الكلمات النابية الدخيلة في اللغة العراقية الدارجة . طلعت ميشو

بدء بواسطة ماهر سعيد متي, يونيو 02, 2015, 10:48:48 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

ماهر سعيد متي

الكلمات النابية الدخيلة في اللغة العراقية الدارجة .


طلعت ميشو

لا تخلو لُغة في كل العالم من كلمات أجنبية دخيلة عليها، والأسباب كثيرة ومتعددة  أهمها: تجاور الشعوب وتعاملها وإحتكاكها مع بعضها البعض من خلال التجارة والترحال والدين والثقافة والعلوم والتزاوج والحروب وعوامل كثيرة أخرى.
لِذا ليس من الغريب أن نجد أن اللغة العربية إحتكت تأريخياً -بعمق- وعلى جميع الأصعدة مع شعوب وأقوام كُثَّر، ومنهم على سبيل المثال: سومريون، اكديون:(بابليون وأشوريون)، آراميون، كلدان، سريان، أُوغاريتيون، عبرانيون، كنعانيون-فينيقيون، مغول، فرس، أتراك، كرد، مندائيون-صابئة، يونانيون، رومان وإغريق، إنكليز، فرنسيون، طليان، صينيون، أرمن، هنود، وقد تطول القائمة.
لكل ذلك دخلت الكثير من الألفاظ والكلمات والمصطلحات الغريبة والأجنبية -بصورة أو بآخرى- على اللغة العراقية الدارجة المحكية (لغة الشارع)، والتي هي اللغة الناتجة عن اللغة العربية الفصحى التي أصبحت لُغة منطقة وادي الرافدين الرسمية بُعَيدَ دخول العرب المسلمين إلى العراق وبقية أقطار المشرق وشمال أفريقيا.
والجدير بالذكر أن الكثير من اللغات القديمة هن أخوات للغة العربية، مثل الأكدية: (البابلية والآشورية) والآرامية والعبرية والحبشية والأوغاريتية والفينيقية، وكلها من اللغات التي تنتمي اللغة العربية أصلاً لعائلتها وجذرها، ومن الخطأ القول أو الإدعاء بأن إحداهن هي اللغة الأم، بل هن أخوات إنحدرن من أُم واحدة لا زالت مجهولة الأصل والتسمية رغم أن توراة العهد القديم سمتها ب ( اللغة السامية الأم)!!!!!، نسبة إلى سام إبن نوح !، وهي تسمية إنتقائية إعتباطية كيدية لا تقوم على أية حقيقة علمية مثبوتة .. لأن نوح نفسه يُعتبر علمياً من الشخصيات الوهمية والتي ليس هناك حتى دليل علمي واحد على وجودها تأريخياً غير خرافات التوراة وتناقضاتها ومبالغاتها!!. والأصح تسمية عائلة اللغات هذه ب (اللغة الجزرية) كما يفعل بعض العلماء والكتاب الذين وعوا حقيقة زيف وإقتباسات أغلب ما جاء في التوراة!!.

ولكون اللغة العربية هي شقيقة للكثير من اللغات الشرقية القديمة، لِذا نجد أن هناك كلمات كثيرة مُشتركة بين كل هذه اللغات الشقيقة، وعلى سبيل المثال، نقول في اللغة العربية: (سلام)، وفي العبرية: (شالوم)، وفي اللغة الأكدية والآرامية وكذلك في (السورث): (شْلاما)، أما السريان الآراميين فيلفظونها: (شلومو). وكمثال آخر، يقال في العربية (مَلِكْ) وفي بقية اللغات التي تم ذكرها يُقال (مَلكا، مَلخا)، وهكذا.
ولأسباب التداخل اللغوي -من كل نوع- نجد في اللغة العربية الدارجة ( المحكية ) في العراق كَماً من كلمات الشعوب المجاورة، كالفارسية والتركية، وكذلك من اللُغات التي لا زالت محكية من قِبَلِ أقوامها في الوطن العراقي، مثل الكردية ولغة الكلدان والآشوريين: (السورث) والآرامية-السريانية، والتركمانية والآيزيدية والمندائية ... الخ .
ولا بد من التنويه هنا بأن اللغة الآرامية كانت -وإلى حين دخول اللغة العربية- لغة ثقافة كل الشرق الأوسط وما جاوره لمدة طويلة من الزمن، لدرجة أنها كانت لغة ثقافة البلاط الفارسي، ولغة السيد المسيح العبري وكل يهود أورشليم وفلسطين ولقرون طويلة، حيث لم تكن اللغة العبرية يومذاك متداولة شعبياً حتى بين العبرانيين اليهود أنفسهم!!، ولم تُبعث إلى الحياة والوجود إلا حين فكر بنو صهيون بتكوين الدولة العبرية (إسرائيل) في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي، وقرروا أن تكون العبرية القديمة هي لغتهم بعد أن حَدَثوها عِبرَ محاولات صعبة جداً لكنها تكللت بالنجاح في بعث تلك اللغة شُبه المنقرضة.

ان أول ذكرٍ للعرب -تأريخياً ووثائقياً- جاء من مصادر حوليات ملوك الإمبراطورية الآشورية خلال القرن التاسع قبل الميلاد، والذي أطلقوهُ على بعض ممالك شمال الجزيرة العربية، بينما كانت ممالك الجنوب تُعرفُ بأسمائها مثال "حميرية ومعينية وسبئية" ولم يُستخدَم إسم العرب للدلالة على كل ممالك الجزيرة العربية إلا منذُ العصر الروماني. وكان البابليون والآشوريون قد أرسلوا حملات كثيرة لتأديب العرب البدو الذين كانوا دائماً يُغيرون على المناطق الحضرية القريبة منهم والواقعة تحت سيطرة وحكم ممالك بابل وأشور.
كذلك تذكرُ كتب التأريخ بأن البابليون والكلدان كانوا يستعينون بالعرب لتزويد جيوشهم الغازية لفلسطين ومصر وعيلام وغيرها من الممالك والدول بالماء والمواد الضرورية الأخرى. وهذه المعلومات توثيق للعلاقة العامة بين العرب وسكان العراق القدماء، وتُعزز الفكرة القائلة بأن اللغة العربية تأثرت بما حولها من لغات عراقية قديمة لممالك بسطت نفوذها على المنطقة لمئات من السنين.

دخلت مفردات اللغة الفارسية على اللغة العراقية المحكية بغزارة أكثر من غيرها، بسبب التجاور الجغرافي، والدين الإسلامي المُشترك بعد أسلمة الفرس، والمزارات الدينية المقدسة للشيعة في النجف وكربلاء والكاظمية وغيرها، والتي تجتذب سنوياً ملايين الزوار من كل بلدان العالم الشيعي وخاصةً إيران، كذلك عقود الزواج بين شيعة البلدين، وسبب مهم وجوهري آخر هو دفن أغلب شيعة إيران لموتاهم في (مقبرة السلام) في النجف، والتي تعتبر أكبر مقبرة في العالم، حيث يؤمِنُ الشيعة بضرورة دفن موتاهم هناك ليكونوا على مقربة من أئمتهم الذين يقدسونهم بطرقهم الخاصة، وخاصةً الإمام علي بن أبي طالب وأولاده.
كذلك فعلت المصطلحات التركية التي دخلت اللغة العراقية الدارجة بسبب هيمنة الإستعمار العثماني لعدة مئات من السنين على الكثير من الدول العربية، وخاصةً العراق وسوريا وذلك لمجاورتهما الجغرافية لتركيا، ولا تُنكَرُ كل المحاولات التي بذلها الترك في سبيل تتريك العراق وسوريا لغةً ومجتمعاً وجذراً، ومعلومٌ أيضاً أن الكثير من العراقيين وخاصةً الأفندية وطبقة الموظفين والطبقة الغنية والحاكمة والمستفيدة كانوا يتفاخرون بسبب تكلمهم وإستعمالهم للغة التركية ومحاولتهم إقتباس الشخصية التركية بجميلها وقبيحها على حد سواء، وكما يقول إبن خلدون: "الشعوب المغلوبة تتأثر بحضارة الشعوب الغالبة"، وحتماً أغلب التأثر سيكون من خلال اللغة، كما حدث بالضبط لأغلب الشعوب الشرقية التي سقطت تحت سنابك خيول العرب المسلمين في بداية الدعوة الإسلامية.

