العراقيون: متى يعود رافدا الخير لنجدتنا ؟

بدء بواسطة حكمت عبوش, فبراير 13, 2011, 03:28:07 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

العراقيون:  متى يعود رافدا الخير لنجدتنا ؟
                                                                                    حكمت عبوش
قد يبدو للبعض إن مقالي هذا ليس في وقته المناسب ، وان مشاكل أهم تواجه العراق ألان و أنا أقول أن مشكلة حصصنا المائية المتجاوز عليها ظلما من دول الجوار ليست قليلة ألأهمية حيث باسترجاع ما يمكن استرجاعه منها يستعيد العراق قدرا لا بأس به من إمكانياته على البناء المتوازن لاقتصاده الذي يجب أن لا يعتمد على الريع النفطي فقط والذي كان إسهامه في الميزانية خلال السنوات السبع الماضية لا يقل عن 90% و هذه السنة هو 88.8 % من مواردها وسواء شئنا أم أبينا فان النفط مادة ستنضب بعد عقود قليلة فعلى ماذا سيعتمد اقتصادنا بعد ذلك ؟ إن استرجاع حصصنا المائية يعني إعادة تنشيط وتفعيل ركن أساسي من أركان نشاطنا الاقتصادي ألا وهو الزراعة حيث الملايين من أبناء الريف العراقي هم في بطالة ومستعدون للعمل الزراعي في حال توفر الشروط الملائمة والضرورية للزراعة أولها المياه وهذا سيساهم في توفير الأمن الغذائي من جهة وتنتشل هذه الشبيبة الواسعة من الوقوع فريسة سهلة في براثن وشبكات الارهابين و المخربين .
إن من يقرا ما قاله (د. حسن الجنابي) ممثل العراق الدائم في منظمة الغذاء والزراعة الدولية (الفاو) يوم 29/12/2010 في طريق الشعب الغراء من إن نهري دجلة والفرات قد فقدا ثلثي مناسيبهما من المياه وهو تأكيد لما أفاد به السيد (عون ذياب عبد الله) مدير عام المركز الوطني لإدارة الموارد المائية في وقت سابق من ان تركيا اقامت سدود ضخمة و أكبرها (سد أتاتورك) على الفرات و إقامة سوريا لسدين آخرين عليه . وإنشائها أيضا لسد (اليسو) الضخم على دجلة والذي سيكتمل عام 2012 وتبلغ طاقته الاستيعابية (12 مليار م3) و أضاف إن تركيا تسعى لزيادة مساحتها الزراعية من (256الف) هكتار إلى أكثر من (مليون و700الف) هكتار .
أما من جانب إيران فان الفلاحين في المحافظات المحاذية للحدود الإيرانية يعانون الأمرين من إقامة السدود الإيرانية على الأنهار التي كانت تصب قبلا داخل العراق كما في نهري الوند و سيروان ليعاني الفلاحون من قلة المياه أو انعدامها و من ثم جفاف أراضيهم كما حدث في محافظة ديالى , كما جعلت نهر الكارون يحمل مياه البزل المالحة إلى شط العرب بدل المياه الطبيعية التي كان يحملها فتستحيل معيشة الأسماك فيه, كما أكملت هذه الملوحة في المياه ما فعلته الأعمال العسكرية للنظام البائد  في إنقاص عدد النخيل في البصرة من (11 مليون نخلة إلى 3 ملايين) وجعل حقول الخضراوات فيها تنخفض من (6000 حقل إلى 3000) وحدث ولا حرج عن تأثير هذا الاستخدام اللا منصف لمياه الفرات أيضا من قبل تركيا وسوريا على فلاحي الرمادي ومرورا بمحافظات الفرات الأوسط وما فعله بمحاصيلهم الزراعية وخصوصا الشلب المشهورة به و أشجار الفاكهة والمحاصيل الخضرية كما لم تسلم مياه الاهوار من الانحسار والتملح و التلوث بالكيمياويات و السموم كما حدث في اهوار العمارة مؤخرا و حتى اضطر أصحاب الجاموس لجلب الماء العذب بصهاريج خاصة من اجل سقيه كما إن ملوحة مياه الاهوار جعلت الأسماك شبه معدومة فيها و عن أشجار النخيل في كل العراق فقد نقصت أعدادها من 40 مليون شجرة إلى 13 مليون.
إن قلة مياه الرافدين بسبب هذه التجاوزات و غيرها الكثير أدت و تؤدي إلى نتائج لا يحمد عقباها تتمثل  بعطش الإنسان العراقي وهذا ما نراه الآن في مناطق متفرقة وما أوشك أن نراه شديدا في المستقبل القريب فيها و في مناطق عراقية كثيرة أخرى وما نراه في قلة إنتاج الحاصل الزراعي وقلة الأسماك وزيادة مساحة الأراضي التي انقطعت عنها مياه السقي لتضاف إلى ملايين أخرى من الدونمات المحرومة وعدم المحافظة على التنوع الإحيائي وهذا كله أدى إلى تشكيل ما اسماه د. الجنابي صادقا ب (الوضع الخطير) وما نراه ألان من تدني مستوى معيشة الفلاحين يعبر عن ذلك و يتمثل بما قاله مواطن من مربي الجاموس (إن حالنا ليس أفضل من حال جواميسنا) و أصبحت الخشية من تصحر السهول العراقية و تدني الحال ألمعاشي لمعظم العراقيين كحال مربي الجاموس المساكين هي أكثر واقعية من أي وقت آخر.
كيف نعالج الأزمة الراهنة ؟
