الشخصية الوطنية عبدالرحيم أسحق قلو ومقاله الأخير في مجلة حمورابي/عابد عزيز ملاخ

بدء بواسطة matoka, يوليو 01, 2015, 06:58:46 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

الشخصية الوطنية عبد الرحيم أسحق قلو ومقاله الأخير في مجلة حمورابي





برطلي . نت / خاص للموقع


عابد عزيز ملاخا

بأسف شديد غادرنا عن هذا العالم المحامي عبد الرحيم أسحق قلو. كان الفقيد شخصية وطنية وسياسية و نقابية منذ الأربعينات من القرن الماضي... تعرّض للملاحقة والإعتقال والتعذيب مرات عديدة من قِبل الحكام الرجعيين في العراق.. كرّس حياته لخدمة المجتمع، وتميّزت شخصيته زأخلاقه الرفيعة بالجوهر النقي..
  بفقدان ابو سعد خسر مجتمعنا قامة وطنية رفيعة لاتُعوَّض .. وبما أني أحد كتاب مجلة حمورابي ومن أسرة تحريرها، كنت أُتابع محامينا الجهبذ لكتابة المقالات، والإشتراك في دعم المجلة ، فكان المرحوم يُلبي الطلب بتواضعه المعهود، ففي عشرات الأعداد الأخيرة كانت يُثابر على المساهمة بمقال رصين. تناول في المقالين الأخيرين مسألة النفط في العراق وذكرياته عن تفاعلات تلك المسألة، إلى أن أجبرته ظروفه الصحية إعتزال الكتابة أخيراً.فقد أخبرني في عدم إمكانيته الكتابة بيده اليمنى. لقد كتب المقال الأخير للمجلة المنشور في العدد 34 الصادر في حزيران من العام الماضي  بيده اليسرى إضطراراً ، مما إتخذت قراري بعدم متابعته لمقال آخر سيما بعد دخوله إلى المستشفى لمعالجة كسر أصابه جراء سقوطه أرضاً.
وليس لي ألاّ نشر هذا المقال للقراء الإعزاء:

*********************
الحديث عن النفط ذو شجون ( الحلقة الثانية)
  بقلم : المحامي عبد الرحيم أسحق قلّو (كندا)
(مجلة حمورابي العدد 34 حزيران 2014)





تقديم:    المحامي الأستاذ عبد الرحيم اسحق قلو من مواليد القوش1919 (96 سنة،أطال الله في عمره)، دؤوب على الكتابة والمساهمة في مجلة حمورابي، فقلّما خلا عدد منها دون أن يكون له مشاركة فيه، حيث  ينقلنا إلى أجواء بعيدة وذكريات مختلفة الألوان، فيشحذ ذاكرته بأحاديث تجذب القاريء فيتحسس الأحداث ويسبر أعماقها. وهنا لابد وأن نُسجل إعجابنا الكبير بذاكرته العميقة، وآرائه السديدة، وحيويته وإلتزامه الذي يضرب لنا بذلك: مثالاً رائعاً على الشخصية المتوازنة التي لاتعترف بحدود العمر. لقد أرسل إلينا هذا المقال عبر الفاكس مكتوباً بخط يده، ومشيراً إلى أن الكتابة هي بيده اليسرى لشعوره بألم في أصبع يده اليمنى التي يكتب بها عادةّ. ليس لنا إلاّ أن نُحني هاماتنا أمام هذه الشخصية الفذّة ونقدم له الشكر الجزيل والإحترام الكبير، ونتمنى له الصحة الوافرة والعمر المديد.
                                                                  حمورابي