والحق أن اللغة العربية أعطت للفارسية والتركية أكثر مما أخذت منهما بكثير، حيث نجد بأن قرابة ٢٥٪ من كِلا اللغتين الفارسية والتركية يتألف من العربية، وطبعاً لا يُنكر هنا تأثير الإسلام بعد أسلمة هاتين الدولتين أو الأمتين الكبيرتين وتأثير أبجدية القرأن العربي، حيث مَنَعَ النبي محمد المسلمين من ترجمة القرآن، وأمَرَ كل مسلم أعجمي -غير عربي- على تعلم العربية وإستعمالها لدرجة أنه قال بأن لغة الجنة هي العربية !!!.

سبق لأغلبنا قراءة كثيرٍ من المقالات -هنا وهناك- عن: "الكلمات الدخيلة في اللغة العراقية الدارجة" ، لكني لا أذكر إني قرأتُ يوماً مقالاً عن الكلمات (النابية الدخيلة) في لهجتنا العراقية الشعبية، لِذا أحاول من خلال بحث اليوم تقديم بعض هذه الكلمات "النابية الدخيلة"، وإختيار أكثرها شيوعاً في العقود القليلة الماضية، والتي لا يزال معظمها حياً ومتداولاً في المجتمع العراقي، مع محاولة لشرح مصادرها وما تعنيه في لغتها الأصلية التي اُقتُبِسَت منها، حيث لاحظتُ أن الكثير من تلك الكلمات لا يُستعمل بالمعنى الصحيح عندنا كما هو في لغته الأصلية، مثال كلمة: "سرسري"، والتي تعني في التركية: العاطل عن العمل، بينما نستعملها في العراق بمعنى: المتحرش جنسياً، المنفلت أخلاقياً، الذي يتحرش بالنساء أو حتى بالأولاد والصبيان!!!.

في هذا البحث المتواضع الطريف، سَتَرِدُ كمية من المفردات والمصطلحات والألفاظ النابية والبذيئة، والتي هي قاعدة وهدف بحثنا لهذا اليوم، ويدل عليها عنوان المقال، والتي ربما يتصورها البعض الساذج أو المحافظ زيادة عن اللزوم  خروجاً غير لائق على أصول الأدب والمألوف والذوق العام، ولكن ... المعرفة والعلم والتقصي هو سبب ورودها ليس إلا، إذ لا عيب في البحث والمعرفة، ولا حياء في العلم، لِذا وجب التنويه أعزائي القراء.
                           
* سَرْسَري :
تُجمَع على (سَرسَرِية)، وللنسوة (سَرسَرِيات)، وكما نوهنا أعلاه فهذه الكلمة تعني في التركية: (العاطل عن العمل)، وقرأتُ أنها تعني في الآرامية: (السمسار)، أما في المجتمع العراقي والبغدادي بالذات فتعني: المتحرش جنسياً، سيء الأخلاق والتصرفات.
كانت الحكومة العثمانية قد أصدرت قانوناً سمتهُ "نظام السرسرية"، نصت فيه على إعتقال وسجن كل عاطل عن العمل ليس له دخل مادي أو وسيلة مُقنعة للعيش، وعلى سَوقِهِ من قِبَل أجهزة الأمن والسلطة إلى المحكمة التي ستحكمُ عليهِ بالحبس، وتَحفَظ له أجرهُ اليومي -من عمله في السجن- لحين إنتهاء مدة حبسهِ ومحكوميتهِ حيثُ تطلقهُ حراً بعدها، وتُسَلِمُ لهُ ما تراكمَ من أجرهِ المستحَق.
وردت كلمة "سرسري" في أشعار الشاعر الشعبي البغدادي الراحل "ملا عبود الكرخي" الذي عُرِفَ بسلاطة لسانهِ:
ضاعَت لحانا، صِفينةْ ===== ناس غُربة بالمدينة ْ
السَرسَري يِجسَر علينةْ ===== والمخنث والزنانة ْ
وسيأتي تفسير كلمة "زنانة" لاحقاً.
كلمة "سرسري" لا تزال مستعملة يومياً في كل المجتمعات العراقية. ربما لكثرة سرسرية هذا الزمن الأغبر!!!.

* سْيبَندي:
تسمية للشرير خالق المشاكل، فارسية ذات مقطعين: "سَيْ" وتعني: ثلاثة، و "بند - بندي" وتعني: الأطراف، فيصبح المعنى: (الأطراف الثلاثة) أو (المربوط من ثلاث)، حيث كان المجرم أو المتهم يُحبَس، فإذا زاد شَرهُ يُقيد من كلتي يديه، فإن أوغل في الشر والشتيمة والركل وإحداث الضجيج، يقومون بتقييد ساقيهِ ويربطون معهما إحدى يديهِ، بينما تُترك اليد الثانية طليقة للإستعمال لأغراض الأكل والتبول وغيرها!!.
الغريب أن أهل العراق لا يزالون يستعملون هذه الكلمة في أغراض لا علاقة لها بما تعنيهِ الكلمة في الفارسية، بل يستخدمونها في التحقير والتقليل من قيمة الشخص وتصويره كحثالة للمجتمع.
لا زالت هذه الكلمة مستعملة وبكثرة في العراق.

* ساخْتَچي:
تستعمل في العراق لوصف المحتال حصراً، فارسية وتركية، تتألف من مقطعين، (ساختن) بمعنى: تزوير أو حيلة، و(چي) وهي تركية وتُستعمل للنِسبة، كقولنا: قهوچي .. نسبة لبائع القهوة، چايجي .. نسبة لبائع الچاي-الشاي، قْمارچي .. نسبة للمقامر، نسونچي .. نسبة لمحب النساء .. الخ.
يقول الشاعر الشعبي ملا عبود الكرخي في عنوان واحدة من أشهر قصائدهِ وأكثرها بذاءةً: (مات اللمپچي داود وعلومة)، واللمپچي هنا نسبة لصانع اللمپات ومفردها: لمپة ( Lamp ) (فانوس .. فوانيس).
لا زالت كلمة "ساختجي"مستعملة في العراق اليوم بصورة فاحشة، لأن واجهة المجتمع وحتى بطانته هناك مبنية على الساختة والسختجية للأسف الشديد.

