مشاكســــة ضــاع الخيــــط والعصفـــــــور / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, فبراير 02, 2015, 09:39:59 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســــة

ضــاع الخيــــط والعصفـــــــور



برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللــــــه فـــــــرج

Malaah_faraj@yahoo.com

      في الوقت الذي فضحت فيه صفقة اجهزة الكشف عن المتفجرات واحدة من اضخم صفقات الكذب والسمسرة وجانبا حيويا من واقع الفساد الممنهج الذي تضطلع به هنا وهناك (كفـــــــاءات) وخبرات فسادية رفيعة، فقد تعالت الاصوات والمطالبات بالاحتكام لاجهزة كشف الكذب، في جميع العقود والصفقات، دون ان يأخذ بعض (الســــاذجين) بنظر الاعتبار امكانية (تحويـــــــر) مثل هذه الاجهزة وابطال مفعولها لتصبح عديمة الجدوى، تماما مثل اجهزة كشف المتفجرات الفاسدة التي نجحت في الكشف عن انواع العطور والماكياجات والتوابل والفياغرا، لكنها فشلت في الكشف عن المتفجرات، وربما يقترح البعض استخدامها ايضا رغم (بلاهتهــــــــا) لمعرفة مصير ميزانية عام 2014، وفي التحقيقات الجارية للتوصل الى الاسباب الحقيقية لكارثة سقوط الموصل ومن يقف وراءها.
لا شك ان اكتشاف جهاز كشف الكذب يعد ثورة حقيقية في ميدان التحقيقات القضائية والادلة الجنائية، وربما مهد الطريق لحل الغاز مئات الآلاف من الجرائم المعقدة والغامضة وهو يجعل اعدادا كبيرة من عتاة المجرمين ينهارون رغم صلابتهم وشراستهم وانكارهم وقدراتهم الفائقة على تضليل العدالة ومحاولات ابعاد الشبهات عنهم، خلال التحقيقات التقليدية، وهم يتصببون عرقا وتزداد دقات قلوبهم قلقا وخوفا عندما يتم ربطهم باسلاك اجهزة كشف الكذب.
بذلك فأن الامر سيكون اشد مدعاة للاثارة والاهتمام لو تم تعميم استخدام هذه الاجهزة الحساسة لكشف الكذب في مختلف الدول ونقلها من غرف التحقيقات الجنائية الى داخل اسوار الحياة الزوجية والعامة والسماح للزوجات بعرض ازواجهن عليها وللازواج بعرض زوجاتهم وحمواتهم عليها وكذلك اخضاع بعض الفنانين والفنانات والموظفين والموظفات والتجار والمقاولين واصحاب معامل ومصانع المواد الغذائية وسواهم لاختبارات هذه الاجهزة، عندها سوف تغرق بعض الدول في بحار من الفضائح وسوف تنكشف اسرار خطيرة وعلاقات وممارسات محرمة وشاذة وحقيرة، وستظهر الانساب الحقيقية، لملايين الاطفال غير الشرعيين وحقائق العلاقات المشينة لاعداد كبيرة من المسؤولين والمدراء العامين بسكرتيراتهم الفاتنات وربما ستنكشف الملايين من عقود الزواج العرفية التي لا تعلم بها الزوجات المخدوعات وكذلك انواع واشكال الغش الغذائي وملايين السرقات والاختلاسات والعقود والصفقات والمقاولات والمناقصات والمشاريع الوهمية وغير المطابقة للشروط   وللمواصفات الفنية وحقائق السجون السرية وحفلات التعذيب (الانســـــــانية) المطابقة للمعايير الدولية وكذلك الخروقات الانتخابية ومزادات التزوير وشراء الذمم والمواقف والاصوات والانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان!
