أليتيا : الدولة الإسلامية تقتلع الذين يتكلمون لغة المسيح من جذورهم

بدء بواسطة برطلي دوت نت, أبريل 19, 2015, 10:23:53 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

 
أليتيا : الدولة الإسلامية تقتلع الذين يتكلمون لغة المسيح من جذورهم


برطلي . نت / متابعة
بيروت/ أليتيا (aleteia.org/ar) – كان سهيل غابرييل في السرير عندما اقتحم مسلحو الدولة الإسلامية قريته في شرق سوريا و أمطروها بالقذائف الصاروخية. هرع غابرييل و زوجته و ابنته إلى دراجته النارية و انطلقوا في الصباح الباكر. "لقد غادرنا بملابس النوم. فلم يكن لدينا الوقت الكافي لارتداء ملابسنا".

كان غابرييل واحد من بين آلاف الناس من المجتمع المسيحي القديم، المعروفين باسم الآشوريين، و الذين فرّوا من 35 قرية في منطقة نهر الخابور في سوريا في شباط، بسبب هجوم الجماعات السنّيّة المتطرفة. دنّس المتشددون الكنائس و الرموز الدينية، و اختطفوا نحو 250 آشوري، و لم يستثنوا النساء و الأطفال.
على مدى العقد الماضي، انضم الآشوريون إلى موجات المسيحيين الهاربين من سوريا و العراق بسبب الحرب و الاضطهاد من قبل المسلمين المتطرفين. لكن الهجمات الأخيرة ضاعفت المخاوف من أن هذا الشعب الفريد في بلاد ما بين النهرين مهدد بالزوال من المنطقة.

تقول إيدن نابي مؤرخة الشرق الأوسط و خبيرة الثقافة الآشورية أن الآشوريين في العراق و سوريا هم آخر المجتمعات التي تتحدث بلغة يسوع المسيح: الآرامية. لقد أجبر العديد من الآشوريين على مغادرة الشرق الأوسط مما يضعف احتمال المحافظة على اللغة.

و تقول نابي أن الآرامية هي أقدم لغة مكتوبة و محكية في الشرق الأوسط. و قد استخدمتها الطوائف الدينية الأخرى من قبل بما في ذلك اليهود. "إن ما تبقى من الآشوريين هم آخر الشعوب التي تتكلم اللغة الآرامية. و إن اختفاء و تشريد هذا الشعب قد يكون الفصل الختامي في استخدام اللغة الآرامية في العالم".
يعتبر الآشوريون، الذين يشار إليهم أيضاً بالكلدان أو السريان، أنفسهم متميزين عرقياً عن العرب و الأكراد، و تعود جذورهم في هذه المنطقة إلى نحو 6500 سنة. و هم يتكلمون باللهجة الحديثة التي كانت لغة مشتركة للإمبراطورية الآشورية.

كان الآشوريون من أول الشعوب التي اعتنقت المسيحية، و ينتمون في الغالب إلى أربعة طقوس من الكنائس الشرقية، التي أسسها رسل القرن الأول؛ توما و تداوس و برتلماوس.
على الرغم من انتشار مجموعات من الآشوريين في لبنان و تركيا، إلّا أن قلب المجتمع لا يزال في العراق و سوريا. و قد انخفض عدد الآشوريين في العراق من 1,4 مليون في أواخر الثمانينيات إلى نحو 400000 آشوري، كما هاجر العديد منهم إلى الخارج بسبب الاضطرابات التي أحدثها الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام صدام حسين.

يقدر عدد الآشوريين في سوريا بأقل من 40000 نسمة. و قد اضطر العديد منهم إلى الفرار إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في الجزء الشرقي من البلاد بعد سيطرة الدولة الإسلامية على قراهم.
و يقول حبيب أفرام رئيس الرابطة السريانية في لبنان:"إننا نواجه العمل الوحشي تلو الآخر". و أشار إلى الهجمات التي طالت الآشوريين في السنوات الأخيرة بما في ذلك قتل مطران في مدينة الموصل شمال العراق عام 2008، و تفجير كنيسة آشورية في بغداد عام 2010، و خطف اثنين من الأساقفة في حلب، أكبر مدينة سورية. و أضاف:"إنهم لا يريدون الاستيلاء على أرضك فقط أو طردك من قريتك، إنهم يريدون محو ماضيك و تراثك".

عندما اجتاحت الدولة الإسلامية شمال العراق في حزيران، اضطر الآلاف من الآشوريين في الموصل و مناطق أخرى إلى الفرار.
حتى قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا و صعود الدولة الإسلامية، واجه الآشوريون الاضطهاد. و قد قتل نصف مليون آشوري على الأقل على يد الأتراك العثمانيين أثناء مذابح الأرمن و غيرهم من الأقليات خلال الحرب العالمية الأولى. و هي المجزرة التي يعتبرها الكثير من المؤرخين إبادة جماعية.
يعتقد اليوم أن أكثر من ثلثي الآشوريين يعيشون في عدة دول من بينها الولايات المتحدة و السويد و أستراليا. و تقول نابي، الخبيرة في الثقافة الآشورية، أن عدداً قليلاً من المدارس تعلّم اللغة الآرامية في تلك البلدان، و هذا سيساهم في اختفاء هذه اللغة.

و أشارت الباحثة إلى أن خسارة مماثلة للغة الآرامية حدثت عندما غادر آلاف اليهود شمال العراق عند إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. و انتقل العديد منهم إلى إسرائيل و أصبحت العبرية هي لغتهم.
يأمل العديد من الآشوريين الذين هربوا من منازلهم في سوريا في إعادة بناء حياتهم في الخارج. يقول غابرييل:"لن يستطيع أحد منا العودة إلى سوريا. إننا ندرك هذا، و ندرك أن علينا بدء حياتنا في بلدان أخرى". يبلغ غابرييل من العمر 47 عاماً، و هو مدرّس للغة الانكليزية، جاء إلى لبنان مع عائلته و عشرات الآشوريين، بعد وقت قصير من الهجمات.