* قَشْمَرْ:
تستعمل لوصف الإنسان ذي المدارك المتواضعة الساذجة، العبيط، الذي يسهل خداعه واللعب على ذيلهِ، الذي "على نياتهِ"  كما نقول في لغتنا الشعبية المحكية.
أصلها فارسية وتتكون من مقطعين: (غاش - مار)، (غاش) تعني في الفارسية قليل الفهم، و (مار) تعني: مريض أو معلول، ربما في نباهتهِ وشطارتهِ.
أما في العربية الفصحى (غشمر فلاناً) فتعني: ضَلَلَهُ وتَهَضَمَهُ.
وفي قاموس (محيط المحيط) الغشيم هو الجاهل الذي لا دراية له ، كذلك يُقال: غَشَمَ: أي كحاطب الليل الذي يحتطب ويقطع كل ما تصل له يداه بلا نظر أو فكر. وفي لغات العامة يقولون: (غشومية) ويعنون بها الجهل بالأمور. 
ملاحظة: إستعمَلتُ في الشرح أعلاه كلمة (عبيط)، وهي عربية فصحى، وتُستخدمُ في اللهجة المصرية الشعبية بمعنى: الأبله أو الأثول أو حتى الغبي، بينما جذر الكلمة في الفصحى إعتماداً على (مختار الصحاح) تعني: الدم الخالص الطري، وفي (المعجم الوسيط) تعني: اللحم الطري غير الناضج أو المطبوخ، ومنه بالضبط جاء إستعمال العرب لهذه الكلمة في وصف بعض الناس بالعبط، أي أن فكرهم ومداركهم لم تستوِ أو تنضج بعد. وهو إستعمال مجازي ذكي.
لا زالت كلمة (قشمر) تستعمل في المجتمعات العراقية كل يوم وساعة ودقيقة ولحظة، ربما لكثرة "القشامر" جداً، من أبناء شعبنا المسكين الذين خدعهم وتكالب عليهم الذئب الأجنبي والذئب المحلي الديني المنتفع. 

* تَتيْ:
وتعني: الغائط، البراز، الخراء، وتستعمل في العراق كشتيمة وإهانة وللتجريح أيضاً، وهي في الأصل لفظة هندية تعني: الوعاء المخصص لقضاء الحاجة، وهي مرادفة إذن للكلمة العراقية: (القعادة)، والتي أُشتق إسمها من القعود.
كلمة "تَتْي" لم تعد مستعملة في العراق، ولكن .. كلمة (قعادة) مستعملة بكثرة.

* جَربَزَة:
وصف للرجل الصَّخاب، الوقح الصلف السفيه السَبابْ الكثير الخِصام.
فارسية: أصلها من (كَرْ بَزَ) بمعنى: شاطرْ، عيارْ، ويوجد مُشابه لها في العربية الفصحى: (جربز)، وتعني: الخبيث المخادع.
لا تزال الكلمة مستعملة في العراق يومياً.

* أدَبْ سِزْ:
تستعمل في العراق -حصراً- لكل من لا أدب ولا أخلاق له، كذلك تستعمل للمتحرش بالنساء والفتيات عن طريق الكلمات واللسانيات حتى وإن كان تحرشهُ عبارة عن كلمة غزل بريئة مُعبرة عن الحب والإعجاب ولا إساءة لفظية فيها، وحتى لو أعجبت -كلمة التحرش تلك- الفتاة نفسها، لكنها حتماً ستقول لك ومن خلال إبتسامتها وإرتياحها وفرحها ونشوتها: أدب سِزْ!!!.
أدب كلمة عربية جمعها آداب، وهي واحدة من مجموعة كلمات عربية لا حصر لها دخلت إلى اللغة التركية بعد أسلمة الأتراك وأصبحت جزءاً من اللغة التركية، وقد إستعملها الأتراك بنفس مفهومها العربي، لكنهم أضافوا لها (سِزْ) وهي من أدوات النفي في اللغة التركية والتي تعني: (بلا)، وهنا تصبح كلمة (أدب سِزْ) بمعنى: قليل التربية والأدب، أو معدوم الأدب، أو بلا أدب.
وهذه الكلمة من الكلمات التي أُطلِقُ عليها شخصياً وصف: "بضاعتنا رُدت إلينا"، بعد أن أضاف لها الترك كلمة: "سِزْ".
وعلى نفس الوتيرة نقول في العراق: (مُخ سِزْ) و (عقل سِزْ) و (دين سِزْ) و (غيرة سِزْ)، وجميعها لا زالت تُستعمل في مجتمعاتنا العراقية لحد اليوم، وكلها من مخلفات العهد العثماني.
كذلك يقول أهل العراق: "سلاح سِز"! لمن لا يستطيع حمل السلاح في الجيش بسبب عاهة أو عَوَق جسدي، مثال الأعور والأكتع والأعرج والأحول وغيرهم من المعوقين جسدياً، وكانوا يستعملونهم في الجيش في مهنة الطبخ أو مراسل أو فراش أو منظف مراحيض وغيرها من المهن التي لا تستوجب حمل السلاح، والأدهى أنهم كانوا يعيروهم بتسمية "سلاح سِز" علناً !!!.
وللمفاكهة والمعايرة والمناكدة، ينعتون الرجل الذي فقد قدرته الجنسية لسبب من الأسباب الكثيرة ب (سلاح سِزْ) أيضاً، معتبرين أن ذكرهُ هو سلاحه كرجل !!!.
وللشماتة والتشفي والإنتقام، راح العراقيون يُسمون ويَكْنونَ (عُدي) إبن صدام حسين ب (سلاح سِزْ)، يوم فقد قدرته الجنسية إثر إصابته الجسيمة بعد محاولة إغتياله في منطقة المنصور -جانب الكرخ-، وكان قد أُصيب بعدة رصاصات في منطقة الحوض أقعدته وعوقتهُ بصورة نسبية.
لا زالت كل ال (سِزاتْ) مستعملة وشهيرة في العراق وبكثرة لحد اليوم، وشخصياً أود أن أُضيف لها (وطن سِزْ) وأقصد بها الذي تنكر لوطنه من أجل مصالحه الخاصة الشخصية. وهو أوطأ أنواع ( السِزات ) !!. 

* الچَقْ :
كناية عراقية عن الوضيع المنحط الذي يلتمس العيش بالوسائل الوسخة التي يستنكف منها الإنسان السَوي، وهي تركية وبنفس المعنى: "واطئ منحط"، كذلك تُستعمل في اللغة التركية أيضاً بمعنى: "الأدنى في الطول"، وربما من هنا جاء معناها كتدني الإنسان في الأمور.
كلمة (الچَقْ) لم تعد مستعملة في العراق إلا في ما ندر، وربما كنتُ قد سمعتها لآخر مرة على لسان والدي الراحل، والذي كان يعشق الكلمات الدخيلة ومصادرها ومعانيها، كذلك كان يحفظ مئات الأمثال والكنايات وقصصها، ومنه أخذتُ ولعي وشغفي في أمور التأريخ والتراث والأمثال وغناء البغداديات وغيرها، والتي قمتُ بتطوير معرفتي بها جميعاً عن طريق الدراسة الخارجية والإجتهاد الشخصي.

* بَرَكَندَة:
كناية أخرى لم تعد تستعمل في العراق إلا نادراً، وتعني: العاجز الكسلان المُتعَب، خائر القوى، العجوز الختيار، الذي لم يعد يقوى جسدياً على شيئ.
فارسية تتألف من مقطعين: (بار) وتعني الثوب الخلق العتيق، و (كند) وتعني: بطيء الحركة.
أما في التركية فتعني: البيع بالمفرق أو بالتجزئة !!!.

