تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

إضطهاد المسيحيين في سوريا

بدء بواسطة متي اسو, أبريل 23, 2015, 09:05:53 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو

إضطهاد المسيحيين في سوريا
في ذكرى المذابح التي تعرض لها المسيحيون في الشرق الاسلامي ، أنقل للقراء الاعزاء " حرفيا " مقتطفات مما كتبه الراحل عالم الاجتماع علي الوردي في كتابه " لمحات من تاريخ العراق الحديث – الجزء الثاني " .
( انقل من الكتاب الفترة  بين 1830 وحتى نهاية القرن التاسع عشر في سوريا تحت حكم العثمانيين )

" المشكلة الطائفية : الصفحة 37
الواقع ان الوضع الطائفي كان قد اتخذ طابعا معينا يستمد جذوره من الفقه الاسلامي الذي يعتبر المسلم ارفع درجة من الذمي ، يقول ساطع الحصري : ان الحكومة العثمانية كانت تعامل رعاياها المسلمين معاملة خاصة تختلف عن معاملة غير المسلمين ، فهي كانت تعتبرهم كأنهم اهل الدولة وتعتبر غيرهم كأنهم غرباء .
ولم يكن هذا التمييز الديني مقتصرا على المعاملات الرسمية فقط ، بل شمل كذلك معاملات الناس بعضهم لبعض . يحدثنا مخائيل مشاقة حديثا طويلا عما كان يجري في بلاد الشام من اضطهاد المسيحيين نقتطف منه ما يلي :
" كان المسيحي عرضة للأهانة والذل اينما مرّ وحل ، وكان المسلم يسيء معاملته لدرجة مفرطة حتى ألف الذل كما ألف مُذلّه إذلاله ، فكان النصراني حيثما مرّ وتوجه يُنعت بالكافر ويُشتم صليبه ويُحتقر وتُقلب عمامته ويُصفع ويُرفس الى غير ذلك من الاهانة ، وكان اذا مرّ في حي المسلمين لحقه صبيان الازقّة قائلين له ( نصراني كلب عواني ..رقولة بالصرامي ، قالت أمه فينة ضربة تقلع عينة ). وكان المسلم اذا مر بمسيحي يقول له : اشمل ، يريد بذلك ان يسير عن يساره فيفعل صاغرا ... وكان كثيرا ما يسخره اصحاب الدكاكين لقضاء حوائجهم ، او يستعملون اهاناتهم لإذهاب مللهم وتفريج كربهم فيناديه بعضهم تعال يا معلم فيذهب اليه ويصفعه ويكلّفه ان يذهب بحاجته او يلبسه حذاءه او يشتغل عنده شغل ما، واذا كان مازحا يهمس في اذنه شتما او اهانة ، او يأخذ عمته ويصفعه على ام رأسه ويرمي العمة الى جاره وهذا الى الذي يليه وهلم جرا .... وكان قانون الحكومة اذ ذاك يُكره المسيحي ان يحمل على كتفه كيسا يسمونه كيس الحاجة وليس له ان يخرج من بيته بدونه ، والمقصود من هذا الكيس ان يضع به الاغراض وحوائج المسلمين ما يسخّره هؤلاء بحمله من بقول وخضار وغيرها ... "
أنتهج ابراهيم باشا سياسة المساواة بين المواطنين من مختلف الاديان فشعر المسيحيون بنوع من طعم الحرية ، لكن ما لبثت ان قامت ثورا ت يؤججها الشيوخ المتطرفون في فلسطين وشيوخ النصيرية وشيوخ الدروز ، عندما انكفأ حكمه  .. يحدثنا الاستاذ على الوردي في نهاية الصفحة – 46 –  بما يلي:
" وأخذ التوتر الطائفي تظهر معالمه هنا وهناك ، وعاد بعض عوام المسلمين الى عاداتهم القديمة وصاروا ينتقمون منهم ، ولوحظ ان المسيحيين في دمشق صاروا يتركون العمائم البيضاء خوفا من تحرش المسلمين بهم ورجعوا الى عمائمهم السوداء " .
مذابح الستين ، صفحات – 47 ، 48 ، 49 -
" يمكن القول على اي حال ان ابشع فترة في تاريخ بلاد الشام هي تلك التي اعقبت الحكم المصري وامتدت زهاء عشرين عاما ، وهي التي سميت بـ " عهد الفتن " إذ حدثت فيها ثلات مذابح طائفية فظيعة : كانت الاولى عام 1841م ، والثانية في عام 1845م ، والثالثة في عام 1860م .
تعد مذابح الستين ، وهي التي وقعت في عام 1860م من أفضع المذابح الطائفية في تاريخ الدولة العثمانية ( لم تكن مذابح الارمن قد حدثت بعد.. هذا للتذكير ) ، ولا يزال الكثيرون من اهل الشام يذكرونها بألم ممض ، وكانت السبب في هجرة الشاميين الى الامريكيتين وافريقيا وغيرها من انحاء العالم .
بدأت مذابح الستين في لبنان في شهر نيسان ، وفي خلال اسابيع قليلة كان اكثر من ستين قرية مسيحية في منطقتي الشوف والمتن قد تحولت الى رماد ، وفي حاصيبا كانت التعليمات تقضي بأن لا يبقى أي ذَكَرْ مسيحي بين السابعة والسبعين حيا ، واتسع نطاق الكارثة حتى وصل الى زحلة فلم يسلم فيها بيت من الحريق إلا نادرا ، واستمرت الكارثة ثلاثة اشهر سقط فيها من القتلى إثنا عشر الفا وقدرت الخسائر في الممتلكات بأربع ملايين باون .
   وفي تموز انتقلت الشرارة الى دمشق ، وهنا اتخذت الكارثة وجها آخر ، حيث سيطر الغوغاء على المدينة وصاروا يقتلون ويدمرون بلذة عارمة لا تقف عند حد كما هو شأن الغوغاء في كل زمان ومكان ، يقول المؤرخ الشامي محمد كرد علي في وصف المذبحة ما نصه : وأهم ما وقع في هذا القرن حادثة النصارى المعروفة بحادثة الستين 1960م وخلاصتها قيام بعض رعاع المسلمين والدروز على نصارى دمشق وقتلهم ونهبهم وإالقاء النار خمسة أيام على حيّهم حتى خرب كله ...  يكاد المؤرخون يجمعون على ان الدولة العثمانية هي التي دفعت الرعاع  او غضّت الطرف عنهم فارتكبوا ما ارتكبوا ...,
والجدير بالذكر ان الامير عبد القادر الجزائري ابدى اثناء المذبحة من المروءة والشجاعة امرا عظيما ، فقد استطاع هو ورجاله ان ينقذ ما يزيد على الف شخص من النصارى ، وظلّ طيلة ثمانية ايام بلياليها متقلدا بندقية لا يذوق النوم إلا لماما حذرا من هجوم الغوغاء على النصارى الذين كان يحميهم في داره والدور المجاورة له . وقد جاء اليه الغوغاء ذات مرة يهددونه ويطلبون منه تسليم من عنده من النصارى كأنهم متعطشون للدماء ، فلم يضعف تجاه الغوغاء ، وابدى استعدادا لقتالهم فانصرفوا عنه .
  وحاول كثير من وجهاء دمشق ان يحذوا حذو الاميرالجزائري كأسعد افندي حمزة ، والشيخ سليم العطار ، وصالح اغا الشوربجي ، وسعيد اغا النوري ، وعمر اغا العابد . لكن بعضا منهم خارت قواه اتجاه بطش الغوغاء فسلّم لهم ما في حوزته من النصارى ، فذبحهم الغوغاء ذبح النعاج .

