تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

وحلّ شتاءُ العمر/ شمعون كوسا

بدء بواسطة matoka, يوليو 04, 2014, 06:53:27 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

وحلّ شتاءُ العمر








برطلي . نت / خاص للموقع



من بين الرسائل الالكترونية التي تجوب العالم والتي تقع لديّ بعض منها ، وجدت احداها بنظارة  الخبر الحار ،  قرأتها مرتين فاعجبت بها واحتفضت بها لكي تسعفني اوقات يملّ الخيال وتخف خصوبته في التواصل في مشاريعه . الرسالة تصف بشكل جميل وواقعي شتاء العمر ، نقلتها من الفرنسية ببعض التصرف ، فهي تقول :

هل تعرف بان للزمن طريقته الخاصة للمضيّ بسرعة لا تتيح لك الفرصة لتشعر بجريان سنواته ..
يبدو باني  كنت اصغر سنا يوم امس . لقد تعاقدت مع شريك سيرافقني طوال الحياة ،  وخضت المغامرة في حياة جديدة . اليوم  أتساءل : اين ذهبت هذه السنوات بايامها واسابيعها وشهورها ؟ انا اعرف باني عشتها باكملها وفقاً لآمالي واحلامي ، كما كنت اراها  حينذاك . ولكن شتاء عمري دخل البيت دون استئذان ، وعندما رآني مندهشا ، أشّر باصبعه الى ساعته مبتسما وكأني به يقول إن الموعد كان محسوبا. كيف وصلتُ الى النهاية بهذه السرعة ؟ اين ذهبت كل سنواتي واين فرّ  شبابي واختبأ ؟ اتذكر جيدا اشخاصا مسنين أراهم كل يوم ، وكانوا كلهم اكبر منّي ، كان شتائي بعيدا جدا آنذاك ، ولم يخطر ببالي موعد شتائي ، لاني لم أكن اتصوره اصلاً !
لقد اقتحم الموسم الاخير بيتي  ، فجلس بقربي ، بل لازمني الى حدّ الالتصاق . عندما رأيته ثابتا لا يتزحزح ، فهمتُ بانه سوف لن يغادر قبل مغادرتي . اصدقائي هم متقاعدون ، وقد وضع الدهر يده على رؤوسهم ليلبسهم قبعات رمادية تميل الى البياض . ومِن بينهم من حدّد لهم الدهر البطؤ علاجا . بعضهم حافظوا على لياقتهم وبعضهم لا  .. ولكني ارى تغييرا كبيرا . كنت قد اعتدت على الجلوس في بعض الحدائق لاستعرض من يتقدموني سنا ، ولكني لم افكر يوما باني ساغدو مثلهم .
اليوم اشعر بان مجرد الاستحمام اصبح بالنسبة لي عملية صعبة . والخلود الى القيلولة لم يعد ترفاً بل ضرورة ، لاني اذا لم اقم بها طوعا فانها تفرض نفسها حال جلوسي على المقعد . لقد دخلت اليوم موسما جديدا من حياتي دون ان اكون مهيئا لِمتاعِبه وآلامه ، لقد خارت قواي وفقدتُ رشاقة حركاتي ، لم تعد لي القدرة على القيام بالامور كما كنت ارغب . لكن ما هو مؤكد الان  هو ان شتاء العمر قد حل ّ ،  أنا اجهل مدة اقامته لاني لا اعرف إن كان هو ضيفي أم انا في ضيافته !!
نعم انا نادم لبعض الامور التي كان يجب عليّ عدم القيام بها ، وآسف على اخرى كان يجب عليّ المحاولة لانجازها . فاذا لم تكن ، يا صاحِ ،  قد استهللت موسم شتائك ، إعلم بان الوقت يمرّ بسرعة لا تشعر بها . هبّ اذن بسرعة ولا تؤجل أمرا ، لان الحياة قصيرة ، وها انا في محطتي الاخيرة اعترف لك بذلك .
قم حالا ونفذّ ما تقوى عليه اليوم ،  لانك غير ضامنٍ نهاية شتائك ، هل هي بعيدة أم تقتصر على يوم غد . لسوء الحظ ، ليس لديك أيّ تعهد مختوم يوضح بانك ستعيش كافة مواسم حياتك . ولاجله اقول لك : عش حياتك اليوم ، ونفّذ كلما تحلم به من أجل من تحبهم لكي يتذكروا ..  . اذا كانت الحياة بالنسبة لك هدية فان طريقة عيشها ستكون هدية للذين سيخلفونك ، فاجعلها رائعة ، عشها جيدا . تمتع اليوم ، قم بشئ مسلّ وكن سعيدا .
تذكّر بان الثروة الحقيقة في الحياة هي الصحة وليس الذهب او الفضة . لذا عش حياتك بعمق في كل يوم نهضت فيه ورأيت نور الشمس وانت في كامل قواك .  يجب ان تعرف بانك كل يوم تغدو أكبر عمرا ، فاحيَا اذن يومك الذي انت فيه إن طال ام قصر . الخروج مفيد ولكن العودة الى البيت أفضل .
لقد بلغت مرحلة  تنسى فيها أسماء الناس ، هذا ليس مهما لان هنالك الكثيرين ممّن نسوا بانهم يعرفونك . تشعر بانك لم تعد صالحا للقيام بشئ .. الاشياء التي تحب القيام بها لم تعد تعجبك ، انك تجد راحتك بالاستلقاء على كرسي امام التلفار أكثر من النوم في سريرك .
تميل الان الى طرح الاسئلة بجمل تبدأ بالادوات : ماذا ، متى ، مَن ، أين ، كيف ولماذا .  أصبحت تشتكى من دور النشر التي تستخدم في مطبوعاتها حروفا صغيرة  . انك ترى  المدن والقرى متباعدة وحتى زوايا الشوارع تراها كذلك ،  وترى بان الارصفة غدت عالية  . النقاط التي كانت في زمنها نمشا على وجهك ، قد استقرت الان واتخذت لونا اسمر . وفي خزانة ملابسك التي تحوي ثلاث مقاسات ، اصبح اثنان منها غير صالحة لك .
إن القديم صفة تحمل معنى جميل كالقول مثلا : فلم قديم ، اغنية قديمة ، ولفكن الاجمل تبقى لفظة صديق قديم.
انها افكار شيخ جليل يصف شتاء عمره ، قد لا يأبه لها من هم في اوائل مواسمهم ولكني اعتقد بان من شارفوا على موسم الشتاء سينتبهون له . 






Matty AL Mache