* پُشْتْ:
فارسية وتعني: (الظَهَر- ظهر الإنسان)، وتقال للمخنث المأبون لأنه يُبيح ظهره للآخرين، كذلك تُقال لسيئ الخلق والعِشرة والسيرة.
يقول الشاعر ملا عبود الكرخي في إحدى قصائده الشعبية:
تُعرف العايش عألبَلِف ------------- وِية الكِذِب صاير وِلِف
مخنث ردي بُشت وجَلف -----------  ساقط سفيه وسوطري .
لا تزال كلمة ( بُشت ) مستعملة بكثرة في العراق.

* پَلََشْت:
تقال في العراق للمتسيب الشرير ال مادون، وتعتبر كشتيمة، وتُمزج في أكثر الأحيان بكلمة (پُشْتْ) الواردة أعلاه، فيقال للشخص: "پُشْتْ پَلََشْتْ ".
فارسية بمعنى: نجس، قذر، وسخ.

* كور مَمِش:
وتُلفظ بالكاف الفارسية.
تركية، وتقال للمحروم من النعمة والجاه، (اللي ما شايف). كذلك تستعمل لمن لديهِ دناءة نفس، والذي لا يهمهُ أن يُهان في سبيل الطعام، كذلك تُقال للذي يبخل بصورة واضحة في إطعام ضيوفه، ولمن يُفرِطُ ويُبالغ في تعجبه بشيئ ما (ما شاف وشاف .... )، وتكملة المثل يعرفها كل عراقي.
لا تزال تُستعمل في العراق بكثرة.

* حَبَنْتَريْ:
تُقال في العراق غالباً للمزاح والمناكدة الظريفة، ولا يُقصد منها شتيمة أو إهانة أو سوء، بينما معناها الأصلي يعني: الشخص الذي يستفيد مِن كَدْ وعرق وأتعاب غيرهِ بطريقة من الطرق الشرعية أو غير الشرعية، ويعيش مرتاح البال والجسد، لا يَكِد ولا يتعب.
لا تزال الكلمة مستعملة في العراق ولكن بقلة.

* زَقْنَبوتْ:
تستعمل هذه الكلمة عادة في العراق مصاحِبة للطعام والأكل، كقولهم حين الغضب: زقنبوت في بطنك!، وتستعمل حين يتم تكدير الشخص أثناء الطعام، فيقول: صار أكلي زقنبوت!، وفي حالة الغضب والحدة والزعل فكل طعام يُسمى (زقنبوت)، ولو كان الشخص يأكل وطلبنا منه مثلاً القيام بعمل ما، فسيصرخ في وجهنا: خلينا أول نتزقنب !، وهكذا.
وقد إختلف الباحثون في أصل الكلمة ومصدرها، بعضهم قال أنها (زق نبوت) أي الضرب بالنبوت، وهي تسمية شامية للعصا الغليظة التي يُسميها العراقيون (توثية) نسبة لشجرة التوث (التُكي) التوت التي قُطعت منها. وقال فريق آخر بأن (الزقنبوت) هي دويبة صغيرة جداً تعيش في بعض الحشائش التي تأكلها الدواب، فإذا إستقرت في بطن الدابة قتلتها لا محالة.
ويقول أخرون أنها كلمة كردية لنبات إذا كُسِرَ منه غصن نبع سائل أبيض كاللبن، حريف الطعم، من ذاقه إعتراهُ قيئ وإسهال يفضيانِ إلى الموت إن لم يتداركوهُ طبياً.
ويعتقد البعض أن الكلمة هذه مُحرفة من (الزقوم)، وهو طعام أهل النار!!!.
وبعضهم يعتقد إنها فارسية (زق بنود) أي: لا كان طعاماً، ويقول فيها الأب الراحل العلامة في اللغة العربية (أنستاس ماري الكرملي): أنها من (زقنا بورت) المغولية والتي تعني : حشيشة سامة !!.
ولكن .. برأيي الشخصي تبقى كل هذه التفسيرات مجرد إجتهادات شخصية ربما  أصابت الهدف، وربما أخطأتهُ.
ومن أظرف ما سمعتُ عن إستعمال هذه الكلمة الشائعة جداً بين العراقيين هو ما قصهُ علينا المطران الكلداني الراحل (جوزيف كرمو) ذات يوم في واحدة من أماسي السبت لِ (جماعة المنتدى) في ولاية مشيكان الأميركية، والتي كانت تُعقد في مقر مطبعة مجلة "المنتدى" التي كان صاحبها ورئيس تحريرها الصديق الأديب السيد فؤاد منا "أبو جبران". 
قال بأن عائلة عراقية كلدانية طيبة في مشيكان كانت الأم تُكلم أولادها بالكلدانية دائماً، وتقول لهم كلما حضر الغداء: (قوموا إمزقنبوا) أي: قوموا تزقنبوا!!، وكان أولادها - وكلهم ولادة أميركا - يحسبون بأن هذه الكلمة طبيعية وإعتيادية وتعني الطعام. وحدث ذات يوم أن حل المطران الراحل جوزيف كرمو ضيفاً على العائلة، وكان الوالد والمطران يجلسون في غرفة الضيوف وهم يشربون بعض النبيذ، والظاهر أن الأم فرغت من إعداد مائدة الطعام، وقالت لأحد أولادها باللغة الإنكليزية: إذهب وقل لوالدك والمطران كرمو بأن الطعام حاضر، فما كان من الولد إلا أن دخل على الرجلين وقال لهما باللغة الكلدانية: (كَمرة يِمي قوموا إمزقنبوا) ، أي: تقول أمي قوموا وتزقنبوا !!!.
لا تزال هذه الكلمة تُستعمل في العراق كل يوم ودقيقة. وخاصة بعد أن تحولت الحياة اليومية للشعب العراقي المسكين لزقنبوت حقيقي!!!.

* صُرُم پارة:
هي كناية للمراهق والشاب والرجل الذين يحبون ويهوون ملاحقة النساء، فترى واحدهم يتأنق في ملبسهِ وعطره وتسريحة شعره وهيئتهِ، ولا تفوته فرصة ولو صغيرة إلا إستغلها في إظهار لطافته ورجولته وكل ما يتعلق بشخصيتهِ أمامهن عسى أن ينال رضاهن وإعجابهن!.
الكلمة فارسية ذات مقطعين، (زن - بارة)، (زِنْ) تعني: أنثى، و (بارة) تعني: مُحِب. وتحولت الكلمة على اللسان البغدادي من (زن بارة) إلى (صرم پارة)، ولا أدري إن كانت كلمة (صرم) هنا تعني (فتحة الشرج) في المفهوم البغدادي للكلمة أم إنها جاءت إعتباطاً وبديلاً لكلمة (زن) !!؟.
يقول عبد اللطيف ثنيان في كِتابهِ ( صفحات من قاموس العوام في دار السلام ): "أن الكلمة مُحرفة من (زن بارة)، وتعني من يتعشق النساء ويُلاحقهن، زير النساء، والذي في الكثير من الحالات يحب مجالسة النساء، ولا يقصد شراً".
بينما يقول (أدي شير): تَزَنْبَرَ مأخوذة من زنبارة: أي الفاسق.
وقال عبد اللطيف الچلبي: زنبارة لفظة فارسية تعني مُحِب النساء.
وعلى نفس وزن (صرم پارة) يُقال: (قُرُم پارة)!، وقرم تعني في الفارسية: غلام أو صبي، وهنا يصبح معنى "القرم پارة": مُحب الغلمان، وبمعنى (الفاعل) وليس (المفعول بهِ) !، وفي العراق يقولون: (تقمبر على فلان) أو (يتقمبر عليهِ) بمعنى يحاول إصطياده وإستدراجهِ من أجل غايات جنسية، وهذا يقودنا لِذِكْرِ معلومة أخرى، فالعراقيون يُسمون أي مأبون بِ (فرخ)، وأي مُحب للغلمان بِ (فرخچي)، وكل هذه الكلمات والإصطلاحات والألفاظ لا زالت مستعملة في العراق، ولم تنتفي الحاجة لها بعد!، وخاصةً في المجتمع العراقي الإسلامي المُعمم والمتشدد اليوم مع المرأة ومنع حضورها إجتماعياً، ولهذا عادت عادة إتصال الرجال بالغلمان على حالها كبديل للمرأة كما كانت عليه في بداية القرن العشرين، والحق هي عادة موجودة في كل مجتمعات العالم، لأن الشذوذ الجنسي ليس له وطن أو شعب معين، ولكن ... في بلد كالعراق فأغلب أسبابه هي أن المتشددين دينياً حبسوا نسائهم خلف الجدران وراحوا يلوطون بغلمانهم!!!، وهذا قمة الغباء والتخلف، وهذه حجة أخرى دامغة لمقولة "أن للجهل علاقة وثيقة بالدين".