في ربيع عام 1927 باشرت شركة نفط العراق بأعمال التنقيب في منطقتي(انجانة و پلخانة) الواقعة على طريق كركوك –بغداد وفي الكنود القريبة من بلدة طوزخرماتو، ثم إنتقلت أعمال التنقيب إلى حقول كركوك الغزيرة بالنفط. وقد تمَّ حفر أول بئر للنفط، وعلى عمق 200متر تدفق النفط منها بقوة الضغط إلى الأعلى من حافة البئر وهذه الميزة موجودة في حقول نفط العراق وإيران والخليج والسعودية؛ في حين أن آبار النفط في أميركا لم تتوفر فيها هذه الميزة، وإنما يتم سحب النفط بواسطة مكائن وبعمق يصل إلى أكثر من ألف متر، ولهذا عندما تكون كلفة إنتاج النفط الخام للبرميل الواحد في آبار الشرق الأوسط، لاتزيد عن بضع دولارات، تكون في حقول تكساس في أميركا مضاعفة، في سبيل الحصول على برميل النفط الخام.
    كانت إتفاقية النفط المعقودة بين شركة نفط العراق والحكومة العراقية في عام 1927 تنتهي في عام 1999 :(الإجازة الطويلة)؛ وكانت تتضمن على حصول الشركة على إمتياز التنقيب عن النفط في الحقول الواقعة على طرفي نهر دجلة وهذه المساحة تُقدّر بـ (70%) من مساحة العراق!!
  أما سياسة الشركة في التنقيب عن النفط كانت تعتمد على أسلوبين:
أولاً :التنقيب عن النفط في المناطق الأكثر غزارة وبأقل كلفة، ويتم تحديد هذه المناطق من قِبل خُبراء النفط المشهورين.
ثانياً :  إختيار المناطق الواقعة تحت نفوذ الشيوخ المتنفذين وذلك لكسب ودّهم عن طريق إحالة بعض الأعمال إلى أقاربهم وأعوانهم كمقاولين وتكليف أتباعهم ببعض أعمال الحراسة، وللشيخ حصّة في كافة تلك الأعمال.
   من خلال سلوك هذا الأسلوب تُركتْ مناطق واسعة في شرق نهر دجلة وغربه دون إستثمار. إلاّ أن حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم كانت قد أممت تلك المناطق بعد صدور قانون (80).
    في العهد الملكي كانت الحكومات العراقية قانعة بالقليل من الأرباح الأسطورية لشركات النفط الأجنبية التي كانت دولة داخل دولة حيث كان لدوائر المخابرات لتلك الشركات كلمة الفصل في تعيين الوزير الجديد فيؤخذ برأي المستر(جاب مان) في تعيينه بعد الوقوف على تاريخ حياته وماضيه.
   المستر(جابمان) كانرئيسدائرةالمخابرات قي شركة نفط العراقن والحكومة العراقية تأخذ برأيه في القضايا الهامة المتعلقة بسياسة الدولة!!..
كان المستر (جابمان) رجلاًنحيفاًطويلالقامةلديهدائرته الخاصة في مدينة كركوك يستقبل فيها الأغوات وشيوخ العشائر. وكان يختار بنفسه موظفي دائرته ويرسلهم إلى الخارج للتدريب في المدارس الخاصة بأعمال التجسس.
توفي المستر(جابمان) فيصيفعام 1951 وفيتلكالأيامتمإفتتاحالجناحالجديدفيمستشفى(K-1)للشركة وقد كُلِّفَ وزير الشؤون الإجتماعية في العراق بقص الشريط وافتتاح الجناح، وكنت حاضراً آنذاك وسمعت الوزير أثناء قص الشريط يقول: أن الحكومة العراقية بوفاة المستر(جابمان) قدفقدتصديقاًمخلصاً. وقد كنتُ آنذاك مُستَخدماً في شركة نفط العراق بكركوك ومسؤولاً عن شعبة(إندثار الأثاث والمكائن).
   المستر(جاب مان) كان يتقن عدداً من اللغات الأجنبية: وهي الفرنسية والألمانية والسريانية والتركية والفارسية والعربية والكردية إلى جانب اللغة الإنكليزية. لقد كانت وصية هذا الرجل: أن تُحرق جثته يعد وفاته، ويُسلم قسم من رماد الجثة إلى شركة نفط العراق في كركوك لتقوم إحدى طائرات الشركة ببذر حطام جثته ورمادها على قمم جبال كردستان العراق. ويستطرد المستر(جاب مان) في وصيته: تلك الجبال التي أحببتها وأحبتني. وبالفعل قامت شركة نفط العراق بتنفيذ تلك الوصية.

في تلك الأيام كان الدكتور(مُصدٌّق) قد إستلم السلطة في إيران بصفة رئيس وزراء إيران، وكانت قد طلبت حكومة مصدق آنذاك، الدخول في مفاوضات مع شركات النفط الأجنبية في إيران من أجل إعادة  بتلك الإتفاقيات وتعديلها لصالح الشعب الإيراني. وقد إستمرت المفاوضات لفترة طويلة دون جدوى، مما إضطرَّ الدكتور مُصدّق إلى تأميم تلك الشركات النفطية الأجنبية. وقد حصل ذلك في خريف عام 1951.
   وفي صباح أحد تلك الأيام سلّمني المدير الإنكليزي كتاب (تعميم)صادر من المديرية العامة للشركة وطلب مني الإطلاع على الكتاب والتوقيع عليه ومعي كُتّاب الشعبة. كان الكتاب يتضمن الزيادة العامة لأجور كافة المستخدمين والعمال، وقد حصلت تلك الزيادة دون المطالبة بها.
   عندما سُئلت من قِبَل كتّاب الشعبة عن تلك الزيادات غير المتوقعة!!.. قُلت لهم:(صلّوا من أجل مُصدّق)، فلولا قيام الدكتور مُصدّق بتأميم(شركات النفط الأجنبية) في إيران، ماكان يصدر هذا التعميم المتعلق بزيادة أجور العمال والمستخدمين في شركات النفط الأجنبية في العراق دون المطالبة بها. وغداً لناظره قرييب!!






Matty AL Mache