في ذكرى( الشهداء السريان) نستذكر مجازر ارتكبت بحق الشعبين السرياني والارمني على

بدء بواسطة وسام موميكا, يوليو 31, 2013, 10:16:21 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

وسام موميكا

في ذكرى( الشهداء السريان) نستذكر مجازر ارتكبت بحق الشعبين السرياني والارمني على ايدي الاتراك


وسام موميكا - بغديدا السريانية

مقدمـة

من المتعارف عليه أنّ المؤرّخين يولون اهتماماً خاصـاً وكبيراً بالتحديات المصيرية التي تواجهها الشعوب ، أو المآسي التي تختبرها بعض الأمم وتعاني من ويلاتهـا. وغالبا ما يشتهر مؤرّخ ما ، لأنّه أرّخ لمرحلة حاسمة كانت تعتبر منعطفاً تاريخياً في حياة المجتمع الإنساني .

منذ مذبحة العام 1915 ظهرت كتب عديدة تناولت نشوء الإمبراطورية العثمانية وتطورها وانحـلالها ، كتب معظمها مختصّون غـربيون وشرقيون اهتموا بالأزمات السياسية والاقتصادية والقومية والاجتماعية وحتى الثقافية لدى العثمانيين،  غير أنّنا لم نعثر حتى الآن على كتاب واحد يتناول أيديولوجية الأتراك القومية التي تطورت مع بداية القرن العشرين ، والتي نشأت منها عنصريّة عرقيّة دينيّة حرّضت العثمانيين الأتراك على تغيير نظرتهم إلى الأقلّيات وتعديل موقفهم منها ، وبالتالي ، الإقدام على تصفيات جماعية لهذه الأقلّيات. ليس هناك من أرّخ للمذابح ، ما خلا بعض الكتّاب الأرمن ، التي أودت بحياة أكثر من مليوني أرمني وربع مليون سرياني . وليس هناك أيضاً من يحدّد بدقّة علميّة السياق العام للأحداث العالمية والشرق أوسطية التي سبقت المذابح أو عاصرتها ، ومدى الدور الذي قامت به تلك الأحداث في التحريض على تصفية السريان الذين اشتهروا منذ فجر المسيحية باهتمامهم بالقضايا الثقافية والعلمية تلك القضايا التي من أجل نشرها وتطويرها بنوا جامعات  جنديسابور، والرها،  ونصيبين ، ورأس العين،  ولافات ، التي درّست ونشرت علوماً يونانية وسريانية ساهمت كثيراً في تطوّر الشعوب البيزنطية والفارسية والعربية والعثمانية وتقدمها


في أيّار سنة 1915 قرّر طلعت باشا ترحيل الأرمن الذين " لا يؤتمن جانبهم " من مناطقهم وإعادة إسكانهم في منطقة الصحراء السورية وبلاد ما بين النهرين ، متناسياً أنّ أغلبيّة السريان الأرثوذكس هي في ألوية ما بين النهرين مثل ديار بكر وماردين وأورفه وخربوط ، وأنّه قد يلاحقهم الأذى من جرّاء ذلك ، ولقد وعد أنّ جميع ممتلكاتهم وأمتعتهم ستصان وتحفظ حتى عودتهم. ولعلّ أفضل المصادر التي تشرح ما حدث هو المؤرّخ المشهور "ارنولد تونيبي" حيث يقول:

كان القصد من هذه المجازر إذلال المسيحيين ، وإبقاء نسبة 10% منهم فقط على قيد الحياة ، والعمل على إبـعاد هذه النسبة الضئيلة عن الإمبراطورية العثمانية نهائياً. وبالطبع ، نالت المجاعة والأمراض قسطها من الضحايا لتزيد من عظَمة المأساة. ونتيجة هذا قضي على أكثر من مليون أرمني، وذلك حسب إحصائيات جمعية حقوق الإنسان في هيئة الأمم ، وعلى ما يقارب 272 ألف سرياني منهم 96 ألف شهيد في مدينة ماردين فقط.