* الصايَة والصرمايَة:
كناية عن الفاشل العاطل المفلس، ويقال في العراق: "إمضيع الصاية والصرماية.
الصاية: فارسية (ساية) وتعني: الظل والملاذ والحِمى، وهي قطعاً لا تعني (الصاية البغدادية) أي البدلة الشعبية التي يلبسها البغدادي أو العراقي.
أما (الصرماية) فهي فارسية أيضاً (سرماية) وتعني: "رأس المال"، ويصبح المعنى العام لكلمة (الصاية والصرماية): من فقد الملاذ والمال وأصبح محتاجاً عاجزاً لا سند لهُ.

* مُقُرپاژ:
وتعني في العراق: المحتال المكار المخادع عديم الذمة، فارسية (مكرپاژ) وهي أيضاً من مقطعين: (مكر) وتعطي نفس مفهوم المكر في العربية، و (پاژ) فارسية تعني : لاعب، اي اللاعب الماكر بعقول الناس.
لا تزال الكلمة مستعملة في العراق، ولكن بقلة.

* هِتلي:
وتُجمع على (هِتلية)، كناية عن العيار الأشقياء المنفلت، تركية وتعني: نوعاً من أنواع العساكر العثمانية، كانوا يسمونهم في التركية: (هايتة)، وعُرفوا قساة عتاة طغاة منفلتين ساموا الشعب العراقي كل أنواع المهانة والأذية والقمع والإستغلال.
وبمرور الزمن تحولت كلمة (هايتي) إلى (هتلي)، ولا تزال الكلمة تستعمل في العراق لأغراض التحقير والإهانة والشتيمة والإستصغار.

پيرة:
وهي كنية للأنثى، مذكرها پير.
وتعني في الأصل: المرأة أو الرجل من الذين دخلوا مرحلة الشيخوخة.
بينما ال "پير" في اللغة الكردية والفارسية تعني: المُرشد الديني أو شيخ إحدى الطرق الدينية !!.
في العراق بصورة عامة جاءت هذه الكلمة مع دخول قوات الإحتلال الأنكليزي للعراق بعد الحرب العالمية الأولى، وكان في خدمة القوات البريطانية يومذاك الكثير من الجنود الهنود الذين بقى بعضهم في العراق وتزاوجوا من العراقيات، وعن طريقهم دخلت الكثير من الكلمات والمصطلحات الهندية إلى اللهجة الشعبية العراقية.
في اللغة الهندية تعني كلمة (الپير أو الپيرة) الرئيس أو الرئيسة، ولخفة دم البغداديين وطريقة تفسيرهم للكثير من الأمور بطريقة جنسية، فقد راحوا يستعملون كلمة (الپيرة) كنية وتسمية للمرأة القوادة التي تُدير أمر فتياتها في منزل اللهو والبغاء، فهي رئيستهم (پيرة).
لا تزال هذه الكلمة مستعملة في العراق ولكن بقلة.
والجدير بالذكر هنا أن كلمة "peer" في اللغة الإنكليزية تعني "النبيل الواسع الإطلاع"، وتُسَمى المجلات العلمية التي يُحَكِمُّ أصالة وفرادة مقالاتها البحثية علماء معروفون ومختصون ومُحترفون معرفياً ب: (peer reviwed journals) .
وربما إنتقلت هذه الكلمة من الإنكليزية إلى الهندية في فترة إحتلال بريطانيا العظمى للهند وأصبحت تُستعملُ عند الهنود بمعنى: (الكبير أو الرئيس أو الذي يُدير الأمور بواسطة معرفتهِ وإطلاعهِ) !؟
قلتُ: ربما.

* پيزَوَنكْ:
كلمة تركية وتُلفظ أصلاً (پيزفَنك)، وإستعملها العراقيون بمعنى: الديوث .. (الديوس) باللغة الدارجة، كذلك تعني: الفظ ، الشرس، البذيء، السافل.
وقد بطل إستعمال هذه الكلمة في العراق منذ أواسط القرن العشرين.

* دَجالْ:
لفظة آرامية (دَكالا) بمعنى: الكذاب المخادع، ولا نزال نقول في لغتنا "السورث" المحكية لحد اليوم (دَكالا) في تسمية الكذاب.
وفي العربية سُميَ الدجال دجالاً لأنه يُدَجِلُ الحق بالباطل.
يقول المنجد: دَجَلَ دَجْلاً: كذبَ.
كذلك الدجال تعني: ماء الذهب!، جمعها: دَجالون ودَجاجِلة، ومعناها أيضاً الكذاب تشبيهاً بماء الذهب لأنهُ يُظهر خلاف ما يُبطن، ومنه (المسيح الدجال): وهو الكذاب الذي سيظهر في آخر الزمان.
وكما ذكَرتُ في مقدمة مقالي، فالآرامية والعربية تتحدران من نفس اللغة الأم، وأعتقد بأن كلمة (دجل - دجال) ربما كانت مُشتركة الإستعمال والمعنى بينهما.

* پَرطلي:
وهو نوع آخر من أنواع العسكر السلطاني العثماني، وفي العراق فهي كناية عن المتفلت المسنود والمدعوم من قوة تمثل السلطة (كما كان الحرس القومي في العراق مثلاً).
أصل الكلمة (براءتلي)، وهم صنف من العساكر العثمانية، كانت قد صدرت حول إختيارهم وتشكيلهم براءة من السلطان العثماني، وكانت تلك البراءة قد أثبتت أنهم داخلين في السجل العمومي في أسطنبول!!، لِذا لم يكن المنتمين لهذا العسكر يُحاكمون أو يُدانون أو يُعاقبون أو يُسجنون إلا بأمر من المرجع العمومي في أسطنبول!!، وكانت الشكاوي ضدهم في العراق وبغداد تتطلب وقتاً طويلاً لوصولها إلى إسطنبول وعودتها منها، وهذا كان يُزيد الطين بلة، بحيث يتم خلال ذلك الوقت تصفية المشتكي أو حبسه أو إخراسه وقمعه وحتى تغييبهِ !، وكما يقول المثل البغدادي: (علما تثبت نفسك حصيني .. يروح جلدك للدباغ)!. وكانت بغداد يومذاك قد ضجت من تسيبهم ومظالمهم التي لم يكن لها رادع أو زاجر أو محاسب.
لكل ذلك راح البغداديون يكنون كل متفلت ظالم مسنود الظهر بِ (پَرطلي) المحورة من براءتلي.
لم تعد هذه الكلمة مستعملة في العراق منذ منتصف القرن العشرين.

