مشاكســــــة المتســــابقون مــــــع المـــــــوت/ مال اللـــــه فـــــرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 25, 2015, 08:45:09 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســــــة
المتســــابقون  مــــــع  المـــــــوت

برطلي . نت / بريد الموقع


مال اللـــــه فـــــرج
malalah_faraj@yahoo.com

ليس هنالك أسمى من ان يسابق الانسان، اي انسان، بخطاه السريعة الواثقة الموت حاملا حياته على كفيه مغامرا، بل مضحيا بها من اجل ان يهب الحياة للآخرين، لذا فقد استطاع افراد البيشمركه ان يجسدوا بافعال حقيقية على الارض، تطابق التسمية تماما مع الفعل، واستحقوا عن جدارة وسام (المتسابقون مع الموت) أو (السباقون الى الموت ) في ملاحم تصديهم البطولية لواحد من أعتى ادوات الارهاب والابادة الجماعية الذي بات يهدد الانسانية باسرها في كل مكان، ذلك هو تنظيم (داعش) الدموي، لينالوا ذلك الشرف الرفيع، شرف الدفاع عن الانسانية ووجودها حاضرا ومستقبلا في الوقت الذي انكفأت فيه هذه الجهة او تلك على نفسها، وتراجعت هذه القوات او تلك، والتي كانت تفوق البيشمركه عددا وعدة، عن سوح المواجهة، وتخاذل من تخاذل، وهرب من هرب، واكتفت هذه الجهة بالتنديد والتهديد ، وثالثة بالغرق في التهريج الاعلامي ورابعة بالبحث عن مبررات للهزيمة المهينة بدل المواجهة الحاسمة لتلك الشرذمة اللعينة ، في حين واصلت قوات البيشمركه تصديها الحاسم الحازم لقوات القتلة في جميع جبهات المواجهة وخطوط التماس المباشرة وهي تلحق الهزيمة بمصاصي الدماء وبمنتهكي اعراض النساء وبهواة قطع الرؤوس وجز الاعناق هنا وهناك غير مبالية بعظم التضحيات وبعنف وشراسة التحدي ولا بقوافل الشهداء التي تقدمها من اجل اهدافها الانسانية السامية في الدفاع عن الحياة الانسانية ليس في الاقليم حسب وانما في المنطقة والعالم، فكانت ملاحم كوباني وكركوك وزمار وسنجار والكوير ومخمور وسواها، شهادات حية لفعل بطولي لن يسقط من الذاكرة الانسانية ابدا.
واذ كنت اظن خطأ، ان تسمية البيشمركه تعني (الفدائي) الا ان الزميل طارق كاريزي الذي يطيب له ان يمارس اسبوعيا مهمته التي تجعله اشبه بـــ (الطبيب) حاملا بين اصابعه جهاز قياس الضغط، ليقيس به بشفافيته المهنية العالية (نبض الشارع)، صحح تلك المعلومة موضحا لي ان المعنى الحرفي لتسمية (البيشمركه) التي انطلقت خلال ثورة مهاباد عام 1946 كانت تعني (السباقون مع الموت) اي الذي يحاول ان يسابق الموت ويسبقه من اجل حياة الآخرين، وهذا ما جسدته فعلاً قوات البيشمركه امام انظار المجتمع الدولي رغم بساطة اسلحتها التقليدية في تصديها البطولي المبدئي لارهابيي داعش دفاعا عن جميع مكونات المجتمع الكوردستاني بقومياته واديانه وطوائفه وانتماءاته المختلفة، وعن من لجأ اليه من المسيحيين واليزيديين والصابئة وسواهم من المهجرين والنازحين قسرا والفارين من جرائم الابادة الجماعية التي اقترفها المجرمون الاوغاد بحقهم ، لتقدم قوات البيشمركة من خلال مواقفها الباسلة تلك ، الترجمة الحية لتطابق الصفة مع الفعل الحقيقي على الارض، وهي تقدم على مذبح البطولة وفي سوح المنازلة المصيرية الصعبة اكثر من اربعة آلاف من السباقين مع الموت بين شهيد وجريح ومفقود دون ان تمنح العدو الدموي الغادر الجبان عدو الحياة والانسان فرصة كسرها كما كان يحلم، لانها هي التي كسرته والحقت الهزائم المريرة المتكررة بمرتزقته من حثالة القتلة واللصوص ومصاصي الدماء.
