اهالي بغداد يحاصرون الحكومة/حميد مراد

بدء بواسطة برطلي دوت نت, مارس 23, 2016, 11:42:41 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

   اهالي بغداد يحاصرون الحكومة   


برطلي . نت / بريد الموقع
حميد مراد
Hamid_murad@yahoo.com


  منذ يوم الجمعة الماضية، واهالي بغداد الشامخة يحاصرون المنطقة الخضراء الفاسدة حيث نصبوا الخيام امام تلك المنطقة التي تعتبر اليوم مركز الحكومة الرسمي، ومنها تدار امور البلاد، الهدف من هذا الاعتصام هو الضغط على الحكومة المركزية للقيام بالإصلاحات الفورية، وانهاء عصر الفساد والمحسوبية والطائفية، وتقديم الفاسدين الى العدالة وضمان محاسبتهم ومنع إفلاتهم من العقاب، واعادة الاموال المسروقة الى خزينة الدولة.

  وقد عبر العراقيون الاحرار في عام 2015 عن امتعاضهم من الازمات السياسية المتكررة وفشل رجال الحكومة في ادارة شؤون الدولة بصورة صحيحة كما هو معمول به في اغلب دول العالم، والتي كانت حتى في وقت قريب تتمنى ان تكون بمستوى عاصمتنا العظيمة بغداد، فخرجت (382) تظاهرة تندد وتستنكر لتردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية والخدمية والامنية، وتطالب بتعديل المسار وقيادة البلد الى شاطئ الامان.

  ومنذ منتصف شهر تموز من العام الماضي انطلقت تظاهرات حاشدة في بغداد وتسع محافظات اخرى من كل يوم جمعة لتهتف للحرية والعدالة، والغاء الامتيازات، ومعالجة أزمات الكهرباء، ومكافحة الفساد المستشري في كافة المؤسسات الحكومية، ومحاسبة المختلسين والمفسدين بشكل جاد، والتخلي عن المحاصصة بكل اشكالها، وإيقاف جرائم القتل والخطف والتهجير، وإصلاح القضاء، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، والمطالبة بإعادة الاموال المنهوبة، والقضاء على البطالة ومشكلة السكن، وعدم المساس برواتب الموظفين والمتقاعدين، وتحسين الاوضاع المعيشية، وتخفيض رواتب الوزراء والمسؤولين والنواب والدرجات الخاصة، وتنفيذ المزيد من الإصلاحات الحقيقية والجذرية واحترام ارادة المتظاهرين، وتحقيق العدالة الاجتماعية في البلاد.

  كان يأمل الشعب ان تقوم الحكومة بخطوات جادة واخذ مطالبهم على محمل الجد، فبدأت بالمماطلة والوعود الكاذبة، الى جانب استخدام القوة عن طريق الاجهزة الامنية التي كانت ترغب بتفريق المتظاهرين بالقوة، واطلقت الرصاص وقتلت المواطن " منتظر الحلفي في 16/تموز الماضي " والمواطن " فريد خالد في 14/آب الماضي "  في محافظة البصرة، واعتقلت شباب الحراك الشعبي كلاً من جاسم الحلفي والمخرج محمد الدراجي وحسين النجار وعلي هاشم في بغداد بتاريخ 17/11/2015 واعتقال الناشط المدني ( جلال الشحماني من قبل مجموعة مسلحة مجهولة في منطقة الوزيرية ببغداد في 31/آب/2015 )، وكذلك الناشط المدني المحامي  (واعي المنصوري) في محافظة بابل فضلا ً عن العشرات من الشباب المنتفضين، واستخدم معهم العنف الممتلئ بالحقد من اجل اسكات الاصوات الوطنية التي تدعو الى احترام ارادة العراقيين.

  مطالب الشعب واضحة لكن المشكلة الان هي ان المنطقة الخضراء فارغة باستثناء الموظفين الذين ليس لديهم اي قرار، الى جانب وجود عدد من منتسبي الحمايات، لا يوجد بها اي مسؤول فالكل غادرها الى جهات مجهولة هم وعوائلهم خوفا ً من اقتحام الشعب لها في حال عدم تنفيذ الاصلاحات، وهذا احتمال وارد بسبب احتقان الامور الى درجة لا يمكن اصلاحها، حيث تفنن رجال الحكومة في سرقة اموال الدولة، واعطوا الضوء الاخضر لنهب ممتلكات العراق لمن هب ودب لتهريبها الى الخارج، والاصرار على عدم تقديم الخدمات الاساسية، واستحالة تقديم اي مسؤول الى القضاء لان الجميع مشاركون في صنع هذا المستنقع.