* پُرتِكـَيشي:
هي كلمة مُحَوَرَة من (بُرتُغالي)، وكانت هذه الكلمة في العراق والكويت والخليج تستعمل كشتيمة وكناية عن الكافر، حيث عانى معظم سكان الخليج العربي من مظالم وفضائع وسوء معاملة البرتغاليين لهم خلال القرن السابع عشر الميلادي.
هذه الكلمة لا زالت مستعملة في العراق لحد اليوم، ولكن ليس كشتيمة، بل تستعمل كلما حدث سوء فهم تُسببه اللغة، فنقول للشخص الآخر: لماذا لم تفهم .. هل كلمتُك بالپرتكيشي؟، كذلك تستعمل بصيغة أخرى، كقولنا: "لا يهمني أن كنتَ عربياً أو تركياً أو پُرتِكـَيشياً" .
وهنا نرى أن الذاكرة الشعبية الجمعية للشعوب لا تنسى مظالم أحد حتى بعد قرون من تأريخ وقوعها، كما في حالة الحجاج بن يوسف الثقفي مثلاً، أو الإستعمار العثماني.

* تَرَس:
لفظة كردية: "ته ره س"، وهي من الفاظ السباب والتحقير، وتعني: الديوث، القواد.ويقول فيها معجم ( إبن مُهنا ): أن النصارى يُسمونَ ترسايان!!.
وجمع الترس: ترسية، أما ال ( ترسلُغية ) فتعني عند العراقيين الدناءة والسفالة وسوء الخلق. ولا تزال هذه الكلمة مُستعملة في العراق.

* حيزْ:
كلمة كردية تعني: المخنث أو سيئ السمعة، والغريب أن هذه الكلمة يتداولها كبار السن من الرجال، وخاصةً في قرى شمال العراق - كردستان.

* دَلَة قَلي:
كلمة تركية وتلفط عندهم "دلي كانلي"، وتعني: الشاب الممتلئ حيوية ونشاطاً، بينما يستعملها العراقيون في غير ما تعني ... للمأبون من الذكور!!.
وفي زمن الثلاثينات شاعت في بغداد أغنية شعبية تتغزل بالمذكر، تقول إحدى مقاطعها:
إبليل الأظلم ما تكولي ===== إشطلعك يا دَلة قَلي
سِطع نورك للمُصلي ===== صِعَد وَذن عالمنارة
ولا تزال هذه اللفظة مستعملة في العراق.

* دَنْغوص:
لفظة تركية أصلها (دوموز) وتعني: الخنزير، ولكن في العراق تم إستعمالها للشاطر الذي يستخدم شطارته في خدمة الشر والجريمة وأذية الناس.
لا زالت مستعملة في العراق ولكن بقلة تكاد تكون معدومة.

* زَعطوطْ:
وتُجمع على َزعاطيط و مَزْعَطَة.
كلمة آرامية (سطوطا) وتعني: الولد الصغير غير الناضج، وأحياناً يستعملها ألعراقيون لتجريح الرجل البالغ الذي في شخصيتهِ خفة وطيش وعدم إتزان.
وقد تم كناية الخليفة العباسي "المتوكل" بِ (زعطوط) لخفته في بلاطه مع مُهرجيهِ، حيث كان أول خليفة عباسي ظهر في مجلسه اللعب والمضاحيك والخفة، وكان يستطيب معاشرة المخنثين ومجالستهم وإستعدائهم على علية القوم في مجلسه، لحد أنه ومن خلال ملاطفته لأحد ندمائهِ، أمر غلمانه ومخنثيه بإدخال (فجلة) في أُست نديمهِ المسكين!!.
في مصر المحروسة يُقابل هذه الكلمة لفظة: "عَيِلْ" جمعها: عِيالْ، وأعتقد في الشام تُقابلها كلمة (الولدنة).
لا تزال كلمة (زعطوط) مستعملة وبكثافة جداً في كل المجتمعات العراقية قاطبةً، ربما لكثرة (المزعطة) من المسؤولين وعلى شاكلة المتوكل هذه الأيام في عراقنا الحبيب الذي أصبح (طولة) للمزعطة من كل نوع ولون.

* كَرْخانَة:
كناية للماخور أو محل البغاء، مأخوذة من "كار خانة" الفارسية، وتعني عندهم: بيت العمل، المصنع أو المعمل، وفي الإنكليزية تُقابلها كلمة Inn المُلحقة بأسماء أغلب الفنادق.
و (كار) تعني: عمل، أما (خانة - من كلمة خان) فتعني: بيت أو مكان أو محل، كقولنا: خان الخليلي. ولكن كعادة العراقيين في قلب معنى بعض الكلمات وتحويلهِا لمعاني نابية فقد تم تسمية المبغى بِ (كَرْخاَنة)، وسموا صاحب الكرخانة بِ (الكَرْخَنچي)، وزبائنه بِ (الكَرخَنچِية)!!.
لا زالت الكلمة مستعملة في العراق رغم أنه لم يتبقَ أي أثر لأي كرخانة غير الكرخانات الحكومية والبرلمانية!!.

* الچُـكْ والپُـكْ:
يقال في اللهجة الشعبية: ما يعرف الچُـكْ من البُكْ.
الچُـك فارسية وتعني: ذَكَر الرجل.
الپـُك فارسية أيضاً وتعني: الغليون الذي يُحرق فيه تتن التدخين.
المعنى العام لهاتين الكلمتين هو أن البعض لا يعرف الفرق بين ذَكَرهِ وغليونهِ
لا تزال الكلمة مستعملة في العراق وفي بعض الأقطار العربية.

* زَنانَة:
لفظة فارسية تقال في العراق للنسائي، أي الرجل المتخلق بعادات النساء من حيث الميوعة والنعومة والرقة في الكلام والتصرف والحركة، وهي صفة للمتأنث والمخنث (الخُنثى)، ومشتقة من كلمة (زِنْ) الفارسية والتي تعني: إمرأة أو أنثى.
كذلك تُستعمل لمعايرة الصبيان والمراهقين لو لعبوا أو تحدثوا أو خالطوا وجالسوا الفتيات، وهناك أهزوجة قديمة -أعتقد مصلاوية- لا أزال أتذكرها تقول للصبي:
"زنانة دَفو دَفو ... كل البنات إبصفو".
ولا زلتُ لا أعلم معنى كلمة (دفو)!!، وأعتقد أنها كلمة "مصلاوية" وبلهجة أهل الموصل، أو ربما تم حشرها كقافية للضرورة الشعرية!.
كان مجتمعنا ومنذ صغرنا يُعلمنا أن نستهين بشأن المرأة (الجنس اللطيف) ونبخسها حقها الطبيعي في التساوي معنا حياتياً، ويُلقننا بأن أي مخالطة معهن هي عار وعيب ونقيصة مُخجلة للصبي أو المراهق. رغم إننا كنا نتشوق ونتحرق لمخالطتهن وبأي صورة من الصور.
لهذا نشأ أغلبنا وهو يحمل تلك الإزدواجية البغيضة في تعامله وفهمه وتواصله مع النساء، والتي تكلم عنها طويلاً عالِمْ الإجتماع العراقي الراحل د.(علي الوردي) في كتبه الشهيرة.
لا تزال كلمة زنانة تستعمل في العراق.
أما كلمة (مِرْدانَةْ)! كقول العراقي: (دَگ دَگة مِردانة)، فهي فارسية وتعني: اللباس والعمل اللائق بالرجال، وهي معكوس مفهوم كلمة زنانة تماماً، إذ يوصف بِ "مردانة" الرجل (الفحل) المعروف بأفعاله وخصالهِ الحسنة!. ومن خلال هاتين الكلمتين نرى أن كل ما يتعلق بالمرأة هو مُعيب ونقيصة وعورة تُعاير بها المرأة الشرقية، وكل ما يتعلق بالرجولة والفحولة محمودٌ ومقبول وشبه مقدس!!!، فيا لغرابة هذا المجتمع الشرقي الذي رضعنا منه أغلب عيوبنا!. 
كذلك تُطلق كلمة "مردانة" على دويبة صغيرة و معروفة في العراق بإسم الصرصر، وهي حصراً تُطلق على الصرصر الأحمر.

