مشاكســــــة النازحــــــون . . . الســـــــــعداء

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 22, 2015, 08:14:55 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســــــة
النازحــــــون . . .  الســـــــــعداء


برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللـــــه فــــــــرج
Malalah –faraj@yahoo.com
.................................
فاجأ أهالي الانبار الكرام العالم كله بمبادرتهم الرياضية الشعبية الملحمية الشاملة التي أذهلت القاصي والداني واطاحت بكل الانجازات الخرافية المتفردة بغرابتها وصعوبتها الموثقة في موسوعة غنيس للارقام القياسية ، المفاجأة جاءت عبر مبادرتهم بتنظيمهم  (ماراثـــــون) مسيرتهم الجماهيرية الشاملة سيرا على الاقدام من الرمادي الى بغداد حاملين امتعتهم بشيبهم وشبابهم ونسائهم واطفالهم، بمرضاهم وبذوي الاحتياجات الخاصة، حاملين ابناءهم ومعاقيهم على ظهورهم، وكبار السن وخصوصا النساء العاجزات على عربات يدوية، ليثبتوا للعالم أجمع وهم يقطعون هذه المسافة الكبيرة بملابسهم العادية وبدون تجهيزات رياضية ودون ان ترافقهم سيارات الاسعاف كما في السباقات والماراثونات الاولمبية المماثلة ، روعة الخدمات النوعية والمستويات العالية من الرفاهية والحياة اللائقة اليومية التي وفرتها لهم الحكومات المتعاقبة ومختلف المسؤولين والسياسيين والبرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني وهيئات وتشكيلات الدفاع عن حقوق الانسان حتى غدوا بمثل هذه المستويات الصحية العالية والمستوى الرفيع من اللياقة البدنية التي أهلتهم ومكنتهم من المشاركة في سباف المشي لمسافات خرافية وتنظيم هذا الماراثون الرياضي الجماهيري العائلي الشامل لقطع المسافة بين الرمادي وبغداد سيرا على الاقدام لاغاظة كل الحاسدين والحاقدين اللئام ولتقديم فروض التبجيل والشكر ومراسم الاحترام لكل مسؤول بار من المسؤولين المعنيين الاخيار الذين وقفوا وراء هذا الانجاز المجيد الفريد الذي حققته جماهير الانبار.
فالى جانب كل انتصاراتنا وملاحمنا وبطولاتنا وماثرنا وانجازاتنا العتيدة التي سبق لها ان ادخلتنا اكثر من مرة موسوعة غينيس للارقام القياسية، سواء بامتلاكنا لاكبر وأكفأ الشبكات الفسادية، او ربما لاكبر عدد من المسؤولين والسياسيين الاغنياء، أم بأضخم الارصدة المليارية المهربة للخارج ام باعداد مؤتمرات المصالحة الوطنية التي كثيرا ما كان بعضها يتحول في الخفاء الى (مصــــارعة ســــياسية)، أم بالملايين من الوعود الانتخابية التي لو تحقق 1% منها لاصبحنا افضل دولة عصرية في العالم أم بالخطب والتصريحات والبيانات السياسية والرسمية، فقد آن الاوان للامساك بانجاز يعلو على كل الانجازات، ولمأثرة تطيح بكل المآثر والبطولات، لذلك فقد استطعنا عبر ملحمة (النـــــزوح ) الرياضية هذه لاهالي الانبار وبجهود المعنيين الاخيار، الاطاحة بالموقع الفريد الذي احتلته (الجزائــــــر) على مدى عقود كونها بلد (المليـــون شــــهيد) لنتفوق عليها باقتدارنا الملحمي ونحن نصبح بلد (الثلاثــــة ملاييـــــن نــــــازح)، من النازحين الاصلاء السعداء.
