"صباح ميرو" الرجل الذي عاش التهجير بصورة مختلفة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, نوفمبر 22, 2017, 08:07:05 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

"صباح ميرو" الرجل الذي عاش التهجير بصورة مختلفة       




برطلي . نت / خاص
بهنام شابا شمني


لم يقع على "صباح ميرو" الموظف الصحي المتقاعد وصاحب مختبر التحليلات المرضية بسبب التهجير اقل مما وقع على الاف غيره من ابناء بلدته برطلي والبلدات المجاورة، خسر مصدر رزقه واملاكه وسار في نفس الطريق الذي اتخذه الاف غيره من المهجرين الهاربين من امام الموت في تلك الليلة المشؤومة من ليالي صيف 2014 ، وعاش نفس المعاناة وافترش الشوارع وسكن الخيم ووقف في طوابير الانتظار امام المنظمات الانسانية واصبح رقما في سجلات دائرة المهجرين، ومر في نفس الظروف الحياتية والضغوطات الاجتماعية والصراعات النفسية ما بين الهجرة والبقاء وبعد ذلك ما بين العودة واللاعودة وما بين توفر الامن وفقدانه وتوفر الخدمات من عدمها.
رغم كل ذلك كان "صباح ميرو" رجلا مختلفا عن الجميع ، استطاع ان يصل الناس ما بين زوايا العالم الاربع الى بعضها فازدحمت صفحته على الفيسبوك بالاعضاء من مختلف مناطق العالم من ابناء بلدته ومن غيرهم، ناقلا لهم اخبار من اصابتهم محنة التهجير بالصورة، ومطمئنا من انتشروا في مدن وقرى النزوح بعضعهم على بعض.

"صباح ميرو" لم يعرف التصوير سابقا، ولم يعمل في الاعلام او ماشابهه، ولم يخطر على باله ذلك ابدا. ولكن التهجير فرض عليه ان يكون كذلك.

"صباح ميرو" لم يدع اليأس والانهيار والتذمر وسوداوية الاوضاع والملل ان تطرق باب حياته. كامرته الوحيدة هي هاتفه الخلوي الذي لا يهدأ في جيبه كلما حضر مناسبة او سار في شارع أو التقى مجموعة من ابناء بلدته فلا يتوانى في التقاط صورة معهم، كامرته (هاتفه) يتحول يمينا وشمالا نحو الحضور أو معهم ليعرضها من ثم على صفحته. واصبح الناس هم من يطلبون التقاط الصورة معه كما المشاهير.

" صباح ميرو" لم يترك مناسبة خلال سنوات التهجير الثلاث الا وحضرها، اجتماعية كانت ام دينية، أوثقافية، عامة وخاصة الا ونقلها بالصورة البسيطة دون تكلف. تنقل ما بين العوائل في دورهم، زار المرضى، واسى الحزانى، هنأ الفرحين. بخلاصة اصبحت صفحته موسوعة تحكي حياة المهجرين.

بعد التحرير عاد "صباح ميرو" مع العائدين الى دورهم ووثق حملات اعماره لها، دخل بيوتهم ومحلات عملهم يشجعهم ويشد من أزرهم وشاركهم فرحتهم بالعودة وبداية انشطة حياتهم من جديد ولا يزال يوميا ينقل خطوات نهوض بلدته برطلي وهي تنفض عنها تراب داعش واثاره لتعود زاهية مزهوة.

"صباح ميرو" دخل الاعلام من حيث لا يدري ولكن الظروف جعلته أن يكون كذلك، حاول البعض ايقاف نشاطه هذا أو منعه بحسب ما ذكره على صفحته الخاصة في الفيسبوك.. توقف لايام ثم عاد ثانية الى نشاطه متحديا لهم ونزولا عند رغبة محبيه ومتابعيه، ومواصلا مهمته في نقل صور لحياة الناس اثناء العودة كما في سنوات التهجير.



المادة خاصة بمنتديات برطلي دوت نت . عند نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة ، يرجى الإشارة الى
" منتديات برطلي دوت نت "