* دودَكي:
تُجمَع على "دودَكِية"، ويُقال للمرأة أيضاً "دودَكِية"، وتُقال في العراق للمأبون حصراً، لفظة تركية تعني: بهِ دودة، وهي كنية من إستحكم فيهِ داء الأبَنَّة.
وتم إستعمال وصف (بي أو بهِ دودة) لكل من إستحكمت بهِ عادة من العادات، كالمقامر والسكير والمدخن والحشاش والكذاب والمنافق والكثير الأكل والنسونجي وكل مُدمن على عادة!.
تقول النكتة أن رجلاً كبيراً في العمر سقط من فوق شجرة وإنكسرت يده، فذهب للطبيب الذي جبر كسر يدهِ وأعطاه بعض الحبوب لإستعمالها، بعد أسبوع ذهب الرجل للدكتور وقال له: أنا إنكسرت يدي وأنت أعطيتني حبوباً لإستئصال الدود، وهذا غريب وغير منطقي!؟
أجاب الطبيب ببرود: لو ما بيك دودة مجان صعدت فوك الشجرة ونتَ بهل عُمر!.
لا زالت هذه الكلمة مستعملة في العراق.

* كلجية :
الكلجية كانت مبغى علني في بغداد، وتسميتها جاءت من إسم إحدى أصناف العساكر المغولية التي جاءت أثناء الإحتلال المغولي للعراق، وكان عساكر الكلجية قد أقاموا في هذه (الدربونة)، لِذا سُميت بإسمهم. وللتوثيق أكثر إقرأوا كتاب (الحوادث الجامعة) صفحة 354 و 465.
أما كلمة (الدربونة) فهي تصغير لكلمة (درب) ، وقد ورث البغداديون عادة تصغير الكلمات من الآراميين فقالوا: بزونة للقط (بسينة)، وزيدون وسعدون و زْغيرون وحسون لزيد وسعد وصغير وحسن ، وقالوا (بيتونة) للبيت الصغير فوق سطح الدار الذي كانت تُحفظ فيه أفرشة النوم الليلي فوق السطوح حفاظاً للأفرشة وتحسباً لعدم إهترائها وتلفها بسبب حرارة النهار القائظ .
ولأن قصر البغاء العلني كان يقع على دربونة الكلجية، لِذا راح البغداديون يُسمون كل محل للبغاء بالكلجية، حتى لو كان خارج بغداد أو خارج العراق!!.
يقول الشاعر الشعبي ملا عبود الكرخي:
إحنة من قبل ما جان عِدنة هيج ===== ولا نُعبُر لْذاك الصوب للتَكليج

قبل الإحتلال البريطاني للعراق كانت "دربونة الكلجية" زقاقاً نافذاً يتصل من طرفيهِ بأزقة ودرابين أخرى، ولما فتح خليل باشا شارعه في بغداد سنة 1916 وهو نفس الشارع الذي نسميه اليوم شارع الرشيد، بدأ بهِ من الميدان وإنتهى بهِ إلى الباب الشرقي، وسميَ أولاً (خليل باشا جادة سي)، ثم في زمن الإنكليز سميَ: (الجادة)، ولما تشكلت الحكومة العراقية سميَ: (الشارع العام)، ثم سُميَ بعد ذلك بِ (شارع الرشيد) تيمناً بالخليفة العباسي البغدادي هارون الرشيد، وبقيَ هذا إسمه لحد اليوم.
وحين تم فتح هذا الشارع الحيوي المهم، وقع أحد طرفي الكلجية على شارع الرشيد، وظل طرفهُ الآخر من الخلف متصلاً بالأزقة والدرابين الأخرى، ولما دخل الإنكليز بغداد، أخلوا دربونة الكلجية من سكانها، وخصصوها موضعاً للبغاء العلني!!!.
لا زالت كلمة "كلجية" مستعملة ومُستخدمة ككنية لأشياء عديدة ومُختلفة في العراق، رغم أن الكلجية الحقيقية لم تعد موجودة هذه الأيام في العراق إلا بما يتعلق بحكام البلد الذين قلبوا العراق إلى كلجية دينية وسياسية وإجتماعية.

فِشقي:
كلمة تركية.. وتعني: الخراء الطري لذوات الحوافر، ويُستعمل الفشقي سماداً للأرض الزراعية، ويُسمى بالعربي الفصيح: الروث وأيضاً بَعَر.
ويستعمل العراقي كلمة ( الفِشقي ) في قوله مثلاً: روح أكل فِشقي، كذلك حين يكون متورطاً في مشكلة ما فيقول: اليوم أكَلنة فِشقي. ولا زالت هذه الكلمة مُستعملة في العراق وبكثرة .


* مَردَشورْ:
جمعها : مَرْدَشورِيَة.
مُحرفة من الفارسية (مَرْدَة شوي) وتعني: مُغَسِلْ الأموات قبل دفنهم.
وتستعمل في العراق لمعايرة ووصف المتطفلين على مراسيم الجنائز والتعازي المقامة على راحة روح الميت، أي الذين يحضرون المآتم من أجل الطعام (بلاش)، وبدون معرفة سابقة لشخص الميت أو أي أحد من أقاربه وخاصتهِ !، ويُلقَبونَ كذلك بِ "لَكامة" مفردها "لكام" بالكاف الفارسية، وهي من الفصيح (اللقم - اللقمة) فهم لقامة، أي يلقِمونَ الطعام.
لا تزال الكلمة متداولة في العراق إجتماعياً وسياسياً في حالة تدني أخلاقيات المسؤول ويكون مبتذلاً في طمعه وجشعه وأنانيته ووصوليته.