وتأكيدا لهذا الانجاز الملحمي اكد (جــويل ميلمان)، المتحدث باسم المنظمة الدولية، خلال مؤتمر صحفي، عقد في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أن عدد النازحين في العراق ارتفع خلال السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة 11%، فأي انجاز فريد عتيد مجيد هذا ؟؟ في حين توقعت وزارة التخطيط من جانبها ، ارتفاع معدلات الفقر بين مواطني شعبنا  الى أكثر من 30%  بعد موجات النزوح الجماعية  في عدد من المحافظات،   مؤكدة أن جزءاً من السكان (وربما بسبب ستراتيجيتنا الاقتصادية المتفردة، والعدالة والشفافية في توزيع الدخل، وتطبيق مبدأ التوزيع العادل للثروات، والنزاهة المفرطة لبعض المسؤولين والسياسيين واهتماماتهم غير العادية بالفقراء والمسحوقين والمعدمين) قد تجاوز بثقة وبجدارة واقتدار ، مرحلة (الفقـــر الاعتيـــادي) ليحققوا بجدارة (ملحمة) العيش وفق مستوى (الفقــــر المدقـــــع)، ومن له اذنان فليسمع.
الى ذلك، وبسبب هذه (الرفاهية المفرطة) التي يعيشها النازحون، فقد اقدم قبل ايام فتى منهم في الثالثة عشرة من عمره على الانتحار بشنق نفسه هربا من تلك الرفاهية، وسبق لطفلة في مجمع آخر للنازحين ان توفيت متأثرة بجراح اصابتها نتيجة انهيار المكان الذي كان يأويها وعائلتها جراء عاصفة هوجاء في حين اودت حرائق اخرى بحياة عدد اخر من النازحين (الســـــعداء) في مخيم اخر، وربما من المفارقات في زمن العجائب والغرائب المضحكات المبكيات، ان كل هذا (النعيـــــم) الذي يجني النازحون (خيراتـــــه) المأساوية في حياتهم اليومية انما يقاسون ذلك  وهم  (بكــــل فخــــر) مواطنو واحدة من اغنى الدول النفطية التي فشلت في أن توفر لهم ابسط مستلزمات الحياة اليومية.
بقي ان نطمئن هؤلاء النازحين الابطال الاحرار الذين شاركوا بماراثون المشي من الانبار، انهم بمبادرتهم التاريخية هذه قدموا خدمات جليلة لشبكات (الاســـتغلال والربــــح الحــــلال) وشاركوا بواحدة من أروع المآثر الانسانية النبيلة من حيث يدرون او لا يدرون، ذلك لان النزوح والتهجير في بلادنا يمثل فرصة تاريخية لانعاش ثروات الكثير من المسؤولين الفاسدين الذين سبق ان حددوا بكفاءاتهم الفسادية حصصهم المالية سواء من عقود الكرفانات أم من الاغذية الفاسدة أم من توزيع المبالغ والمخصصات المالية، خصوصا بعد اجتيازهم الدورات التدريبية والتأهيلية والممارسات الميدانية مع نازحي الموصل وبلدات سهل نينوى وغيرهم، فكلما ارتفعت اعداد النازحين، ارتفعت معها بشكل طردي ثروات وارصدة بعض المسؤولين، فكم على امثال هؤلاء النازحين ان يكونوا فخورين وسعداء لانهم يسهمون بنزوحهم وعذاباتهم وغربتهم وضياعهم في تنمية ثروات بعض المسؤولين النبلاء؟ 
اخيرا، احتاجت الصين لبناء ناطحة سحاب تضم (57 ) طابقا وانجازها واعدادها للسكن بجميع ملحقاتها الى (19) يوما فقط، اي بمعدل (3 ) طوابق كاملة في اليوم، ويضم ذلك المبنى (ميني سكاي سيتي) 800 شقة، ومساحات مكتبية تستوعب 4 آلاف شخص، في ضوء ذلك، ترى كم سيحتاج مسؤولونا المعنيون من السنين لبناء وحدات سكنية تستوعب ربع هؤلاء النازحين المعذبين؟