مع من نقارن أوضاعنا؟ / د. يوسف شيت

بدء بواسطة matoka, مارس 23, 2015, 03:23:48 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

matoka

مع من نقارن أوضاعنا؟ 






برطلي . نت / خاص لبريد الموقع
د. يوسف شيت

رأيت مقطع فيديو على قناة البغدادية يوم 16 /3 / 2015 لثلاث أشخاص يرتدون دشاديش بيضاء يأكلون على مائدة واحدة صغيرة  والأكلة مشتركة. كانوا يأكلون بتشوّق، ربما كانت الأكلة باجة أو تشريب أو أكلة عراقية اشتاقوا إليها لأنّهم خارج البلد، والصورة تعود إلى عام 1997 لقادة حزب الدعوة ويظهر فيها السيدين ابراهيم الجعفري ونوري المالكي. والملاحظ، لم تكن حولهم أية حماية، لأنّ الحماية تحتاج إلى مصاريف وهم في غنى عنها آنذاك.
جاء التغيير بعد احتلال العراق عام 2003 وبدأت آلة تقسيم المناصب حسب الطائفة والقومية وتحت إدارة أمريكية تعمل بسرعة فائقة. وانتشر شعار "مظلومية الشيعة والأكراد" وشعار " السنّة يظلمون من قبل الشيعة والأكراد"، وأصبحت هذه الشعارات تروّج في كل مناسبة، وخاصة أثناء الانتخابات، بحيث نسى العراقيون بأنّ ما يبيّت لهم هو تفريقهم عن طريق إثارة النعرات القومية والطائفية والتمهيد لتقسيم العراق وفق مخطط جهنمي لشرق أوسط جديد تعمل عليه الإدارة الأمريكية منذ حوالي 60 عاما. ومن الضروري أن نتذكّر هنا، بأنّه في عام 1984وفي لقاء وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر مع البابا يوحنا بولص في الفاتيكان وبحضور 150 من الكرادلة، وبعد أن نجحت  أمريكا في جرّ العراق وإيران إلى حرب قومية - طائفية أنهكت القوى البشرية والاقتصادية للبلدين، ردّ الوزير على السؤال التالي لأحد الكرادلة: " كيف يمكن إعادة السلام إلى منطقة الشرق الأوسط؟" فردّ الوزير: "الشرق الأوسط قادم على حرب ال مئة سنة بين الشيعة والسنّة".
اختلف الفرقان العراقيين داخل تجمّعاتهم الطائفية والقومية، بل وحتى داخل الحزب الواحد وشكلّ كل فريق إمبراطوريته، ميزانية وجيش من الحماية ووزارات ضمن مجلس الوزراء وكتلة برلمانية داخل البرلمان، ويتحكّم بعدد من الحكومات المحليّة، وأصبحت قضية جني الأموال للإمبراطورية من أهم نشاطات  إدارتها. وأصبح الحديث يدور، وعلى لسان رئيس لجنة النزاهة البرلمانية السابق بهاء الأعرجي، حول مصير 1000 مليار دولار بالإضافة إلى إدّعاء الأمريكان بصرفهم 500 مليار دولار أخرى، أين ذهبت؟ أين الخدمات، أين المدارس ومستوى التعليم من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية وصل إلى مستويات متدنية جدا جدا، أين المستشفيات والمراكز الصحية والبلد بحاجة إلى الآلاف من الكوادر الطبية والصحية والذين يهانون في مكان عملهم من قبل الميليشيات والحمايات الفالتة وأزلام شيوخ العشائر.  تشير آخر الأخبار إلى وجود خمسة ملايين عراقي بحاجة إلى رعاية صحيّة التي تكلّف 300 مليون دولار فقط. وبلغ معدّل الفقر في العراق، حسب وزارة التخطيط في كانون الأول 2014 حوالي 30%، ومعدّل البطالة، حسب وزير العمل والشؤون الاجتماعية، بلغ 25%. وهذه النسب بازدياد لأسباب كثيرة، منها انخفاض أسعار النفط، تعطيل آلاف المشاريع الصناعية والزراعية واختفاء مبالغها، زيادة السكان النازحين بسبب الإرهاب والحرب معه، دفع رواتب الحمايات التي يقدّر عددها ب7000 فرد فقط لرئيس مجلس الوزراء السابق الذي لم يملك أية حماية قبل عام 2003 (حسب ما أوردته بعض الفضائيات وبعض السياسيين) وحوالي 8000 للرئاسات الثلاث. وقدّرت صرفيات ورواتب هذه الحمايات بحوالي 6,5 مليار دولار سنويا، أضف إلى ذلك حمايات مجلس النواب ومجلس الوزراء والمنطقة الخضراء، رواتب الفضائيين التي لم يكشف عنها سوى القليل من قبل السيد العبادي وتمّ التستّر عليها. احتلال الموصل من قبل داعش، وحسب وزير الدفاع خالد العبيدي، كلّف الدولة 27 مليار دولار، لازالت 400 قضية فساد كبيرة أخرى قيد التحقيق. ربما أصبحت الناس تملّ من  ذكر الكثير من أسباب ضياع تلك المليارات، وهمّها وتساؤلاتها الآن، متى تنتهي الحرب ضدّ الإرهاب وينتهي سيل دماء المواطنين وترجع الملايين الثلاثة المشردّة إلى ديارها. هذه هي سياسة المحاصصة الطائفية والقومية التي يحاول فرسانها تغيير المصطلح إلى "توافق سياسي" أو "التفاهم بين السياسيين" لإبعاد الشبهات عنهم، ولكنّهم متمسّكين بنفس عقلية التمييز الطائفي والقومي والعراك على المناصب والمكتسبات، فلا ينطلي تغيير الأسماء على أحد.