* دَجَة دَبَنگ دَماغ سِزْ:
ويستعملها العراقيون لكناية الشخص البليد جداً جداً، وأحياناً يختصروها على ( د. د. د )، لأن الكلمات الثلاثة كلها تبدأ بحرف الدال.
دَجَة: (بالجيم الفارسية) هي الدَكة: دكة الباب أو دكة المنزل وتم إستعمالها هنا كوصف .. كونَها جامدة وثقيلة ويطأها كل من هب ودب.
دَبَنْگ: (بالباء والكاف الفارسية)، وهي كلمة فارسية تعني: جاهل أو أحمق، ولكن العراقيين يستعملوها للبليد حصراً.
دَماغ سِزْ: الخالي من الدماغ، كون كلمة (سِزْ) تستعمل للنفي كما أوردنا أعلاه.
ومن ذكرياتي في المدرسة الإبتدائية ان مديرنا اللئيم "الأستاذ بهجت" كان يكتب على شهادة سقوط أي طالب في نتائج الإمتحانات النهائية للسنة الدراسية علامة (د . د . د) نكايةً وتشفياً وتجريحاً لمشاعر الطالب المسكين الذي كان يكفيه رسوبه في تلك السنة.

أدناه بعض الكلمات النابية في لُغة التخاطب اليومي في العراق، لكنها ليست "دخيلة"، وقد أضفتها لرغبتي في أن يعرف القارئ أصولها ومن أين جاءت ولماذا اُستعملت بهذه الصورة والكيفية.


* زَبَلَعي:
زَبَلَعْ وجمعها زَبَلَعِيَةْ، وأصلها بالصفحى: زَبَلَح .
كناية عن المتمكن مادياً، الذي يحيا حياة سهلة هنية رخية بلا كد أو تعب. والمضحك أنه جاء في كتاب (اللمحة البدرية في الدولة النصرية) أنه لما قعد أمير المسلمين (محمد بن محمد بن يوسف بن نصر)، ثالث ملوك الأندلس، على سرير ملكهِ، تقدم أحد الشعراء يمدحهُ ويُهنئهُ، فقال:
على من تُنشرُ اليومَ البنود +++++ وتحتَ لواءِ مَن تسري الجنود ؟.
فقال له الأمير مبتسماً ومؤشراً على نفسهِ: على هذا الزبلح الذي تراهُ أمامك !!!.


* قَحبَة:
كلمة شائعة في أغلب البلاد العربية وخاصةً العراق، ولها مرادفات عديدة: شرموطة، عاهرة، بغي، مومس، بنت الشارع، زانية، وكثير غيرها من النعوت والأوصاف !!.
لفظة (قحبة) عربية فصيحة مشتقة من فعل (قَحَبَ) أي: سَعَلَ - سُعالْ (القحة - الكحة)!!، لأن المومس ومنذ أقدم الأزمان تكون عادةً على قارعة الطريق وخاصةً في الليالي المظلمة وهي تطلب الرزق عن طريق جسدها، فإن مرَ بها رجل أو مُستطرق سَعَلَت لهُ (قَحَتْ)، مُشيرة إلى مكانها أو موضعها في الظلمة وكونها (تحت الطلب) لمن يشاء ويدفع الثمن!.

تقول القواميس: قحبة: جمعها قَحَبات وقَحْاب وقِحاب: إمرأة تمارس البغاء.
القحبة: العجوز يأخُذُها السعال، وهي البغي، لأنها كانت في زمن الجاهلية تُوْذِن طُلابَها بِقُحابها.. أي بسُعالها، والجمع: قِحَابْ.
قَحَبَ تقحيباً: سَعَلَ، قحب يقحب، قحباً وقَحاباً.
قَحَبَ الفرسُ أو الجملُ: سَعَلَ .
قَحَبَتِ المرأة: كانت بغياً فاجرة.
ويُقال: قَحَبَ الرجُلُ: إذا سَعَلَ من لُؤْمهِ !.

هناك طريفة تخص هذه الكلمة، حيث يُقال أن شاعراً من شعراء الهند دخل بلاط أمير المنصورة وراح يمدحهُ بعدة قصائد، فقال له الأمير - مستغفلاً - حين إنتهى: تقدم يا زوج القحبة !!، وهو يعرف بأن الشاعر لا يعرف معنى هذه الكلمة، فسأل الشاعر الأمير: وما معنى زوج القحبة أيها الأمير الجليل؟.
أجاب ألأمير مراوغاً وقد أحرجه السؤال: بلغة العرب معناها كل من له قدر جليل، ومحل كبير ومال وجاه، ودواب وجمال، وغلمان وجواري وقيان وقدر ومنزلة، وقد أردتُ بها شكرك ومدحك أيها الشاعر العظيم.
قال الشاعر بكل عفوية: إذن .. فأنت أكبر (زوج قحبة) في العراق أيها الأمير، لأنك تملك كل ذلك!. (من كتاب الهفوات النادرة) .


* بَربوک:
كِلا البائين بثلاث نقاط ، مع الكاف الفارسية.
جمعها (برابيک)، كلمة غير دخيلة، ومستعملة بكثرة بين النساء في العراق، وممكن قولها وإستعمالها بينهن كشتيمة أو كملاطفة وتحبب، ويقول البعض بأن هذه اللفظة (كراشية) وهي إحدى اللهجات الفارسية وتعني: الكوز الصغير، وربما كانوا قد إستعاروها من العرب وليس العكس، لأنها تُلفظ في العربية الفصحى: (بربوق).
والبربوك في اللهجة العراقية يعني: (الكوز - التُنكة) الذي طال إستعماله حتى تثلمت شفتاه أو فتحتهِ ولم يعد صالحاً للإستعمال في شرب الماء، وحين يقذفوه للنهر للتخلص منهُ يميل بفوهتهِ على سطح الماء بوضعٍ لا يتسرب الماء لداخلهِ، وينساب مع مجرى ماء النهر بلا غرق، لِذا شُبِهَت به المرأة التي أجبرها ظلم المجتمع والحاجة إلى ممارسة البغاء طلباً للرزق، وحين شابت ولم تعد صالحة لخدمة شهوات الرجال رموها على قارعة الحياة والمجتمع كما يُرمى البربوق في النهر، لكنها مثل البربوق، لم تغرق!، وبقيت تتكسب عيشها حتى ولو بإستجداء الناس. هي حكمة ومغزى وعبرة، حين يتم تشبيه المرأة المظلومة بالبربوق!.
يقول المثل العراقي: "بربوک ما يغرک" أي: لا يغرق.
قال الشاعر عبد القادر العبادي:
لقد سقط البربوق في دجلة +++++ في ليلة ظلماء لا تشرق
لا تعجبوا كيف نجا سالماً +++++ من عادة البربوق لا يغرق
لا تزال هذه الكلمة تستعمل في المجتمعات العراقية لأغراض الشتم والمعايرة، وللتحبب والملاطفة أيضاً.

* زَبَقجِيَة :
للأسف لم أستطع الحصول على مصدر أو جذر هذه الكلمة ومن أين جاءت، وهي ليست من الكلمات الدخيلة على ما أعتقد، هي كناية عن المرأة (المُساحِقة) أي السحاقية .. جمعها سُحاقيات.
وتعريف (المساحقة) على ما جاء في (لسان العرب): هو إكتفاء النساء بالنساء، وفي هذا قال شاعرنا الراحل محمد مهدي الجواهري:
بدا الفجرُ وضاعَ السَنا، من ورائهِ ===== بدت صفحة تزهو بعشق الحبائبِ
غرامُ العذارى بالعذارى، ولم يكن ===== غرامٌ كهذا ثَمَّ إحدى العجائبِ

هذا اللون من الجنس معروفٌ في كل أنحاء العالم، وهو أكثر إنتشاراً في المجتمعات التي إستحكم فيها الحجاب وتقنين حرية المرأة.
يقول أبو العتاهية:
أراكُنَ تُرقِعنَ الخروقَ بمثلها +++++ وأي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة