تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

اني مهجّر

بدء بواسطة متي اسو, سبتمبر 27, 2014, 12:27:44 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

متي اسو

اني مهجّر
برطلة حبيبتي ، يا ايام البراءة وأيام طفولتي ، يا أيام بواكير شبابي .
هجرتكِ الى بغداد وانا في الثامنة عشرة من عمري ، هجرتك ولم اعد إلا لمرات قليلة لزيارتكِ .
هجرتكِ ، لكنك ابيتِ ان تهجريني ، حبكِ دائما يعشعش في داخلي ، إن كانت بغداد قد اصبحت حبيبتي إلا ان " الحب الأول" ، الذي لا يُنسى ، كان دائما لكِ.
اذكركِ في كل يوم من ايام حياتي ، طفولتنا وهي تكركر في ازقتكِ ، ايام البراءة والدراسة في " المكتب "  والمعلمين الاوائل والكتب الزاخرة بالألوان . بشموني  ومدرسة السرياني الصيفية وبابا خوري . اصدقاء الطفولة والعابنا ولهونا ، وبعضٌ من طيش شبابنا ونزقنا .
أدركتُ مؤخرا لماذا يصرون على تثبيت " مسقط الرأس " في اوراقنا الثبوتية .
عدتُ اليكِ بعد وقت طويل ، رفضوا تسجيل قطعتي ارض اشتريتهما لأن قوميتي في الاحصاء الأخير كانت " سريانية " ، جعلوني غريبا عنكِ وهم يأخذون اراضيكِ ويوزعونها على الغرباء .
لا يهم ، فخيالي الجامح لا يستطيع كائن من كان ان يمنعه من التجوال في ازقتكِ الحبيبة ، لا احد يستطيع ان يمنع ذكراكِ عن مخيلتي ، ها اني اطوف بخيالي بين اناسكِ واطرافكِ . انهم عاجزون عن منعي .
لكن الآن ، ولأول مرة في حياتي ، يقف خيالي حائرا ومرتبكا ، كلما حاولت ان اجبره لدخولكِ يقف مترددا مشدوها ، " هنااك شياطين اولاد ابليس ،غربان سود تمنعني " يقول لي .
على اطرافكِ يقف خيالي مشدوها  وفمه فاغرا ، برطلة فارغة ، برطلة خاوية من اهلها ، برطلة صامتة لا حياة فيها . اشباح غرباء سود يتجولون فيها .. يقول لي .
خيالي متعكر ولا يعلم ماذا سيجد إذا همّ بالدخول الى كنائسكِ . المذبح مهجور والمقاعد يجثم فوقها الصمت ، يقولون ان اعوان الابليس اقتلعوا صلبانكِ .
لكن ، إن كان كل شيء مرتبكٌ وملخبط ٌ ، فإن هناك شيء واحد اني متأكد منه ، هناك يقين لا يتزعزع ، هناك المسيح ، رب الارباب حاضر و يعاين كل شيء . لم يستطع اليهود إلا الاعتداء على جسده الطاهر ، وبمشيئته . كذلك  اولاد الابليس  الأن يحاولون النيل من هيكله .
قلبي مثقل ونفسي حزينة وخيالي مهجّر .
لماذا ايها السيد ، لماذا يا ملك الملوك ورب الارباب ؟ .. هل انت تعاقبنا وتجعل الابليس يمنع حتى خيالنا من دخول هيكلك ؟ ... يقول كتابك : " من يحبه الرب يؤدبه " ... ربما اخطأنا كتيرا ونحن حتى داخل هيكلك ... سامحنا يا رب واعطنا فرصة اخرى ... نحن مهجّرون وليس لنا سواك ، ونحن واثقون من محبتك التي لا حدود لها .
عزائنا في وعدك من ان " ابواب الجحيم لا تقوى عليها " .
كلامك يبعث الطمأنينة فينا .
لا تبتأسي برطلة الحبيبة ، المسيح له كل المجد يحرسك ِ .