ملاحظاتي :
1.   الغاية من اعادة ذكر التاريخ ليس لغرض التأجيج الطائفي " المُؤجج أصلا " ، ولم يكن هذا قصد الدكتور علي الوردي ولا غيره من المؤرخين ... الغاية هو فضح من في نفوسهم مرض من بعض شيوخ المسلمين حتى يكفّوا عن تكرار ما فعله اسلافهم .
2.   فتح أعين البعض علّه يرى اسباب الكوارث الفعلية التي لم تفارقنا لحظة واحدة من سفر تاريخنا .
3.    تشخيص التطرف الديني كأداة قابضة تتحكم في مصير الامة العربية والاسلامية وتجعلها متخلفة عن الركب الحضاري العالمي وتشغله في حلقات مفرغة من الصراع العبثي .
4.   حتما ان مسلمي اليوم ليسوا كمسلمي الامس ، وليسوا بمسؤولين عن التاريخ البغيض ... المسؤول الفعلي الآن هو من يحاول اعادة الممارسات الاجرامية بحق المخالفين عنهم ... ان المسيحيين كذلك ليسوا كمسيحيي الامس ولا الظروف الدولية تسمح بإعادة الماضي البغيض ، خاصة ان  وسائل الاتصال العالمية تفضح كل شيء في اية بقعة من الارض .

[/color]