تحرير الأخبار:

تم تثبيت المنتدى بنجاح!

Main Menu

العنف التربوي ومعالجته 3

بدء بواسطة د.عبد الاحد متي دنحا, أكتوبر 06, 2011, 06:57:18 صباحاً

« قبل - بعد »

0 الأعضاء و 1 زائر يشاهدون هذا الموضوع.

د.عبد الاحد متي دنحا

العنف التربوي ومعالجته 3

ثالثا: العنف التربوي:

- مقدمة:
من اقوال نلسون مانديلا, (مترجم عن دراسة باللغة الانكليزية تحت عنوان:
An end to violence against children)

واخيرا يجب على الأطفال، ان يلعبوا في المروج المفتوحة، و لم يعد التعذيب من الم الجوع أو المرض أو من تهديد آفة التحرش الجنسي، والجهل وسوء المعاملة، ولم تعد هناك حاجة للانخراط في الأعمال والتي خطورتها تزيد متطلبات اعمارهم.

ان الهدف الاساسي من هذه الدراسة هو أنه لا يوجد مبرر للعنف ضد الأطفال، وانه ممكن الوقاية من جميع  اشكال العنف ضدهم.

تعريف الطفل حسبما هو وارد في المادة ١ من اتفاقية حقوق
الطفل: "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه ". وتعريف العنف هو التعريف الوارد في المادة ١٩ من الاتفاقية : "كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة المعاملة أو الاستغلال بما في ذلك الإساءة الجنسية".
التعريف الوارد في التقرير العالمي عن العنف والصحة ( ٢٠٠٢ ): الاستخدام المتعمد للقوة أو الطاقة البدنية، المهدد  بها أو الفعلية، ضد أي طفل من قبل أي فرد أو جماعة تؤدي إلى أو من المرجح للغاية أن تؤدي إلى ضرر فعلي أو محتمل لصحة الطفل أو بقاؤه على قيد الحياة أو نموه أو كرامته.
ان اتفاقية حقوق الطفل تنص بشكل واضح وصريح بضرورة حماية الأطفال من جميع أشكال الإساءة والاستغلال والعنف التي قد يتعرضون لها ( المادة 32، اتفاقية حقوق الطفل ) وهذا يشير إلى بداية الاهتمام بالطفل على أنه إنسان له كيان وحقوق بحد ذاته وليس تابع أو ملكية لأحد مثل العائلة.
وكذلك يمنع الدستور العراقي العنف حسب (المادة 29 الفقرة رابعا و التي تنص على : تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة و المدرسة و المجتمع).
ووفقا للمبادرة العالمية لإنهاء جميع أشكال العقوبة البدنية التي تمارس ضد الأطفال لا يحظر ١٠٦ بلدان على الأقل استخدام العقوبة البدنية في المدارس، ولا يحظرها ١٤٧ بلدا داخل أماكن الرعاية البديلة، وحتى الآن لم يحظر استخدامها  في المنزل سوى ١٦ بلدا.
و تشير دراسة و التي شملت 131 دولة  على مستوى العالم إلى أن العنف قد تسبب في قتل 53 ألف طفل خلال العام 2002، وأن 80 – 98% من الأطفال يعاقبوا بدنيا في منازلهم مع معاناة أكثر من الثلث من العقوبة البدنية مع استخدام أدوات، وبما يتراوح ما بين 133 – 275 مليون طفل تعرضوا لعنف أسري، و إن ( 20 - 65 ) % من الأطفال يتعرضون للعنف التربوي و150 مليون فتاة و73 مليون صبي عانوا من أشكال عنف جنسي خلال العام 2002، ومليون طفل حرموا من حريتهم عام 1999 سبب ارتكابهم جرائم صغيرة أو جنح أو كانوا في انتظار محاكمة، وأن 218 مليون طفل دخلوا سوق العمل عام 2004 منهم 126 مليون طفل يعملون في الأعمال الخطرة .

ويعرّف التقرير العالمي عن العنف ضد الأطفال الرئيسية على النحو التالي:
• العقوبة البدنية والنفسية؛
• التسلط (من جانب الزملاء الآخرين)؛
• العنف الجنسي والمستند إلى نوع الجنس؛
• العنف الخارجي: عنف العصابات والنزاعات والأسلحة
والمشاجرات.

العقوبة الجسدية أو البدنية على أنها أي عقوبة تستخدم فيها القوة الجسدية ويكون الغرض منها إلحاق درجة معينة من الألم أو الأذى, مهما قلت شدتهما. وتشمل العقوبة في السياق التعليمي ضرب الطلاب ("الصفع" أو"اللطم"أو "الضرب على الردفين") باليد أو باستخدام أداة ما, ويمكن أن تشمل أيضاً على سبيل المثال ركل الطلاب أو هزهم أو رميهم أو الخدش أو القرص أو العض أو شد الشعر، أو لكم الأذنين أو إرغام الطلاب على البقاء في أوضاع غير مريحة أو الحرق أو الكي أو الإجبار على تناول مواد معينة كغسل فم الطالب بالصابون.
أن العقوبة البدنية هي عقوبة مهينة في جميع الحالات.

أن الدين الإسلامي يتعامل مع مفهوم العنف والعقاب على أنهم مفهومين منفصلين ومختلفين، فيعتبر الإسلام العنف الجسدي على أنه نوع من أنواع العقاب وانه وسيلة تربوية فيذكر " العقاب هو نوع من أنواع التربية ويستخدم لكف سلوك غير مرغوب فيه أو يكون لتأديب إنسان أو ردعه عن ظلم الآخرين "، فنجد من ذلك إجازة باستخدام العقاب بشكل عام ويصل إلى العقاب البدني, مشيراً إلى إمكانية استخدام العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضرب غير شديد وغير مؤلم.
اما الدين المسيحي فانه يرفض أي نوع من أنواع العنف سواءً التعذيب الجسدي أو المعنوي، القتل، الانتحار المتعمد، الوأد، بتر الأعضاء ... الخ، ويدعو إلى مسامحة المعتدي والمحبة كما يحث على احترام الشخص الإنساني والنفس الإنسانية.
http://saly.ahlamontada.net/t1852-topic

وثمة أشكال أخرى عديدة من العقوبات القاسية والمهينة غير العقوبات البدنية.
وتدخل في ذلك العقوبات التي تحط من قدر الطالب أو تذله أو تخيفه أو تهدده أو تسخر منه. وعلاوة على ذلك, يشكل استخدام القوة البدنية في حد ذاته من جانب شخص أكبر وأقوى من الطالب تهديداً واضحاً ينم عن القوة والسيطرة والتخويف, مما يعزز فكرة اقتران أعمال العدوان البدني بالعدوان النفسي.
إن مشاهد العنف ومناظر الفتك والبطش والاجرام, وصور الأشلاء الممزقة والدماء المراقة بقسوة وجنون.. تؤثر على الإنسان البالغ المميز, وتبعث في نفسه التقزز, لكنها بالنسبة للأطفال أكثر تأثيراً وسوءا, لأنها تحمل بذور التشويه النفسي والعبث الأخلاقي. بما في ذلك من آثار وخيمة, على المستوى النفسي والأخلاقي في مستقبل الحياة بالنسبة للطفل.
وقد يكون الأطفال أكثر عرضة للمعاناة من تسلط الزملاء إذا كانوا ذوي إعاقة، أو إذا كانوا يعربون عن توجه جنسي يختلف عن توجه الأغلبية، أو كانوا ينتمون لأقلية عرقية أو ثقافية, أو يأتون من خلفية اجتماعية اقتصادية معينة. ويؤدي التسلط في بعض الأحيان إلى اعتداءات بدنية تؤدي إلى الوفاة.

عندما يصبح العنف وسيلة للتربية فهذه طامة كبرى, اننا محاطون بالعنف كباراً وصغاراً, حتى صرنا نتناوله مع وجبات الطعام, وواقع مثل هذا يترك بصماته وتأثيره القاسي على الكبار, فما الذي يكون عليه حال الاطفال في مثل هذا الوضع, وهم اوراق بيض لم يكتب الزمن ولا التاريخ المعرفي شيئا من الحروف عليها. هم المادة الخام والارض المهيأة لاستقبال كل بذرة للتغيير, وسيملأ هذا العنف ويلطخ بالسواد والدم كل البراعم اليانعة, ويشوه امكانية النمو لديها, ونستطيع ان نتخيل الآن كيف سيكون هذا النمو وأي نباتات واشجار ستكون مستقبلا, واي ثمر ستثمر هذه النباتات. بالتأكيد سيكون الاطفال الحاضرون مطبوعين بطباع هذا العنف.
أن الطفل ارض خامة وخصبة وكل ما يزرع فيها ينبت. لذا نرى ان الطفل اذا نشأ وتربى على هذه الممارسات العدوانية فمن الطبيعي جداً ان يصبح العنف جزءاً من سلوكه وشخصيته.
وبرامج الاطفال التي يفترض ان تكون سليمة. هذه البرامج تعرض اشكالاً متعددة من العنف اللفظي والمادي تعتمد اساسا على القتل الجماعي والفردي، وتعتبر التصفية الجسدية هي الحل. والطفل يجيد التقليد، ويتعلم مما يرى امامه.

ان أطفال العراق, في تقارير الأمم المتحدة, يعانون من كل أنواع العنف: في الشوارع, وداخل منازلهم قهراً وجوعاً وأمراضاً, فضلاً عن العنف الذي تشهده بلادنا والذي يشكل السمة الغالبة في حياة العراق منذ ثلاثة عقود.
أن غالبية أعمال العنف التي يعاني منها الأطفال يرتكبها أشخاص يشكلون جزءا من حياتهم  :الآباء والأمهات, وزملاء الدراسة والمدرسون, وأرباب العمل والأصدقاء والصديقات والأزواج والشركاء.
من اعمال العنف الحديثة "تسلط الزملاء على الإنترنت"  و هو المضايقة عن طريق البريد الإلكتروني والهواتف الخلوية والرسائل النصية والمواقع التشهيرية.

- تعريف العنف التربوي:
هو أي سلوك يتّسم بالعدوانية الظاهرة أو المقنّعة في المدرسة، ويترتّب عنه أذى بدني أو نفسي أو جنسي على التلميذ, و هو أحد أهم المواضيع التي لها تأثير مباشر على جميع أفراد المجتمع إذ أن التربية أساس بناء المجتمع ورقيه وتقدمه, وبصرف النظر عن التدخل في عملية التعليم فإن العنف المدرسي له آثار بعيدة المدى تؤثر على الفرد.
يتمثل العنف التربوي بسلسة من العقوبات الجسدية والمعنوية المستخدمة في تربية الأطفال والتي تؤدي بهم إلى حالة من الخوف الشديد والقلق الدائم, والى نوع من العطالة النفسية التي تنعكس سلبا على مستوى تكيفهم الذاتي والاجتماعي ويتم العنف التربوي باستخدام الكلمات الجارحة التبخيسية واللجوء إلى سلسلة من مواقف التهكم والسخرية والأحكام السلبية إلى حد إنزال العقوبات الجسدية المبرحة بالطفل والتي من شأنها أن تكون مصدر تعذيب واستلاب كامل لسعادة الأطفال في حياتهم المستقبلية.

اما بالنسبة للأطفال الذين يعانون صعوبة في التعليم فان المدرسين يتـّبعون معهم أبشع الأساليب التربوية بتوجيه الإهانات والشتائم والضرب لهؤلاء الأطفال دون أن تستوعب إمكاناتهم أو دون وجود أي جهة تحاسب المعلم المعتدي, فكثيرا ما تكون أعمال المضايقة سواء من قبل التلاميذ أو العاملين في المؤسسات التعليمة مرتبطة بالتميز ضد التلاميذ الذين ينحدرون من اسر فقيرة أو المجموعات المهمّشة أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أن العنف الموجّه ضد الفتيات من جانب المدرسين والزملاء يأخذ الطابع الجنسي في أغلب الأحيان.
ولا يثبط العنف الجنسي الفتيات عن الذهاب إلى المدرسة فحسب، ولكنه قد يحدو أيضا بالآباء إلى منع بناتهم من الانتظام في الدراسة خوفا من أن يتعرضن أيضا للإيذاء. ويمكن أن يؤدي العنف الجنسي ضد الفتيان إلى إحساس شديد بالخزي لأنه غالبا ما يعتبر من المحظورات.

الجو التربوي العنيف يوقع المعلم الضعيف في شراكه، فالمعلم يلجأ إلى استخدام العنف لأنه يقع تحت تأثير ضغط مجموعة المعلمين الذي يشعرونه بأنه شاذ وان العنف هو عادة ومعيار يمثل تلك المدرسة والطلاب لا يمكن التعامل معهم الآ بتلك الصورة وغالباً ما نسمع ذلك من معلمين محبطين محاولين بذلك نقل إحباطهم إلى باقي المعلمين ليتماثلوا معهم فيرددون على مسمعهم عبارات مثل ( بعدك معلم جديد، ترى انه بدون ضرب لا تحصل على أي نتيجة، و غدا ستيأس .. الخ من العبارات المحبطة)،
وهناك عنف المتعلمين أنفسهم على المدرسين وعلى ممتلكات المدرسة، والعنف المتبادل، بالإضافة إلى الاقتصار على المقاربة الوصفية للعنف التربوي كنتيجة فقط، وعدم التحليل العميق للأسباب والعوامل الاجتماعية والنفسية لظاهرة العنف التربوي، والتي ترتبط جدليا ببعض مظاهر العنف المجتمعية التي تطبع سلوكيات الأفراد، أطفالا وكبارا، وتؤثر في سيكولوجيتهم وتوجهاتهم العلائقية.

