حتى لا تعيد الكوتا قضية شعبنا إلى المربع الأول / جورج هسدو

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 20, 2013, 08:47:48 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

حتى لا تعيد الكوتا قضية شعبنا إلى المربع الأول



جورج هسدو
g_hasado@yahoo.com

قرار منح مقاعد محجوزة سلفاً للأقليات أو ما سميت بالكوتا إنطلق أساساً من فكرة عدم قدرة الأقليات على تحقيق تمثيل سياسي خاص بها في مجلس النواب بسبب عدم قدرتها على المنافسة وفق آلية الانتخاب العام، حيث أن مجلس النواب العراقي كان سيكون خالياً من ممثلي الأقليات في حال عدم إقرار مقاعد خاصة بهم، وهو الأمر الذي يتعارض مع مفاهيم الديمقراطية والعديد من المواثيق والقوانين الدولية، لذلك كان لابد من نظام يضمن تمثيل الأقليات في البرلمان فجأت الكوتا.. لكن هل حل قانون الانتخابات مشكلة تمثيل الأقليات بتخصيص مقاعد خاصة بهم دون حصر التصويت لها بالمكونات المعنية؟، وهل نجحت الأقليات في استثمار نظام الكوتا لضمان حقوقها وتسجيل حضورها بعيداً عن تدخل الأغلبيات؟، والأهم هل استفادت الأقليات من الكوتا أكثر مما استفادت من تمثيل بعض أبنائها في القوائم العامة لما يخص إيصال صوتها وطرح مشاكلها والمطالبة بخصوصياتها وحقوقها المشروعة داخل الهيئة التشريعية؟.. شخصياً أرى أن الإجابة هي لا.

القبول بمصادرة الكوتا
أسال نظام كوتا الأقليات الذي يحقق مقاعد أكثر بأصوات أقل لعاب الأغلبيات التي سارعت إلى استثمار الثغرات القانونية لمصادرة كوتا الأقليات لصالح أجنداتها الخاصة، فسارعت أحزاب الأغلبية (وخاصة تلك التي تعودت فرض وصايتها على الأقليات) إلى دس أنفها في موضوع كوتا الأقليات لمصادرتها وتفريغها من محتواها.. لكن المؤذي في الموضوع هو إنجرار الأقليات أو بعبارة أدق بعض عناوينها السياسية للقبول والمشاركة بمصادرة حقها الشرعي من قبل الأغلبية في إفراغ شخصيتها المعنوية من محتواها والتفريط بمكاسبها السياسية.. وهو ما حصل في دورتين انتخابيتين لبرلمان اقليم كردستان العراق، عندما قبل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري بمصادرة الحزب الديمقراطي الكردستاني للكوتا من خلال الإيعاز لأنصاره بالتصويت للأول، وأفضى بالنتيجة إلى وصول ممثلين (لأقلية) مفرغين من المضمون ومسيرين من قبل (الأغلبية).

المشاركة في مصادرة الكوتا
بعد أن ساهمت بعض عناوين شعبنا في مصادرة الكوتا المخصصة لنا كأقلية من خلال إنجرارها خلف برامج وطروحات (وبالتأكيد أموال) الأحزاب الكبيرة، وبعد أن نجحت أحزاب الأقلية في ايصال أكثر من نائب إلى البرلمان بأصوات الأغلبية، وبعد أن فشلت من إدعت معارضتها لمصادرة الكوتا بسبب ضعف أدائها وهشاشة مواقفها وتراخي معارضتها.. لجأت أحزاب أخرى (للاستنجاد) بالأغلبيات في دعم مرشحيها بغية الوصول إلى البرلمان حتى ولو كان على حساب قرارها المستقل ومواقفها الحيادية، وهو ما لوحظ في أصوات قائمة الرافدين في انتخابات برلمان اقليم كردستان الأخيرة ومشاركة الحركة الديمقراطية الأشورية في مصادرة الكوتا بمباركة من تيارات محددة داخل أحزاب السلطة.. وذلك عن طريق ضخ قرابة ألفي صوت على الكوتا من خارج إطار شعبنا (ولأول مرة) من مركز محافظة السليمانية وأطرافها إضافة إلى بعض الأقضية والنواحي النائية التابعة لمحافظة أربيل من المناطق التي ينعدم فيها تواجد شعبنا أو لا يتجاوز بحده الأعلى عشرات العوائل، والملفت أن تنظيم العملية كان من الدقة والترتيب العالي بحيث يصعب ملاحظته دون الوقوف على سجلات التصويت، بحيث توزعت الأصوات على عشرات المراكز وأكثر من ألف محطة انتخابية بمعدل 1 – 3 صوت لكل محطة وبرقعة جغرافية واسعة.

