مشاكســــــــــــة ملابـــــس الامبراطــــــــــور / مال اللـــــه فـــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 07, 2014, 11:24:24 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

   
مشاكســــــــــــة
ملابـــــس الامبراطــــــــــور



برطلي . نت / بريد الموقع
         
مال اللـــــه فـــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com

في زمن غابت عنه القيم وتراجعت فيه الاخلاق واخفت الفضيلة وجهها براحتيها خجلا , وشنقت فيه المبادئ نفسها بحبال الانانية واحنت النزاهة راسها امام اعاصير الفساد التي عصفت بمختلف البلاد ، واكتسحت المدن الفاضحة التي بناها بعض المسؤولين في مخيلاتهم وحولوها الى واقع بممارساتهم  كل اثر لخيالات واوهام واحلام افلاطون حول المدينة الفاضلة ، واختلط  الحابل بالنابل والاخضر بالاصفر واليابس بالعابس ، وامست فيه اطنان التصريحات الكاذبة ربما عشرة اضعاف الكلاب السائبة في ازقة الدول المنهوبة والمسلوبة والجائعة والخانعة،امست وعود وخطب وشعارات المسؤولين الكبار التي تبدو في ظاهرها حادة قاطعة كالسيف البتار ،اما في حقيقتها فلا تعدو كونها وريقات صفراء تلتهمها النيران ، لتمسي بالمحصلة ، اشبه  بفضيحة ( ملابـــس الامبراطـــــور) الدكتاتور التي لا تستر العورات ، ولا تخفي التضاريس ولا المرتفعات والمنحنيات.
ولمن لا يعرف حكاية ، او فضيحة (ملابس الامبراطور) التي اضحكت وابكت وادهشت الناس عبر العصور والتي كانت احدى حكايات منهاج القراءة العربية في المرحلة الابتدائية ، تقول ، ان امبراطورا دكتاتورا في سالف العصر والاوان وضع اشهر خياط في مدينته امام اصعب امتحان ، والقاه بين خيارين مثل المطرقة والسندان ، فاما ان يخيط له ملابسا لم يسبق وان ارتدى مثلها انسان في غرابتها وخصوصيتها وجمالها وتفردها في ذلك الزمان ، والا فان السيف سيجعل راسه في خبر كان.
واذ انتهت المدة التي حددها ذلك الامبراطور العجيب الغريب والدكتاتور للخياط المسكين دون ان يتمكن بالطبع انجاز طلب الامبراطور ، فقد استعان بخياله الخصب ليخدع الامبراطور بالعجب العجاب ، لعل الحيلة والخيال الكذاب ، يفتحان له للنجاة باب.
عندما حضر ذلك الامبراطور في الزمان والمكان ، وسال خياطه عن الملابس الفريدة الجديدة ، راح الخياط يمثل امامه بكل ثقة واهتمام واطمئنان وهو يمسك بين يديه الهواء موهما اياه بانه يمسك الجلباب ، وعندما اعترض الامبراطور بانه لايرى شيئا ادعى له بان الملابس مصنوعة من خيوط الضوء ولا احد يستطيع مشاهدتها الا اذا لبسها الامبرطور حيث تنعكس اشعتها على جسده فيرى الاخرون ما لا يراه من الضوء المكنون.
وهكذا انطلت كذبة ذلك الخياط الذكي على ذلك الامبراطور الغبي  الذي امر بتحديد يوم خاص يعلن فيه للعام والخاص بانه سيكون مخصصا للمناسبة الفريدة وهي مشاهدة الامبراطور بملابسه الجديدة التي فاقت كل الملابس والازياء الامبراطورية والملكية منذ ان وجدت البشرية بخيوطها الضوئية.
في اليوم المذكور حيث غصت الطرقات والساحات والازقة بالحضور وتسابق الجميع لمشاهدة ملابس الامبراطور الجديدة بخيوطها واقمشتها الفريدة ، نزع الامبراطور بالطبع كل ثيابه التقليدية واسلم نفسه بيدي خياطه الاسطوري ليلبسه بنفسه ملابسه الضوئية التي لم تكن الا ضربا من الخيال ربما لم تمر من قبل بفكر او تصور اغبى الاطفال .
ومن ثم خرج ذلك الامبراطور الدكتاتور مختالا بملابسه الجديدة دون ان يحس بفضيحته العتيدة وهو يقف عاريا امام جماهيره المحتشدة وهي تحني رؤوسها اجلالا واحتراما للاطلالة الامبراطورية البهية والجميع يبدون باعلى درجات النفاق دهشتهم واعجابهم واشادتهم بتلك الملابس (الضوئيـــــــة) التي كانت اشبه وفق تحليلاتهم بالمعجزة البشرية.
لكن على حين غرة انطلقت ضحكة طفولية مثل عاصفة هوجاء لتمزق كل الدجل والرياء ، واذ التفت الامبراطور والحاضرون الى مصدر تلك الضحكة المجلجلة التي عكرت صفو وفرح وبهجة وهيبة الذات الامبراطورية ، وانتظروا حتى هدأت عاصفة الضحك الطفولية ، وسالوا ذلك الطفل البرئ عن اي شيئ تضحك ؟ اجاب على الامبراطور ، عندها اقترب الامبراطور منه وساله (ولماذا تضحك علي ؟؟؟) اجابه الطفل (لانك عار  ولا ترتدي اية ملابس) عندها فطن الامبراطور لتلك الخديعة وعلينا تخيل نوع وحجم وشكل العقوبة المريعة التي نزلت بذلك الخياط سيئ الحظ جراء فعلته الشنيعة .
تذكرت هذه الحكاية , وانا استعيد الكم الهائل من تصريحات ووعود وخطب مختلف المسؤولين في هذه الدولة وتلك التي لا تتحقق ابدا بالاخص ما يتعلق منها بالنزاهة والوطنية والمصلحة العامة والمساواة والحرية والديمقراطية ومحاربة الفساد والتوزيع العادل للثروات والاستقلالية الوطنية واحترام الارادات الجماهيرية .
تلك الخطب والوعود والبيانات والتصريحات الكاذبة المخادعة التي يدبجها لهم مستشارون وخبراء واعلاميون ، باساليب اشبه باسلوب خياط الامبراطور ، وبذلك يجعلونهم من حيث يدرون او لا يدرون يقفون عراة امام شعوبهم الا من اكاذيبهم ومباذلهم وفسادهم وفشلهم .
فما اكثر الاباطرة في هذا الزمان ، وما اكثر الفضائح التي باتت تزكم الانوف بأقذر الروائح.