يذكر ( هوربيتس، 1995) " إذا كانت البيئة خارج المدرسة عنيفة فأن المدرسة ستكون عنيفة ".
أن التلميذ في بيئته خارج المدرسة يتأثر بثلاث عوامل وهي العائلة، المجتمع والأعلام وبالتالي يكون العنف المدرسي هو نتاج للثقافة المجتمعية العنيفة.
ان التنشئة التسلطية داخل الاسرة او المدرسة تولد كبتاً، والكبت يولد عنفاً، ومن نظرة تاريخية لحالة المجتمع العراقي نجد ان الانسان يمتلك مجموعة من القيم التي تحرك سلوكه، وانها لم تولد معه بل اكتسبها من بيئته (الاسرة، المدرسة) وهي نتاج المنظور القيمي الذي خيم لعقود طويلة من دون تغيير بدعوى انها تتلاءم وطبيعة المجتمع.

ظاهرة العنف التربوي في العراق قديمة الجذور والنشأة قدم التعليم ذاته، حيث ارتبطت بأقدم اساليب التدريس الذي كان يقوم على استخدام وسائل معينة لاجبار التلاميذ على حفظ (القرآن) ولعل في موروثها العراقي القريب شيوع استعمال الفلقة عند (الملالي) او الكتاتيب وهي الطريقة التي كانت سائدة قبل انتشار المدارس وبعد ان تطورت اساليب التربية الحديثة وظهرت المدارس على اساس علمي بقي استخدام العنف في المدارس يسير بشكل متواز مع الوقت برغم التفاوت الكبير في مدى تأثير هذا العنف من وقت لاخر فهناك عوامل واسباب تجعل هذه الظاهرة تتجدد وتنمو ولابد من إيجاد حلول لها لإبعاد الآثار النفسية المترتبة عنها في المدى القصير والبعيد اما الجديد فهو استخدام الألفاظ النابية من معلمين و معلمات وقعت على عاتقهن تربية جيل جديد في ظل اوضاع اقل ما يمكن ان توصف به انها مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معاني كبيرة عن الوصف.
ان شقاوات ايام زمان وحالات العنف والضرب غير المبرر نراها موجودة حتى في مدارسنا من قبل بعض بل الكثير من المعلمين والمعلمات وهم يستخدمون الضرب المبرح مع التلاميذ والطلبة مع توجيه السب والقذف بابشع الكلمات التي لا يمكن لاي انسان عاقل ان يتلفظ بها وهذا يؤدي الى نفور الكثير من التلاميذ وهروبهم من المدارس ليبحثوا عن حريتهم ولو على حساب مستقبلهم ما يؤثر سلبيا على تربية ونشوء الطفل وبالتالي التسبب بهدم واضعاف المجتمع برمته. وهذا حمل كبير يضاف على كاهل المجتمع وخصوصا ان مجتمعنا يعاني من كثرة المهجرين والايتام والمشردين فاذا كانت المدرسة لا تؤي هؤلاء ولا تربيهم فمن لهم وما هو مستقبلهم؟.
الشقاوات وحالات العنف هي حالات موروثة من انظمة مستبدة ومتخلفة وقد انتقلت من المدرسة الى الشارع والى السياسة وفي كل مكان اي ان مجتمعنا قد توارث العنف من جيل الى جيل وهناك حالات واماكن سالت فيها دماء وهي اماكن يجب ان تكون رمزا للمحبة والالفة والسلام.
وقد ذكر أستبيان لشبكة حقوق الاطفال في العراق في 2010، أن غالبية العنف الموجه ضد الاطفال في العراق تجري ممارسته في المدارس.
للحرب وتبعيتها الاقتصادية والاجتماعية دور كبير في تنامي العنف، حيث ان الحالة النفسية للمعلم (المدرس) تلعب دوراً في مدى ايصال المادة العلمية، فاذا كانت غير مستقرة وقلقة فانها تنعكس عليها وبالتالي تبدأ تأثيرات تظهر على شكل الانفعال السريع وغير مسيطر عليها، وفي نهايته يكون تفريغ شحنة الغضب تلك ينصب على التلميذ (الطالب)، ولكن فصل الحالة النفسية للمعلم عن محيطه لانه في النهاية هو خاضع لعوامل التكوين الاجتماعية والاقتصاية .
ان ظاهرة العنف بكل انواعها لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، بحيث هناك (عنف تربوي) واخر (اسري) لانها متصلة وبالتالي تساهم جميعاً في تكوين العنف، والمعروف ان الانسان بطبيعته يتأثر بالعوامل الخارجية منها الحروب، الحالة الاجتماعية، الحالة الاقتصادية، الوضع السياسي، وغيرها مثلاً في فترة ما شاع مصطلح الحرية المفرطة وهو امر استغل من بعض الطلبة من اجل التمرد على قوانين المدرسة، وهناك لابد ضابط يمنع حدوث الفوضى، لذا لجأ البعض الى استخدام العنف كنوع من العقاب الرادع للمحافظة على النظام المدرسي .

