أنه لم يعد مهتماً بصاحبه أو حياته الاجتماعية. قال الثاني " إني اشتريت خمسة أزواج من البقر وأنا ماض لأجربها. أسألك أن تعذرني ".  هذا أمر جيد شراء خمسة أزواج من البقر لفلاحة حقله، ولكن متى كان وقت وليمة العشاء وقت امتحان تلك الأبقار؟ أما الثالث فإنه اعتذر قائلاً " إني تزوجت امرأة فلذلك لا أستطيع أن أجيء ". هل يعني الزواج الامتناع عن القيام بسائر الواجبات نحو الأصدقاء والمعارف والحياة بشكل عام؟ أخذ الجميع يعتذرون على نمط واحد. ولكن كل واحد منهم كان قد استلم دعوتين:
1 عندما حدد وقت الوليمة، و2 عندما صار كل شيء جاهزاً للعشاء.
ألا نشاهد نفس الشيء يحدث لكثيرين من الناس والذين كانوا قد سمعوا الدعوة الإلهية منذ نعومة أظفارهم؟ ألا نلاحظ اهتماماً كلياً بأمور الحياة المادية وفي نفس الوقت تأجيلاً لا منطقياً لموضوع البت في دخول ملكوت الله؟ ألا يمنع الناس أنفسهم من دخول الملكوت معتذرين بقلة الوقت وكثرة الأعمال؟ لكن تحت هذه الأعذار الواهية يكمن قلب متمرد على الله وأرادة مستعبدة للخطية ومحبة متجهة في طريق معاكس لطريق الله. وبعد أن يكون الله قد كرر الدعوة مراراً وتكراراً فإنه يعطي الأمر لعبيده المنادين بكلمته الخلاصية بأن يوجهوا الدعوة لأناس آخرين.
كانت الوليمة جاهزة ولكن المدعوين رفضوا المجيء، ما العمل الان؟ هل يبقى البيت خاليا من الناس وهل يلغى مشروع الوليمة؟ كلا، ها إن رب البيت يرسل عبيده لدعوة الناس من الشوارع ومن الأماكن البعيدة، إلى الطرق والسياجات ويطلب منهم أن يلحوا على الجميع للمجيء إلى الوليمة. وإن ظن المدعوون أنه نظراً لعاهاتهم الظاهرة للعيان أو لكونهم غرباء أو أجانب، فإنه كان من العسير لهم أن يقبلوا – فإن صاحب الوليمة كان صريحاً جداً بأنه لن يرفض أياً منهم. المهم أن يقبلوا دعوته الصريحة عن قلب صادق. غاية صاحب البيت كانت أن يمتليء بيته وينعم الجميع بالعشاء الشهي.
وهذا ما يحدث أيضاً في ملكوت الله. إنه تعالى اسمه أرسل عبيده الأنبياء إلى دنيانا هذه طالبين من البشر بأن يقبلوا الدعوة الإلهية. مهما كانت حالة الناس الروحية ومهما كانوا قد توغلوا في مجاهل الخطية والشر، فإن باب الملكوت لن يغلق في وجههم أن قبلوا الدعوة وامتثلوا بأوأمر رب الملكوت. فمن جاء إلى الله مؤمناً بالمسيح المخلص طالباً الصفح والغفران فإنه لن يرفض بل ينال الشفاء التام من جميع أمراضه الروحية والنفسية.
أيها القارئ العزيز، هل سمعت دعوة الله للإيمان بمن أرسله ليكون مخلص العالم وملكاً في ملكوته المجيد؟ أهناك موانع شخصية تقف بينك وبين قبول دعوة الله؟ وهل تعودت تأجيل دخولك في ملكوت الله مختبئاً وراء أعذار واهية لا يقبلها الله متى جاء موعد ظهورك أمامه في يوم الدين؟ لقد علمنا السيد المسيح بكل صراحة وقوة أن الله غير مضطر بأن يستمر في دعوتك، بل إنه قد يمتنع عن تقديم العضوية والمواطنية في ملكوته.
اذكر قول ذلك الإنسان في مثل السيد المسيح " فإني أقول لكم أنه لا يذوق عشائي أحد من أولئك الرجال المدعوين". من كان هؤلاء؟ إنهم كانوا من استلموا الدعوة ولكنهم اختبأوا وراء أعذار واهية فصار كل واحد منهم من الخاسرين.
اقبل اليوم دعوة الله وآمن بيسوع المسيح فتنال خلاص نفسك وتضمن حضورك في ملكوت الله في اليوم الأخير، أمين.
منقول للفائده