مشاكســة الليلــــــة حلـــــوة .. حلـــــوة وجميلـــــة/ مال الله فرج

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 11, 2015, 11:35:31 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
مشاكســة
الليلــــــة حلـــــوة .. حلـــــوة وجميلـــــة


برطلي . نت / بريد الموقع

مال اللــه فــرج
Malalah_faraj@yahoo.com


اعشق الذكريات من جهة ، واحاول تجنب التحليق في فضاءاتها الشفيفة   الممتعة من جهة اخرى ، كونها تبتدئ دائما  بمحطات لذيذة وبنكهات متمازجة  تتداخل في مذاقها عذوبة الطفولة ومقالب الدراسة وقلق الامتحانات ومشاكسات الشباب واكاذيب الهوى في الاول من نيسان وارتعاشة القلب في الموعد الاول ، ونكهة القبلة الاولى والمأزق   المهنية واقاصيص الحب والمناجاة الرومانسية التي تنعش القلب وتبهج الروح وتزرع على الشفاه اعذب الابتسامات ، لكنها دائما ما تنتهي بالدمع والحسرات على ازمنة مرت سريعا كالحلم  وعلى هنيهات وجدانية اومضت بسرعة كالبرق ، اضاءت عتمات الذاكرة بفلاشات حميمة واختفت ، وعلى وجوه حبيبة ابتلعتها الغربة تاركة في الروح غصة وفي القلب جراح ، بعد ان اخذت معها المسرات والافراح ولم تخلف وراءها الا وجع الذكريات والاتراح.
في ليلة تعذر فيها النوم بعد يوم شاق مترع بالمشاق تآمر فيها علي   الارق  والضجر والقلق ، هاجمتني الذكريات مثل اسراب من فراشات ملونة ومشاكسة  تحط هنا وهناك محدثة ضجيجا محببا ،وانا ارنو الى صورة جماعية معلقة على الحائط ضمت وجوها  عزيزة لاسرة تحرير مجلتنا (صوت الاخر) كنا قد التقطناها مطلع  حزيران  2012 لتزين صفحات العدد (390) الذي صدر مطلع  ذلك الشهر لمناسبة احتفالنا بايقاد  شمعة جديدة من عمرها .
انتزعتني تلك الصورة التي ضمت (25) زميلا وزميلة ، من الارق وانا اتوقف ازاء خمسة وجوه لاعزاء غابوا عنا ، في مقدمتهم الزميلان ابراهيم الخياط وجوان ميراني اللذين توفيا رحمها الله ، وجعلتني اقفز من الفراش باحثا بلهفة عن عدد المجلة ذاك لاقلب صفحاته بشغف واستعيد عبر صوره حلاوة تفاصييل وذكريات اول واخر احتفال عائلي اقامته هيئة التحرير لنا وكان في عام 2012 ايضا، حيث ازدحمت فيه وتنوعت الفعاليات الفنية والمسابقات والطرائف والجوائز والهدايا ، وكانت اخر اغنية اختتم بها  مطرب الحفل وصلته مع فرقته الموسيقية رائعة الفنان الكبير يوسف عمر رحمه الله (الليلة حلوة ... حلوة وجميلة) تراقصت على انغامها المشاعر طربا واهتزت النفوس بهجة ، يومها وعدنا الزميل رئيس التحرير بان احتفالنا سيكون اوسعا واروعا في السنة القادمة ونحن نوقد الشمعة العاشرة.   
لكن ،لان (ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ،تجري الرياح بما لا تشتهي  السفن ) ، فقد هبت رياح السياسة التي غالبا ما تتداخل في عواصفها المزايدات والانانيات والتصورات الخاطئة  والمصالح الضيقة التي كثيرا ما تقفز فوق المصالح العامة، بما لا تشتهيه سفينة مجلتنا او بقية السفن الاخرى في الاقليم وخصوصا سفن صغار الموظفين والمعدمين ،بعد ان اطلق بعض الساسة في بغداد الذين يرون في نهوض الاقليم واستقراره وتطوره عقدة حقيقية لهم وشاهد عيان على فشلهم وفسادهم واخفاقاتهم اعصار الازمة المالية ضده وتاخير صرف مستحقاته القانونية ضمن  الموازنة العامة بذرائع عدد من الملفات العالقة ، فتأخرت الرواتب ، وتقلصت النفقات وتوقفت الكثير من المشاريع ، والقت الازمة وما تزال بظلالها القاسية والمباشرة على شريحة واسعة من الموظفين ذوي الدخل المحدود الذين لا موارد لهم الا رواتبهم ، وكبلت افرازاتها الانفاق العام ، وسحقت الازمة بتداعياتها الخطيرة حتى آمالنا باحتفالات متواضعة صغيرة، ومع ذلك فشلت هذه الازمة المريره في النيل من احلامنا وارادتنا الكبيرة .
