هل يعود المسيحيّون إلى مناطقهم المحرّرة في سهل نينوى؟

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يناير 18, 2017, 02:34:02 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

هل يعود المسيحيّون إلى مناطقهم المحرّرة في سهل نينوى؟   

 
      
برطلي . نت / متابعة
عشتار تيفي كوم - المونيتور/

قف المواطن المسيحيّ العراقيّ توما يوسف (69 عاماً) المعروف بـ"أبو فنن"، وملامح الحزن تغطّي ملامحه أمام باب بيته في بلدة كرمليس التابعة إلى قضاء الحمدانيّة في شرق الموصل للمرّة الأولى منذ أكثر من عامين ونصف، اضطرّ فيها إلى ترك بلدته بسبب سيطرة تنظيم "داعش" عليها في منتصف عام 2014. دمّر مسلّحو التنظيم أثاث البيت وحديقته بعدما نهبوا الثمين منها، قبل أن يحرّر الجيش العراقيّ البلدة في 24 تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 الماضي.

كان أبو فنن يعمل موظّفاً في دائرة الزراعة في محافظة نينوى قبل أن يتقاعد، فقضى غالبيّة وقته في الاهتمام بحديقة منزله وزراعة أنواع مميّزة من الأشجار والأزهار فيها، لكنّ مسلّحي تنظيم "داعش" الذين اتّخذوا من منزله مقرّاً لهم، دمّروا هذه الحديقة وبثّوا فيها الخراب. عند دخولنا إلى المنزل مع أبو الفنن، رأينا كلّ شيء مبعثراً والجدران مليئة بكتابات وشعارات "داعش" التي تهاجم المسيحيّين وتحثّ على العنف.

يقول أبو الفنن لـ"المونيتور": "جئت إلى بيتنا مع زوجتي لتنظيفه وإصلاح ما لحق به من أضرار، وقد جلبت معي عدداً من العمّال لتنظيف الحديقة، كلّ هذا استعداداً للعودة إليه قريباً بعدما تعود الحياة مجدّداً إلى البلدة. نحن مصرّون على العودة، على الرغم من كلّ الظروف".

وترى زوجته أميرة مبارك (ربّة بيت)، وهي تجمع الملابس التي بعثرها مسلّحو التنظيم على أرضيّة الغرف كي تحرقها في ما بعد، أنّ توفير حماية دوليّة للمسيحيّين في سهل نينوى أمر ضروريّ في المرحلة المقبلة، وتقول لـ"المونيتور": "نحن مستعدّون للعودة، لكنّنا نحتاج إلى حماية دوليّة وضمانات كيلا نواجه ما واجهناه من مأساة خلال العامين الماضيين".

لكنّ عائلة أبو الفنن هي الأكثر حظّاً من بين العوائل الأخرى في البلدة، لأنّ منزلها لم يتعرّض إلى الحرق أو التدمير الكامل، كمنازل البلدة الأخرى التي تعرّض 70% من مبانيها إلى الحرق والتدمير على يدّ مسلّحي "داعش"، خلال أكثر من عامين ونصف من سيطرتهم عليها.

وتزامناً مع استعدادات العوائل المسيحيّة للعودة إلى مناطقها المحرّرة، تعمل مجموعات من المتطوّعين والمتطوّعات المسيحيّين الشباب يوميّاً، وبالتنسيق مع دوائر البلديّة والكهرباء على تنظيف الكنائس والمنازل والمدارس والمراكز الصحيّة والشوارع في هذه المناطق. وتقول الفتاة المسيحيّة فالانتين (15 عاماً) لـ"المونيتور"، وهي توقد الشموع في كنيسة "مار أدي الرسول" الواقعة وسط بلدة كرمليس: "نأتي يوميّاً نحن المتطوّعون إلى كرمليس لتنظيف المنازل بالتنسيق مع الأهالي وتنظيف الكنائس وتمكّنّا حتّى الآن من تنظيف غالبيّة البلدة، نحن متشوّقون للعودة إلى بلداتنا المحرّرة".