ان المدارس في العراق في الثمانينات من القرن الماضي كانت كمراكز للتدريب علي السلاح, ومناطق تجمع لميليشيات البعث الحاكم كما ان ساحاتها تشهد كل خميس ومنذ الحرب العراقية الإيرانية اطلاقاً لزخات من الرصاص الحي من البنادق الرشاشة مع رفعة العلم وهو اجراء أمر به الرئيس السابق صدام حسين وذلك لإنماء روح القوة والتحدي عند الأجيال الجديدة .
ومما ساهم في اعلاء روح العنف في المدارس تحول الطلاب البعثيون الي محققي أمن لهم صلاحية استدعاء الطلاب المشكوك في ولائهم الي غرف الاتحاد الوطني في المدارس الثانوية والاعدادية وممارسة أنواع من العنف بحقهم. كما ان القيادات الطلابية التابعة للحزب الحاكم كثيراً ما تسببت في اعتقال أساتذة تحت ذرائع سياسية. كما وتتخذ القيادات من المدارس مواقع في عمليات الاستنفار الحزبي واستخدمتها قيادات عسكرية مواقع بديلة أثناء حرب الخليج الثانية 1991 ما أبعد المدارس عن صورة أمكنة العلم والمعرفة والتربية السليمة.
ويؤكد احد استاذة علم النفس التربوي ان سؤالاً بات يطرحه بعض أولياء الأمور مفاده: ما فائدة المدرسة؟ ينطوي علي تحريض ضد قيم التربية والمعرفة وأججته ظروف الفاقة والحرمان التي يعانيها العراقيون ما دفع نسبة كبيرة منهم الي رفض ارسال أولادهم الي المدارس واشراكهم في العمل وللمساعدة في تأمين الحاجات اليومية، اضافة الي تكوين مستقبل مضمون للطالب طالما ان الشهادة لا تطعم خبزاً.
بعد سقوط النظام السابق شهد العراق تغيراً في وسائل الاتصال المرئية والمقروءة، مما ساهم في ايجاد مناخ لتنامي ظاهرة العنف فهناك تهافت من قبل المراهقين على دخول مواقع ومشاهدة افلام التي تدعو للعنف وحتى العاب (بلي ستيشن play station ) جعلت المدرسة هي البيئة المناسبة لتطبيق الكثير من الحركات واستخدام العاب (البنادق والمسدسات) يؤكد احد مدراء المدارس الابتدائية فيقول : عندما فتشنا اغلب الحقائب وجدناها فيها بنادق ومسدسات بلاستيكية وغيرها ادوات العنف ولعل هذا الامر لراجع الى الحرب ومشاهدة افلام حتى الكارتونية التي تمجد العنف وتعد وسيلة للتحقيق الاهداف !!

