بعد عقد من التهجير... الوافدون المسيحيون في سهل نينوى بين مشاكل الاندماج و اهمال

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 21, 2013, 09:07:48 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

بعد عقد من التهجير...
الوافدون المسيحيون في سهل نينوى بين مشاكل الاندماج و اهمال السلطات

برطلي . نت / متابعة
 
عنكاوا كوم- سهل نينوى- خاص

عقد من التهجير وتساؤلات المواطنين المسيحيين الذين هجروا من المدن العراقية الكبرى إلى بلدات شعبنا في سهل نينوى، أين ملف تهجيرنا وحقوقنا؟ وما مستقبل وجودنا في المنطقة التي هجرنا إليها؟.

بسبب أعمال العنف الدائر في العراق منذ العام 2004، تم تهجير عشرات الآلاف من العائلات المسيحية من بغداد والموصل والبصرة وكركوك؛ حيث خسروا أعمالهم ودورهم ومصالحهم في مدن عاشوا بها لقرون طويلة.
ويقول مدير عام دائرة المعلومات في الهجرة والمهجرين العراقية "طالب أصغر دوسة" "إن الوزارة خصصت قرابة ألــ  164 مليار دينار عراقي لتوزيعها على العوائل المشمولة بالمنحة الحكومية وإن دائرة المعلومات في الوزارة أكملت بيانات الدفعة (56) والتي بلغت 50975 ألف عائلة".

وتعيش هذه العائلات ازدواجية البقاء بالمهجر والعودة للدار والمحلة والمدينة التي تربوا فيها، لكن لم تجد تلك العائلات أي بصيص أمل من حيث توفر الأمان واهتمام مؤسساتي وحكومي كي يعودوا، حسب ما يقول لسان حالهم.

ومن جانب أخر، أكدت وزارة الهجرة والمهجرين التنسيق مع المحافظات والبلديات في عموم المحافظات لغرض تخصيص قطع أراضي لبناء وحدات سكنية لفئات عناية الوزارة من المهجرين والنازحين.

وتقول المواطنة أحلام يوسف وهي وافدة من الدورة في بغداد "نحن بعنا دارنا بسبب الظروف بسعر بخس يقدر بـ 25 بالمائة من سعره بسبب أعمال العنف بينما نؤجر منزل في الحمدانية بـ 300 ألف ولا أمل أن نستلم ارض هنا بسبب المادة 140 حيث هذه المناطق يعاني أهلها من شحت الأراضي السكنية".
وقامت وزارة الهجرة والمهجرين ببناء أكثر من مجمع سكني ودور واطئة الكلفة لفئات عناية الوزارة  في محافظة بغداد وميسان والبصرة والديوانية، فضلاً عن توفير أرض مساحتها 1620 متر مربع في محافظة واسط لغرض بناء دور واطئة الكلفة لكن لم يتم بناء أي مجمع للوافدين المسيحيين في سهل نينوى.
الوافدين المسيحيين لم يجدوا اهتمام حكومي في سهل نينوى بعد فقدان كل أملاكهم، بينما قامت هيئة شؤون المسيحيين  ببناء الكثير من المجمعات السكنية لهذه العوائل وبدعم من سركيس أغا جان وزير المالية السابق في إقليم كردستان العراق؛ حيث تم بناء ما يقارب ألف شقة سكنية في الحمدانية والكثير منها في قضاء تلكيف.
المواطن (د . ع) حدد أبرز مشكلة للمهجرين بقوله "إن مشكلة بيوت المهجرين في المدن التي هجروها أبرز مشاكلهم حيث يتم استغلالهم حيث يباع البيت الذي سعره في بغداد 500 مليون بمبلغ 200 مليون وفي الموصل البيت الذي سعره 200 مليون دينار  بمبلغ 70 مليون بسبب الظروف وصعوبة عودة المهجر لمنطقته فيتم استغلاله وهو بحاجة للمال فيضطر للبيع بأسعار بخسة".
ويضيف "بينما العائلات التي تؤجر دور في سهل نينوى بمبلغ 300 ألف يتم تأجير بيتهم في الموصل بمبلغ 100 ألف وهذا احد الأمور التي تجعل المهجر في ضائقة مالية".

