فـي عيـد الحـب فالانتاين يشعل حرائق العشاق / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 11, 2015, 11:16:37 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكســــــــة
فـــــــي عيـــــــــد الحـــــــــــب
فالانتاين يشعل حرائق العشاق


برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللـــــــه فــــــــــرج
Malalah_faraj@yahoo.com
    ....................................

مثل موكب ملك اسطوري، تحف بجوانبه الاضواء والفراشات الحمر وخفق قلوب الاحباء وآهات العاشقين وعناق المحبين والقبلات المختلسة بين حين وحين وخفق القلوب المترعة لهفة واشتياقا والزهور والدببة الحمر وكلمة (احبـــــــك) مطرزة بالنبض والاشتياق، يشق موكب قديس الحب فالانتاين موكبه البهي في الرابع عشر من شباط من كل عام مبشرا بالمحبة ومفجرا ينابيعها ومؤكدا ان الانسان الحقيقي كتلة من الحب الذي بمقدوره ان يهزم كل ظلمات الاحقاد والبغضاء والكراهية من اجل ان تستمر الحياة ويزهر حاضر الانسانية وعدا مجيدا بمستقبل سعيد.
في هذه المناسبة التي تغادر فيها الكرة الارضية كرويتها لتتحول الى قلب كبير تهمس نبضاته برومانسية وحنان لكل انسان (احبـــك .. احبــــك .. احبــــــك) تنثال في الذاكرة صور وحكايات عن قصص حب عشنا تفاصيلها واخرى كنا شهودا عليها وثالثة اوجعت القلب وادمته باحزانها ومآسيها، ولعل أروعها وأنقاها بل وأصدقها ، تلك القصص والتجارب العاطفية البكر في زمن الطفولة.