اخذ البعض عدم تطبيق القوانين وحماية الهيئات التدريسية ذريعة للانفلات الامني وحتى وصل الى الانتقام منهم في حالة عدم حصول على درجة معينة, وقد ذهب عدد من هؤلاء ضحية هذا التصرف الهمجي وخصوصاً في المناطق المتوترة امنياً, في احدى الدراسات, ذكراحد المدرسين الذي فضل عدم ذكر اسمه بقوله: كنت مراقباً للامتحانات الوزارية حاول احدهم اخراج قصاصات للغش ولكني منعت فما كان له الا انتظرني عند خروجي من المركز الامتحاني وقام بالاعتداء علي بالضرب مع جماعة كانت معه, والامثلة كثيرة على العنف الموجه ضد المعلمين والمدرسين حتى الاستاذة الجامعيين !
تشير احدى الدراسات بان تلميذ في الصف الثاني الابتدائي, يعتبر البندقية او القناصة والمسدس هي لعبته المفضلة، واذا انكسرت (اطلب من والدتي شراء سواها وأفرح جدا عندما العب مع اصدقائي بها).
ونتيجة للظروف القاسية التي مر بها المجتمع العراقي خلال العقود الثلاثة الماضية، من ويلات وحروب وانقسامات طائفية وقتل وسلب ونهب، اصبحت ثقافة العنف هي الاكثر شيوعاً في المجتمع والشارع العراقي، وباتت تشكل خطراً كبيراً على مستقبل أهم شريحة في المجتمع وهي شريحة الاطفال.
الطفل يقلد من هم أكبر منه سنا، فالأطفال الذين كانوا يلعبون كرة القدم في الماضي يحضرون معهم الآن ألعاب مسدسات أو سكاكين أو أمواس
ان سيادة قيم العنف في الثلاثين عاماً الماضية حين أصبح العراق نهباً للحروب والقمع والحصار جعلت من أشكال العنف في المدارس تزداد نوعاً وكماً انها لم تعد في اتجاه واحد تمارسه ادارات المدارس بحق التلاميذ، فهناك حوادث تثبتها المصادر الحكومية عن عنف يمارسه التلاميذ بحق الأساتذة وعنف ما بين التلاميذ أنفسهم.

إن جميع أطفال العراق الآن لديهم حالات من الخوف والرعب والانهيارات النفسية، نتيجة الوضع الأمني المتدهور والانفجارات والقتل، كذلك حرمانهم من الدراسة ومن أبسط وسائل العيش اليومية ونقص الخدمات من الكهرباء والماء الصالح للشرب.

قد يؤدي العنف إلى ازدياد إمكانية التعرض لمفاسد اجتماعية
واضطرابات عاطفية واختلالات في الإدراك تدوم مدى الحياة، والتعرض لأنماط سلوك ضارة بالصحة، كتعاطي المخدرات والشروع في ممارسة الجنس في عمر باكر. وتشمل المشاكل العقلية والصحية والاجتماعية ذات الصلة القلق والاكتئاب والهلوسة، وعدم القدرة على أداء العمل، واضطرابات الذاكرة، علاوة على السلوك العدواني. ويرتبط التعرض للعنف في عمر باكر بالإصابة في وقت لاحق بأمراض الرئتين والقلب والكبد، والأمراض المنقولة جنسيا، وموت الجنين أثناء الحمل، علاوة على حالات عنف العشير الحميم ومحاولات  الانتحار في مراحل لاحقة من العمر.
إن خلق مدرسة تقوم على اللاعنف يعني في نهاية المطاف خلق عالم يحترم الإنسان وحقوقه، فالهدف الأساسي من التربية هو تحقيق النمو والتكامل والازدهار.

ان هذه لدعوة الى كل المهتمين بصناعة ثقافة الحوار والحرية والمسامحه وانشاء جيل يعد الانسانية هي القيمة الحقيقية ان يعملوا على منع استخدام العنف والضرب داخل المدارس لانه الحجر الاساس في صناعة العنف وتهيئة افراد يكونون في المستقبل عناصر في صناعة العنف الجماعي ومادة يمكن استخدامها وتوجيهها بسهوله، وهنا تتم عملية اعادة انتاج العنف.
ملاحظة: كما يعلم الجميع ان التلميذ تدل على الدراسة في الروضة والابتدائية واما الطالب تدل على الدراسة في المتوسطة والثانوية.

من اهم المصادر

http://www.unicef.org/violencestudy/arabic/reports/Chapitre%2001%20%20intro.pdf
http://www.sa7afyoon.com/forum/index.php?topic=585.0
http://www.nahrain.com/d/news/01/03/20/hyt0320d.html
http://www.almannarah.com/Mobile/NewsDetails.aspx?CatID=6&NewsID=14151http://www.iraqicp.com/2010-11-21-17-49-26/7500-2011-09-26-15-20-55.html
E.G. Krug et al. (eds.), World Report on Violence and Health (Geneva, World Health Organization,  .2002), p. 5
http://www.emro.who.int/VIP/PDF/violence_egy_workshop_07.pdf
http://www.nirgalgate.com/asp/v_news.asp?id=13706

مع تحيات

عبدالاحد

يتبع



لو إن كل إنسان زرع بذرة مثمرة لكانت البشرية بألف خير