وبسبب التهميش والإقصاء، نجد المواطنين الذين نزحوا من المدن ليس لهم روحية المشاركة بالعملية السياسية حيث لسان حالهم يقول لا انتخابات مجالس المحافظات تنصفنا ولا انتخابات البرلمان وهم لا يحدثون سجلات الناخبين في مراكز المفوضية أي كأنهم ليسوا مواطنين عراقيين.

ويصف جمال سعد الله من مهجري الموصل عام 2007 حال المهجرين حاليا بقوله "بعد الانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات والتي جرت في 20 حزيران المنصرم وبعد الهدوء النسبي الذي شهدنه الموصل في الأشهر الأخيرة ذهبت  الكثير من العوائل المسيحية إلى الموصل لتتفقد بيوتهم محلاتهم ومصالحهم لكن دون التفكير بالعودة لأن الظروف دائماً تتجدد مما جعل العائلات لا تشعر بالأمان".

وتقول المواطنة (ب. ع) إن زوجها ذهب "لبيتنا في منطقة حي النور في الموصل ويقول إن الوضع جيد لكن لن نعود للموصل إلا بعد التأكد من سلامتنا إذا عدنا فليس من السهل كل يوم نعود وبعدها نهاجر وهكذا أمور ترهق الإنسان كل يوم في  منطقة جديدة".

مركز قضاء الحمدانية تحديدا مدينة بغديدا السريانية التي يقطنها أكثر من 50 ألف مسيحي وتدعى رسمياً قره قوش وهي تسمية عثمانية وتعني الطائر الأسود، احتضن مركز القضاء "بغديدا" بعد أحداث العنف الدائر بالعراق قرابة أربعة آلاف عائلة من عوائل مسيحية ومسلمة من كافة المدن العراقية، بل واحتضن الكفاءات من أطباء وصيادلة وأصحاب رؤوس الأموال ليصبح بعد سنين قليلة أنشط أقضية العراق بسبب ازدياد السكان فيه والخبرات ورؤوس الأموال.

"أبو إياد" مسيحي نزح عام 2008 من الموصل، يصف بغديدا التي احتضنت المهجرين "لقد وجد المهجرين هنا الأمان ووجدوا فرص للعمل رغم أن المدن الكبرى تتوفر فيها فرص العمل أكثر، واندمجوا بهذه البيئة المتسامحة، واشتروا دور وأراضي ليصبحوا جزء من هذا المجتمع  لكن تبقى مشكلة اللغة إحدى أبرز المشاكل".

عندما نزحت العائلات الموصلية حصراً إلى بلدات سهل نينوى، ظهرت لهم مشكلات فهم رغم قدومهم لمجتمع مسيحي لكن هناك اختلافات جعلتهم بأن يشعروا بالغربة بسببها وأهمها اللغة فالغالبية العظمى من أبناء مسيحي الموصل يتحدثون اللغة العربية بينما في سهل نينوى فهم يتحدثون اللغة السريانية.

ويقول سلام خالد طالب في الجامعة "لا نستطع التأقلم فقط من ناحية اللغة لأن نحن لا نعرف التحدث باللغة السريانية واللغة هي وسيلة تفاهم وبسبب ذلك نشعر بالتغرب هنا رغم أن منطقة الحمدانية أهلها مسيحيين مثلنا".
قبل قرن من الآن عندما كانت العائلات المسيحية الموصلية تهاجر لإيجاد العمل في سهل نينوى بعد عامين أو ثلاثة كما يقول المسنين يتعلمون السريانية لكن الآن ما نجده أمراً يسترعى الانتباه بأن الوافدين بعد عقد لم يتعلموا اللغة السريانية رغم أهميتها لهم.
وتقول السيدة (د. س) إن "أبناءنا تعودوا على أجواء المدينة بينما نحن هنا في قرية كرمليس، فالكثير من الخدمات غير متوفرة والحكومة لا تهتم بنا فان كانت قد فرضت الأمان، فلماذا كنا نهاجر من الموصل؟".

وتضيف "هناك عوائل في الحمدانية تسكن منذ العام 2004 أي مهجرة منذ قرابة عشر أعوام ونحن هجرنا مدينتنا العام 2005 سؤال اطرحه لمسؤولي الدولة هل سنبقى هنا إلى الأبد ولن نعود للموصل؟ فكيف نعود والحكومة لا تقوم بحمايتنا ولا نعرف من يستهدفنا؟".

رغم إيجاد العمل والأمان تبقى تلك العائلات تتوق للعودة إلى بيئتها التي تربت بها وتشعر بالانتماء إليها.