في حالات المجازر والإبادات الجماعية يتفاوت تقدير عدد الضحايا ، فثمّة من يقلّل من العدد وثمّة من يزيد منه . والحقيقة أنّه ليست هناك إمكانيّة لتحديده تماماً.  فإذا أخذنا تقديرات هيئة الأمم وأضفنا إليها ما يقارب النصف مليون من السريان وبقيّة الأقليّات المسيحية ممّن قتلوا أو قضي عليهم بالجوع أو العطش أو التعب أو المرض، نستطيع أن ندرك مدى فظاعة النكبة التي بلي بها الشعب المسيحي عامّة . لقد كتب آرام أندويان التالي:

لقد استبدلت حكومة " تركيا الفتاة " الأرمن والسريان بالأكراد والأتراك ، وبدّلت كلّ الآثار الحضارية وأسماء الكنائس والأديرة . ولعلّ أفضل من عبرّ عن خسائر السريان المطران غريغوريوس يوحنّا إبراهيم مطران حلب في كتاب " مجد السريان " حيث كتب يقول:

لقد أودت الحرب بحياة حوالي مائة ألف سرياني في مختلف الأبرشيات وتركت وراءها عددً كبيراً من الأيتام والأرامل وضعضعت معظم الأبرشيات المهمّة ، لا بل قضت على بعضها بسبب هجرة أبنائها الى بلاد الله . ودمّرت كنائس كثيرة وأديرة تاريخية في بلاد ما بين النهرين لعبت دوراً مهماً في سالف الأزمان في نشر الحضارة والمدنية ، وتبعثرت المخطوطات الثمينة والذخـائر النفيسة والمكتبات الشهيرة ، وخلقت جوّاً كئيباً في حياة السريان أينما كـانوا ، وخسر السريان كمجموعة وكأفراد  ممتلكاتهم من أموال منقولة وغير منقولة . وبالتالي تفـكّكت وحدة الطائفة الجغـرافية بالتقسيمات السياسية التي جاءت كتحصيل حاصل لمـخططات الاستعمار . وصحيح أنّ نهضة جديدة قامت في ربـوع سورية ولبنان بإعادة تشكيل أبرشيات سريانية في كـل منهما ، ولكنها كانت على حساب أبرشيات أخرى سريانية زالـت من الوجود.

ولكنّ الحكومة العثمانية ، حينذاك ، لم تعطِ  أيّ تبرير أو سبب دفعها لقتل السريان!!!

ويظهر أنّ إبادة الأرمن والسريان وترحيلهم من تركيا كانا من نتائج الثورة الوطنية التركية ومرحلة من مراحل تطوّر قوميّتها ،و لفهم القومية التركية وكيفية إسهامها في قيام الإبادة الجماعية تجب مقارنتها مع العثمانية والنزعة الإسلامية . في القرن التاسع عشر كانت العثمانية هي الأيديولوجية المهيمنة في فترة الإصلاح أو " عهد التنظيمات "،

وإنّ أبا القومية التركية في موافقته ، ودون تردد،  على ترحيل الأرمن والسريان وإخراجهم من أرض الوطن ، ثمّ استبعاده الأقلّيات من اهتماماته الأخلاقية ، يؤكّد أنّ مفهومه للقومية ومنطلقاته الأخلاقية مختلفة كثيراً عن العثمانية التي وإن كانت قد قامت بمجازر 1894-1896 ، إلاّ أنهّا منحت الأقليات مكاناً في الإمبراطورية وحدّدت بعض السلوك الأخلاقي والواجبات السياسية لجميع الملل وحتى للحكّام أنفسهم .


كما تدخّلت قوى الحلفاء حال سماعهم أخبار هذه المأساة في 24 نيسان سنة 1915.  وأعلنت " أنّه في تحقيقيها حول الجريمة الجديدة التي تقدم عليها حكومة الدولة العثمانية (الباب العالي) ضدّ الحضارة والإنسانية ،  قرّرت بأنهّا ستعتقل جميع أفراد الحكومة التركية والموظفين الذين اشتركوا في هذه المذابح لأنهّم مسؤولون شخصياً عليها " . وفي كانون الثاني سنة 1918 أعلن رئيس وزراء بريطانيا لويد جورج أنّ " بلاد ما بين النهرين، وأرمينيا، وسوريا، وفلسطين جديرة في أن يُعترف باستقلالها القومي . تصاريح أخرى أرسلتها فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية،  وقد حثّت الأخيرة على لسان رئيسها "وودرو ولسون" على:

" تقديم المساعدة للشعبين السرياني والأرمني في محنتهم هذه ".

                                  _______________________________________

•   معاهدة لوزان وموقفها السلبي تجاه شعبنا السرياني والارمني :

والمدهش أنّ معاهدة لوزان لم تأتِ بأيّة ملاحظة أو إشارة أو حتى بكلمة عن الأرمن أو السريان أو أرمينيا في النسخة الجديدة ، وكأنّ لا وجود لهم في التاريخ . مع العلم أنّ الدول الغربية التي وقّعت معاهدة سيفر وطالبت العثمانيين باستقلال أرمينيا وبلاد ما بين النهرين وغيرها، هي ذاتها التي اشتركت في توقيع معاهدة لوزان ، وإن دلّت هذه المفارقة على شيء فإنهّا تدلّ ، وبكلّ وضوح ، على تخلّي الغرب عن الوعود التي قطعها للأقلّيات في معاهدة سيفر ، وربما لأنّ مصالحه الحيوية اقتضت التحالف مع الأتراك على حساب الأقلّيات،،،

وفي أعقاب توقيع معاهدة لوزان طُويت صفحة مذبحة العام 1915، وما عادت قضيّة الاقليات وما تعرّضت له من قبل السلطات العثمانية قضيّة تهمّ الغرب، وتم التعتيم على حقوق الأقلّيات في الأوساط الغربية، التي اقتضت مصالحها واستراتيجيّتها المرحلية التقرّب من تركيا كحليف جديد لها. حتى وسائل الإعلام الغربية تفادت الخـوض في موضوع المذبحة لدرجة انهّا صارت أمراً منسياً،،،

                                    __________________________________

كما إنّ مذابح الأرمن والسريان يجب أن تُفهم لا كإجابة على التحريض والاستفزاز الأرمني فحسب ، بل كردّة فعل على الخسائر التركية وخطوة من خـطوات الثورة القومية التركية . لقد نجحت الثورة في قيام تركيا الحديثة ولكنّها كانت ، في مجرى سـيرها ، على وشك القضاء على شعوب قديمة لها أصالتها وتاريخها،،،،


وبعد هذا الاستعراض والتحليل التاريخي للوضع العالمي والإقليمي والعثماني لا بدّ أن يكون القارئ قد توصل إلى أنّ المذابح التي تعرّض لها الأرمن والسريان وغيرهم ليست نتاج خلاف ديني فحسب ، وإن كان التحريض الديني قد استغلّ  ، ولكن عندما توضع هذه المذابح ضمن إطار تاريخي شامل تمكننا من الإحاطة بعوامل لا تحصى، كلّ منها ساهم بطـريقة مباشرة أو غير مباشرة في تهيئة ظروف هذه المذابح.




المصـادر
_____________________________________
-Ahmed, Feroz.  The Young Turks.  Oxford: Clarendon Press, 1969.

-Andoian, Aram.  The Memoirs of Naim Bey.  London: Hodder & Stoughton, 1920.

-Arlen, Michael J.  Passage to Ararat.  New York: Ballantine Books, 1975.

-Armenian national Committee. The Armenian Genocide 1915-1923, Glendale, California. Armenian Educational    Foundation ,1988

-Davison, Roderic H.  Turkey.  Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall, 1968.
-
-Heyd, Uriel.  Foundations of Turkish Nationalism.  London: Luzac, 1950.

-Hovannisian, Richard. The Armenian genocide in perspective. New Brunswick, NJ: Transaction Publishers, 1986.

-Hovannisian, Richard. Armenia on the Road to Independence.  Los Angeles: University of California Press, 1967.

-Hovannisian, Richard. Reform in the Ottoman Empire, 1856-1876.  Princeton, NJ: Princeton University Press, 1963.

-Lewis, Bernard.  The Emergence of Modern Turkey.  London: Oxford University  Press, 1961.

-Melson, Robert "Provocation Or Nationalism," in The Armenian Genocide In  perspective, ed.  Richard  Hovannisian , New Brunswick, NJ: Transaction  Publishers, 1986.

-Morgenthau, Henry.  Ambassador Morgenthau's Story. Garden City, NY: Doubleday,  1918.

-Sassounian, Harut.  The Armenian Genocide: Documents and Declarations 1915-1995. Los  Angeles:  Abril Printing, 1996.

-Toynbee, Arnold J.  The treatment of Armenians in the Ottoman Empire.  London: H.M.S.O., 1916.

-Toynbee, Arnold J.  A Summary of Armenian History.  London: H.M.S.O., 1916.



Wisammomika
سرياني آرامي