يقول د. حسن الجنابي إن  (عقد الاتفاقات الدولية مع دول الجوار ليست ملزمة) و الالتزام بها هو (تطوعي و أخلاقي وسياسي) ولذلك فهو يدعو إلى التعامل المرن والتحدث والتفاوض لخلق بيئة (مصالح مشتركة) بين هذه الدول والعراق وجعل الزراعة في العراق تنتعش من خلال استثمار وعمل شركات الجوار الزراعية وبذلك تتحقق الفائدة للجميع ولكن يجب أن نعلم إن الجيران الثلاثة (تركيا و إيران وسوريا) قد تعاملوا مع العراق ببرغماتية (ذرائعية) خالصة ولم يكن للعاطفة بمختلف أشكالها(القومية و الدينية و المذهبية) أي دور في تعاملهم معنا فدول الجوار لم يكن حديث النبي محمد (أحب لأخيك كما تحب لنفسك) رائدها في التعامل مع العراقيين بل كان رائدها هو(كم تستطيع أن تكسب من الواقع المتاح) و إلا لما عانى العراقيين الآن من هذا المأزق الصعب (قلة المياه). علينا أن نعلم إن المفاوض العراقي لديه إضافة إلى ورقتي الزراعة والري في هذا الواقع الذي قد يبدو صعبا أوراقا قوية أخرى عليه إبرازها بموضوعية وعقلانية وحكمة لكي يجعل التفاوض مجديا ومفيدا للعراق أيضا فالنشاط التجاري لدول الجوار كثيف في العراق و سلعها غزت وتغزو الأسواق العراقية بغزارة سواء من الأسمنت التركي و الطابوق الإيراني إلى الكهرباء كطاقة و أجهزة مختلفة إلى ملابس بأنواعها إلى مواد غذائية كثيرة شملت حتى اللبن والبيض و حتى المواد الزراعية من خضراوات كالبصل و الخيار ، والتي كانت المنتجات العراقية منها تملأ الأسواق قبل سنوات طويلة. وإضافة إلى ذلك هناك الشركات التركية والإيرانية وخاصة الأولى في مجال الإسكان وتشييد محطات الكهرباء وغيرها من مجالات الاستثمار و الأعمار ثم هناك الورقة الأخرى الأكثر أهمية ألا وهي النفط ذو الضرورة القصوى لكل من تركيا وسوريا وهذا كله يتجاوز قيمة نشاطها عشرات المليارات من الدولارات، إن إبرازنا لهذه الأوراق بواقعية بعيدا عن (الطرح الخجول) كما قال محمد الربيعي عضو مجلس محافظة بغداد مؤخرا1. إن ما يجب أن يعرفه الكل إن العراق ليس ضعيفا يستجدي التعاطف والإحسان من الآخرين فالعراق لا يزال غنيا بثرواته وغنيا بشعبه المبدع وما يضيف قوة كبيرة إلى هذا هو توحد الشعب وعدم الانجراف وراء الطرح العاطفي مهما كان نوعه لأنه الطرح الذي كان غالبا منذ سقوط الصنم و كانت نتيجته هي المعاناة القاسية للفلاح و المواطن العراقي. إن  زيارات السيدان جلال الطالباني رئيس الجمهورية و نوري المالكي رئيس الوزراء و كل المسؤولين الآخرين إلى الدول الثلاث لم تتمخض عن أية حلول لمشكلة المياه و الزيارة الأخيرة للسيد الطالباني لتركيا التي نتج عنها أكثر من أربعين اتفاقية لم نقرأ عن إحداها إنها تناولت مشكلة المياه و لا حتى الزيارة الأخيرة للسيد المالكي إلى تركيا أتت بنتيجة مثمرة, علما إن مسؤولين آخرون يقال إن لهم علاقات وثيقة مع مسؤوليي دول الجوار قاموا بزيارات لها إلا أنها لم تثمر عن شئ أيضا في هذا المجال ناهيك عن الزيارات التي قام بها مسؤولوا الدول الثلاث إلى العراق على مختلف مستوياتهم. صحيح إن أمور أخرى كانت ذات أهمية كبيرة قد تم بحثها و لكن هذا لا يعني أن تهمل قضية المياه الأساسية.
إن معرفة المسؤولين وقادة الكتل الكبيرة المتنفذة إن مصلحة العراق أهم من المصالح الفردية و الحزبية والمذهبية والاثنية  و هذا ذو أهمية قصوى يجب إيقاف الصراع العبثي حول الغنيمة وتقاسم السلطة لأنه عندما يصبح السياسي العراقي مسؤولا كبيرا يعني انه أصبح مشروعا لقائد تاريخي وتصبح حصة الحزب أو الطائفة أو القومية إذا حصل عليها على حساب الشعب العراقي كله تكون شيئا صغيرا و شرخا يجب أن يتعالى ويسمو عليها ويتجاوزها القائد ، إن وحدة الصف و وحدة المواقف والكلمة هي التي تضمن وجود دولة وحكومة عراقية ديمقراطية قوية تعبر عن مصلحة كل الشعب العراقي وتحمل وتتبنى وجهات نظر ومواقف جماعية مفيدة حيال مختلف القضايا على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع كل الآخرين إن أهل الرافدين وفلاحيه ينادون بقوة بل ويصرخون أين حقوقنا المائية المستباحة من دول الجوار ؟



1- صرح (محمد الربيعي) بذلك عندما تكلم عن الموضوع نفسه مؤخرا من إحدى القنوات التلفزيونية

ماهر سعيد متي

#1
                    العراق بلد الخيرات عبارة كثرت ترددها ... ولكننا بلد لانعرف معنى الأنسان ، وهذا جلي عبر العصور ، ولانعرف كيف نخدم هذا الشعب المسكين .................. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة