تجمع التنظيمات السياسية تخبط في الأداء وهشاشة في المواقف / جورج هسدو

بدء بواسطة matoka, يونيو 13, 2012, 08:02:43 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

تجمع التنظيمات السياسية
تخبط في الأداء وهشاشة في المواقف




جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

قلناها سابقاً ونكررها الآن "ليس هناك ما هو مقدس في العمل السياسي، خاصة عند تعلق الأمر بمصالح شعبنا"، ففي الوقت الذي نكون فيه مطالبين بدعم الجوانب الإيجابية في عمل تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الأشورية فمن حقنا وواجبنا كمهتمين (ومعنيين) إنتقاد السلبيات.. أما تبني (رأي) واحد على طول الخط وإتخاذ (موقف) مسبق من كل ما يقوم به هذا التحالف إن بالتأييد (والتصفيق) أو بالمعارضة (والتسفيه) فليس سوى أدلجة (مقيتة) لحالة (صحية) قلّما شهدها واقعنا القومي، كما أن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة الخلافات في الوسط السياسي لشعبنا الذي يعاني أصلاً من التفكك.. وهنا نرى من الضرورة أن نؤكد للقرآء الكرام وأعضاء التجمع بأن نقدنا هذا يأتي أولاً من منطلق الحرص على مصلحة قضية شعبنا، كما هو أيضاً لصالح تصحيح مسار تجمع التنظيمات (على الأقل من وجهة نظرنا) التي قد يتفق معها البعض ويخالفها آخرون.

في الفترة الأخيرة ومن خلال متابعتنا لأداء تجمع التنظيمات السياسية على الصعيدين القومي والوطني وإثر توالي الأحداث وتسارعها في عموم مناطق تواجد شعبنا، لاحظنا (بأسى) قبل أن يكون بأسف، أن أداء التجمع يعاني إرباكاً وتخبطاً في تعامله مع الأحداث الساخنة التي لها تأثيراً مباشراً على حياة ومصالح شعبنا، كما أن مواقفه السياسية من القضايا الحساسة (والمفصلية) التي يشهدها البلد تعتريها الهشاشة وتفتقر إلى الجرأة والحسم وحتى (التوافق).. وهو ما يمكن إستعراضه في عدد من التطورات الأخيرة التي يمكن أن نلخصها في:

إستهداف مصالح أبناء شعبنا في محافظة دهوك
منذ بداية أزمة إستهداف مصالح تجارية تابعة لأبناء شعبنا في كل من زاخو وسميل ودهوك وحتى حلحلتها وليس (حلها) من قبل رئاسة وحكومة إقليم كردستان، سارعت أطراف التجمع إلى التعامل مع الحدث بشكل منفرد وليس ككتلة متحدة، وهو ما يمكن تلمسه من خلال المزايدات الإعلامية بين أطراف التجمع (وخصوصاً أكبرها) في تعاطيها مع المعنيين من مواطنين وجهات رسمية.. بينما كان الأفرض (والأنجع) السعي بأسلوب جماعي موحد لخلق أرضية صلبة يمكن الثبات عليها في الأصرار على المطالبة بكشف الحقائق ورد الإعتبار المعنوي قبل الحق المادي للمتضررين، الذين ما زالوا لحد هذه اللحظة ينتظرون الوعود الحكومية ويجترون الكلام المعسول لقادة التجمع.. ثم كانت مسألة قبول التجمع بالأمر الواقع ورضوخه لرغبة الطرف الرسمي في ما يخص تمثيل شعبنا في لجنة التحقيق الخاصة بأحداث زاخو ودهوك، حيث أن تسمية رجل دين (مع إحترامنا لصفته الكنسية) ممثلاً عن شعبنا في لجنة مثل هذه (أمنية وسياسية بأمتياز) فرّغ التجمع من جوهره التمثيلي الذي تأسس عليه وسدد ضربة قوية لشرعيته الجماهيرية.. ونحن مستغربون جداً من سكوت التجمع على هذا الأمر خاصة وأن التجاوز هذه المرة كان بحق (الممثل الشرعي) نفسه الذي يعول عليه الشعب في رفع الحيف والغبن الذي قد يطاله!!، أم أن للقضية بعداً آخر يصعب على البسطاء من أمثالنا فهمه ويحظر على (الفاهمين) شرحه؟؟.

مشكلة الأبراج الأربعة في عنكاوا
دخل تجمع التنظيمات بقوة على موضوع مشروع الأبراج الأربعة المزمع بنائه في عنكاوا على أساس أن ذلك يعتبر من أشكال التغيير الديمغرافي، لكن ورغم جدية التجمع في معالجة المشكلة إلا أنه أضاع مكانته الرسمية عندما أصر على حصر قيادة لواء المواجهة بهيئة التجمع وحدها حتى بعد إنضمام مؤسسات مدنية للفعل الرافض.. وهنا حصل التناقض (والتنافر) الذي ألقى بظلاله لاحقاً على مجمل تفاصيل عملية التصدي وأدى إلى فشل أكثر من مسعى بضمنها الخروج في مظاهرة للمطالبة بإيقاف المشروع، ناهيك عن دخول مؤسسة الكنيسة على الخط منذ البداية وفشل التجمع في إستمزاج الرأيين السياسي والكنسي في وثيقة مشتركة كان سيكون لها أبلغ الأثر في حل المشكلة.. من ناحية ثانية عملت التصريحات المتسرعة (والمتشنجة) الصادرة رسمياً عن التجمع على مضاعفة نقاط الخلاف وزيادة اللغط الحاصل في الموضوع بدلاً من مساهمتها في توضيح الجوانب المبهمة وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف الرافضة لبناء الأبراج الأربعة.. وهو الأمر الذي أثر سلباً على العديد من عوامل المواجهة بين شعبنا بمختلف عناوينه من جهة وبين أصحاب المشروع (ومن يدعمونهم) من جهة ثانية، كما أن حمى التصريحات هذه إنتقلت إلى داخل التجمع وأثرت على بنيانه الجبهوي وأدت إلى خسارته لطرف آخر.

محاولات التغيير الديمغرافي في سهل نينوى
ما يدعو للإستهجان أن محاولات التغيير الديمغرافي في سهل نينوى قد تصاعدت وتيرتها بعد زوال النظام السابق، وقد شهدت فترة السنتين الماضيتين أشرس هجمة لتغيير الطابع السكاني في سهل نينوى والتي تجسدت بصورة أشد في محوره الجنوبي (بغديدا وبرطلة).. ومن الملاحظ أن جهود تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا لم ترتق إلى مستوى الإقناع وبصورة أخص لأهالي المنطقة، حيث أن الممارسات على أرض الواقع تشي بأن ما يعمل عليه التجمع يكاد يكون في وادي وما تتخذه الوزارات المعنية من قرارات وإجراءات في وادي آخر.. وهذا بحد ذاته يعتبر فشلاً سياسياً وإدارياً لما يعكسه من هشاشة موقف التجمع من إحدى أخطر القضايا التي يواجهها شعبنا في الوطن، ومن نافل القول طبعاً أن نشير إلى أن أي تغيير في ديمغرافية مناطق تواجد شعبنا يعني مزيداً من معوقات المعيشة وبالتالي مزيداً من القوافل المهاجرة.. أما الإرتكاز على أنصاف الحلول (والتريثات) وما شابهها من معالجات مبتورة فأنه لا يمكن الإعتماد عليها كحل مضمون، حيث من الممكن أن يتم رفع التريث في أي لحظة لتعود (المعضلة) وتطفو على السطح وقد تكون هذه المرة بصورة أشد وأعقد.. أليس من المعقول والمفروض أن يلجأ التجمع (وبالأخص نواب البرلمان فيه) بعد كل هذه المراوغات والإصرار من جانب الحكومة (بمحوريها المركزي والمحلي) إلى الإسراع في تعجيل وتشريع القوانين التي من شأنها ضمان المحافظة على خصوصية شعبنا (وباقي الأقليات) في سهل نينوى خاصة وأن المنطقة تعتبر آخر (معاقل) الأقليات المتبقية في عموم العراق؟؟.. ولمن (يتفلسف) بجدوى المعالجات الجزئية والآنية نحيله إلى القرارات الرسمية الأخيرة الصادرة بخصوص توزيع أكثر من (50) قطعة أرض في قضاء تلكيف وناحية ألقوش أغلبها لغير أبناء المنطقة، إضافة إلى الموافقة على بناء مسجد ومدرسة إسلامية (شيعية) في ناحية برطلة، ناهيك عن الإعتداءات المستمرة بحق أبناء المنطقة من قبل أناس من خارجها من أبناء الغالبيات (الدينية والأثنية) وأحياناً حتى من الشخصيات الرسمية.

قضية سحب الثقة من رئيس الوزراء
بلا أدنى شك فأن أغلبنا مقتنع بأن الضجة التي تثار حول سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي ليست (كلها) من أجل مصلحة العراقيين العامة، فالمطالبون بها لا يخفون وجود أسباب (فؤية) تنحصر بقومية أو طائفة أو كتلة أو حزب أو حتى شخص ما.. لكن ما يهمنا هنا هو موقف تجمع التنظيمات من القضية التي باتت تشغل العراقيين بمنطلقاتها وتداعياتها التي لابد وأن تأثيراتها ستطال الجميع في الحالتين (نجاح أو فشل المسعى) هذا من جانب، من جانب ثان فأن عمل التجمع (الإئتلافي) كان يحتم عليه التشاور في الموضوع للخروج بقناعة وموقف موحد لتلافي التشظي وإعطاء زخم لمكانته السياسية وطنياً.. لكن ما نتج عن التجمع بخصوص مسألة سحب الثقة أعطى إنطباعاً بأن أطرافه هي أما (رافضة مخاتِلة) أو (مؤيدة منساقة) أو (مراقبة لا أبالية)، وهو ما عكس حقيقة الأداء المتخبط الذي يعاني منه تجمع التنظيمات إزاء مختلف القضايا.. فقائمة الرافدين صرحت (إعلامياً) بأنها تقف على الحياد ولا تؤيد أي من الفريقين، لكن واقع الممارسة السياسية القائمة على التوافق يرفض هكذا (سياسة مخاتِلة)، فالمطروح هو سحب الثقة من رئيس الوزراء وليس العكس حتى تعلن الرافدين بأنها ضد الأثنين.. فاعلان عدم تأييد المطلب يعني معارضة سحب الثقة، لكن اعلان عدم تأييد (معارضة) المطلب يعني في أحسن الأحوال (التحفظ) هذا إذا وصل الأمر إلى التصويت في البرلمان، وبعبارة أدق فأن قائمة الرافدين هي ضد سحب الثقة من المالكي لكنها لن تصوت ضد المقترح!!.. أما قائمة المجلس الشعبي ورغم عدم تصريحها رسمياً بأي موقف فأن المؤشرات (والتسريبات) تثبت أنها مع موقف الأحزاب الكردية الداعية لسحب الثقة، وبمعرفة مدى تأثر القائمة برأي الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي دعم المجلس منذ تأسيسه ولحد اليوم، تتجلى حالة (الإنسياق) التي ما يزال يعاني منها المجلس الشعبي رغم دخوله في جبهة قومية خاصة بشعبنا.. أما بقية أطراف تجمع التنظيمات فتعاملت مع الموضوع (بلا أبالية) وكأن الأمر لا يعنيها، وربما كان لها (جزء) من الحق على إعتبار أنه ليس لها ممثلين في البرلمان والحكومة العراقية ولا حتى في برلمان وحكومة إقليم كردستان، لكن بالتأكيد فأن الأمر يعنيها جداً بل هو من صميم حقها (وواجبها) لطرح تداوله على طاولة التجمع والذي لم نسمع قيامها به لحد اللحظة.. وإذا كان تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا غير معني بالتوافق على قضية حساسة مثل هذه بحيث يمكن لكل طرف إتخاذ الموقف الذي يرتأيه ويتلائم مع توجهاته الخاصة، فهل أن تأسيس التجمع قد جاء فقط للتوافق على توزيع مقاعد البرلمان ومجالس المحافظات وغيرها من المناصب الحكومية بين أطرافه؟؟!!.

الرضوخ لنتائج الأمر الواقع
لا يخفى على المتتبع لمسيرة تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا تسارعه في إصدار التصريحات في مختلف القضايا التي تواجهه وعلى الصعيدين القومي والوطني، لا بل أن بعض توضيحاته تكاد تكون غارقة في (الخصوصية) وتتناول أبسط وأدق تفاصيل العمل السياسي، كما أن العديد من بياناته تكون مغلّفة بطابع التظلم والتشكي.. لكن ما يلاحظ أيضاً أن أغلب إن لم نقل جميع مطالباته (الورقية) لاقت لا مبالاة من الطرف المعني والذي في الأغلب يكون أحد أذرع الدولة التنفيذية أو التشريعية، كما أن بعضها جوبه بالرفض وعدم القبول بطروحات التجمع التي يكون منطلقها الرئيسي تحقيق مصالح عامة لشعبنا.. لكن هل يتصور التجمع والناطقين بأسمه بأن تدبيج (وثيقة) تتضمن مطالب مشروعة دون أن يلتفت إليها أحد هو أمر كاف من الممكن أن يضمن له (صك غفران) من جماهير شعبنا المظلومة؟!، هل يعتقد التجمع أن واجبه يقتصر على المطالبة (والمطالبة فقط) بدون تحقيق نتائج عملية على أرض الواقع؟!، هل يفهم التجمع (العمل القومي المشترك) بأنه مجرد إجتماعات ولقاءات وتبادل زيارات بين مجموعة من الأحزاب ولا ضير من توالي خسارة جميع الجولات في نزالاته مع الأنداد (والخصوم) السياسيين؟!.. حقيقةً أن أخطر ما يواجه تجمع التنظيمات هو رضوخه دائماً لنتيجة الأمر الواقع التي تفرض عليه من قبل الهيئات الرسمية، لكن الأخطر من ذلك هو محاولة التجمع إقناع الجماهير (بعد إقناع نفسه) بقانونية تلك الإجراءات حتى لو تناقضت مع أكبر حقوق شعبنا.. أما إذا كان تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الأشورية يعترف بعدم قدرته على تحقيق مصالح شعبنا، فأن عليه أن يتذكر الحكمة التي تقول "إذا لم تستطع أن تفعل شيئاً، فأترك الأمر لغيرك"، أم أن فسح المجال لآخرين لا وجود له في قاموس قادة التجمع؟!.






ورد الينا عبر بريد الموقع

Matty AL Mache