كرم حبظلمي وعطايا زنكلونية / كاظم فنجان الحمامي

بدء بواسطة jerjesyousif, فبراير 13, 2015, 09:01:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

jerjesyousif

كرم حبظلمي وعطايا زنكلونية

كاظم فنجان الحمامي

الحبظلمية: تعني الأوضاع الهلامية المبهمة التي لا تعرف الثبات والوضوح والاستقرار، وهي صفة مقتبسة من شخصية زئبقية انتهازية. ظهرت في الحقبة المظلمة على يد رجل مراوغ يدعى (حبظلم بظاظا). أما الزنكلونية فمقتبسة من مسلسل (الزنكلوني)، وهو عمل كومديدي عرضه التلفاز في السبعينيات. من بطولة الفنان الساخر (محمد رضا)، فكان هو (الزنكلوني) الذي دأب على ارتكاب الحماقات المتوالية بمحض إرادته، وكان كلما يرتكب هفوة من هفواته. تظهر الفنانة (آثار الحكيم) لتوبَّخه بعبارتها، التي ترددها دائما في نهاية كل حلقة، فتقول له: (تاني يا زنكلوني ؟؟).
قبل أيام قرأت مقالة للكاتب (علي وتوت). تناول فيها تناقضات الدولة العراقية في مراحلها المتذبذبة بين سخائها وكرمها المفرط مع الشعوب الأخرى، وبين جفافها وبخلها وتقشفها وتقتيرها مع شعبها، فتذكرت الزنكلوني وسلوكه الحبظلمي.
دولة مقامرة مغامرة. انفردت منذ زمن بعيد بقراراتها العجيبة. التي تنازلت فيها من دون وجع قلب عن مساحات شاسعة من حدودها وأراضيها لصالح الأردن والسعودية والكويت وإيران، لكنها ظلت تتعامل ببخل شديد مع أبناء جلدتها الذين يعيشون في الأكواخ البائسة، ولا يملكون شبراً واحداً فوق تربة هذا الوطن السخي. ثم جاءت أكواخ الحواسم لتظهر التداعيات المزرية لهذه المواقف الزنكلونية.
دولة هرع زعماؤها لمواساة أسرة الطيار (معاذ الكساسبة)، وتعويضهم بمبالغ برمكية لا يصدقها العقل، لكنهم لم يواسوا أسر شهداء مجزرة سبايكر، ولم يعوضونهم بمثل التعويضات التي وهبوها للكساسبة، ولم يكلفوا أنفسهم مشقة تعويض شهداء الحشد الشعبي. بالأمس قريب سارعت مصر لتعويض أسر ضحايا الازدحام في ملاعب كرة القدم (مباراة الزمالك) بمبلغ (100) ألف جنيه لكل أسرة. بما يزيد على (13) ألف دولار على الرغم من شحة مواردها المالية.
دولة كريمة جداً تبرعت قبل بضعة أيام للأسر العربية (الفلسطينية) بمبالغ فلكية تكفي لبناء مجمعات سكنية متكاملة لإيواء مئات الأسر المسيحية والأيزيدية، التي تعرضت للتهجير القسري، ففرت مذعورة على وجهها في الهضاب والوديان.
دولة تبرعت لمصر في السبعينيات بأسراب من طائرات الميراج، وتبرعت لها بكميات هائلة تقدر بمئات الأطنان من مخلفات الحديد والسكراب لمعامل (حلوان) في الحقبة التي كان فيها الشعب يرزح تحت خط الفقر والتخلف.
دولة خواردة من الطراز البرمكي. تبرعت وحدها في الثمانينات بتعويض المنازل، التي اكتسحتها البلدوزرات الصهيونية، حتى قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت): نحن نهدم بيوت العرب والعراق يعوضهم من جيبه. ثم تبرعت حكومتنا الحكيمة في التسعينيات بنخيلها وفسائلها، فشحنتها بحراً إلى إمارة أبو ظبي في عنابر السفينة (بيرل أوف دبي)، في مبادرة سخية منها لإنعاش أشجار النخيل في الإمارات عن طريق اجتثاثها من بساتيننا. وما أن وقعت علينا مقصلة الحصار الظالم حتى تبرعت الحكومة بمبلغ (100) مليون دولار لفقراء أمريكا، في مبادرة ساذجة لا تخطر على بال أغبى الأغبياء.
أما أكثر المواقف الحبظلمية التي جسدت حماقات الدولة الزنكلونية، فهي عندما تبرعت في نهاية التسعينيات بمئات الملايين من الدولارات للشعب الموزمبيقي الشقيق. الأمر الذي اضطر أحد شعراء البصرة الظرفاء لكتابة قصيدة ساخرة غير قابلة للنشر، يقول فيها:-
مدري أبـﭼـي على موزمبيق مدري أبـﭼـي على همي
أبوي استشهد بتشرين وخذوا حقي وحق أمي
فما الذي اختلف اليوم عن تلك الهبات الحنقبازية والعطايا الخنفشارية في ظل التوجهات الحبظلمية والإفراط الزنكلوني المتواصل تحت خيمة هذا السيرك السياسي.
والله يستر من الجايات

وردني بالايميل من الاخ كاتب المقال مشكورا في 2015/2/13/ جرجيس يوسف