اولى تلك القصص كانت لأحد زملائنا في الدراسة المتوسطة وكنا حينها طلابا في الصف الاول في متوسطة الحدباء بالموصل، ورغم صغر سننا الا اننا كنا اكثر نضجا واكبر وعيا من اعمارنا وبالتالي أرهف احساسا واشد جرأة بمشاعرنا، فقد ارتبط  احد زملائنا بقصة حب مع طالبة في مثل سنه، وتواعدا على اللقاء الاول في موقف حافلة نقل الركاب التي ستأخذهما في جولة الى الدواسة، واراد ولاول مرة في حياته ان يرتدي ربطة عنق رغم صغر سنه وحجمه وقصر قامته ولما لم يكن يملك ثمنها البالغ (350) فلسا حسب اسعار محلات (السرجخانـــــــة) آنذاك فقد نظمنا حملة جمع تبرعات (عاطفيــــــة) وجمعنا له نصف سعرها، وقتها كانت حصتي من التبرعات (35) فلسا وهي كل ما كنت املكه.
تأنق زميلنا وتعطر وصبغ حذاءه ودهن شعره وحفظ ابياتا من قصيدة عاطفية وسرق قنينة عطر نسائية نوع (باتـــــــرا) من شقيقته الكبرى كان سعرها انذاك (200) فلس دون ان تعلم ليقدمها هدية لحبيبته وذهب ( قيــــــس) للموعد العاطفي الاول في حياته، وكانت ( ليـــــلاه )بانتظاره حيث صعدا الى حافلة نقل الركاب وجلس الى جانبها ونحن نراقبهما عن بعد ليفاجأ عندما حضر( الجابــــــي) لاستحصال ثمن تذكرتيهما منه بانه لشدة ارتباكه وقلقه وتسرعه قد نسي نقوده المتواضعة في البيت فما كان من حبيبته الا ان تتحمل ثمن التذكرتين لتصبح قصته مثار تندرنا وسخريتنا كلما التقيناه ونحن نهمس له مقهقهين (مصـــــــلاوي ما ينغلــــــب!).
اما القصة الثانية فقد كانت من نصيبي، وكنت حينها في الاول المتوسط ايضا وفي المدرسة ذاتها، وفي احد دروس اللغة العربية كنت احاول كتابة اول قصيدة في حياتي لاهديها لحبيبتي محاولا استرضاءها بعد خصام بيننا، وقد بدأتها بالآتي (حبيبتـــي.. اقتلينـــي حطمينــي.. مزقـــي قلبــي.. احرقينــي.. لكـــن لا تهجرينـــي)، ولم افطن وانا غارق في (شاعريتــي تلــــك وكاننـــي المتنبـــي أو امــــرؤ القيــــس) الى ان مدرسنا العصبي جدا والمتدين جدا جدا، والقاسي جدا جدا جدا (ســيد طـــه) كان يقف ورائي يقرأ ما كنت اكتبه دون ان احس به .
ولم اشعر الا باصابعه تختطف القصيدة بقوة وبصفعة شديدة على وجهي وهو يصرخ بي كالمجنون (ولــــك انـــت بطــــول القنــــدرة وصايـــرلي عاشـــق) ليطردني من الصف في تلك الحصة، لم احزن (لــــذلك العــــدوان الارهابــــي الاهــــــوج)  بقدر حزني على اول قصيدة لي اغتالها (ســيد طـــه) دون رحمة او شفقة.
وفي ذلك الزمن الجميل ايضا الذي مر علينا مثل الحلم ، كنا نتسابق في الاستماع الى واحد من ابرز البرامج الذي كان له مساحة استماع واسعة بين الشباب والشابات في الموصل ذلك هو البرنامج  اليومي (ما يطلبـــه المســــتمعون مــــن الالحــــان والاغانــــي الغربيـــــة  ) الذي كان يذاع في التاسعة مساءا من القسم العربي لاذاعة صوت امريكا ، وكنا نتسابق في ارسال رسائلنا الى الاذاعة على صندوق البريد الخاص بها في بيروت   ونهديها لاصدقائنا والبعض لحبيبته دون ذكر اسمائهن طبعا حرصا على سمعتهن , لكن   زميلنا (روميـــــــو) تهور ذات يوم  واهدى اغنية المطربة (كونـــي فرانـــسس) التي كان عنوانها على ما اذكر ( I  who have nothing but I love you     ) الى حبيبته وجارته (جوليـــت ) وذكر اسمه واسمها ليفجر فضيحة كنت اشبه بعاصفة مدوية قادت الى معركة بين العائلتين ولولا تدخل الحكماء ربما لسالت انهار الدماء على الرغم من (روميـــــو)  انكر بالطبع بانه كان يقصد ابنتهم.   
اما قصة الحب الرابعة فقد كانت عجيبة وغريبة، اذ فوجئنا ذات يوم  بموظفة جديدة منسبة الى دائرتنا، وكانت غاية في الجمال والرقة وتتطاير منها الاناقة والروائح العطرة هنا وهناك لتصيبنا بالدوار، حتى ان أحد الخبثاء علق (ومـــا خفــــي مـــن بقيـــة الروائــــح كــــان اعظــــم).
وفجر اعتدادها بشخصيتها وكبريائها وجمالها الاخاذ سباقا محموما بين رغبات الجميع للاستحواذ على مشاعرها واقامة علاقة عاطفية معها، بل وتراهن ثلاثة من الزملاء على ان كلًّ منهم قادر على استمالتها وجعلها حبيبته، وتنفيذا لرهانهم اتفقوا على ان يجلس كل يوم احدهم الى جانبها في حافلة الدائرة بعد انتهاء الدوام محاولا استمالتها باسلوبه الخاص.
بعد اسبوعين نجح احدهم في اقامة علاقة عاطفية معها وربح الرهان، لكنه بعد ذلك احبها بصدق وجنون كما احبته بل وتقدم لخطبتها، وخلال استعداداتهما للزواج دفعه غباؤه ان يفاخر بنفسه وبتأثيره وقص عليها تفاصيل الرهان، فما كان منها الا ان تنفجر غاضبة وترمي خاتم الخطبة بوجهه وتؤنبه بقسوة وتنهي تنسيبها وتعود لدائرتها الاصلية وباءت كل محاولاته لاسترضائها ومصالحتها بالفشل، فقد اعتبرت تصرفه امتهانا لكرامتها كانسانة وهكذا وضع الغباء نهاية لقصة حب عصماء.
اما قصة الحب الاخيرة فقد كانت لزميل اخر ايضا في احدى المؤسسات الاعلامية، فقد احب زميلته بعنف لكنه احجم عن مصارحتها خشية ان ترده فقد كانت ذات شخصية قوية تفرض احترامها على الجميع.
وكلما كنت اسأله وانا اتلمس لهفته واشتياقه وقلقه: متى ستصارحها؟ كان يجيب في الاول من نيسان، ولما استفسرت ولماذا في هذا اليوم بالذات؟ اجاب لانه يوم الكذب العالمي، فان استجابت خير على خير وان رفضت واحتدت وانفجرت غاضبة، ساحتوي غضبها وادعي بانني كنت امازحها واكذب عليها في يوم الكذب العالمي، ونفذ مخططه فعلا واستجابت له وتكلل حبهما بالزواج، فشتان بين تصرف غبي اهوج وبين تصرف ذكي انضج.

مع اطلالة عيد الحب لا يسعني الا اطلب من فالانتاين ان يملأ قلوب السياسيين والمسؤولين ولاسيما الفاسدين، حبا وحنينا في هذا الزمن الحزين علهم يقفزون فوق تناقضاتهم وينصفون هذا الشعب المسكين .
ولا يفوتني ان اتمنى لكل زملاء الطفولة الرائعين ولكل العشاق المتلهفين ولكل الاحبة الغائبين عيدا مباركا بالمحبة مزدانا بالتوافق والسعادة، ولا انسى ان اردد وانا استعيد في الذاكرة زمن الطفولة الجميل :

رعـــا اللــــه زمنـــا للطفولـــة كــم كــان رائعــــا
وآه مــن ســــباق العمــــر كـــم كـــان مســـــرعا