ينتظر النازحون المسيحيّون في أربيل، ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن تحرير مدنهم وبلداتهم، العودة إليها، بعد مرور أكثر من عامين ونصف على نزوحهم من هذه المناطق. وتعبّر النازحة سارا بهنام التي تسكن في ناحية عينكاوا التابعة إلى محافظة أربيل لـ"المونيتور": "سئمنا من ظروف النزوح وإيجارات البيوت التي أثقلت كاهلنا خلال السنوات الماضية، سأكون أوّل العائدين إلى الحمدانيّة وإلى بيتي مهما كانت العوائق، فهي محرّرة، وقد زال عنها خطر تنظيم "داعش"".

بدوره، يحدّد كاهن كنيسة كرمليس القسّ ثابت حبيب وقت عودة النازحين المسيحيّين إلى مناطقهم المحرّرة في سهل نينوى، ويوضح لـ"المونيتور": "الوقت المناسب هو بعد انتهاء العمليّات العسكريّة، وهذه العودة ستكون تدريجيّة". ويؤكّد حبيب أنّ هناك نيّة حقيقيّة للعودة لدى المسيحيّين وأنّ مجموعات من العوائل والشبّان المسيحيّين تتوجّه في شكل مستمرّ إلى المناطق المحرّرة في قضاء الحمدانيّة لتنظيف منازلها وتهيئتها وإعمارها، استعداداً للعودة.

ويبيّن القسّ حبيب أنّ 80% من البنية التحتيّة في قضاء الحمدانيّة مدمّر، ويضيف أنّ قضاء الحمدانيّة ومناطق سهل نينوى المحرّرة الأخرى ستشهد كخطوة أولى عودة 50% من النازحين إليها وتعقبها نسب أخرى بالتدريج، كون العودة إلى القضاء ستجري تدريجيّاً.

لكنّه يكشف عن عوائق عدّة قد تؤدّي إلى تأخير هذه العودة، ويوضح: "العوائق تتمثل في التخوّف من وجود البعض من المنتمين إلى تنظيم "داعش" أو المتّهمين بالولاء لـ"داعش"، في المناطق والقرى البعيدة المحسوبة على حدود قضاء الحمدانيّة، والمشكلة تكمن أيضاً في فقدان الثقة بالجيران الذين اشترك البعض منهم في عمليّات نهب البيوت وسرقتها وحرقها وتدميرها، هم نفسهم الذين كانوا يقبلون على منطقتنا ويتعايشون معنا قبل أن يحتلّ "داعش" مناطقنا".

ويشدّد القسّ حبيب على أنّ الملفّ الأمنيّ يحتاج إلى حسم وتوضيح، ومحاسبة المتّهم محاسبة جديّة، وكذلك إعطاء ضمانات هي خطوط حماية للمسيحي في المنطقة من خلال تغيّر طريقة الإدارة، ويتابع بالقول: "ينبغي أن يشعر المسيحيّ بأنّه هو صاحب القرار في منطقته".

وعلى الرغم من مرور نحو ثلاثة أشهر على تحرير مدينة الحمدانيّة والبلدات والقرى التابعة إليها، إلّا أنّها لم تشهد حتّى الآن عودة سكّانها، ويعزو قائمقام القضاء نيسان كرومي أسباب عدم العودة إلى عدم تهيئة البنية التحتيّة، وانعدام الخدمات الرئيسيّة في القضاء، والتي تحتاج إلى عمليّة إعادة إعمار.

ويقول كرومي لـ"المونيتور": "مضت ثلاثة أشهر على تحرير هذه المناطق ولم نلتمس أيّ خطوة جديّة، لا من الحكومة العراقيّة ولا من المجتمع الدوليّ أو المنظّمات لإعادة إعمار المناطق المحرّرة".

يبلغ عدد سكّان قضاء الحمدانيّة، الذي يتألّف من مدينة قراقوش التي تمثّل مركز القضاء وناحية برطلة وبلدة كرمليس وعدد من القرى التابعة إليه، في شكل عام نحو 200 ألف نسمة غالبيّتهم من المسيحيّين. وقد أنيطت عمليّة مسك الأرض في القضاء بعد تحريره من تنظيم "داعش"، بالشرطة المحليّة وفصيلين مسيحيّين، الأوّل يتمثّل في وحدات حماية سهل نينوى والثاني هو كتائب بابيلون المنضوية في قوّات الحشد الشعبيّ. لكنّ قائمقام الحمدانيّة يرى أنّ القوّات الموجودة حاليّاً غير كافية لمسك الأرض، وأنّ القضاء يحتاج إلى قوّات أخرى لإعادة الحياة والاستقرار إليه.