مشاكســـة الانترنـــت يشــعل الخلافات الزوجيـــة

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يوليو 19, 2014, 08:35:03 مسائاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

مشاكســـة
الانترنـــت
يشــعل الخلافات الزوجيـــة




مال اللـــــه فــــرج

malalah_faraj@yahoo.com

عندما كنا في مراهقتنا وشبابنا غارقين في التهام كتب محفوظ والمنفلوطي وسارتر وتشيخوف والعقاد وهيجو وجبران ودي بوفوار ومورافيا وكرستي وديكنز وهمنغواي وغيرهم، ونحن نصطحبها معنا اينما ذهبنا كمدمنين محترفين ملتهمين بشراهة كل ما يقع بين ايدينا من قصصهم وحكمهم وتحليلاتهم وانطباعاتهم وتجاربهم ونظراتهم الى متغيرات الحياة وتفاعلاتها , لم نكن لنتصور او يدور في خلدنا للحظة باننا في زمن ما سوف نغادر حريتنا هذه لنمسي اسرى امام شاشة فضية تقيدنا وتشدنا اليها بقوة ساعات الليل والنهار وهي تفتح امامنا عبر شبكتها العنكبوتية ابواب ونوافذ عالم مفتوح على المدى، يضج بكل ما تشتهيه النفس وما تستلزمه مهنتنا العتيدة، (مهنة البحث عن المتاعب) , ليتحول الانترنت شئنا ام ابينا سلاحا ذا حدين، فهو لمن يحتاجه ويحسن استخدامه نعمة النعم، ولمن يسيء ذلك نقمة النقم.
فعبر نوافذ الفن والادب والسياسة والتاريخ والحضارة والاسرة والعلم والمواقع الخبرية اصبح بامكانك ان تبحر وانت جالس في مقعدك الى عالم ساحر يوفر لك كل شيء من حوادث الطلاق وصرعات المشاهير الى السيقان العارية والصدور النافرة والاجساد المثيرة وانواع واشكال العلاقات الزوجية الحميمة ومعارك الفنانين وفضائح بعضهم والانتفاضات الشعبية وفساد بعض الرؤساء والاحداث السياسية، ليسرق منك دون ان تنتبه صحتك وقوة نظرك جراء التحديق الطويل في الشاشة السحرية المضيئة وخصوصا في المشاهد المثيرة التي يعيد البعض مشاهدتها عشرات المرات ليشبع نهمه وجوعه، وليتحول ذلك الى ادمان يومي حقيقي اشعل خلافات الحرائق الزوجية ووضع الكثيرمن الاسر التي كانت مستقرة وجها لوجه اما كارثة ابغض الحلال بعد ان اهمل الكثير من الازواج زوجاتهم واستعاضوا حتى عن حقوقهم الزوجية بمتابعة الافلام الجنسية.
في خضم ذلك , ووقوفا على ارض الواقع اثار التقرير الذي بثته شرطة الإنترنت في إيران هزة اجتماعية عنيفة وهو يؤكد إن موقع (الفيس بوك) وراء ثلث حالات الطلاق فيها، وفيما رصدت الولايات المتحدة حقيقة أن 66% من حالات الطلاق هي بسبب الفيس بوك ايضا! حيث يشارك الرجال والنساء والشباب والمراهقون في علاقات وحوارات ودردشات عامة طويلة ومفصلة تبدأ غالبا في اطار بريء لتنتهي باشكال واوضاع واساليب غير بريئة، وربما يقود بعضها الى فضائح مدوية عندما يتم تبادل صور شخصية غير محتشمة لتتحول فيما بعد الى احدى ادوات جرائم الابتزاز وقد ادى ذلك فعلا الى انتحار العديد من الشابات والمراهقات وانفصال الكثير من السيدات عن ازواجهن.
وتؤكد إحدى السيدات المطلقات بسبب الفيس بوك وهي أستاذة جامعية بالقول: (كانت حياتنا الزوجية مستقرة وهادئة قبل إدمان زوجي السابق على الانترنت والقنوات الفضائية المخصصة للأفلام الاباحية ومواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك حيث كان يقضي ساعات طويلة منزويا بعيدا عنا برفقة حاسوبه الشخصي ولم تنفع معه كل الطرق للعودة الينا بعقله وروحه، فكانت النتيجة الانفصال) , وعلى الصعيد نفسه تؤكد دراسة استطلاعية اجرتها نقابة المحامين الالمان بأن (الخيانة الزوجية على الإنترنت) تشكل اليوم حوالي 25% من اسباب الطلاق.
الى ذلك تحضرني طرفة تقول ان احد الرجال ذهب عصر احد الايام الى المقهى ليفاجأ اصدقاؤه بجروح واصابات بليغة في رأسه ووجهه مع رضوض في يديه وقدميه، ولما سأله زملاؤه عن سبب ذلك مستفسرين منه (هل سقطت من درجات السلم؟ هل صدمتك سيارة؟ هل تشاجرت مع اشخاص معينين؟ هل تم توقيفك في احد مراكز الشرطة بتهمة الارهاب وتم تكريمك بهذا الشكل الانساني الرومانسي الذي يجسد حرص الاجهزة الامنية على تطبيق مبادئ وفقرات الاعلان العالمي لحقوق الانسان؟).
اجابهم: كلا
سـألوه: ما سبب كل هذه الجروح والخدوش  والكدمات اذا؟
اجابهم: لقد عثرت زوجتي اليوم على (الباسوورد) الخاص بحاسبتي.
ولنا ان نتخيل ما الذي كانت تضمه تلك الحاسبة (المشاكســة).
هذه الطرفة، فجرت في اعماقي تساؤلا افتراضيا، لكنه مشروع:  ماذا لو ان المواطنين في بعض الدول التي اعتاد مسؤولوها على  امتطاء ظهور شعوبهم باسم الديمقراطية عثروا على (باسووردات) حاسبات بعض السياسيين والمسؤولين والبرلمانيين في بلادهم ، وقاموا  بعرض محتوى تلك الحاسبات   على الملأ واطلاع الرأي العام عليها عبر شاشات الفضائيات والمواقع الالكترونية التي تبحث عن مثل هذه الفضائح بعدسات ميكروسكوبية فائقة الدقة؟
ربما سنغرق في عالم من فضائح ستراتيجية غير متوقعة، وستجد الشعوب الاجابات الوافية عن كل اسئلتها وتساؤلاتها المؤجلة، وستمسك اعداد كبيرة من الزوجات بالادلة الدامغة على خيانات زوجية كن طوال اشهر وربما سنوات يشممن رائحتها فقط لكنهن غير قادرات على الامساك بها، وستنكشف صفقات واختلاسات وعقود فساد لا حصر لها والالاف من عقود الزواج السرية وسيتعرف الالاف من الاطفال مجهولي النسب على ابائهم وامهاتهم الحقيقيون وستنكشف وجوه كانت تختبئ وراء الشعارات وستتوضح اتفاقات مريبة، والاهم ستدرك بعض الشعوب من الذي باعها ومن الذي قبض ثمنها ومقدار النسب المؤية التي قبضها سماسرة السياسة  وآلية توزيع الحصص على بعض (المناضلين).
ازعم ان البعض السياسيين والمسؤولين في الدول المعنية اذا اتيحت له فرصة قراءة  هذه المشاكسة سيسرع لاستبدال (الباسوورد) الخاص بحاسبته، وربما يضع لها (باسووردين اثنين) مختلفين حرصا على (سرية) المعلومات المتعلقة بالمصالح الوطنية الستراتيجية العليا.