هذه الأمور معروفة لدى أغلبية العراقيين، ولكن عندما نقارن العراق بدول عربية أخرى ، كمصر مثلا، التي تماثلنا في حضارتها العريقة ودولة مسلمة يتعايش مسلميها مع أقباطها ومرّت بفترات طويلة من الدكتاتوريات والفساد والحرب.  الشعب المصري ثار لافظا نظام القطط السمان ( السادات وحسني مبارك) يوم 25 كانون الثاني 2011، كذلك الشعب العراقي تظاهر بعد شهر أي في شباط 2011 وطالب بإصلاح العملية السياسية وإلغاء المحاصصة الطائفية-  الاثنية لا لإسقاط الحكومة، ومع ذلك قمع التظاهر بشتى الأساليب لتستمرّ مآسي الشعب وتأخذ منحنيات خطيرة وصولا إلى احتلال ثلثي البلد من قبل عصابات متخلفة فكريا وعقليا منذ حزيران 2014 وتحت أنظار الحكومة مع استمرار طغيان الوعي الطائفي والقومي والعشائري الذي يهدد وحدة العراق بدل الوعي الداعي إلى وحدة العراق بكل مكوناته ونشر السلم الاجتماعي لبناء مجتمع حضاري متطور.
في مصر تغيّر النظام عن طريق انتخابات فازت فيها حركة إخوان المسلمين لأسباب كثيرة منها، تواجدها بشكل علني وعدم تعرّضها إلى الاضطهاد التي تعرّضت له القوى والأحزاب الوطنية المصرية المعارضة لنظام مبارك، حصولها على تمويل انتخابي كبير من داخل وخارج مصر، خطابها الديني المعتدل وإخفاء أهدافها الحقيقية بإقامة نظام إسلامي بإعلامها المضلل، دعم أمريكي  مستور مقابل أن يكون النظام الجديد مطيّة لتنفيذ المشروع الأميركي في المنطقة. لكن الشعب المصري وبإسناد من جيشه أسقط النظام قبل أن يستطيع هدم وحدة الشعب وتنفيذ المشاريع الأجنبية. يواجه النظام الجديد في مصر مشاكل اقتصادية وسياسية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود حلول لها، لذا سارعت الحكومة إلى إقرار مالية عام 2015 رغم وجود عجز يقدّر ب10% مع اتخاذ إجراءات في التقشف، وهنا نشير إلى أنّ الرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي تبرّع بنصف راتبه وأملاكه للدولة، أمّا فرسان المحاصصة عندنا ينهبون أموال الدولة حتى عجزت الحكومة في دفع  رواتب العمال والموظفين ( الفئات الفقيرة في المجتمع)، ورواتب الذين تطوعوا في محاربة الإرهاب من الحشد الشعبي، بينما تستمرّ رواتب الفضائيين الذين يقدّر عددهم بمئات الألوف في مختلف مؤسسات الدولة المتهرئة لتنزل في جيوب كبار الضبّاط والمدراء والوزراء وغيرهم وبدون وجود بصيص أمل في تقديمهم للقضاء. احتفلت الحكومة السابقة بانعقاد مؤتمر القمّة العربية في بغداد الذي لا يحلّ ولا يربط، وأخذت فواتير الفنادق الفضائية والحقيقية والتأثيث الفضائي للمكاتب والترميم الفضائي لدور المسئولين الكبار وفواتير المطاعم تنهلّ على وزارة المالية ثم ليدخل نصفها في جيوب المرتشين . أمّا في مصر، نظّمت الحكومة مؤتمرا عالميا للاستثمار في مصر حضره 100 بلد و22 رئيس دولة ومئات الشركات العالمية رغم قيام الإرهابيين بعمليات تفجير ونصب كمائن لعرقلة الحياة في البلد، إلاّ أنّ قيادة الدولة عازمة في السير نحو حماية الشعب وتطوير البلد. ووصلت رؤوس الأموال المستثمرة، لحدّ الآن، حوالي 150 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمار 150 مليار دولار أخرى لبناء عاصمة جديدة إلى جانب القاهرة. المرحلة الأولى للمدينة، بالإضافة إلى السكن وغيرها من المنشآت الحيوية، ستبنى 100 مدرسة و75 مستشفى وعيادة طبية. ستمتص هذه الاستثمارات أعدادا كبيرة من العاطلين  عن العمل وتلغي الحكومة أعدادا  من العشوائيات المنتشرة، خاصة في العاصمة القاهرة.أمّا عندنا في العراق كان بالإمكان بناء سبع مدن جديدة مشابهة بالأموال المهدورة المنهوبة.
المشكلة الرئيسية في العراق هي وجود نظام المحاصصة الذي ينخر البلد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا ونفسيا، مقابل الإمعان في إثراء المتسلطين على الحكم. ومن أولويات الجماهير العراقية عدم السكوت عمّا يجري من فساد وإهمال مؤسسات الدولة، مدنية وعسكرية، لواجباتها في تطوير، لا تدمير البلد وحضارته.    