التشجيع على مصادرة الكوتا
لقد ساهم قبول أحزاب شعبنا بتدخل الآخرين في موضوع الكوتا والتسابق على المشاركة بمصادرتها لصالح الأغلبيات والأحزاب الكبيرة في تشجيع أطراف أخرى على التدخل في الكوتا المخصصة لشعبنا، كما وفر ذلك لبعض اللاهثين خلف المناصب بيئة ملائمة لهم في لجوئهم إلى الأغلبيات من أجل تحقيق غايتهم الشخصية بالوصول إلى البرلمان، وهو ما كان بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على (مضمون) كوتا شعبنا.. وللتأكد من ذلك ليس علينا إلا أن نستعرض قوائم شعبنا المزمع مشاركتها في انتخابات مجلس النواب العراقي 2014، حيث سنرى قائمة مدعومة من الحزب الديمقراطي الكردستاني وأخرى مدعومة من الاتحاد الوطني الكردستاني وثالثة من الحزب الشيوعي العراقي ورابعة من حزب الدعوة الإسلامية وخامسة من التيار الصدري، كما سنلاحظ قوائم مدعومة من شخصيات مثل رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، لكن الأكثر تشوهاً وغرابة وفي نفس الوقت حرجاً وطرافة هو أن نسمع إن لشعبنا قائمة (مدعومة) من وزارة البيئة!!.

النتيجة هي العودة لوصاية أحزاب الأغلبيات
تأسيساً على ما سبق فمن الوارد أن يتمثل شعبنا في البرلمان العراقي القادم بخمسة نواب تابعين لأحزاب من خارج بيتنا القومي أو موالين لمرجعيات من الأغلبيات، وهو ما يعني من جانب تفريغ الكوتا الخاصة بشعبنا من خصوصيتها كما يعني من جانب آخر النيل من مكانة أحزابنا القومية وإضعاف ثقة جمهور الناخبين بمشاريعها.. وبالتالي العودة إلى المربع الأول الذي إنطلقت منه قضية شعبنا السياسية ورهن قراره بإرادة الكبار والقبول بوصاية أحزاب الأغلبيات على مفردات قضيتنا القومية وربط مصير شعبنا بالمواقف السياسية لأحزاب السلطة وإفراغ الكوتا من مضمونها القانوني المرتبط بحق الأقلية في إختيار ممثليها.. بمعنى أن كل ذلك النضال وتلك التضحيات وتحديات المسيرة التي تحملتها أحزاب شعبنا وما دفعته من ضريبة العمل القومي المستقل منذ عشرات السنين، سوف يتم التفريط به ونسيانه من أجل مقعد برلماني أصبح يلبي رغبات صاحبه أكثر من تحقيقه لطموحات الشعب.

إذن، ما هو الحل؟
برأينا أن لا حل لمشكلة مصادرة كوتا شعبنا إلا بالعودة إلى أساس الفكرة التي أُقرت الكوتا من أجلها، وهو منح فسحة (حقيقية) للأقليات لتحقيق ذاتها السياسية عن طريق ضمان تمثيلها في الهيئة التشريعية، والإبتعاد كلياً عن تبرير الفشل في التصدي لحصر التعاطي مع الكوتا بشعبنا بعدم استعداد المقابل لإقرار ذلك.. فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى إعادة ثقة شعبنا بنفسه بعد أن فقدها نتيجة الإنكسارات والخسارات المتواصلة، لذا فأن أي حديث عن حقوق الإنسان ومراعاة حق الفرد في الإختيار أو التحجج بالآليات والجوانب الإدارية والفنية والمالية لا يعدو أكثر من ترف تنظيري ومراوغة سياسية.. وعليه فأن السبيل الوحيد لتحقيق الغاية المرجوة من الكوتا وجني ثمارها الانتخابية بالصورة التي يستفاد منها شعبنا (سياسياً) هو حصر التعاطي معها بشعبنا وإبعادها عن تأثير الأغلبيات، فعلى سبيل المثال يمكن المطالبة بحصر الترشيح لكوتا شعبنا بأحزابنا القومية والمستقلين ومنعه عن المنتمين لأحزاب الأغلبيات، ومن الضروري الإصرار (ثم الإصرار) على المطالبة بحصر التصويت بأبناء شعبنا.. حيث بخلافه فأننا نرى بأن حق الكوتا سيفرغ من محتواه الأصلي شيئاً فشيئاً، وأن الأحزاب الكبيرة ستستولي على المقاعد المخصصة لشعبنا وتعود لفرض وصايتها على قضيتنا القومية وأن الأغلبيات ستصادر قرارنا السياسي.. عندها سيكون من الأفضل أن يتم إلغاء الكوتا، فربما يكون ذلك دافعاً لأحزابنا التي تتشدق برفع راية القومية وأنها الحريصة الأولى على مصالح شعبنا لأن تأتلف وتجتمع وتشارك بقائمة واحدة، حتى وأن جاء ذلك على حساب العدد، فالقليل الحقيقي هو دائماً أفضل من الكثير المزيف.