  بعد محاصرة المنطقة الخضراء اجتمعت الرئاسات الثلاثة مع بعض الكتل السياسية، واتخذت قرارا ً فاشلا ً ماكرا ً الا هو تشكيل لجنة للتفاوض مع المعتصمين !! وان الايعاز الى هذه اللجنة للتفاوض هو مؤشر واضح للمماطلة وكسب الوقت لان الحكومة غير راغبة بالإصلاحات، والاصلاحات تعني تقديم اشخاص متنفذين في احزاب السلطة الى القضاء ومنهم من تصل عقوبته الى الاعدام في حال وجود قضاء عادل ومستقل، وللأسف فان القضاء قد تم اغتياله منذ سنوات من قبل السياسيين فهو يطبق بكامل نصوصه القانونية ضد عامة الشعب والفقراء ولا يستطيع ان يقترب من اسوار الخارجين عن القانون، فهم مستعدون للحفاظ على هذه المجاميع العاشقة للفساد والتخريب والدمار ولا يهمهم ما يحدث للبلد وشعبه الصابر.

  ان سبب وصول العراق الى هذه الحال هو وجود شخصيات ترغب ببناء السلطة لا الدولة، الى جانب ذلك وجود دستور فيه الكثير من علامات الاستفهام، ويحتاج الى تعديلات وطنية حقيقية، ناهيك عن ترسيخ نظام المحاصصة والنهج الطائفي، وموضوع حصة نسبة الفائز الاكبر في الانتخابات لإدارة الدولة والتي باتت واضحة من ان التزوير في هذه الانتخابات معروفا ً لعامة الشعب في داخل او خارج العراق، مع عدم وجود عدالة ضامنة لحقوق الناس، وادارة فاشلة منذ عام 2003 بعد الاطاحة بالنظام الديكتاتوري البائد ولغاية الان، ادت الى وضع امني متدهور، فانتشرت عمليات الخطف والابتزاز والقتل، وبروز المليشيات، واحتلال محافظات ومدن من عراقنا الاشم بيد تنظيم داعش الارهابي الضال الذي شنع بجرائمه ضد العراقيين الابرياء، فضلا ً عن انتهاكات مستمرة من قبل دول الجوار لسيادة الدولة العراقية والتدخل في شؤونها الداخلية، وغيرها من امور التي تهم المواطن.

  في تطور جديد قدم زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر مقترحا ً الى رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي بتشكيل حكومة تكنوقراط من الاكاديميين المستقلين يمثلون مختلف اطياف الشعب العراقي لتولي الحقائب الوزارية .. نرى ان هذا المقترح سوف لا يعالج القضايا الادارية والمهنية في الوزارات لكون الوزير مستقل، والوكلاء والمدراء العامين تابعين الى الاحزاب المتنفذة، وسوف يعملون على افشال عمل الوزير الجديد لما تقتضيه مصالحهم الخاصة .. وفي هذه الحالة هل يخرج الشعب للإصلاح مرة ً اخرى لهز عرش الفاسدين ؟ .. أننا نرى ما دام اصوات الاصلاح موجودة بقوة في ميدان التظاهرات علينا الاختيار المناسب والا سوف يكون الوقت ليس لصالح الشعب .. فنحن نجد او نقترح من ان العراق بحاجة الى حكومة انتقالية، والعمل على معالجة ثغرات الدستور النافذ، وحل جميع الهيئات المستقلة، واستبدال كافة الوزراء، وادارة شؤون الجمهورية من قبل نخبة وطنية في مدة لا تتجاوز ستة اشهر، وأجراء انتخابات حرة نزيهة في البلاد بإشراف ودعم دولي حقيقي، لكون الشعب غير راضي او مقتنع بالوجوه الموجودة في سدة الحكم التي حطمت الدولة العراقية.

  اما في حال السماح بالتدخل الخارجي فمعناها ستبقى الامور كما هي، اي نعود الى المربع الاول وتزداد معاناة الشعب وتنتهك حقوقه من جديد، فتكثر العمليات الارهابية، ويستشهد الابرياء، وتكثر عدد الارامل، وتسرق احلام الطفولة، ويزداد المتسولون، وتنتشر الجريمة لزرع الرعب والخوف في صفوف المجتمع، ويترك المزيد من المواطنين منازلهم قسريا ً، ويهاجر خيرة شباب الوطن الى دول المهجر بحثا ً عن الحرية .. وهل نبقى نتفرج على ما يفعله سياسيو الصدفة في تخريب وتدمير ما تبقى في بلد اسمه العراق.