في ضوء ذلك ربما تتدخل الاجهزة التنفيذية في هذه الدولة النائمة وفي تلك الدولة الغائمة وحفاظا على (الامــــن الوطنــــي والقومـــي) وتبادر الى التعاقد على اجهزة فاسدة غير قادرة على كشف الكذب، اسوة باجهزة كشف المتفجرات التي دخلت التاريخ من اوسع ابوابه وامست مثار سخرية وتندر القطاعات الشعبية كافة.
في ظل تعقيدات العمليات السياسية وتداخل المصالح الحزبية والفردية وتصاعد التناقضات الوطنية وتنوع الارتباطات الخارجية لشركاء العملية السياسية في هذه الدولة المستلقية وفي تلك الدولة المستجدية فان الامر سيكون اشد اثارة وغرابة وتشويقا فيما لو تم اخضاع معظم السياسيين والبرلمانيين والمسؤولين في مختلف الدول لاجهزة كشف الكذب، عندها ستظهر فضائح ومطامح وعجائب وغرائب وسوف تكتشف الشعوب في الدول النائمة والغائمة والشاكية والباكية حقيقة (الشــــعارات الثوريــــــة والثـــــروات الشـــــخصية) ومضامين الوعود والتصريحات النارية والبيانات والخطب الحماسية وما الذي يعنيه (التوزيــــع العــــــادل للثــــــروات) وما الذي يقصده هذا السياسي او ذاك من شعار (الشــــراكة الوطنيــــة) ومن (حكومــــة الوحـــــدة الوطنيـــــة) وما اهداف عشرات الزيارات المكوكية لهذه الدولة الاقليمية أو لتلك ومصادر تمويل هذه الاحزاب، وتلك وطبيعة تعهدات هذا السياسي أو ذاك، لهذه الدولة، ولتلك.
والاهم سوف تدرك تلك الشعوب، ان اجهزة كشف الكذب قد مارست عملها بحيادية مهنية وبمسؤولية ونزاهة وتقنية، بعيدا عن التاثيرات السياسية، الاسعار والاثمان الحقيقية لدعم هذه الدولة لهذا المرشح ولدعم تلك الدولة لذلك السياسي ولاصرار ذلك النظام على فرض هذه الكتلة ولجولات ممثلي ذاك النظام الاقليمية والدولية من اجل الترويج لذلك الحزب او لذلك التحالف او لتلك الكتلة او لهذا الائتلاف او لذاك التجمع وسوف تكتشف الشعوب في دول العالم العاشر بحظها العاثر، ان بلدانها وثرواتها ومصالحها وحقوقها وامنها وسيادتها وا قتصادياتها بل وسياساتها ومصائرها وحاضرها وربما مستقبلها تحولت كلها الى (صفقــــــات سياســـــية) في مزادات الدول الاقليمية وان الاثمان الحقيقية لكل تلك المواقف والدعم والتمويل والضغوط والمباحثات والاتصالات تتعدى المواقف (الشخصيـــــة) لهذا المرشح او ذاك وتتعدى المواقف (السياســــية) لهذا الحزب او ذاك وتتعدى التسهيلات الاقتصادية من قبل هذا المسؤول او ذاك الى ماهو اكبر بكثير والى ما هو اخطر بكثير، فالثمن غالبا ما يكون (الســــيادة والمصيــــــر).
وفي ظل اصرار معظم السياسيين في الدول النائمة على تسويق شعاراتهم المزدوجة حول (السيادة الوطنية ومنع التدخل الخارجي والشراكة الوطنية وحكومة الوحدة الوطنية والتوزيع العادل للثروات) يصبح من الضروري استبدال اجهزة كشف الكذب.. باجهزة اخرى لكشف الصدق لعل بعض الشعوب تجد بين سياسييها بعض الصادقين، هذا ان لم يكن جهاز كشف الصدق هو الاخر فاسدا او مرتشيا او مبرمجا من قبل دول الجوار لحماية حلفائهم السياسيين النزيهين الثوريين الاحرار!.
وبذلك ربما تحتاج بعض الدول الجائعة والخانعة الى اجهزة كشف الصدق للكشف عن حقائق اجهزة كشف الكذب فربما تكون فاسدة أو مزورة أو تعمل بشكل معاكس حيث تجعل الفاسدين صادقين والصادقين كاذبين وعندها سيضيع الخيط والعصفور وسيواصل الفاسدون فسادهم ونهبهم المنظم بكل اطمئنان وسرور وحبور.