بيار عطالله - قراءة مسيحية هادئة في الأزمة السورية وتردداتها

بدء بواسطة برطلي دوت نت, يونيو 10, 2012, 10:51:26 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

برطلي دوت نت

بيار عطالله - قراءة مسيحية هادئة في الأزمة السورية وتردداتها



النهار

قراءة مسيحية هادئة في الأزمة السورية وتردداتها
كلما ضعفت الدولة وإدارتها تنامت الهواجس

يروي احد الناشطين من الاقليات المسيحية انه خلال الجولة الاخيرة لوفد مشترك من السريان والكلدان والاشوريين على القيادات المسيحية لمطالبتها بتمثيل صحيح لهذه المجموعات في مجلس النواب، بادرهم احد الزعماء المسيحيين بالسؤال عن موقف قسم من المسيحيين في سوريا من المؤيدين للنظام، سائلا: "ما هذا الموقف ضد التاريخ والجغرافيا والمنطق؟". ولم يكن السؤال سوى النقطة التي اندلع فيها النقاش حاميا بين عدد من اعضاء الوفد والزعيم المسيحي الحزبي، فكان الرد بأن مسيحيي سوريا قلقون للغاية وحالهم مع نظام الاسد ليست جيدة اذ لا حقوق قومية يتمتعون بها ولا ديموقراطية ولا اصلاح، وليس هذا النظام هو ما يطمحون الى العيش في ظله، لكنهم يقيمون على حذر كبير مما يجري من تطورات و"يفضلون الدولة على اللادولة، والنظام على اللانظام، وثمة خشية لديهم من البديل من النظام الحالي، وخصوصا ان أياً من القوى التي تطلب التغيير لم تفصح عن هويتها ولا مشروعها في شكل واضح، وقصرت اعلاناتها على المبادئ العامة".
ويمضي الراوي في سرد ما جرى في اللقاء الذي تحول جلسة حوار، مؤكدا ان الزعيم المسيحي اللبناني سمع من رجال الدين والعلمانيين في الوفد، تجارب التغيير في العالم العربي، والتي ادت الى وصول الاسلام السياسي الى الحكم في تونس وليبيا ومصر، وهو ما لا يبشر بالخير لجهة الفكر الذي تحمله هذه الجماعات ولا لجهة الممارسات الاولية التي صدرت عنها، وكانت موضع تنديد من التيار الاسلامي المعتدل وقسم كبير من قوى المجتمع المدني. ثم تطور النقاش بين الوفد والزعيم الى شرح مفصل تولاه احد رجال الدين المتقدمين في الرتبة، وفيه ان مسيحيي سوريا لا يريدون ان يكونوا طرفا في النزاع، وهم ادرى بشعاب بلدهم من موارنة لبنان، وهم ان كانوا مع الديموقراطية الا انهم ليسوا مع التيوقراطية. كما أسمعوا مضيفهم ان الكنائس السريانية في سوريا والعراق هي كنائس الاضطهاد والمعاناة، ولا يمكنها ان تتغافل عما يجري حولها وتدعي النكران او رفع المسؤولية، لذلك فهي تتعامل بحذر كبير مع الوقائع اليومية السورية".
هذا في نقاشات اللبنانيين في ما بينهم، أما على الارض، فثمة حركة شراء شقق ومنازل محدودة لعدد من المسيحيين السوريين القادرين على الشراء في عدد من مناطق جبل لبنان والشمال والبقاع ذات الأكثرية المسيحية، اضافة الى تسجيل الاولاد في المدارس اللبنانية استعدادا للعام الدراسي 2012 – 2013. ونقلا عن عدد من هؤلاء الذين يرفضون الافصاح عن اسمائهم وهوياتهم، فإن الامور "لا تبشر بالخير والمسيحيين ليسوا على خريطة التوازنات، وهم عالقون بين قوى النظام من جهة وبين الثوار الذين يحظون بدعم كبير من جهة أخرى"، بدليل ما يجري في حمص ومنطقتها حيث غادر المسيحيون عائدين الى قراهم وبلداتهم بعدما اصبحوا بين مطرقة النظام السوري وانصاره  وسندان الثوار المسلحين وانصارهم.
وينقل عن بعض القادمين  ان ضعف النظام وعدم توافر البديل القادر على طمأنة الرأي العام، يؤدي تدريجاً الى تعزيز الشعور القومي الكردي في مناطق الجزيرة المحاذية للمناطق الكردية في شمال العراق (القامشلي وجوارها تحديداً التي فيها تجمعات كبيرة من السريان والاشوريين). وفي مزيد من التفاصيل ان المنظمة الديموقراطية الاشورية التي تشكل احدى فصائل المعارضة السورية ولديها ممثل في المجلس الوطني السوري هو عبد الاحد الصيفي، تشارك بقوة في حركة الاحتجاجات السلمية على النظام السوري، لكنها لم تحمل السلاح بعد ضد النظام اسوة ببعض فصائل المعارضة السورية وتنظيماتها، الا ان موقف المنظمة لا يعكس بالضرورة الجو العام المسيحي الحذر في مقاربة التطورات السورية والمسكون بهاجس الخشية من تكرار النموذج العراقي وما اصاب اخوتهم المسيحيين الكلدان والاشوريين والسريان من تنكيل من كل الاطراف في مرحلة ما بعد صدام حسين.
ونقلاً عن الواصلين من سوريا الى لبنان أيضا، ان ما يؤرق المسيحيين السوريين هو اهتراء مؤسسات الدولة وقسم من اجهزتها نتيجة الازمة، ذلك ان مسيحيي سوريا عوّلوا ويعوّلون دائماً على مؤسسات الدولة السورية واداراتها، وهم على نقيض مسيحيي لبنان لم يمتلكوا يوماً تنظيمات سياسية تحمل هويتهم، ولا حملوا في يوم من الايام نزعات استقلالية ونضالية (عسكرية) على غرار مسيحيي لبنان الذين قاتلوا تكراراً في الاعوام 1958 و 1969 و 1975، وتالياً فإن فكرة تنظيم المجتمع المسيحي السوري صعبة جداً، مع الاخذ في الاعتبار الانتشار المسيحي على الجغرافيا السورية كاملة.