ومن بين صور بطولة البيشمركه تبرز قصة (ام الشهداء الثلاثة) عائشة طه عثمان، حيث ذهب اثنان من ابنائها بتاريخ 25/ تشرين الثاني الماضي لتفقد شقيقهما النقيب في البيشمركه المرابط قرب زمار. وخلال وجودهما هناك، اندلعت معركة قاسية مع (داعش)، تملكتهما الحماسة فذهبا مع شقيقهما للمشاركة، واسهموا في تحرير أجزاء من مدينة زمار، لكن الشهادة كانت وسام الشرف الذي ينتظرهم من خلال تعرضهم لانفجار سيارة مفخخة، وهكذا في لحظة واحدة، ضحت عائشة بأولادها مولود وأحمد ونجاد.
هذا مارواه باعتزاز السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كوردستان في احدى حواراته الصحفية من غرفة عمليات قرب خطوط المواجهة مع التنظيم الإرهابي، مضيفا (قالت أم الشهداء الثلاثة: لا تتألم. هذا شرف كبير لعائلتنا. لدينا ابنان آخران وهما على استعداد للتضحية بحياتهما من أجل كوردستان).
واضاف الرئيس بارزاني مستعرضا صورا من بطولات البيشمركه وتضحياتهم، إن أحد عناصر البيشمركه عندما علم باستشهاد شقيقه وإصابة والده. اتصل بشقيق اخر له كان يرابط هو الآخر على الجبهة وقال له (إذهب مع جنازة شقيقنا وإذا توفي الوالد أدفنه وارجع ولا تتأخر، أما أنا فلن أترك الجبهة).
و قصة أخرى توقف ازاءها رئيس الاقليم باعتزاز، تلك هي قصة الشهيــد البطل العقــيد أحــمد المزوري المشـــــهور بـ (الشيخ أحمو). حيث اقتربت سيارة مفخخة لـ (داعش)، وتقدم المزوري لوضع العوائق امامها لكن الوقت كان قد فات، أمر جنوده بالانتشار و الانبطاح وصدم السيارة المفخخة بسيارته العسكرية فاستشهد وأنقذ حياة المئات من رفاقه وهكذا تسابق ذلك الشهيد البطل مع الموت متصديا له ليهب الحياة للآخرين.
ويضيف الرئيس بارزاني حول ثمن الانتصارات الكبيرة التي حققتها البيشمركه على ارهابيي العصر (الثمن باهظ، لكن لا بد من دفعه لأنه دفاع عن وجود أمة وكرامتها. تعرض وجود إقليم كوردستان لتهديد بالغ الخطورة. لكنني أستطيع القول وبثقة إننا كسرنا شوكة داعش وحررنا نحو 17 ألف كيلومتر مربع من الارض التي احتلها. خسائره لا تقل عن ثلاثة آلاف قتيل. أبلغت بغداد وجهات أخرى أننا على استعداد لخوض معركة الحسم النهائي مع الإرهابيين إذا توفر السلاح الثقيل الذي نحتاجه).
وتابع بلهجة حاسمة: (لن نسمح بتكرار ما حدث ولا أن تُستباح مدن وقرى وتقتلع مجموعات، سأكون واضحاً، لن نغفر لمن ذبح الأبرياء وسبى نساء الإيزيديين، ولن نغفر لمن شارك هؤلاء الوحوش وساعدهم، لا أقصد الانتقام أبداً بل أقصد العدالة).
بعد هذا الا تستحق البيشمركه ارفع وسام شرف وهي تدافع عن الانسان في كل مكان وعن الحياة بعظيم التضحيات؟