صحة العراقي... أمام الفساد و الـ 7 دولارات

بدء بواسطة حكمت عبوش, نوفمبر 22, 2012, 03:10:12 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

حكمت عبوش

صحة العراقي... أمام الفساد و الـ 7 دولارات
                                                                                               حكمت عبوش
يجب أن تكون وقاية المواطن من الأمراض (خاصة المعدية) و معالجته منها، أولى المهام التي تضطلع بها الدولة في كل المجتمعات و طبعا تختلف المجتمعات عن بعضها في تحقيق ذلك تبعا لتطورها و إمكانياتها و طبيعة النظام فيها و من هنا يأتي التباين في توفير سبل الوقاية من الأمراض و تأمين مستشفيات مناسبة و أطباء و أجهزة فحص حديثة و أدوية و وسائل علاج فعالة يوفرها التطور العلمي النظري و التطبيقي بما فيه التكنولوجي و لكن مع الأسف فما نراه في وقعنا الصحي يدعو للعجب و هو لا ينسجم مع ما يملكه العراق من إمكانيات مادية ضخمة فمنذ شهرين تقريبا بدأ مرض الكوليرا بالانتشار و كان السبب الرئيسي في هذا هو المياه الملوثة كما أعلنت الجهات الصحية المختصة و ما قاله النائب فالح الزيادي من كتلة التحالف الوطني و عضو لجنة الصحة و البيئة النيابية لوكالة الفرات (نيوز) من أن 85% من مياه الشرب في العراق غير صالح  يؤكد هذا. و هذا الماء الغير النقي لا يسبب الكوليرا فقط بل هو ضار بصحة عموم المواطنين و خاصة الأطفال بما يسببه من حالات إسهال و أمراض أخرى.
إن هذا الفشل في توفير الماء النقي لكل المواطنين بالإضافة إلى عدم نظافة البيئة المحيطة بالإنسان العراقي عندما نرى  ما تعانيه شوارع و أزقة معظم المدن العراقية و خاصة بغداد (التي نريدها في خانة العواصم الأنظف في العالم و ليس في الخانة الأخرى)  من تواجد الازبال و الفضلات فيها و هي المكان المثالي لمعيشة الحيوانات و الحشرات الضارة و تكاثرها و الأنهار التي أصبحت في أحيان كثيرة مكبا للفضلات و المياه الثقيلة ناهيك عن الجو و هوائه الذي يتلوث بهيدروكسيد الكاربون و غيره من الغازات الضارة و الناتجة عن عملية احتراق وقود المولدات و ما تفرزه عوادم السيارات في المدن الكبيرة و التي تجعله هواءا فاسدا، كل ذلك يسير بشكل طبيعي و كأن العراقيين قد تخاصموا مع النظافة  و رغم مرور ما يقرب العشر سنوات منذ سقوط الصنم، انه لمؤشر نحو عجز بارز تعاني منه الحكومة.
و نأتي إلى الصفحة الرئيسية الثانية من موضوعنا (صحة العراقي) إلا و هو العلاج من المرض حيث تلاحظ بوضوح قلة المستشفيات و انعدام و قلة أجهزة الفحص الحديثة و تلكؤ في بناء المستشفيات الجديدة كما رأينا قبل فترة مثلا في عجز إحدى الشركات التركية عن إكمال بناء مستشفى (400 سرير) في كربلاء و تلكؤ في توسيع المراكز الصحية في القصبات و زيادة أعدادها و خلوها من أقسام الولادة فتزيد من الآلام التي تتحملها الأم الحامل و ذويها وزيادة أعداد المراكز الصحية  في القرى البعيدة. و يتجلى تقصير المستشفيات و المراكز الصحية في ازدحامها بالمراجعين بمختلف الأمراض و لنأخذ مثلا مرض السرطان الذي ازداد عدد المصابين به في العراق حيث يلجأ الكثير من المرضى به من ذوي الدخل الجيد للسفر إلى الدول الأجنبية للفحص و العلاج و لكن ذوي الدخل المحدود ينتظرون دورهم و قد يستغرق عاما في المستشفى التخصصي الذي يمتلك جهازا واحدا للكشف عن الأورام السرطانية و معلوم طبيا أهمية الكشف المبكر عن المرض في علاجه و ماعدا هذا فهناك عدم توفر الأدوية الكافية لعلاج الأمراض السرطانية حيث تقول لجنة الصحة و البيئة البرلمانية: إن المتوفر من أدوية السرطان هو 40% من الاحتياج الكلي و أكد النائب حبيب الطرفي-من التحالف الوطني- عضو لجنة الصحة و البيئة البرلمانية أيضا: إن سبب فقدان هذه الأدوية هو الفساد و زاد إن وزارة الصحة مغطاة بالفساد الإداري كما باقي الجهات و المؤسسات الحكومية الأخرى ثم أكمل: إن لجان مكافحة الفساد(نفسها) تحتوي على فساد.
إن هذا الفساد الذي لا يعني سوى السرقة و النهب طبعا- بمختلف الأساليب الشرعية و اللاشرعية- للأموال المخصصة لتوفير سبل الوقاية من الأمراض و مستلزمات علاجها هو الذي يجعل انتشار الأمراض ممكنا و سهلا و هو الذي يجعل علاجها صعبا و يعاني منه الكثير من المواطنين معاناة عميقة و كل هذه الحقائق المؤلمة ما هي إلا انعكاسا صادقا لما قاله نائب برلماني من البصرة مؤخرا: إن ما تنفقه الدولة على صحة المواطن العراقي في السنة هو 7 دولارات بينما المواطن في الدول المتقدمة تنفق عليه دولته 3000 دولار سنويا أي أكثر من ثلاثة مليون دينار عراقي فانظر الفرق و قبل ان نتوقف نسأل ألم يكن قسم من هذه المليارات المسروقة كفيل بتحقيق زيادة و لو بسيطة في السبع دولارات التي تنفقها الدولة على صحة المواطن العراقي؟


ماهر سعيد متي


فعلا هو مبلغ زهيد جدا رغم ان العراق يتمتع باقتصاد قوي رغم كونه احادي الجانب.. شكرا على المقال .. تحياتي
مقولة جميلة : بدلا من ان تلعن الظلام .. اشعل شمعة