Matty AL Mache

ماهر سعيد متي

مقال جميل .. لقد اصبت كبد الحقيقة المرة .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة

متي اسو

عزيزي الاخ يوسف
سأكتفي بالتعليق على نقطتين فقط :
ذكرتَ " نجحت  أمريكا في جرّ العراق وإيران إلى حرب قومية - طائفية أنهكت القوى البشرية والاقتصادية للبلدين، "
أليس هذا تعتيما ( دون قصد ) على مسؤولية من كان يحكم العراق وايران ؟
هل كانت الحرب بين العراق وايران ، ام بين صدام والخميني ؟ .. انت تعرف ما اعني ....
أليست هذه تبرئة ضمنية لانظمة حكم مسؤولة عن قتل وتعويق وفقدان مئات الالاف من شباب البلدين ؟
أيحتاج صدام حسين وكذلك الخميني الى من يدفعهم حقا ؟
من اول يوم اجاب الخميني على برقية تهنئة صدام بـ " والسلام على من اتبع الهدى " !!! ... أتعرف ما تعنيه العبارة ؟
لنفرض ان النظامين عميلان ... أليس من المجدي فضحهما عوض إخفاء جرائهما خلف يافطة " امريكا "
لماذا لم ينجر العراق الى الحرب مع ايران بعد ان تأزم الوضع العسكري على حدود البلدين في وقت الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ؟... لماذا فشلت امريكا في جره ؟
تشخيص اخطاء الداخل هي التي تفيدنا ، كي لا تتكرر ... اما الاصرار على تحميل امريكا كل اخطائنا وجرائمنا فانه يضعنا في موقف العاجز فلا يسعنا إلا ان نردد ما يقوله الاخ المصري " حسبي الله ونعم الوكيل "
النقطة الثانية هي ، لو ان الوزير كيسنكر فعلا قال : "الشرق الأوسط قادم على حرب ال مئة سنة بين الشيعة والسنّة"
هذا يدل على ذكاء الوزير في قراءة واقع هذه البلدان التي وقعت اسيرة المد القومي والديني/ الطائفي ، ولا يدل ابدا على " مخطط المؤامرة " ... هذا الوزير أذكى بكثير من ان يفضح " مؤامراتهم " امام الملأ  والعالم أجمع .
مع خالص تحياتي