مشاكســـــــة وداعــــــــا .. ايتهــــــا البائســــــــــــة/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 04, 2015, 05:23:18 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكســـــــة

وداعــــــــا ......

ايتهــــــا البائســــــــــــة


برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللــــه فـــرج 

Malalah_faraj@yahoo.com


ها انت تلملمين بقايا بضاعتك الكاسدة وتحزمين حقائبك استعدادا للرحيل بعد ان خيبت آمالنا وجرحت قلوبنا وطوحت باهالينا واحبائنا وطعنت احلامنا واغرقتنا بدموعنا ومآسينا ودمائنا وشردت اهلنا ووضعت وسط العاصفة وطننا وسرقت ابتساماتنا وجرعتنا مر دمعنا وجعلت نصف شعبنا لاجئا يحمل بقايا متاعه ونزف جراحاته وبكاء اطفاله يطرق ابواب هذه الدولة وتلك بحثا عن اللجوء بينما جعلت النصف الآخر لاجئا في بلده غريبا في وطنه يتخذ من الخيام سكنا ومن احسان المنظمات الدولية موردا لرغيف الخبز المعجون بالعار وبذل التسول والانتظار.
ايه (2014)، ايتها السنة البائسة اليائسة العابسة المدلهمة المتجهمة، عندما طرقت ابوابنا وحططت على رصيف حياتنا، استقبلناك كأميرة واعماقنا تموج بالآمال الكبيرة، ولم نكن نتوقعك مثل الساحرة الشريرة، تزدحم حقائبك بالمآسي والنكبات والفواجع المريرة، فيا ليتك ما دخلت حياتنا وما سحقت بقسوتك قلوبنا وما شظيت آمالنا وما شردت اهلنا وما قطعت اوصال وطننا وما هويت بسكين غدرك على عنق مستقبلنا وما حفرت خنادق التصادم بيننا وما مزقت حضارتنا وما جعلت حثالة الاغراب القادمين من مزابل العهر والانحطاط والهمجية يستعبدون شعبنا ويهينون اهلنا ويشردون احباءنا ويدنسون مقدساتنا .
فبماذا نصفك ايتها البائسة اليائسة العابسة؟ وقد كنت السنة الاصعب والاسوأ والاخطر على معظم العباد الذين جعلتهم ينزفون دما ويتشحون بالسواد و يتسولون المساعدات وبلدهم من اغنى البلاد؟
فروائح الخيانات والفساد والتردي العفنة التي أزكمت الانوف بالف اسلوب مستهجن غير مألوف، حولتنا بهمة بعض مسؤولينا (الغيارى) الى ضائعين مهمومين مشردين حيارى، وحولتنا الى اضحوكة الزمان والى مادة دسمة على بعض مكاتب منظمات الاغاثة وحقوق الانسان ومليونان منا مشردون بلا امل.. بلا غد.. بلا استقرار.. بلا امن.. ولا امان.
لقد اضعت ايتها السنة البائسة اليائسة العابسة ميزانية عام كامل كانت تساوي مجموع ميزانيات خمس دول، اختفت وطارت قبل ان تقر، بل وسجلت عجزا فاضحا قبل ان تقر، ليختفي ذلك المبلغ المهول بين طيات المجهول، اما فضيحة الفضائح التي اثارت الماسي والعويل والمناحة، فضيحة سقوط الموصل الحدباء بايدي الارهابيين الدمويين الخبثاء، تلك المأساة المضحكة المبكية فقد اثارت ولا تزال الف سؤال وسؤال و الكثير من التوقعات ومن التكهنات والاتهامات ومن الشجب والاستنكارات، عن دراما السقوط والى اين تتجه رؤوس الخيوط في هذه اللعبة المخزية التي اثارت دهشة واستغراب الاعداء والاصدقاء على حد سواء، وتوالت علامات الاستفهام حول من دفع ومن قبض ومن باع ومن اشترى ومن شارك بالمصيبة ومن اسهم في انتهاك وخيانة وسبي الموصل الحبيبة.
فقد قادت تلك المأساة الدراماتيكية الى اسوأ المآسي والفواجع والكوارث الانسانية، مكونات اصيلة عريقة تهجر من وطنها وتستباح اموالها واعراضها، واطفال من احضان امهاتهم يخطفون ونساء فاضلات يسبين اصحاب البلاد يهجرون وحثالة المجرمين والقتلة الساقطون القادمين من باكستان والشيشان وافغانستان يأمرون وينهون ويسرقون وينهبون ويستبيحون ويقتلون ويدمرون ويهجرون، والعراقيون الاصلاء النبلاء بين شعاب التشرد والغربة ضائعون.