واكاد اجزم ان هذه الازمة المالية المفتعلة ، الواضحة النوايا والاهداف القت بافرازاتها اللاانسانية على قططاعات واسعة من الموظفين وذوي الدخل المحدود ، مرغمة الكثير على تغيير نمط حياتهم وتقليص النفقات والبحث عن البدائل الحياتية وفقا للقاعدة الاقتصادية المصلاوية (اشقد تقتصد بالفلوس .. تفغح وتكيف النفوس)، فمن خطط لشراء بدلة جديدة لمناسبة العيد ، اجل مشروعه ذاك واكتفى بملابسه القديمة ، ومن اراد تقديم هدية مناسبة لزوجته بذكرى زواجهما اكتفى بقنينة عطر عادية و من ارادت زرع سن جديد بدل احد اسنانها التالفة اكتفت بالمهدئات ، ومن كان يستخدم منشطات طبية مكلفة استبدلها بالجرجير ، ومن كانت تخطط لاستبدال حواجبها بالتاتو استعاضت عن ذلك بقلم الكحل االصيني ، ومن خطط لاقامة حفل خطوبته  باحدى القاعات الفخمة استبدلها بحفل عائلي داخل البيت وبقطع من المعجنات المحلية الصنع والعصائر البيتية  ومن كانت تخطط لعدد من عمليات التجميل اضطرت لتأجيل مشاريعها مكتفية بحقنة بوتكس فقط لنفخ الشفتين ، ومن كان متعودا على عشاء دسم استعاض عنه بوجبة من البطيخ او الرقي لرخص اسعارهما.
اما نحن ، اسرة (صوت الاخر) ورغم ان افرازات اعصار الازمة المالية قد اصابتنا بالكثير فأخرت رواتبنا ومكافآتنا ، وحالت بيننا وبين تصليح البراد المتواضع في غرفتنا مما يضطرنا عند استقبالنا لضيوفنا استعارة اقداح ماء باردة من براد قسم التصحيح ، فضلا عن اضطرار الزميلة المصممة لاعتصار خزان حبر طابعتها بعد نفاذه باصابعها بقوة لاستخراج اخر قطرة فيه وكأنها تستخرج بقايا بئر نفطي ، فما يزال التفاؤل سيد الموقف بان الازمة مها طالت لن تستطيع ايقاف مسيرة الحياة والاقليم قادر على تجاوزها بارادته وحكمته وثباته على مبادئه، رغم اننا استبدلنا  تحيتنا الودودة للزميل مدير الادارة كلما التقيناه بالتساؤل التالي (راتب هيا؟) ويجيبنا مبتسما ومحرجا (راتب نيا) ويقهقه الجميع ضاحكين، بينما التعليقات الفكهة تنثال من هنا وهناك، ويستمر مرحنا وتستمر مشاكساتنا الممتعة على الرغم من ان كل الاسعار ازدادات وربما تضاعغت خلال السنوات الاخيرة الا ان رواتبنا واجورنا بقيت محافظة على (ثباتها ومبدئيتها ) فلم تتأثر(بالمؤامرة الامبريالية الاستعمارية) لارتفاع  الاسعار وبقيت ( صامدة) متمسكة بمستوياتها ، مجسدة بذلك المثل الشعبي المصري (الاسعار ولعت ، الا الماهية بقيت على ماهي)  .
ونحن نحتفل (بصمت وتقشف) هذا العام بايقاد الشمعة الثانية عشرة لمجلتنا الحبيبة ، واذ اهنئ من الاعماق جميع الزميلات والزملاء واشد على ايديهم مثنيا على عطائهم المبدع الذي كان وسيبقى ضمانة تواصل صدورها بانتظام دون توقف ، فان الامل يبقى حاضرا باننا سنتجاوز هذه الازمة حتما بالارادة المبدعة وبالعطاء المتجدد وستكون اوضاعنا واوضاع الاقليم عامة (زور باشي) ، وعندها سنحتفل بالشكل الذي يليق بموقع واهمية وفاعلية هذا الجهد الاعلامي الراقي ، وسنغني يومها سوية بفرح ومن الاعماق (الليلة حلوة .. حلوة وجميلة) ، ذلك لأن (من صبر ظفر .. ومن عزم قادر على تفتيت الصخر)،