مشاكسة حكومــــــة نصــــف الأزمـــــات / مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, ديسمبر 31, 2012, 11:02:45 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكسة
حكومــــــة
نصــــف الأزمـــــات




مال اللـــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


كثيرة وخطيرة وكبيرة ومريرة وحيوية وستراتيجية ومصيرية المهمات والخطط والبرامج والمسؤوليات التي نهضت بها  حكومة الازمات والتحديات والتناقضات خلال ما مضى من السنوات , فأنجزت ما انجزت وحققت ما حققت , وانفقت ما انفقت من مئات المليارات , ورغم كل ما بنته وما شيدته وما حققته من المكاسب المادية والانجازات الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية والاصلاحات الحيوية والمحافظة على حياة البطاقة التموينية , وما اصدرته من الاف البيانات والخطب والتصريحات والتوضيحات وما خاضته من المعارك والمساجلات في مواجهتها للتحديات , وما قامت به من الرحلات والايفادات والبحوث والاجتماعات والتقارير والدراسات , وما عقدته من الاتفاقيات والصفقات ومن العقود والوعود والعهود والمناقصات , الا انها لم تنجح الا في حل نصف الازمات.
فقد نجحت نجاحا باهرا ماهرا في النهوض بواجباتها تجاه القوى الاساسية الستراتيجية (المحركة للمجتمع) من مسؤولين وسياسيين وبرلمانيين , فضمنت حقوقهم ورواتبهم وتقاعداتهم  وحرصت على توفير مستلزمات راحتهم ومقومات استقرارهم  ومخصصاتهم وايفاداتهم وامتيازاتهم وحماياتهم , وحل ازمات سكنهم وخدماتهم وتنقلاتهم وانجاز معاملات تعيين ابنائهم وربما تحمل نفقات وتكاليف كلاب حراستهم , وربما جعلت من المنطقة الخضراء بالخدمات والامتيازات والنظافة والنظام ومرافق التسلية والراحة والاستجمام نموذجا (لدويلــــــة) صغيرة تثير العجب والدهشة والحيرة.
ولعل ما يثير العجب العجاب والحيرة والاستغراب والاحباط والاكتئاب , البون الشاسع الواسع والفرق المريع والفظيع بين المنطقة الخضراء وما يجاورها ويحيط بها من اقصى شمال العراق الى اقصى جنوبه من المناطق السوداء ' باستثناء اقليم كردستان الذي اصبح رئة يتنفس عبرها الصعداء من يقصده , ويأسف على مغادرته من يغادره , ولعل غرق بغداد مدينة الحضارة والرشيد والتاريخ والعلوم والفنون والقيم والاباء بالمياه الاسنة في اول زخة مطر شتائية وانعدام الخدمات وانتشار الانقاض فيها والقاذورات  في وقت نمتلك فيه من الثروة النفطية والعائدات والخبرات والطاقات والتخصيصات المليارية ما يمكن المسؤولين الميدانيين المخلصين من تحويل العراق الى جنة فعلية' لكن وللاسف الشديد ما يزال العراق بهمة بعض الغيارى في حكومة المنطقة الخضراء منطقة معتمة متخلفة سوداء.
الى ذلك , فأن الحكومة عبر اهتماماتها المركزة المكثفة الفريدة العتيدة بالمنطقة الخضراء نجحت في حل نصف التحديات والمشاكل والازمات , وما يزال النصف الاخر من التحديات والمشاكل والاخفاقات يعصف ببقية المناطق السوداء الغارقة  بازمات البطالة والماء والكهرباء والتسول وانعدام الامن والامان والخدمات وازمات السكن والغذاء والامية والفساد والروتين الرسمي والخروقات الامنية والشهادات المزورة وانتشار اكواخ الطين والصفيح وتجارة الاعضاء البشرية وعيش قطاعات واسعة من الفقراء على مكبات الطمر الصحي وتوفير لقمة عيشهم من مخلفات سلال القمامة ,الى جانب الاختناقات المرورية وطفح المياه الاسنة وانعدام النظافة وانتشار القاذورات في الشوارع والساحات العامة وتردي الخدمات الصحية وتواضع وربما انعدام الرعاية والخدمات الاساسية للارامل واليتامى وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ممن لا مورد ولا معيل لهم , في دولة تحتل المرتبة الثانية في ضخامة الاحتياطيات النفطية ' وتعتبر من بين اغنى الدول ' وتمتلك اعلى الميزانيات السنوية ومع ذلك يعاني شعبها مثل هذه الازمات المأساوية.
في خضم ذلك يبدو اننا بحاجة ماسة الى حكومة اخرى تتولى مهام ومسؤوليات المناطق الرمادية والسوداء , بعد ان تخصصت الحكومات السابقة بالمنطقة الخضراء ، حكومة ميدانية لا حكومة مساجلات اعلامية , حكومة مصالح وولاءات شعبية لا حكومة مصالح وارتباطات وولاءات سياسية , حكومة يتلمس وزراؤها ومسؤولوها نبض المواطن الفقير وحاجات الكبير والصغير ومعاناة اليتامى والارامل والعاطلين ومأسي النازحين والمهجرين وعذابات سكان اكواخ الصفيح والطين واحتياجات المرضى والمشردين واطفال الشوارع والمتسولين.
نحن بحاجة لحكومة للمناطق السوداء يكون وزراؤها بقلوبهم البيضاء بين شعبهم صباح مساء ابوابهم بلا حواجز وبلا سماسرة وبلا ادعياء مشرعة امام الجميع بلا استثناء يمتلكون صلاحيات المعالجة الفورية واجتثاث مواطن الداء وتحديد العلاجات والدواء وسرعة التخطيط والانجاز والبناء , حكومة يهتم اعضاؤها بحل المشاكل والازمات الوطنية اكثر من اهتماماتهم بالايفادات الرسمية , ويسعون للتخفيف عن معاناة القطاعات الشعبية اكثر من سعيهم للاستحواذ على المخصصات والمغانم الشخصية ويفخرون بتوفير الدرجات الوظيفية للكفاءات الحقيقية اكثر من فخرهم بالتعيينات العائلية ويجاهدون بتطبيق النظام بدل تجارة الشعارات واسهال الكلام .
نريد حكومة ميدانية قوية كفوءة فاعلة قادرة على تحويل المستنقعات السوداء الى جنة بيضاء يفخر بها السياسيون والبرلمانيون والوزراء قبل المعدمين والفقراء, عندها سنفخر حقا وسنغني جميعا بتفاعل وطني وجداني حقيقي :
(جنة جنة جنة .. والله ياوطنا .. يا وطن ياحبيب يا بو تراب الطيب حتى نارك جنة).