ووفقا لمسؤول رفيع في وزارة الهجرة والمهجرين فان اعداد الاسر النازحة والمشمولة بمنحة المليون دينار فقط وصلت الى ( 221.635) عائلة نازحة موزعة على جميع محافظات العراق، واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان متوسط عدد افراد كل عائلة هو خمسة اشخاص فان معنى ذلك ان عدد المهجرين والنازحين يبلغ (1.108.175) مليونا ومائة وثمانية الاف ومائة وخمسة وسبعين عراقيا باتوا مهجرين في بلدهم يعيشون اوضاعا مزرية بدءا من السكن الحقير سواء في الخيام ام في هياكل العمارات غير المكتملة، مرورا بالمواد الغذائية الشحيحة وبعضها غير صالح للاستهلاك البشري وانتهاء بضياع مستقبل الطلبة والشباب وتعرض الجميع للامراض المعدية ووفاة الكثيرين من الاطفال الرضع وكبار السن، فضلا عن الآلاف من الشهداء وخصوصا في قاعدة سبايكر وسواها، بسبب فشل الحكومة السابقة واخطائها القاتلة، وفشل المعنيين في احالة الرؤوس الكبيرة المسؤولة مسؤولية مباشرة عن هذه المآسي والكوارث الى القضاء.
الى ذلك فقد ادى (تسونامي) الارهاب وايدلوجية القتل والتهجير القسري الى خسارة العراق لابرز كفاءاته حيث بلغ عدد ضحايا العنف من القتلى والجرحى خلال شهر واحد وفقا لبعثة الامم المتحدة (يونامي) ما مجموعه (3065) ضحية، مما دفع آلاف العوائل العراقية لطرق ابواب ممثليات الامم المتحدة والسفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية المختلفة سعيا وراء فرصة لجوء انسانية وبحثا عن ملاذ  آمن  تاركين وراءهم وطنهم وطن آبائهم واجدادهم وشواهد تاريخهم وحضارتهم ودورهم وكنائسهم واديرتهم ورموزهم الدينية وذكريات طفولتهم ولهوهم وشبابهم واقاصيص حبهم وعشقهم ورائحة الارض التي عشقوها، وقد ابكاني احدهم وهو يحمل معه في كيس متواضع قبضة من تراب الموصل وكانه يحمل كنزا لا يريد ان يفرط فيه، بل يشم رائحته بين حين وآخر.
لقد حول الارهاب الممنهج حياتنا الى محطة سفر ذات اتجاه واحد واصبحنا نودع يوميا بالاحزان والعبرات المريرة المزيد من الاهل والاصدقاء والاحبة الذين آثروا ان يرموا بانفسهم وسط اعصار الغربة المجهول بعيون دامعة وقلوب تنزف الما، وخلال شهر واحد فقدت من زملائي وزميلاتي خمسة من الاحبة، في حين اكد احد رجال الدين المسيحيين ان معدل المهاجرين الى خارج العراق يبلغ (70) شخصا شهريا يتوجهون الى دول الجوار ومن ثم الانطلاق الى حيث تقودهم الاقدار لينخرطوا وسط فيالق المهجرين والمشردين بعد ان كانوا مواطني واحدة من اعرق الدول واغناها، لكنها السياسة الفاسدة وايدلوجية مقايضة المصالح والمواقف هي التي قادت وستقود لمثل هذه المآسي والكوارث والنكبات.
الى ذلك ايتها السنة البائسة اليائسة العابسة، في خضم ايامك السود التي نأمل الا تعود، ازداد الفقراء فقرا والمسحوقون انسحاقا والمحتاجون حاجة، حيث ارتفعت نسبة الفقراء وفقا لاحصائيات رسمية من 19% الى 30% وتراجع الامن والامان واصبحت المليشيات سيدة المكان وامسى الفساد بحرا ابتلع حقوق وانسانية الانسان والحريات العامة اصبحت معضلة الزمان ومعظم حقوق الانسان وخصوصا في ثروته الوطنية في خبر كان.
وداعا (2014)، احملي حقائبك ايتها البائسة العابسة وارحلي، ودعينا نستقبل (2015) باحلى الامنيات واجمل التمنيات، فربما في هذه السنة تبتسم لنا ولو مرة واحدة هذه الحياة .